لا يمكن لمنصف التقليل من قيمة الإسهام الذي قدمه مانويل بيليغريني، مدرب مانشستر سيتي، الذي يستعد للرحيل. حقيقة الأمر أن الرجل يستحق منا جميعًا كل تقدير واحترام. هذه الحقيقة تجعلنا نتذكر تقارير إعلامية أنه بمجرد أن نما إلى علمه أنه سيحل محل مدرب نادي بايرن ميونيخ، يوب هاينكس، الذي نجح في الفوز بأكثر من ستين بطولة، عام 2013، سأل جوسيب غوارديولا: «كيف حال يوب؟» حتى الآن، من غير الواضح ما إذا كان مانويل بيليغريني قد تلقى التقدير والاهتمام ذاته، لكن المؤكد أن المدرب البالغ 62 عامًا، جدير بمثل هذا التقدير والاهتمام. والمؤكد كذلك أن تساؤلاً مثل «كيف حال بيليغريني؟» لن يكون الرد عليه بعبارات مثل أنه «يفرغ غضبه في تحطيم أثاث مكتبه أو يمزق صورة لك انتقامًا منك».
في الواقع، جاء أسلوب رحيل مدرب مانشستر سيتي، أو على الأقل رد فعله تجاه تأكيد خبر رحيله، متماشيا مع الأسلوب المعهود عن المدرب التشيلي الذي لطالما عرف باسم «صاحب الشخصية الساحرة»، وهي سمعة طيبة نجح في بنائها على امتداد المواسم الثلاث التي قضاها مع مانشستر سيتي. خلال المؤتمر الصحافي الذي شارك به بخصوص الرحلة التي يقوم بها إلى سندرلاند اليوم في إطار لقاءات الدوري الممتاز، وبعد انتهائه من الرد على الأسئلة، أنهى بيليغريني المؤتمر في هدوء بملحوظة موجزة تفيد بأن 30 يونيو (حزيران) سيكون يومه الأخير مع النادي. وعن الاستعانة بغوارديولا، قال: «إنهم لا يتخذون أي إجراءات خلف ظهري، فقد كنت على علم بهذا الأمر منذ شهر مضى». بعد ذلك، نهض وخرج من القاعة، وفي طريقه توقف مرة واحدة للتأكيد على موعد رحيله. وفي خضم كل هذا، لم تبد عليه أي مؤشرات توحي بشعوره بالمرارة أو الرغبة في إلقاء اتهامات على مسؤولي النادي أو حتى مجرد انفعال. وإنما ظل محتفظًا بهدوئه ورباطة جأشه على نحو يليق برجل كرة قدم مخضرم يقبل واقع المجال الذي يعمل به.
جدير بالذكر أن بيليغريني سبق وأن واجه مثل هذا الموقف من قبل، وذلك عندما خسر عمله في ريـال مدريد عام 2010 بعدما أصبح جوزيه مورينهو متاحًا، وإخفاقه في التغلب على برشلونة رغم نجاحه في الفوز بعدد نقاط قياسي حينها لريـال مدريد بلغ 96 نقطة خلال موسم واحد قضاه في ريـال مدريد في الدوري الإسباني الممتاز. وخلال الموسم الذي قضاه مع ريـال مدريد، حقق معدل فوز بلغ 75 في المائة. لقد حقق بيليغريني ثاني أكبر عدد من الانتصارات في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد مورينهو، وهو سيذهب اليوم إلى ملعب سندرلاند وفي حوزته 64 انتصارا من 99 مواجهة.
وقد علم بيليغريني باتفاق مانشستر سيتي مع غوارديولا الذي نجح في الفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا مرتين، في مطلع يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يعلق على الأمر، مفضلاً التركيز على تعزيز قدرة الفريق على خوض أربع مسابقات. ومع قيادته الفريق نحو نهائي بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، والدور الخامس من بطولة كأس إنجلترا، ودور الـ16 من بطولة دوري أبطال أوروبا، واحتلال المركز الثاني في جدول ترتيب أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، بفارق ثلاث نقاط فقط عن ليستر سيتي الذي يتصدر الدوري، فإن المؤكد، مثلما ذكر البيان الصادر عن مانشستر سيتي، أن بيليغريني يبقى «مركزًا كامل اهتمامه على الأهداف المتعلقة بالموسم، ويظل محافظًا على احترامه والتزامه تجاه جميع قيادات النادي».
