الشركات الأميركية «مترددة» في الاندفاع إلى «الكعكة الإيرانية»

تتروى لرؤية نتائج «التجربة الأوروبية».. ومحاذير من الوضع الداخلي

إيرانيون يمرون بجانب مبنى رسمت على أحد جدرانه جدارية مناوئة لأميركا (غيتي)
إيرانيون يمرون بجانب مبنى رسمت على أحد جدرانه جدارية مناوئة لأميركا (غيتي)
TT

الشركات الأميركية «مترددة» في الاندفاع إلى «الكعكة الإيرانية»

إيرانيون يمرون بجانب مبنى رسمت على أحد جدرانه جدارية مناوئة لأميركا (غيتي)
إيرانيون يمرون بجانب مبنى رسمت على أحد جدرانه جدارية مناوئة لأميركا (غيتي)

رغم مرور أكثر من أسبوعين على الإعلان عن رفع العقوبات الأميركية عن إيران، لا تزال الشركات الأميركية العملاقة تبدي ترددا في الإعلان عن الاهتمام بالاستثمار أو تفعيل شراكات مع الجانب الإيراني، في الوقت الذي اندفعت فيه مؤسسات أوروبية لإبراز اهتمامها بالتعاون مع إيران، انطلاقا من رؤيتها بضرورة «اقتناص الفرصة».
ويثير الغياب الأميركي عن «الكعكة الإيرانية» الكثير من التساؤلات، خصوصا أن واشنطن كانت هي الداعم الرئيسي للاتفاق النووي ورفع العقوبات على المستوى السياسي، لكن الجانب «الاستثماري» الأميركي يبدو أكثر ترويا من نظيره الأوروبي للاندفاع في استثمار «عالي المخاطر» من وجهة النظر الأميركية، خاصة مع «ضبابية المشهد أمام الشركات الأميركية، والتي توقن تماما أن مستقبل الاستثمار في طهران قد يكون مرهونا بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وما إذا كان الرئيس الأميركي المقبل سيكون من الحزب الجمهوري، وهو الأكثر احتمالية وفقا لاستطلاعات الرأي الأميركية، أو نظيره الديمقراطي.
وأظهر أغلب المرشحين الجمهوريين اعتراضهم بشكل أو آخر على الاتفاق مع إيران، ووصل بعضهم إلى التوعد بإلغاء الاتفاق مع طهران «صبيحة وصوله إلى البيت الأبيض»، إذا نجح في ذلك. أما الجبهة الديمقراطية، فترى أن الاتفاق مع إيران «جيد»، لكن سياسيي طهران يضعون ذلك في خانة «الهيمنة الأميركية» وليس التوافق والشراكة.
ونتيجة لتلك الرؤية المتضاربة والغائمة، يتردد كثير من رجال الأعمال ومؤسسات أميركية ضخمة في الدخول المبكر إلى السوق الإيرانية قبل وضوح أفق الاستثمار، بينما هرعت شركات أخرى على الجانب الأوروبي من الأطلسي لاستطلاع الفرص الممكنة للاستثمار في إيران، وهو ما يراه كثير من المحللين نوعا من «اغتنام الفرص المبكرة»، و«المغامرة» التي قد تسفر عن مكاسب سريعة، ولكنها غير مضمونة على المدى البعيد.
ووفقا لتقرير نشرته «كريستيان ساينس مونيتور» أول من أمس، فإن الجناح الأقوى في الكونغرس الأميركي يرى أن تعاون أميركا الاقتصادي مع إيران، والموافقة على عقد صفقات بين إيران والشركات الأميركية، سيؤدي فقط إلى تعزيز قوة النظام الإيراني، وسيسمح له بمضاعفة أنشطته الإقليمية، وهذا من شأنه أن يتعارض مع مصالح أميركا، بما في ذلك منح غطاء لأنشطة الإرهاب.
وأورد التقرير رأيا لتريتا بارسي، رئيس المجلس الوطني الإيراني الأميركي، وهي منظمة تدعم قيام علاقات أوثق بين أبناء البلدين، أوضح فيه أنه «في أميركا، يحمل التعامل مع إيران قدرًا هائلاً من الوصم بالعار. بينما العوامل التي ستستمر في عرقلة أنشطة تجارية أميركية موسعة في إيران لا تعد مشكلة بالنسبة للجانب الأوروبي».
وتلك العوامل تمتد من ملف الثورة الإيرانية، إلى أزمة الرهائن في عام 1979، وحتى قوانين أميركا التي لا تزال قائمة على الرغم من الاتفاق النووي. ولكن العقوبات غير النووية الأميركية على إيران ستستمر في عدم تشجيع الشركات الأميركية والبنوك للخوض في أنواع معينة من الصفقات والاستثمارات مع إيران ستتسبب في عدم تشجيع نظرائهم الغربيين.
