رفض الميليشيات الانقلابية للمفاوضات يدفع باتجاه الحسم العسكري

المقاومة تشن هجومًا واسعًا للسيطرة على «معسكر الفرضة» بدعم جوي من التحالف

قائد المنطقة الثالثة في الجيش اليمني عبد ربه قاسم الشدادي (يسار) مع مقاتل قبلي موالٍ للحكومة الشرعية في منطقة فرضة نهم بالقرب من صنعاء (رويترز)
قائد المنطقة الثالثة في الجيش اليمني عبد ربه قاسم الشدادي (يسار) مع مقاتل قبلي موالٍ للحكومة الشرعية في منطقة فرضة نهم بالقرب من صنعاء (رويترز)
TT

رفض الميليشيات الانقلابية للمفاوضات يدفع باتجاه الحسم العسكري

قائد المنطقة الثالثة في الجيش اليمني عبد ربه قاسم الشدادي (يسار) مع مقاتل قبلي موالٍ للحكومة الشرعية في منطقة فرضة نهم بالقرب من صنعاء (رويترز)
قائد المنطقة الثالثة في الجيش اليمني عبد ربه قاسم الشدادي (يسار) مع مقاتل قبلي موالٍ للحكومة الشرعية في منطقة فرضة نهم بالقرب من صنعاء (رويترز)

تتجه الأوضاع في اليمن إلى مرحلة الحسم العسكري، بعد جمود العملية السياسية واختيار المتمردين الحوثيين طريق المواجهات العسكرية، من خلال رفض الذهاب إلى جولة مفاوضات جديدة برعاية الأمم المتحدة، وذلك برفض تنفيذ إجراءات بناء الثقة، التي تم الاتفاق عليها، في مفاوضات «جنيف2»، منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، المتمثلة في قيام الحوثيين بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وفي مقدمتهم وزير الدفاع اللواء الركن محمود سالم الصبيحي، ورفع الحصار المفروض على مدينة تعز، منذ قرابة تسعة أشهر.
إذ تستمر وتيرة التطورات في محافظة صنعاء، وسط تحركات ميدانية لقادة عسكريين ومسؤولين محليين بهدف تنفيذ علميات عسكرية تؤدي إلى عزل الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح في العاصمة صنعاء عن بقية المناطق في شمال البلاد، وبشكل رئيسي عن محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لحركة الحوثيين المتمردة.
وبدأت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أمس، عملية عسكرية واسعة لاستعادة السيطرة على معسكر فرضة نهم، الذي تتحصن بداخله الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على سيطرتها على معظم مناطق الفرضة ومحاصرتها المعسكر وقطع خطوط الإمدادات عنه من عدد من الجهات، وذلك بتزامن مع دعم جوي لطيران التحالف الذي يواصل استهداف مواقع المتمردين في شرق صنعاء.
وقال عبد الله شندق، المتحدث باسم المقاومة الشعبية في محافظة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم على المعسكر يأتي بعد السيطرة على منطقة الفرضة، عقب الزحف عليها من الجهات الجنوبية والشرقية والغربية، وإن الإمدادات قطعت عن مواقع المتمردين الحوثيين. وذكر أن أكثر من 30 مسلحًا حوثيًا وقعوا في أسر المقاومة، خلال الأسبوع الماضي، منهم 10 مسلحين أُسروا مساء أمس، إضافة إلى العشرات ممن جرى أسرهم، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مشيرًا إلى استمرار انضمام العشرات من الضباط والجنود في الحرس الجمهوري ومن صفوف الميليشيات، نفسها، إلى المقاومة «ولكن بشكل فردي».
وكشف شندق عن وجود مدربين وخبراء إيرانيين في جبهات القتال في صنعاء، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الكثير من أسرى الميليشيات الحوثية أقروا، أثناء التحقيق معهم، بتلقي تدريبات على يد مدربين وخبراء إيرانيين، مجددا التأكيد على العثور على أسلحة إيرانية، وأن «إيران موجودة على الأرض اليمنية في أوساط ميليشيات وعصابات الانقلابيين منذ بداية الحرب»، مضيفًا أن المقاومة عثرت، في المواقع التي سيطرت عليها في منطقة فرضة نهم، على أدوية ومستلزمات طبية كتب عليها «صنع في إسرائيل».
وفي ظل الخلافات التي برزت على السطح بين شريكي الانقلاب على الشرعية «الحوثي - صالح»، إزاء جملة من القضايا، التي أبرزها استبعاد الحوثيين لأنصار صالح في حزب المؤتمر الشعبي من الوظائف والدور العسكري والسياسي، قال متحدث باسم المقاومة الشعبية بصنعاء إنهم لا يراهنون على خلافات طرفي الانقلاب، و«إننا نسمع ونعلم بهذه الخلافات، لكن رهاننا هو على قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وعلى إسناد قوات التحالف، إضافة إلى رهاننا على وعي الشعب اليمني»، وأضاف شندق أن «الحوثي وصالح يواجهان الآن مقاومة وثورة شعب»، مؤكدًا «سقوط المزاعم التي كان يتحدث عنها صالح والحوثي بأنهما يدافعان عن وطن وعن اليمن واليمنيين، وأن لديهما مشروعًا وطنيًا، لأن هذه الترهات باتت معروفة لدى المغرر بهم في صفوف أنصارهم وبات معروفًا للجميع أن المشروع أصبح مشروعًا عائليًا لعلي صالح وأسرته ولعبد الملك الحوثي ولأسرة بدر الدين فقط، حتى لم يكن مشروعًا للهاشميين».
وبشأن الحديث المتكرر عن عملية تحرير صنعاء، في الفترة الماضية، قال متحدث المقاومة إن العمليات تدور، حاليًا، في محافظة صنعاء، وإن اقتحام العاصمة، عبر المرتفعات الجبلية، «أمر فيه الكثير من الصعوبات ولا يمكن دخولها في يوم وليلة، نظرًا لوجود ترسانة عسكرية جمعت لأكثر من 30 سنة، إضافة إلى التخندق والتمترس الذي يجري على مسافة نحو 50 كيلومترًا، خارج العاصمة». وأشار إلى أن الجيش الوطني والمقاومة «يراعيان في معركة صنعاء السكان المدنيين الأبرياء والمنشآت الخاصة والعامة، بينما الطرف الآخر لا يراعي ولا يأخذ في الحسبان هذه الاعتبارات»، وأن تأخير معركة تحرير العاصمة صنعاء «قد يكون من أجل التحضير لعملية خاطفة أو دخولها دون مواجهات». وقال إن المعارك والمواجهات، التي تدور في محافظة صنعاء «تهدف إلى عزل صنعاء لتسهيل دخولها»، مؤكدا أن استنزاف الطرف الآخر في القتال خارج العاصمة، يسهل السيطرة على المدينة.
منطقة فرضة نهم، التي تشهد هذه المواجهات، هي عبارة عن سلسلة جبلية تطل على أجزاء من محافظات مأرب والجوف وصنعاء، وتتحكم هذه في عدد من الطرق الرئيسية الرابطة بين شمال وشرق البلاد، وتعتبر جبال الفرضة البوابة الرئيسية لصنعاء من الجهة الشرقية. ويؤكد شندق أنه في حال السيطرة على المعسكر، فإن البوابة الشرقية لصنعاء تكون قد فتحت.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.