شاشة الناقد

على شفير الموت.. ربما

ثلاثة أيام للقتل: كفن كوستنر وهايلي ستاينفلد
ثلاثة أيام للقتل: كفن كوستنر وهايلي ستاينفلد
TT

شاشة الناقد

ثلاثة أيام للقتل: كفن كوستنر وهايلي ستاينفلد
ثلاثة أيام للقتل: كفن كوستنر وهايلي ستاينفلد

الفيلم: 3Days to Kill‪ ‬
‫إخراج: ماكجي‬
تقييم الناقد:(*3)(من خمسة)

المنتج الفرنسي لوك بيسون، الذي بدأ مخرجا ثم تحوّل، يقدم عملا آخر من تلك التي ينجزها على النسق الهوليوودي الكامل. الفيلم هو «ثلاثة أيام للقتل»، المعروض حاليا تحت قيادة المخرج McQ، كما يكتب اسمه، ومن بطولة كفن كوستنر.
هذا هو الفيلم الأول الذي يقود كوستنر بطولته منذ حين بعيد. وهو ممثل جيّد على الدوام، لا أعتقد أنه نال الحظ الكافي من التقدير حتى حين كان نجما. في هذا الفيلم يؤدي شخصية رجل اسمه إيثان. عميل للمخابرات الأميركية، ومجال اختصاصه القتل. لكنه يكتشف في زيارة للطبيب أنه مصاب بالسرطان: «ستعيش ثلاثة أشهر.. ستة بالكثير». حسنا، بما أن هذا الاكتشاف ورد في بداية الفيلم فإن ذلك يعني أنه سيعيش على الشاشة لساعة وربع أخرى يقوم خلالها بما كان يقوم به قبل أن يكتشف المرض، خصوصا أن عميلة المخابرات فيفي (آمبر هيد) لديها مهمة خاصة له ينهي بها نشاطاته. مهمته الآن قتل «الذئب» (رتشارد سامل) الذي يبيع السلاح للإرهابيين في كل مكان. لكن إيثان (كوستنر) كانت له أجندة مختلفة، كان يرغب فيما تبقى له من عمر أن يتواصل وزوجته كريستين (كوني نيلسن) وابنته زووي (هايلي ستاينفلد) بعدما أهملهما بسبب عمله. الآن هو مضطر للعمل مع فيفي، لأنها تملك مصلا شافيا من السرطان.
هل قلت إن بيسون كاتب جيد؟ لا، قلت إنه أفضل كتابة مما ماكجيو إخراجا، بمعنى أن يعرف كيف يضع الأفكار، وإن كانت غير طازجة، في مواضع صحيحة قد تثير الاهتمام. إلى ذلك، يضيف بعدا جديدا: على إيثان أن يبني الثقة المفقودة بينه وبين ابنته المتمنّعة في ثلاثة أيام (هي أيضا المدة الممنوحة لإتمام العملية الخطرة). الجانب الإنساني لهذه الشخصية معبر عنه جيدا من قِبل كوستنر الذي (مثل ليام نيسون) كبر سنّا (هو 59، ونيسون 61) لكنه لا يزال قابلا للتصديق في مشاهد الأكشن.
فيفي ماهرة بدورها. مدربة جيدا وتمارس فنون القتال الشرقية، وتعرف كيف تقتل وكيف تقود السيارة من دون الالتزام بقوانين القيادة ولا حتى بالنظر أمامها، إذا ما كانت تتحدّث إلى من بجانبها. ماهرة وقوية بحيث لا تدري لماذا عليها أن تطلب مساعدة رجل يموت. لكن لا بأس، والكثير مما يمر في هذا الفيلم هزلي بقدر ما هو إثاري، وهو ينجح في الهزل والإثارة بحدود.
يستعير الفيلم بعض قديم كوستنر. في فيلم «غير المساوين» The Untouchables، هناك ذلك الفاصل من المطاردة التي يقوم بها كوستنر، والتي يعيدها، بركاكة طبعا، هذا الفيلم. ويتحول كوستنر في مشهد إلى منقذ لابنته من براثن مجموعة من الشبان على النحو ذاته الذي أنقذ فيه وتني هيوستون في «الحارس».
باقي المشاهد ليست بذات القيمة، خصوصا أن الفيلم يعيد بعض المفارقات مثل واحد منّا يعيد بعض الكلمات، ومنها انهيار إيثان على الأرض بفعل مرضه كلما جابه مجرما. غريب أنه استطاع الإكمال إلى النهاية.



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز