مبنى «واشنطن بوست» الجديد يفتخر بأدوات العصر الرقمي

صادف افتتاحه إطلاق سراح رضائيان مراسل الصحيفة في طهران

صالة التحرير في المقر الجديد لـ«واشنطن بوست».. وفي الإطار جون كيري وزير الخارجية الأميركي يرحب بجيسون رضائيان مراسل «واشنطن وبوست» المفرج عنه من طهران (أ.ف.ب)
صالة التحرير في المقر الجديد لـ«واشنطن بوست».. وفي الإطار جون كيري وزير الخارجية الأميركي يرحب بجيسون رضائيان مراسل «واشنطن وبوست» المفرج عنه من طهران (أ.ف.ب)
TT

مبنى «واشنطن بوست» الجديد يفتخر بأدوات العصر الرقمي

صالة التحرير في المقر الجديد لـ«واشنطن بوست».. وفي الإطار جون كيري وزير الخارجية الأميركي يرحب بجيسون رضائيان مراسل «واشنطن وبوست» المفرج عنه من طهران (أ.ف.ب)
صالة التحرير في المقر الجديد لـ«واشنطن بوست».. وفي الإطار جون كيري وزير الخارجية الأميركي يرحب بجيسون رضائيان مراسل «واشنطن وبوست» المفرج عنه من طهران (أ.ف.ب)