كما أوضحت سوزان مالوني، الباحثة بشؤون الشرق الأوسط في معهد بروكينغز بواشنطن، أن «جزءًا كبيرًا من نظام العقوبات الأميركية أحادية الجانب لا يزال قائمًا. وهذه التدابير بالإضافة إلى بعض الشكوك حول استمرارية الاتفاق النووي؛ ستقيد من آفاق الاندماج الاقتصادي والسياسي الإيراني في المجتمع الدولي».
ومن جهة أخرى، تظل بعض العقوبات السارية من قبل الإدارة الأميركية على إيران، وهي تلك البعيدة عن البرنامج النووي التي جرى رفعها، هاجسا لكثير من الشركات الأميركية للدخول في شراكات مع الجانب الإيراني، حيث إن غياب الشفافية في إيران، وتداخل العلاقات، قد يؤدي إلى دخول شركة أميركية في علاقة مع «طرف ثالث» خاضع للعقوبات دون أن يدري ذلك بشكل واضح، ما يضعها تحت طائلة القانون.
وعلى صعيد ذي صلة، يقول الكاتب والمعلق السياسي البارز ميكا هالبرن، في مقال بصحيفة «الأوبزرفر» الأسبوعية البريطانية، تعليقا على جولة الرئيس الإيراني حسن روحاني الأوروبية التي أجراها الأسبوع الماضي عقب رفع العقوبات الغربية عن بلاده، إن «روحاني يحتاج لما هو أكثر من مباركة بابا الفاتيكان»، في إشارة إلى جولة روحاني التي شملت إيطاليا والفاتيكان وفرنسا، وشهدت جدلا واسعا حول تغطية عدد من التماثيل في متحف كابيتوليان في العاصمة الإيطالية روما، كنوع من «الحفاوة» الزائدة بحسب تعليقات الصحف الإيطالية.
ورغم ما أظهره الإيطاليين والفرنسيين من ترحيب بالتعاون الاقتصادي، إلا أن أغلب المحللين الاقتصاديين يرون أن الاستثمار «المتسرع» في إيران «عالي المخاطرة»، وهو ما أكده التصنيف الأخير لوكالة «فيتش» الائتمانية.
وتناول هالبرن في مقاله نية إيران لتجديد قطاع الطيران، موضحا أن روحاني استقبل قبل أن يبدأ جولته الأوروبية نحو 300 زائر من شركات عالمية للطيران، من أجل «إغرائهم» بالعودة إلى السوق الإيراني. لكنه تابع أنه «على الرغم من أن الإيرانيين يمتلكون الرغبة والمال، وعلى الرغم من أن أي مورد قد يود في الذهاب هناك واقتناص الفرصة، إلا أن التعامل الاقتصادي مع إيران قد يكون ما زال خطرا».
ويشير هالبرن إلى أنه «يمكن لروحاني أن يتجول في أوروبا مدعيا أن كل شيء طبيعي في بلاده، أو على الأقل أن الأوضاع هناك مريحة.. لكن الحقيقة أن مستقبل إيران والطريق الذي ستسلكه سيتم تحديده في موعد لاحق ليوم 26 فبراير (شباط) المقبل»، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة وانتخابات مجلس الخبراء المكون من 88 عضوا، والتي تشهد تناحرا كبيرا في الداخل الإيراني وقد تحدد سياساتها المستقبلية بشكل كبير. ويرى هالبرن أن الانتخابات المقبلة ستكون «ساخنة»، وأن مستقبل إيران في «تغير مستمر» وغير مستقر.
وفي علامة دالة على هذا الارتباك الداخلي، تظاهر إيرانيون أول من أمس أمام وزارة النفط الإيرانية احتجاجا على عقود النفط الجديدة التي ستبرمها طهران مع شركات الطاقة العالمية، معلنين رفضهم لهذه العقود، وهو ما تسبب في اعتقال عدد منهم من قبل الشرطة الإيرانية. واعتبر المحتجون أن هذه العقود تعد «عقود إذعان»، وستضر بالمصلحة الوطنية وبالشركات المحلية، كما أنها ستجعل قطاع النفط الإيراني رهنا للمستثمر الأجنبي، على حد وصفهم.
وأعلن النائب المحافظ في البرلمان الإيراني، أحمد توكلي، في جلسة علنية للبرلمان، أمس (الأحد)، احتجاجه على اعتقال المحتجين، معتبرًا أن «العقود تتطلب المراجعة.. والتظاهر ضدها والاحتجاج عليها طبيعي».
من جهته، أعرب أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، لوكالة مهر أن: «المجمع سيدرس العقود النفطية الجديدة قبل تطبيقها، وسيحدد مدى مطابقتها للقانون، وما إن كانت ستضر بمصلحة البلاد في المستقبل».



«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
TT

«قطار الرياض» يصل إلى آخر محطاته بافتتاح «المسار البرتقالي»

جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)
جانب من إحدى محطات «قطار الرياض» (النقل العام لمدينة الرياض)

مع انطلاق «المسار البرتقالي»، اليوم (الأحد)، اكتمل تشغيل مسارات «قطار الرياض»، المشروع الأضخم من نوعه في العالم، وفق ما أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

وتأتي هذه الخطوة في إطار الخطة التوسعية للمشروع الذي تم تدشينه في ديسمبر (كانون الأول) 2024.

يربط «المسار البرتقالي - محور طريق المدينة المنورة» شرق الرياض بغربها، حيث يمتد من طريق جدة غرباً حتى الطريق الدائري الشرقي الثاني في منطقة خشم العان شرقاً، وذلك بطول إجمالي يبلغ 41 كيلومتراً. ويشمل المسار 5 محطات رئيسية هي: «طريق جدة»، و«طويق»، و«الدوح»، و«طريق هارون الرشيد»، و«النسيم» التي تعد محطة تحويل تربط بين المسار البرتقالي والمسار البنفسجي.

ويتميز هذا المسار بوجود أكبر عدد من مواقف السيارات مقارنة ببقية المسارات، حيث يصل إلى 3600 موقف، ما يعزز من سهولة الوصول إلى المحطات من قِبَل مستخدمي القطار. وفي خطوة موازية، بدأ تشغيل ثلاث محطات جديدة على «المسار الأزرق - محور طريق العليا البطحاء»، وهي محطات «المروج»، و«بنك البلاد»، و«مكتبة الملك فهد».

ويُعد «قطار الرياض» أضخم مشروعات النقل العام، حيث يغطي كامل مساحة العاصمة ضمن مرحلة واحدة. ويشمل شبكة متكاملة من 6 مسارات تمتد على طول 176 كيلومتراً، وتضم 85 محطة، من بينها 4 محطات رئيسية. ويتميز بكونه أطول شبكة قطار من دون سائق في العالم. ويحظى القطار بقدرة استيعابية تصل إلى 3.6 مليون راكب يومياً، مما يعزز الربط بين مختلف أجزاء العاصمة، ويسهم في تسهيل حركة التنقل للساكنين والزوار. وتستهدف الهيئة الملكية لمدينة الرياض من خلال هذا المشروع تحسين جودة الحياة، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030».

جانب من إحدى محطات «المسار البرتقالي» (واس)

الجدير ذكره أن تكلفة التنقل عبر «قطار الرياض» هي الأقل بين دول «مجموعة العشرين»، حيث يشكل تكاليف التنقل نحو 0.5 في المائة من دخل الفرد اليومي في السعودية، الذي يعادل 195 دولاراً (733 ريالاً).

وتبدأ ساعات تشغيل «قطار الرياض» من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، ويمكن للمستخدمين تحديد وجهاتهم وشراء التذاكر عبر تطبيق «درب»، أو من خلال مكاتب بيع التذاكر أو أجهزة الخدمة الذاتية في المحطات. كما يوفر القطار وسائل دفع رقمية متعددة عبر البطاقات المصرفية والائتمانية، وكذلك الهواتف الذكية.

تعد شبكة «قطار الرياض» جزءاً أساسياً من خطة المملكة لتطوير قطاع النقل العام في إطار «رؤية 2030». ومن خلال هذا المشروع، تسعى البلاد إلى تخفيف الازدحام المروري، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتوفير وسائل نقل آمنة.