ويطمح مانشستر سيتي من وراء الاستعانة بغوارديولا أن ينجح الأخير في ترك تأثيره الفوري المعتاد في تحفيز أداء الفرق التي يتولى تدريبها بمجرد أن تطأ قدماه النادي.
وقد تسهم فكرة قرب قدوم واحد من أفضل المدربين في صفاء الحالة الذهنية للاعبي مانشستر سيتي وتركيزهم على اللعب بشكل أفضل، مثلما حدث من قبل مع لاعبي بايرن ميونيخ. إلا يورغين كلوب، مدرب ليفربول، يرى أن البطولات الثلاث التي حققها بايرن ميونيخ خلال عام 2013 ارتبطت بأسباب أخرى أكبر بكثير من مجرد رحيل يوب هاينكس. وقال كلوب، الذي عانى أكثر من أي شخص آخر بسبب هزيمة بايرن ميونيخ لبروسيا دورتموند، الذي كان يتولى تدريبه حينها، في بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الألماني الممتاز: «ربما سيساعد البيان الصادر عن مانشستر سيتي في تركيز اهتمام اللاعبين على الفوز بالبطولات، لكن الأمر أولاً وأخيرًا يعود إلى اللاعبين أنفسهم. ولا تنسوا أن بايرن ميونيخ وقت تحقيق فوزه بالثلاثية عام 2013 كان على قدر هائل من القوة، وظل لاعبوه متمتعين بكامل لياقتهم البدنية حتى النهاية. وكانت هناك عوامل أخرى كذلك، مثل خسارتهم بعض البطولات في السنوات السابقة. وقد عمل يوب هاينكس والفريق معًا بصورة جيدة للغاية، حتى أعلن عن رحيله عند نهاية الموسم».
وأعرب مدرب ليفربول عن اعتقاده بأن الإعلان في منتصف الموسم عن رحيل المدرب قد يترك تأثيرا بالغ السلبية على أداء الفريق، واعترف بأنه حاول إرجاء التأكيد على خبر رحيله عن دورتموند الموسم الماضي لهذا السبب تحديدًا. وأضاف: «لا أعتقد أنه من الممكن عقد مقارنة بين الوضع الحالي في مانشستر سيتي ووضعي مع دورتموند. أعتقد أنني أعلنت عن أنني راحل عن الفريق في مارس (آذار) - في الواقع كان ذلك في 15 أبريل (نيسان) - وكانت تربطني علاقة وثيقة للغاية بالفريق والنادي بأكمله. وقد اتخذت القرار، وعلم به الجميع. وقد أطلعت اللاعبين عليه، ولم تقم حفلة لوداعي لاحقًا. وأتذكر أن أحد اللاعبين أجاب: (حسنًا، دعونا نستمتع بالشهور القليلة المتبقية لنا معًا). وهذا ما فعلناه حقًا».
واستطرد قائلاً: «لا أدري كيف الأمر داخل الأندية الأخرى، لكننا في ألمانيا نستخدم العبارة ذاتها التي تستخدمونها هنا (البطة العرجاء) - في الإشارة إلى شخص أوشك على الرحيل - وقد ظن كثيرون أن هذا سيكون الحال لدينا، لكنه لم يكن كذلك، لحسن الحظ. ورغم أننا لم نحقق انتصارات كبيرة لعجزنا عن الفوز في نهائي بطولة الكأس، فإننا كنا محافظين تمامًا على روحنا التنافسية، وعلى كامل تركيزنا، ولم يتغير أي شيء في الفريق. وفي بداية الأمر، راودتني فكرة توديع اللاعبين في اليوم الأخير لي، وليس قبل ذلك».
الوقت وحده كفيل بالكشف عما إذا كان بيليغريني سيشبه هاينكس أم سيكون حقًا «بطة عرجاء»، لكن في خضم مشاعر الإثارة السائدة داخل مانشستر سيتي حيال الثورة المرتقبة على يد غوارديولا، لا ينبغي إطلاقًا إغفال دور بيليغريني خلال مسيرة مانشستر سيتي.
بيليغريني.. مدرب لا يمكن إغفال دوره الرائع في مسيرة سيتي
المدير الفني التشيلي يشع بريقًا وسط الفرحة بقدوم غوارديولا
بيليغريني.. مدرب لا يمكن إغفال دوره الرائع في مسيرة سيتي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة