مصر تعتبر التصريحات التركية «غير ذات جدوى»

نفى المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، اطلاع بلاده على وساطة سعودية لاستعادة العلاقات المقطوعة بين القاهرة وأنقرة منذ أكثر من عامين، قائلا لـ«الشرق الأوسط» أمس: «لسنا على علم بها»، مشيرا في نفس الوقت إلى أن «التصريحات التركية عن مصر لا تعطي في مجملها انطباعا عن رغبة تركية في تطبيع العلاقات، بل ما زالت تشير إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري والانقضاض على إرادة الشعب المصري واختياراته».
وتدهورت العلاقات بين مصر وتركيا منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) 2013، حيث وصفته تركيا بأنه «انقلاب على الشرعية»، كما قامت باستضافة المئات من قيادات الجماعة المطلوبين في قضايا جنائية بمصر.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، خلال مباحثاته في السعودية أول من أمس، إنه «تحدث مع نظيره المصري سامح شكري في لقاءات عدة، من بينها مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وعبر عن رغبة تركيا تطبيع العلاقات مع مصر، متمنيا من القيادة المصرية أن تبادر بمواقف إيجابية تجاه الموقف التركي»، وأكد ترحيبه بـ«المسعى الذي تبذله السعودية لتقريب وجهات النظر بين البلدين وطرحها عددا من الأفكار في هذا الاتجاه». وأضاف الوزير التركي أن «بلاده تعتبر استقرار مصر أمرا مهمّا بالنسبة إلى العالم الإسلامي ومنطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية»، مشيرا إلى أن «التدهور السياسي الذي شهدته مصر أضر باقتصادها ولم تخطُ أنقرة نحوها أي خطوة سلبية، بل تأمل أن تتجاوز مشكلاتها بشكل سلمي».
وتدار علاقات البلدين على مستوى قائم بالأعمال منذ أن استدعت مصر سفيرها من تركيا في أغسطس (آب) 2013، احتجاجا على التصريحات التركية المعادية للنظام الحالي، كما أبلغت تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذات العام أن سفيرها في القاهرة «شخص غير مرغوب فيه».
ورد وزير الخارجية المصري على تصريحات نظيره التركي قائلا أمس إنه «يجب أن يؤخذ ما طرحه مولود جاويش في سياقه الكامل ولا يتم التركيز على بعض ما قاله، والذي قد يوحي بتوجه إيجابي، لأنه في حقيقة الأمر لا يمكن أن ننظر إلى التصريحات إلا في مجملها وما تضمنته من تدخل في الشأن الداخلي المصري مرفوضة، والإيجابي هنا أيضًا غير ذي جدوى».
وقال شكري، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس مع نظيره التشيكي لوبومير زاوراليك الذي يزور القاهرة، إن «تصريحات وزير خارجية تركيا وما تضمنته من علاقات بين الشعبين المصري والتركي نؤكدها، وهي علاقات وثيقة وتاريخية، وتتسم بالإيجابية، وأن أية عبارات طرحها الوزير التركي في ما يتعلق بأن تكون هناك علاقات طبيعية بين البلدين نؤكده أيضا، لكن السياق العام لتصريحات الوزير التركي وما تضمنته من تدخل في الشأن الداخلي لمصر والانقضاض على إرادة الشعب المصري هي تعليقات مرفوضة».
وتابع: «يجب أن يؤخذ ما طرحه الوزير التركي في سياقه الكامل، ولا يتم التركيز على بعض ما قاله، والذي قد يوحي بتوجه إيجابي، لأنه في حقيقة الأمر لا يمكن أن ننظر إلى التصريحات إلا في مجملها وما تضمنته من تدخل في الشأن الداخلي المصري مرفوضة».
واعتادت أنقرة، ورئيسها رجب طيب إردوغان، إطلاق تصريحات منددة بالأوضاع السياسية المصرية منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، كما طالبت أكثر من مرة بإلغاء أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات جماعة الإخوان المتهمين بالتورط في أعمال عنف بمصر.
وقال السفير فتحي الشاذلي مساعد وزير الخارجية السابق، وسفير مصر الأسبق لدى تركيا، لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الحديث عن وساطة سعودية لاستعادة العلاقات بين مصر وتركيا أمر يتردد منذ فترة، وأعتقد أنه يأتي في إطار التحضيرات التركية لمؤتمر القمة الإسلامي المزمع عقده في أبريل (نيسان) المقبل». وأضاف الشاذلي: «استعادة العلاقات بين البلدين أمر وارد جدا، إذا ما استجابت تركيا للمطالب المصرية ومنها وقف بث القنوات الفضائية المعادية لمصر والتي تبث من الأراضي التركية، وسمحت بتسليم الشخصيات الإخوانية ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية، ووقف مسؤوليها تصريحاتهم العدائية».
وتابع: «إذا ما حدث هذا فلن يكون هناك عائق أمام عودة العلاقات»، خصوصا أن السياق الطبيعي للعلاقات بين البلدين هو أن تكون وثيقة ذات منافع متبادلة، وأي شيء بخلاف ذلك هو أمر استثنائي، وفقا لتاريخ العلاقات المتجذرة بينهما».
وحول مشاركة مصر في القمة الإسلامية المقبلة، قال: «لا توجد أزمة على الإطلاق، فهناك كثير من القمم لا يشارك فيها رئيس جمهورية، وإذا استمر الوضع بين البلدين على ما هو عليه فسيكون الحضور دون مستوى القمة».