حسام كصاي: فرحت بالجائزة وصدمت لتجاهل بلدي لها

الشاب العراقي الفائز بجائزة الشباب العربي من بين 22 دولة عربية

حسام كصاي  -  غلاف الكتب
حسام كصاي - غلاف الكتب
TT

حسام كصاي: فرحت بالجائزة وصدمت لتجاهل بلدي لها

حسام كصاي  -  غلاف الكتب
حسام كصاي - غلاف الكتب

كان حصوله على جائزة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) لعام 2015 أشبه بالصدمة والحلم بالنسبة له، فمن بين أكثر من (150) جامعة عربية أكاديمية من (22) دولة عربية، تم اختيار كتاب الباحث العراقي الشاب حسام كصاي والموسوم (إشكالية التطرف الديني في الفكر العربي المعاصر) وهو يتحدث عن «حقيقة الطائفية وسبل علاجها» والاحتجاج على «التطرف والعنف». في وقت أدارت الجهات الحكومية الرسمية ظهرها عن جائزته ولم تذكره بتهنئة بسيطة- كما يقول كصاي -.
عن الجائزة وردود الأفعال الجهات الحكومية المعنية في بلده، يقول حسام كصاي (ولد 1980): «البحث عبارة عن عمل أكاديمي موضوعي تناول حقيقة الطائفية وسبل علاجها، ويشكل ورقة احتجاج بوجه التطرف والعنف»، مؤكدًا أن «البحث يمثل دعوة للم الشمل العربي وتوحيد الجهود كلها من أجل بناء دولة مدنية عصرية ديمقراطية تترفع على الطائفية وترنو لدولة عربية قائمة على العامل القومي الذي يمثل أغلبية الشعوب العربية، لتحقيق نهضة عربية وتنمية مستدامة ومشروع حضاري يوقف عجلة الإرهاب والتطرف الديني، ويقطع الطريق على الحركات الإسلامية المتطرفة».
وأضاف: «أصبت بالصدمة والدهشة لدى سماعي خبر الجائزة، بسب عدد حجم المشاركة العربية من حيث عدد الجامعات والمراكز البحثية وأعداد الباحثين، وقد تسلمت الجائزة من مدير عام المنظمة الدكتور عبد الله حمد المحارب، في حفل كبير أقيم قبل أيام في العاصمة المصرية القاهرة، لكن ردود الأفعال على مستوى الحكومة كان مخجلاً ودون مستوى الطموح، فقد خذلني الأعلام العراقي، وخيبت ظني الحكومة حتى المؤسسة التي أعمل فيها بخلت علي بمباركة شفهية أو مهاتفة تلفونية!!».
وعن كتاباته الجديدة، واهتماماته، قال «أنا كاتب متعدد، ولكني متخصص كثيرًا في قضايا الفكر السياسي العربي المعاصر، ومتخصص في معالجة قضايا الأمة العربية والتحديات التي تواجه الفكر العربي من إشكاليات وقضايا معاصرة مثل: الطائفية، الإسلام السياسي، التطرف، العنف الأصولي، الديمقراطية، حقوق الإنسان، الثورات العربية والخريف الإسلاموي، الأصولية الإسلامية الراديكالية، الإسلاموفوبيا، الحداثة، العولمة، النهضة، الهوية وأزمة الهوية، وغيرها، لدي (12) كتابا في الفكر والسياسة في تونس، والأردن وسوريا والإمارات ومصر، ولدي حاليًا (10) كتب في الأصولية الإسلامية الراديكالية والظاهرة الإسلامية والإسلام السياسي والإسلام المتشدد والطائفية والعنف والإرهاب والتطرف الديني، أرغب من خلالكم أن أدعو دور النشر الرصينة للتعاون معي في نشرها، وأبرز العناوين التي أود نشرها منها كتاب (الأصولية الإسلامية الراديكالية: المصاحف والسيوف) وكتاب (الإسلام الراديكالي بين الأصولية والحداثة) وكتاب (الإسلام السياسي: النص والرصاص) وكتاب (نظرية الحاكمية) و(الظاهرة الإسلامية: التشكيل الطائفي للإسلام المعاصر) وكتاب (مفهوم الحكومة الإسلامية أو حكومة الله)، وغيرها».