رغم أن صحافيي ومصوري وإداريي صحيفة «واشنطن بوست» انتقلوا قبل شهرين إلى مبنى الصحيفة الجديد، انتظر جيف بيزوس، مالك الصحيفة الجديد وملياردير موقع «أمازون»، حتى نهاية الأسبوع لافتتاح المبنى رسميًا. وصادف ذلك إطلاق سراح جيسون رضائيان، مراسل الصحيفة في إيران، الذي كان اعتقل هناك لأكثر من عام.
حضر الاحتفال جون كيري، وزير الخارجية، الذي قاد جهود إطلاق سراح رضائيان، كجزء من صفقة رفع العقوبات على إيران. وحضر الاحتفال، أيضًا، قادة محليون، من بينهم: موريل باوزر عمدة واشنطن، ولاري هوغان حاكم ولاية ماريلاند المجاورة، وتيري ماكوليف حاكم ولاية فرجينيا المجاورة.
في البداية، شهد الحاضرون «قص الشريط الرقمي»، وذلك على شاشة عملاقة، حيث ظهر مقص كبير، وقص شريطًا أحمر عملاقًا كان يتدلى من أعلى المبنى. وقال بيزوس إن المكاتب الجديدة «تفتخر بأدوات العصر الرقمي»، عكس المبنى القديم الذي كان بنى في عصر مطابع «لينوتايب». وأضاف: «انتقلنا من المبنى الذي صمم قبل خمسة عقود، وكان رمز صحيفة كبيرة. اليوم، نحن نعمل في المقر الجديد لمؤسسة تريد أن تقود وسائل الإعلام والتكنولوجيا الحديثة». ليس المبنى الجديد بعيدًا عن المبنى القديم، لكن يختلف عنه في شيئين؛ المظهر والمحتوى:
أولا: المظهر، هذا مبنى زجاجي عملاق، يمثل الفن المعماري الحديث، ويرتفع إلى السماء عاليًا أمام حديقة «فرانكلين». لكن المبنى القديم تقليدي، وأقل ارتفاعًا، ولا يختلف كثيرًا عن مبانٍ مجاورة، وفي شارع مزدحم. ويبدو «كئيبًا» (هذا وصف كاثرين غراهام في كتاب مذكراتها «تاريخ شخصي»).
ثانيا: المحتوى، بدلاً عن الأثاث القديم، والممرات الضيفة (وفئران، وعناكب، وجرذان)، يلمع المبنى الجديد بسبب الزجاج، والضوء، والرخام.
في الشهر الماضي، وصفت صحيفة «واشنطن بوست» مبناها الجديد بأنه «رمز تكنولوجيا الصحف الجديدة»: صالة عملاقة ممتدة وواسعة يعمل فيها المحررون (مثل ما في المبنى القديم). لكن، تقل مساحة مكان كل محرر (في عصر الإنترنت، لا توجد رفوف وأدراج، وأقلام، وبرايات، ومساحات، ودباسات). توجد شاشات تلفزيونية في كل مكان تقريبًا، حتى في المصاعد (ليتابع الصحافيون الأخبار أولاً بأول). وتوجد كاميرات تلفزيونية في كل ركن (ليتحدث الصحافيون في تلفزيون الصحيفة، بالإضافة إلى عملهم الورقي والإلكتروني).
لم تنقل ماكينة «لاينوتايب» التي كانت في مدخل المبنى القديم إلى المبنى الجديد (ستوضع في «متحف واشنطن بوست»). لكن، نقلت لافتة «المبادئ السبعة لسلوك الصحافي» إلى مدخل المبنى، وصارت إلكترونية». المبادئ السبعة للصحافي هي: «قل الحق، قل كل الحق، كن محترمًا، كن قادرًا، اخدم الناس، ضحي بالثروة المادية، كن عادلاً ومستقلاً». وجرى نقل الفرق المختلفة في الصحيفة إلى مساحة تمتد على 22 ألفًا و500 متر مربع، وتنص الخطة الجديدة على «دمج» المصورين الصحافيين والعاملين في النسخة الإلكترونية، مع إدارة النسخة الورقية للسماح بكتابة أكثر تركيزًا على مضامين الوسائط المتعددة، حسب ترايسي جرانت. وأوضحت جرانت: «نريد طريقة تفكير عابرة للأقسام عند تلقينا خبرًا معينًا»، مشيرة إلى أن «القيام بذلك كان مهمة صعبة في الموقع السابق».
وقال مارك فيشر الكاتب الصحافي في «واشنطن بوست» منذ 29 عامًا: «ثمة شعور بالعظمة والطاقة تشعرون به بمجرد المرور في هذا المكان، والأمر لن يكون كذلك مع مساحة مستأجرة داخل مبنى يضم مكاتب محامين». وشدد الصحافي روبرت ميتشل، على وجود «تعلق كبير بتاريخ المؤسسة» في «واشنطن بوست»، ويمثل مقر الصحيفة جزءًا من هذا التاريخ. لكن ميتشل الذي يعمل في «واشنطن بوست»، منذ قرابة 20 عامًا، أكد أن «المؤسسة أهم من المبنى». وأوضحت جرانت من جهتها أن «أرث واشنطن بوست، مهم جدًا بالنسبة إلينا، لدينا تاريخ حافل، وننقل الكثير من هذا كله» إلى المقر الجديد للصحيفة.
من جهتها، أوضحت المديرة المساعدة للصحيفة، ترايسي جرانت، أن المبنى الذي دخل التاريخ مع الكشف عن فضيحة «ووترغيت» في سبعينات القرن الماضي «كان تقدميًا جدًا كموقع للإنتاج، لكن حاجاتنا تغيرت». وأضافت الصحافية المكلفة بشؤون نقل المقر: «الموقع ليس مثاليًا لغرفة تحرير في القرن الحالي، وكانت مساحته أكبر بكثير من اللازم»، منذ تغيير موقع طباعة الصحف قبل سنوات». وكانت الصحيفة، تبيع في أيامها الذهبية نحو مليون عدد يوميًا، باتت مبيعاتها حاليًا تقارب 400 ألف عدد كل يوم، إلا أن الموقع الإلكتروني للصحيفة بات من أكثر المواقع الإخبارية تصفحًا عبر الإنترنت مع نحو 67 مليون قارئ من العالم في أكتوبر (تشرين الأول)، مما جعلها تتخطى أخيرًا صحيفة «نيويورك تايمز»، على صعيد عدد الزيارات الفردية الشهرية، وفق جرانت. ومن أجل التكيف مع هذه التطورات، انتقل الصحافيون الـ700 في «واشنطن بوست» قبل أيام قليلة إلى قاعة تحرير تبعد بضعة شوارع عن المقر التاريخي؛ حيث بنت فيه الصحيفة شهرتها التي سمحت لها بالحصول على عشرات الجوائز العالمية».



