تتجه الأوضاع في اليمن إلى مرحلة الحسم العسكري، بعد جمود العملية السياسية واختيار المتمردين الحوثيين طريق المواجهات العسكرية، من خلال رفض الذهاب إلى جولة مفاوضات جديدة برعاية الأمم المتحدة، وذلك برفض تنفيذ إجراءات بناء الثقة، التي تم الاتفاق عليها، في مفاوضات «جنيف2»، منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، المتمثلة في قيام الحوثيين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، ورفع الحصار المفروض على مدينة تعز، منذ قرابة تسعة أشهر.
إذ تستمر وتيرة التطورات في محافظة صنعاء، وسط تحركات ميدانية لقادة عسكريين ومسؤولين محليين بهدف تنفيذ علميات عسكرية تؤدي إلى عزل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء عن بقية المناطق في شمال البلاد، وبشكل رئيسي عن محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لحركة الحوثيين المتمردة.
وبدأت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أمس، عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على معسكر فرضة نهم، الذي تتحصن بداخله الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على سيطرتها على معظم مناطق الفرضة ومحاصرتها المعسكر وقطع خطوط الإمدادات عنه من عدد من الجهات، وذلك بتزامن مع دعم جوي لطيران التحالف الذي يواصل استهداف مواقع المتمردين في شرق صنعاء.
وقال عبد الله شندق، المتحدث باسم المقاومة الشعبية في محافظة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم على المعسكر يأتي بعد السيطرة على منطقة الفرضة، عقب الزحف عليها من الجهات الجنوبية والشرقية والغربية، وإن الإمدادات قطعت عن مواقع المتمردين الحوثيين. وذكر أن أكثر من 30 مسلحًا حوثيًا وقعوا في أسر المقاومة، خلال الأسبوع الماضي، منهم 10 مسلحين أُسروا مساء أمس، إضافة إلى العشرات ممن جرى أسرهم، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مشيرًا إلى استمرار انضمام العشرات من الضباط والجنود في الحرس الجمهوري ومن صفوف الميليشيات، نفسها، إلى المقاومة «ولكن بشكل فردي».
وكشف شندق عن وجود مدربين وخبراء إيرانيين في جبهات القتال في صنعاء، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الكثير من أسرى الميليشيات الحوثية أقروا، أثناء التحقيق معهم، بتلقي تدريبات على يد مدربين وخبراء إيرانيين، مجددا التأكيد على العثور على أسلحة إيرانية، وأن «إيران موجودة على الأرض اليمنية في أوساط ميليشيات وعصابات الانقلابيين منذ بداية الحرب»، مضيفًا أن المقاومة عثرت، في المواقع التي سيطرت عليها في منطقة فرضة نهم، على أدوية ومستلزمات طبية كتب عليها «صنع في إسرائيل».
وفي ظل الخلافات التي برزت على السطح بين شريكي الانقلاب على الشرعية «الحوثي - صالح»، إزاء جملة من القضايا، التي أبرزها استبعاد الحوثيين لأنصار صالح في حزب المؤتمر الشعبي من الوظائف والدور العسكري والسياسي، قال متحدث باسم المقاومة الشعبية بصنعاء إنهم لا يراهنون على خلافات طرفي الانقلاب، و«إننا نسمع ونعلم بهذه الخلافات، لكن رهاننا هو على قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وعلى إسناد قوات التحالف، إضافة إلى رهاننا على وعي الشعب اليمني»، وأضاف شندق أن «الحوثي وصالح يواجهان الآن مقاومة وثورة شعب»، مؤكدًا «سقوط المزاعم التي كان يتحدث عنها صالح والحوثي بأنهما يدافعان عن وطن وعن اليمن واليمنيين، وأن لديهما مشروعًا وطنيًا، لأن هذه الترهات باتت معروفة لدى المغرر بهم في صفوف أنصارهم وبات معروفًا للجميع أن المشروع أصبح مشروعًا عائليًا لعلي صالح وأسرته ولعبد الملك الحوثي ولأسرة بدر الدين فقط، حتى لم يكن مشروعًا للهاشميين».
وبشأن الحديث المتكرر عن عملية تحرير صنعاء، في الفترة الماضية، قال متحدث المقاومة إن العمليات تدور، حاليًا، في محافظة صنعاء، وإن اقتحام العاصمة، عبر المرتفعات الجبلية، «أمر فيه الكثير من الصعوبات ولا يمكن دخولها في يوم وليلة، نظرًا لوجود ترسانة عسكرية جمعت لأكثر من 30 سنة، إضافة إلى التخندق والتمترس الذي يجري على مسافة نحو 50 كيلومترًا، خارج العاصمة». وأشار إلى أن الجيش الوطني والمقاومة «يراعيان في معركة صنعاء السكان المدنيين الأبرياء والمنشآت الخاصة والعامة، بينما الطرف الآخر لا يراعي ولا يأخذ في الحسبان هذه الاعتبارات»، وأن تأخير معركة تحرير العاصمة صنعاء «قد يكون من أجل التحضير لعملية خاطفة أو دخولها دون مواجهات». وقال إن المعارك والمواجهات، التي تدور في محافظة صنعاء «تهدف إلى عزل صنعاء لتسهيل دخولها»، مؤكدا أن استنزاف الطرف الآخر في القتال خارج العاصمة، يسهل السيطرة على المدينة.
منطقة فرضة نهم، التي تشهد هذه المواجهات، هي عبارة عن سلسلة جبلية تطل على أجزاء من محافظات مأرب والجوف وصنعاء، وتتحكم هذه في عدد من الطرق الرئيسية الرابطة بين شمال وشرق البلاد، وتعتبر جبال الفرضة البوابة الرئيسية لصنعاء من الجهة الشرقية. ويؤكد شندق أنه في حال السيطرة على المعسكر، فإن البوابة الشرقية لصنعاء تكون قد فتحت.
رفض الميليشيات الانقلابية للمفاوضات يدفع باتجاه الحسم العسكري
المقاومة تشن هجومًا واسعًا للسيطرة على «معسكر الفرضة» بدعم جوي من التحالف
رفض الميليشيات الانقلابية للمفاوضات يدفع باتجاه الحسم العسكري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة