إسرائيل ترفض المبادرة الفرنسية وتتهم فابيوس بتشجيع الفلسطينيين على رفض المفاوضات المباشرة

السلطة ترحب وتعلن أنها ستبدأ مشاورات حولها

إسرائيل ترفض المبادرة الفرنسية وتتهم فابيوس بتشجيع الفلسطينيين على رفض المفاوضات المباشرة
TT

إسرائيل ترفض المبادرة الفرنسية وتتهم فابيوس بتشجيع الفلسطينيين على رفض المفاوضات المباشرة

إسرائيل ترفض المبادرة الفرنسية وتتهم فابيوس بتشجيع الفلسطينيين على رفض المفاوضات المباشرة

أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها للمبادرة الفرنسية، التي أعلنها وزير الخارجية لوران فابيوس، والتي يقترح فيها عقد مؤتمر دولي لتحريك مسيرة السلام وتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأعربت عن غضبها من تهديده بأنه «في حال فشل المؤتمر فإن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية ولن تسمح بإفشال وإسقاط حل الدولتين». واتهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الوزير الفرنسي بتشجيع الفلسطينيين على رفض المفاوضات المباشرة.
وقال نتنياهو، في مستهل جلسة حكومته أمس، إن «المبادرة الفرنسية مثلما تم الإعلان عنها تمنح الفلسطينيين مسبقا المبرر لعدم القيام بأية خطوة نحو المفاوضات». وأضاف: «إننا مستعدون للدخول في مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة ودون شروط تملى علينا».
ومع أن مراقبين إسرائيليين اعتبروا هذه الصيغة «إبقاء الباب مفتوحا للحوار مع فرنسا»، إلا أن مسؤولا كبيرا هاجم فابيوس بشكل شخصي بعيدا عن الأصول الدبلوماسية، فقال إن «إسرائيل تتساءل ما إذا كانت فرنسا ستقترح عقد مؤتمر سلام مع (داعش) الذي يزرع وينشر الإرهاب في فرنسا»! وأضاف في حديث صحافي أمس أن «وزير الخارجية الفرنسي سينهي منصبه قريبا. وفي عهده في وزارة الخارجية الفرنسية، يصعب الحديث عن إنجازات كبيرة للسيد لوران فابيوس: سوريا، (داعش) والإرهاب العالمي، أوكرانيا، أزمة المهاجرين، وضع المسيحيين المتدهور في العراق، الاتفاق النووي المخجل مع إيران.. هذه كلها حدثت في فترة ولايته. فابيوس لم يكن سبب هذه الأزمات، ولكننا لم نتعرف في مدارس الدبلوماسية على أية مساهمة له لحلها. وكما يبدو فإنه قبل أن يحزم حقائب، يريد ترك ميراث له. إذن ما العمل؟ هل يتم بذل جهد أكبر في سوريا؟ أو إظهار حزم أكبر إزاء إيران؟ أو بناء تحالف بري ضد (داعش)؟ لقد أضحكتمونا. من المفضل استخراج الجوكر الثابت: الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني».
وحسب صحيفة «يسرائيل هيوم»، التي تعبر عن مواقف نتنياهو، فإنه ووفقا للمبادرة الفرنسية لن يكون أمام الوفد الفلسطيني إلى المؤتمر أي سبب يدعوه إلى التسوية. فابيوس يخترع مفاوضات من نوع جديد. هذه ليست مفاوضات، وإنما عار خلقي. مؤتمر دولي مع نتائج معروفة مسبقا، ستسهم فقط في وسم إسرائيل في العالم وفي شوارع باريس على أنها الجانب السيئ والرافض. وأبعاد ذلك معروفة. يمكن لفابيوس أن يوفر مصاريف المؤتمر، ودعوة الضيوف وتنظيم المهرجان، رغم أنه من الممتع دائما زيارة برج إيفل. كان من المفضل لو يعترف وزير الخارجية الفرنسي بفلسطين منذ اليوم ويوفر علينا كل هذه التمثيلية والإحباط الدائم».
الجدير ذكره أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رحب بحرارة بالمبادرة الفرنسية، وقال مساء أول من أمس، خلال مؤتمر الدول الأفريقية في أديس أبابا، إنه يجب دعمها. وأضاف: «لن نرجع إلى طاولة المفاوضات لمجرد التفاوض، ولن نلتزم بالاتفاقيات مع إسرائيل من جانب واحد، ولن نوافق على مقترحات وترتيبات مرحلية واتفاقات مؤقتة». ورحب بالمبادرة أيضًا الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، فقال إن الفلسطينيين سيجرون اتصالا قريبا مع فرنسا ودول أخرى من أجل دفع المؤتمر الذي سيعتمد على القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
في المقابل، رفضت حماس الفكرة، وقال إسماعيل رضوان إن «كل الدعوات الدولية لتجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة غير مقبولة وعير مفيدة». وحذر السلطة من الموافقة على أي صيغة أو عملية «تمس بالمبادئ والحقوق الأساسية للفلسطينيين». ووصف رضوان كل مفاوضات مع إسرائيل بأنها «مضيعة للوقت ولا معنى لها».
وتعاملت الإدارة الأميركية بحذر مع المبادرة الفرنسية. وقال مسؤول في البيت الأبيض إن واشنطن لا تدعم الاعتراف الفرنسي بفلسطين كدولة، «فموقفنا هو تفضيل إجراء مفاوضات مباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين من أجل التوصل إلى تفاهمات حول الاتفاق الدائم». مع ذلك لم ترفض الإدارة فكرة عقد مؤتمر دولي للسلام، وقالت إنها ستناقش الموضوع مع الفرنسيين.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».