تساؤلات بشأن اعتماد مقاطع الفيديو الطولية في الأخبار

مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
TT

تساؤلات بشأن اعتماد مقاطع الفيديو الطولية في الأخبار

مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)
مقاطع فيديو طولية على صفحات مواقع الأخبار (معهد نيمان لاب)

أثار اعتماد مواقع إخبارية كبرى، أخيراً، على مقاطع الفيديو الطولية تساؤلات بشأن أسباب ذلك، ومدى تأثيره في الترويج للمحتوى الإعلامي وجذب أجيال جديدة من الشباب لمتابعة وسائل الإعلام المؤسسية. وبينما رأى خبراء أن مقاطع الفيديو الطولية أكثر قدرة على جذب الشباب، فإنهم لفتوا إلى أنها «تفتقد لجماليات الفيديوهات العرضية التقليدية».

معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام أشار، في تقرير نشره أخيراً، إلى انتشار مقاطع الفيديو الطولية (الرأسية) في مواقع إخبارية كبرى مثل «الواشنطن بوست» و«النيويورك تايمز». واعتبر أن «مقاطع الفيديو الطولية القصيرة، التي تُعد عنصراً أساسياً في مواقع التواصل الاجتماعي تشق طريقها بشكل كبير».

ولفت معهد «نيمان لاب» إلى أن «مقاطع الفيديو التي تنتشر بكثرة على (إنستغرام) و(تيك توك) و(يوتيوب)، تلقى نجاحاً عند استخدامها في مواقع الأخبار»، مستشهداً باستطلاع نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، العام الماضي، أفاد بأن 66 في المائة من عينة الاستطلاع يشاهدون مقاطع فيديو إخبارية قصيرة كل أسبوع، لكن أكثر من ثلثي المشاهدات تتم على منصات التواصل.

رامي الطراونة، مدير إدارة الإعلام الرقمي في «مركز الاتحاد للأخبار» بدولة الإمارات العربية المتحدة، قال في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن اتجاه المواقع الإخبارية لاستخدام مقاطع الفيديو الطولية «يعكس تغيراً في طريقة استهلاك الجمهور للمحتوى، ومحاولة للتكيف مع تطور سلوكياته»، وأرجع هذا التطور في سلوكيات الجمهور إلى عوامل عدة، أبرزها «الاعتماد على الهواتف الجوالة في التفاعل الرقمي».

وتابع الطراونة أن «وسائل الإعلام تحاول الاستفادة من النجاح الكبير للفيديوهات القصيرة على منصات التواصل، وقدرة هذا المحتوى على جذب الجمهور»، وأشار إلى أن «استخدام مقاطع الفيديو الطولية غيّر تجربة تلقي الأخبار وجعلها أكثر جاذبية وبساطة وتركيزاً وسهولة في الاستهلاك، نظراً لمحاكاتها التجربة ذاتها التي اعتاد عليها المتابعون في منصات التواصل». ونبه إلى أن المستخدمين يميلون إلى تمضية وقت أطول في مشاهدة الفيديوهات الطولية القصيرة والمتنوعة والتفاعل معها مقارنة بالفيديوهات العرضية التي تتطلب تغيير وضع شاشة الجوال لمتابعتها.

وأضاف الطراونة، من جهة ثانية، أن غالبية الجهات الإعلامية بدأت بتوجيه مواردها نحو هذا النمط من الفيديو، الذي يعزز فرص الانتشار والاستهلاك، وأن «مقاطع الفيديو الطولية تعتبر أداة فعالة لجذب الشباب، الذين يميلون للمحتوى البصري الموجز والمباشر، كما أن الفيديو الطولي يعكس أسلوب حياة الشباب الرقمي الذي يعتمد على الهواتف الجوالة».

هذا، وفي حين أرجع الطراونة التأخر في اعتماد مقاطع الفيديو الطولية - رغم انتشارها على منصات التواصل الاجتماعي منذ سنوات - إلى «القيود التقنية والأساليب التقليدية لإنتاج الفيديو»، قال إن معظم الكاميرات والشاشات والمعدات كانت مصممة لإنتاج الفيديو الأفقي ذي الأبعاد 4:3 أو 16:9، وكان هذا هو الشكل المعياري للإعلام المرئي سابقاً. ثم أوضح أن «إدراك منصات الإعلام التقليدية لأهمية الفيديو الطولي لم يترسخ إلا بعد بزوغ نجم منصات مثل (تيك توك) إبان فترة جائحة كوفيد-19، وبعدها بدأت تتغير أولويات الإنتاج وباشرت بدعم هذا الشكل الجديد من المحتوى تدريجياً».