القوات المشتركة تتقدم وتسيطر على مزيد من المواقع الجبلية المحيطة بصنعاء

الميليشيات تفرج عن السجناء المحكومين وتدفع بهم إلى جبهات القتال

آثار الدمار في إحدى قاعات المتحف الوطني في تعز الذي تعرض للقصف (أ.ف.ب)
آثار الدمار في إحدى قاعات المتحف الوطني في تعز الذي تعرض للقصف (أ.ف.ب)
TT

القوات المشتركة تتقدم وتسيطر على مزيد من المواقع الجبلية المحيطة بصنعاء

آثار الدمار في إحدى قاعات المتحف الوطني في تعز الذي تعرض للقصف (أ.ف.ب)
آثار الدمار في إحدى قاعات المتحف الوطني في تعز الذي تعرض للقصف (أ.ف.ب)

أخذت التطورات العسكرية في شرق صنعاء منحى تصاعديا بالتزامن مع ضربات نموذجية لطيران التحالف في قلب العاصمة وأطرافها من مختلف الاتجاهات. وواصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، أمس، التقدم والسيطرة على عدد من المناطق الجبلية المهمة، بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على السيطرة على منطقة الفرضة، التي ترفض الميليشيات الحوثية الاعتراف بسقوطها.
وأكد عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، أنه جرت أمس السيطرة على مزيد من الجبال والمواقع في فرضة نهم، في ظل انهيار كبير في صفوف الميليشيات المتمردة، وأشار إلى أن الخسائر في صفوف الانقلابيين كبيرة، إلى جانب سيطرة المقاومة والجيش الوطني على مزيد من الأسلحة والآليات العسكرية، كما تواصل المقاومة وقوات الجيش الوطني حصارها لمعسكر فرضة نهم الرئيسي، في محافظة صنعاء، الذي تتحصن بداخله الميليشيات الموالية للحوثيين وللرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وشهدت جبهة القتال في نهم بمحافظة صنعاء تطورا ملحوظا بانضمام العشرات من ضباط وجنود قوات الحرس الجمهوري وغيرها من الألوية والوحدات العسكرية، وفقا للقيادي ثعيل، الذي قال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يسمى الانضمامات للشرعية من الجيش بدأت بصورة ملحوظة، وهناك تأييد كبير للشرعية وسط أبناء الجيش، وليست انضمامات فحسب، وفي اعتقادي أن مصطلح انضمامات غير موفق، خصوصا أن المعركة كانت وما زالت شخصية بالنسبة للمخلوع والحوثيين، وما زالت الشرعية تدفع مرتبات مختلف الموظفين عسكريين ومدنيين في المحافظات التي تحتلها ميليشيات الانقلاب، وذلك للتأكيد على أن معركة الشرعية شعبية ضد عصابات اغتصبت قيادة الدولة بحكم لوبياتها الخاصة وليس بغير ذلك».
وردا على مزاعم الحوثيين بأن صنعاء والمناطق المحيطة بها تعد حاضنا اجتماعيا ومذهبيا لحركتهم المتمردة، قال القيادي في مقاومة صنعاء إن «أبناء صنعاء اليوم هم من حرر مديرية نهم، وعشرات الآلاف من أبناء صنعاء في صفوف المقاومة وألوية الجيش يستعدون للالتحاق بمن سبقهم في عملية تحرير صنعاء، وهذا أكبر دليل على أن صنعاء ليست حاضنة للحوثيين، ونزوح مئات الآلاف من أبناء صنعاء من جحيم الانقلابيين يؤكد ذلك». وأضاف أن «القبضة الأمنية لصنعاء من قبل الانقلابيين ليس إلا، لأن الانقلابيين غاصبون وجاءوا من خارج صنعاء باستثناء أشخاص يمثلون تنظيم العصابات الانقلابية»، مؤكدا أن «أبناء صنعاء يتوقون لعودة الشرعية والدولة بدلا من الموت والقتل الانقلابي الجاثم على صدورهم، وأي عقل يصدق هلوسات الانقلابيين».
وبالتزامن مع تقدم قوات الجيش الوطني والمقاومة، نفذت طائرات التحالف سلسلة غارات مكثفة على منطقة نهم، بمحافظة صنعاء، وقالت مصادر محلية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الغارات استهدفت عددا من الطرق والجسور التي تربط منطقة نهم بالعاصمة ومن بين تلك الجسور، التي يطلق عليها «كباري»، أي جسر «عين الشاه» وغيره من الجسور، وهي ضربات تحدث لأول مرة، ويعتقد أنها تهدف إلى عزل تلك الميليشيات في المناطق التي توجد فيها.
ووجهت طائرات التحالف، أمس، ضربات جوية موجعة إلى مواقع ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي صالح في معسكر الصباحة، في المدخل الغربي للعاصمة صنعاء (طريق صنعاء - الحديدة)، وكانت العاصمة صنعاء عاشت، فجر أمس ومساء أول من أمس، ساعات طويلة من الانفجارات الضخمة التي هزت أرجاء المدينة، وذلك إثر سلسلة غارات استهدفت معسكر الحفا، في جبل نقم، بشرق العاصمة، ووفقا لشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فإن غارات التحالف استهدفت مخازن أسلحة في المعسكر، وهي المخازن التي يعتقد أنها من أكبر مخازن الأسلحة الثقيلة والذخائر في اليمن.
وبعد الانفجارات العنيفة وتطاير المقذوفات إلى خارج مخازن السلاح في الحفا بجبل نقم، نزحت عشرات العائلات من المناطق السكنية المحيطة بالجبل والمعسكر إلى مناطق أخرى.
ومع اقتراب المواجهات من العاصمة صنعاء، باشرت الميليشيات الحوثية إلى تجنيد وتسليح السجناء المحكومين في قضايا كثيرة، وكشف تقرير متلفز بثته قناة «المسيرة» التابعة للمتمردين عملية إطلاق مئات السجناء من السجن الحربي وغيره من السجون. وبين التقرير، بشكل واضح، أن السجناء المفرج عنهم سوف يلتحقون بجبهات القتال، وأن عمليات الإفراج عنهم جرت في ضوء تعليمات مباشرة من زعيم المتمردين، عبد الملك الحوثي، في وقت وثقت فيه المنظمات الحقوقية المحلية والدولية آلاف حالات تجنيد الأطفال والزج بهم في القتال، إلى جانب احتفاظ الميليشيات بآلاف المعتقلين من النشطاء والصحافيين والمناوئين للانقلاب في سجونها في صنعاء وعدد من المحافظات.
من جانبه، كشف العميد عبد الله الصبيحي، قائد اللواء 15 ميكا، وقائد القطاع الشمالي الشرقي في عدن، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجيش الوطني يواصل تقدمه على الجبهات الرئيسية المؤدية إلى مدينة صنعاء آخر معاقل ميليشيا الحوثيين وحليفهم علي صالح، ونجح الجيش أمس في تجاوز الفرضة، لتسير القوة القادمة من مأرب، نحو بني حشيش، وهي من المواقع الرئيسية التي لا تبعد كثيرا عن المدينة».
وأشار العميد الصبيحي إلى أن الجيش تقدم على هذا المحور الذي لا يبعد سوى 18 كيلومترا عن مشارف المدينة، معتبرا أن ميليشيا الحوثيين تعيش آخر لحظات المواجهة مع اقتراب الجيش الوطني باتجاه الشمال الغربي لمنطقة بني الحارث، إضافة إلى قربه من مطار صنعاء، الأمر الذي يعكس أهمية ما سيحدث خلال الأيام المقبلة على مستقبل اليمن بشكل عام.
وحول القوة العسكرية المشتركة، قال قائد القطاع الشمالي الشرقي «إن هناك قوة مشتركة يمنية، سعودية، وإماراتية، تتحرك، وفق الخطة الموضوعة في ذلك، وصولا إلى حجة، ومن ثم الحديدة، الهدف منها الضغط على الميليشيات وتراجعها لعمل كماشة محكمة في آخر المعاقل (صنعاء)، وهذا يأتي مع الانتصارات التي تحققت في الفرضة والتقدم السريع للمقاومة والجيش، إضافة إلى التعزيزات الكبيرة التي وصلت من مأرب لدعم الجيش في بني حشيش».
وفي هذا السياق، ذكرت مصادر عسكرية أن المقاومة الشعبية تسيطر على جبل يام في نهم، وتصل إلى منطقة بران، غرب فرضة نهم، وتشتبك مع الميليشيات على الخط العام المؤدي إلى صنعاء، فيما نقل عن ناشطين يمنيين رصد العشرات من أفراد الميليشيا يبيعون أسلحتهم في منطقة مسورة على خط صنعاء مأرب، ويلوذون بالفرار بعد تقدم المقاومة والجيش الوطني.
وقال عبد الحفيظ الخطامي، ناشط اجتماعي: «إن هناك عمليات انشقاق بين صفوف الميليشيا وأجواء من الاختلافات تسود بين قيادات التمرد الميدانية، بعد تسرب معلومات عن فرار أعداد كبيرة من قيادة الحوثيين نحو صنعاء، وإن قيادات ميدانية رفيعة أبدت تذمرها من تلك الخطوة، التي تنعكس على الأفراد الذين باعوا حاجياتهم لكسب المال والفرار إلى أقرب المدن أو المديريات التي تبعد عن الجبهات العسكرية المباشرة».
وفي سياق متصل، أوقفت ميليشيا الحوثيين التي تسيطر على مدينة الحديدة عملية صرف أجور مرتبات ديوان مكتب التربية، وما يتبعه من قطاعات «التوجيه، والتحفيظ، ومحو الأمية، والمعهد العالي»، وشكلت لجانا مشتركة من الحوثيين والمكتب للصرف عبر قسائم يحضر بها الموظفون شخصيا، وذلك بهدف القبض على الملاحقين والمطاردين، الأمر الذي تسبب في إغلاق مدارس التحفيظ بعد إيقاف رواتب المئات من معلميها، وهذه التصرفات تأتي استمرارا في انتهاك الميليشيا لحياة المواطن في تهامة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.