كما لي مشاركات في مجال الأدب: نشرت لي مجموعة شعرية، وهناك اثنتان في طور الطبع، ولدي عمل روائي ما زلت أضع له بعض البصمات.
> وكيف يجد كصاي توجهات الشباب العراقي اليوم من ناحية الفعالية الثقافية الإبداع والنتاج؟
- لا شك أنها مشاركات مبهرة على الرغم من الظروف والصعاب التي يمر بها العراق من فكر ظلامي يحارب الإبداع ويقتل المثقف، فإن الشباب العربي كل يوم يتفجر إبداعًا ويحوز جوائز مهمة، ذلك لأن المعاناة أساس الإبداع، فمعاناتنا كانت المهماز للإبداع العراقي، والمشاركة العراقية للمثقفين في مجال الإبداع تبشر بخير، فكل يوم نتفاجأ بفوز مبدع عراقي في المحافل الإقليمية والدولية.
ويشكو التميمي من ضعف الدعم الحكومي للبحوث والإنجازات العلمية بقوله: «لم ألحظ الدعم مطلقًا، وإن كان فهو مخجل جدًا، لم تعر الحكومة لنا ولم تلتفت لإنجازنا ونحن قمنا بعملنا باسم العراق ولأجل العراق، خصوصًا وأن الجائزة على مستوى العالم العربي أجمع وأحرزت المركز الأول فيها، لكن للأسف لم أتلق الدعم، حتى السفارة العراقية في القاهرة لم تحضر حفل تكريمي رغم أني بلغتهم رسميًا، إذ حضر السفير الصومالي لمباركتي ولم يحضر موظف صغير من سفارتنا العراقية هناك!».
السيرة الشخصية للكاتب حسام كصاي تقول إنه حاصل على: بكالوريوس علوم سياسية من جامعة بغداد 2004، ودبلوم عال في العلوم سياسية 2011 من مصر، وماجستير علوم سياسية / قسم الفكر السياسي العربي المعاصر 2012/ مصر، وهو اليوم مدرس مادة الفكر السياسي العربي الإسلامي المعاصر في كلية العلوم السياسية/ جامعة تكريت، وهو أيضا عضو هيئة التدريس في فرع الفكر السياسي/ كلية العلوم السياسية، وحصل على كثير من الجوائز من بينها جائزة أفضل كاتب شاب عربي لعام 2015 عن الجائزة العربية للشباب العربي، له أكثر من مؤلف قيد الطبع، وله كتب مطبوعة من بينها كتاب: (حقوق الإنسان العربي) وكتاب (الإسلام والديمقراطية: تشوهات الأصل والصورة)، عن دار رؤى للنشر والتوزيع والإعلام في تونس، 2014. وكتاب: (التحول الديمقراطي في الوطن العربي)، وكتاب (الطائفية صدمة الإسلام السياسي)، وكتاب (إشكالية التطرف الديني في الفكر العربي المعاصر)، عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الفائزة بجائزة أفضل كتاب لعام 2015. أما المؤلفات والأعمال غير المنشورة فهي الإسلام السياسي: النص والرصاص. والظاهرة الإسلامية: التشكيل الطائفي للإسلام المعاصر. والإسلاموفوبيا: أكذوبة الخطر الأخضر.
وأخرى غيرها، كما أن له كثيرا من البحوث والدراسات الفلسفية والأكاديمية من بينها (مفهوم الثورات العربية والمواقف الإقليمية والدولية منها)، مجلة العلوم السياسية/ جامعة تكريت بحث مشاركة دولي بعنوان: (نحو إعادة تجديد الخطاب الديني المعاصر) في المؤتمر الذي أقامته وزارة الثقافة المصرية بعنوان: (دور القوى الناعمة في مواجهة التطرف والإرهاب).



عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف
TT

عبده خال كاتب رواية بوليسية... هل توقف نموه؟

 نوبوكوف
نوبوكوف

كنت أتهيأ للكتابة حين باغتتني رغبة في تصفح محتوى صفحة «الثقافة» في جريدة أجنبية. فوقع بصري، لحظة انبساط محتواها أمامي، على عنوان مُرَكبٍ من جزأين؛ الجزء الأول «مُلائِمَةٌ للقراءةِ في ليالي الشتاء»، وعرفت من الجزء الثاني أن الملائِمَةَ للقراءة هي عدد من روايات الجريمة يقترح مُعِدُّوها الاستمتاع بقراءتها في عطلة «الكريسماس». تلك قائمة لا أتوقع أن تقترحها الصحافة الثقافية العربية. «يا للمصادفة الغريبة» قلت في داخلي، فالمقالة التي كنت أنوي كتابتها تتمحور حول رواية الجريمة، أو الرواية البوليسية؛ لا أُفرقُ هنا بين النوعين. وكان للمصادفة امتداد آخر، إذ فرغت، وقبل قراءة تلك القائمة، من قراءة روايتين، هما روايتا جريمة «فسوق» لعبده خال، و«اللص والكلاب» للروائي العربي الكبير نجيب محفوظ.

عبده خال

ثنائية الركض والزحف

ركضت عبر «فسوق» عبده خال لأنها كانت القراءة الثانية، أو الثالثة؛ ووجدت في تعليقاتي وشخبطاتي في هوامش صفحاتها ما يغني عن قراءتها زاحفاً. أما أثناء قراءة رواية محفوظ، وكانت القراءة الثانية، كنت القارئ المتأني والبطيء لأنني لم أستطع مقاومة الرغبة في تفحص التقنية السردية فيها، ورصد لعبة الضمائر التي لا بد أن محفوظ استمتع بها أثناء الكتابة، واستمتع باستباق تلاعبه بالقارئ المحتمل بانتقاله من ضمير إلى آخر على نحو قد يجعل القراءة بطيئةً، أومُشوِشَّةً لبعض القراء.

يبدأ الفصل الأول بصوت السارد العليم - المحدود - بضمير الغائب: «مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر لا يُطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحداً» (5). وابتداءً من الكلمتين الأخيرتين من السطر الثامن، يتحول ضمير الغائب إلى ضمير المخاطب المثنى، إلى صوت سعيد مهران مُخاطباً زوجتة سابقاً وزوجها الغائبين: «نبوية عليش، كيف انقلب الاسمان اسماً واحداً؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب، وقديماً ظننتما أن باب السجن لن ينفتح، ولعلكما تترقبان في حذر» (5)، ثم إلى ضمير المتكلم «ولن أقع في الفخ، ولكني سأنقض في الوقت المناسب كالقدر» (5). وقبل نهاية الصفحة بسطرين، يتحول الخطاب إلى مونولوغ داخلي بضمير المُخاطب المفرد: «استعِن بكل ما أوتيت من دهاء، ولتكن ضربتك قوية كصبرك الطويل وراء الجدران» (5). وفي مكان آخر فيما بعد، يلتقي ضميرا المتكلم والمخاطب الجمع معاً في كلام سعيد مهران، وهو يتحدث إلى مستشارين متخيلين في محاكمة متخيلة: «لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص، إذ يجب أن يكون للثقافة عندكم اعتبار خاص، والواقع أنه لا فرق بيني وبينكم إلا أني داخل القفص وأنتم خارجه...» (100). من المستبعد ألا يتذكر البعض همبرت همبرت في رواية فلاديمير نابوكوف «لوليتا» وهو يخاطب المحلفين أثناء محاكمته. اللافت في الأمر أن سعيد وهمبرت «بطلان» مضادان «antiheroes»، ومُبَئِران، وساردان إشكاليان غير موثوقين في روايتي جريمة؛ سعيد مهران لص وقاتل، وهمبرت همبرت «بيدوفايل/pedophile/ المنجذب جنسياً للأطفال» وقاتل. مأزق أخلاقي يجد القارئ نفسه مُسْتَدْرَجاً إلى التورط فيه في حال تماهيه مع الشخصية جراء تقلص أو تلاشي المسافة الجمالية بينه وبينها.

البداية المُزاحة بالاستطراد

هنا البداية الأولى، الأصلية، للمقالة، وقد أزاحها إلى هذا المكان الاستطراد السابق، ولا أخفي أنني مِلْتُ إلى الاسترسال فيه. البداية الأصلية: الروائي والأكاديمي موكوما وانغوغي ودعوته في «نهضة الرواية الأفريقية» إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للقص الشعبي ومنه الرواية البوليسية؛ «جائزة القلم الذهبي» بكونها، في الأساس، مشروعاً يرفع القص الشعبي العربي من الهامش ويُنزله في المركز وبؤرة الاهتمام في المشهد الأدبي؛ ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية عن الرواية البوليسية في العالم وخُلُوِّه من أي ذكر لرواية بوليسية عربية واحدة، ثلاثة عوامل شكلت دافعاً على الكتابة عن الرواية البوليسية، وعن عبده خال، الذي أراه مشروع كاتب رواية بوليسية يعيش في كمون، أو لأقل، في حالة «توقف نمو» (ARRESTED DEVELOPMENT)، بغض النظر عمّا إذا كان يرى نفسه كذلك أم لا. الأمر مجرد رأي شخصي.

وانغوغي... الانحياز إلى الرواية البوليسية

بالإضافة إلى مناداته باعتبار الكتابات المبكرة - ما قبل جيل ماكيريري - جزءاً لا يتجزأ من «الخيال الأدبي والنقدي الأفريقي» (نهضة الرواية الأفريقية، 34)؛ دعا وانغوغي إلى فتح التقليد الأدبي الأفريقي للأدب المكتوب باللغات المحلية وللأدب الشعبي، مؤكداً على الرواية البوليسية بالذات، واصفاً مجيء أدباء ماكيريري بأنه مثل «تسونامي أدبي» طمر الكتابات المبكرة «تحت سيل من الروايات الواقعية» التي كتبوها بالإنجليزية. وكانت قوة وزخم حركتهم السبب في إخفاق النقد الأدبي في استرداد الحقبة الأدبية المبكرة. لقد أرسى أولئك الأدباء تسلسلاً هرمياً «يعلي شأن كل ما هو أدبي على الفنون الشعبية» (253)، بينما الفجوة بين الأدبي والشعبي، في رأيه، مجرد تباينات سطحية، لا تعني له ولجيله شيئاً ذا بال، فهم يقرأون «الأدب جنباً إلى جنب الأدب الشعبي» أو يقرأون «ما هو أدبي مع ما هو شعبي في آن معاً» (255). ويرى أن النقد الأدبي الأفريقي الملتزم بالخط الفكري الممتد من تشينوا أتشيبي إلى تشيماماندا أديتشي كاذب ومزيف، وأنه ومجايليه يتطلعون إلى نقدٍ أدبي يتيح لهم قراءة الأعمال الأدبية لشكسبير وأتشيبي ونغوغي وا ثيونغو، على سبيل المثال، إلى جانب الروايات الشعبية والبوليسية.

الرواية الشعبية من الهامش إلى المركز

لا اسم في الذاكرة الأدبية العربية لناقد أو روائي أو أكاديمي عربي دعا، مثل وانغوغي، إلى الالتفات نقداً أو بحثاً إلى الرواية الشعبية العربية، فالمشهد العربي عموماً يشيح باهتمامه واعترافه بها عنها، وإن ينظر إليها فبنظرة دونية، باعتبارها أدباً من الدرجة الثانية، أو ليست من الأدب على الإطلاق. وكان الوضع سيستمر لو لم يطرح المستشار تركي آل الشيخ مشروع «جائزة القلم الذهبي»، لينقلها من الهامش إلى المركز، مثيراً بذلك موجات من التصفيق والترحيب، مقابل «حلطماتِ» وهمهماتِ رفضٍ لم يجرؤ على رفع صوته في وجه المشروع. الوضع سيكون مختلفاً تماماً لو لم يكن «الرسمي» مصدرَ القرار والتنفيذ لمشروع «القلم الذهبي».

في مقالته الموسومة بـ«جائزة القلم الذهبي وصناعة مشهد مختلف» المنشورة في مجلة «القافلة» (نوفمبر/ديسمبر 2024)، يكتب الأستاذ الدكتور حسن النعمي أن «جائزة القلم الذهبي»، «فريدة من نوعها في بناء جسور التلاقي بين الرواية والسينما» (31). ما أراه هو أن فرادة وتميز الجائزة ينبعان أساساً من التفاتها إلى المهمش، أو حتى غير المعترف به؛ القص الشعبي بطيف أنواعه. القص الشعبي هو الأساس والقواعد التي تبني عليها الجائزة «جسور التلاقي بين الرواية والسينما»، وما الرواية الأدبية «الواقعية» سوى مضاف إلى الجائزة على نحو استدراكي وعرضي.

وأتفق مع الدكتور النعمي في أن الجائزة ستصنع مشهداً مختلفاً، بيد أنه اختلاف من المحتمل أن يدفع، وعلى نحو لافت، بالقص الشعبي عموماً، والرواية البوليسية خاصة، إلى الواجهة، ما قد يؤدي إلى دخولها في مجال رادارت الصحافة والنقد. فتخرج الرواية البوليسية العربية من جب غيابها الملحوظ الذي ناقشته الصحافة العربية، وكُتِبَ عن أسبابه مراراً وتكراراً، قبل أن يتأكد - غيابها - عالمياً، أيضاً، من خلال ملف صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية (جولة حول العالم عبر 80 رواية بوليسية). وكان عبده وازن (إندبندنت عربية) وباقر صاحب (جريدة «الصباح»)، ممن كتبوا عن هذا الغياب الذي وصفه وازن بالفادح.

غياب الرواية البوليسية في «المجلة العربية»

لم تسعفني ذاكرتي إلا برواية محلية واحدة (فسوق) عبده خال وأنا أفكر فيما أشارك به في ملف «المجلة العربية» عن غياب الرواية البوليسية العربية (نُشر الملف في 1/4/2011). «فسوق» رواية بوليسية بامتياز حتى وإن لم يصرح مؤلفها بأنها كذلك، لاحتوائها على عناصر الرواية البوليسية الثلاثة: الجريمة، نبش قبر جليلة محسن الوهيب وسرقة جثتها ومضاجعتها؛ «المجرم/السارق، داود الناعم/شفيق الميت»؛ التحقيق والقبض على المجرم. أو وفقاً لتنظير تزفيتان تودوروف في «تصنيف القص البوليسي»، يتألف المتن الحكائي في «فسوق»، كما في أي رواية بوليسية، من القصة الأولى، وهي سرقة جثة جليلة، والقصة الثانية، قصة التحقيق المنتهية بالتعرف على من سرق الجثة ليمارس معها «النكروفيليا». القصة الأولى، كما يُنَظِّر تودوروف، تحكي ما يحدث بالفعل، بينما تشرح الثانية، قصة التحقيق، «كيف عرف القارئ أو السارد» عنها. بالتحديد تنتمي «فسوق» إلى النوع المعروف باسم «police procedural»، القص البوليسي الذي تأخذ فيه إجراءات وأساليب عمل الشرطة موقعاً مركزياً في البنية والثيمات والحدث كما يوضح جون سكاغز في كتابه «قص الجريمة».

لم يخطر ببال عبده خال أنه سيصبح ذات يوم عضواً في لجنة تحكيمٍ روايات جريمة/بوليسية جزءٌ من مهمتها. ربما يحفزه هذا على السماح لكاتب «فسوق» في داخله بالنمو والتطور، ليكتب روايات بوليسية أخرى.

* ناقد وكاتب سعودي