طالب الرفاعي: الإسلام السياسي أصبح مكروها والليبرالية هي البديل

الفقيه العراقي أكد لـ {الشرق الأوسط} أن من يزجون بالشباب في معارك سوريا مشاركون في قتلهم

مع جمال عبد الناصر 1969ويظهر في الصورة الشيخ محمد يعقوب الذي اختطف  مع موسى الصدر وغابا في ليبيا
مع جمال عبد الناصر 1969ويظهر في الصورة الشيخ محمد يعقوب الذي اختطف مع موسى الصدر وغابا في ليبيا
TT

طالب الرفاعي: الإسلام السياسي أصبح مكروها والليبرالية هي البديل

مع جمال عبد الناصر 1969ويظهر في الصورة الشيخ محمد يعقوب الذي اختطف  مع موسى الصدر وغابا في ليبيا
مع جمال عبد الناصر 1969ويظهر في الصورة الشيخ محمد يعقوب الذي اختطف مع موسى الصدر وغابا في ليبيا

حين يقول السيد طالب الرفاعي إن «الإسلام السياسي أصبح مكروها في بلاده بسبب تصرفات الدعاة إليه، وإن الليبرالية هي البديل المحبوب المرغوب لدى الشعوب»، فإن هذا لن يكون حديثا اعتياديا، فالرفاعي عالم دين، يعتمر العمامة السوداء، وأيضا، أحد أبرز رموز الإسلام السياسي في العراق سابقا، ساهم في تأسيس حزب الدعوة الإسلامية عام 1959م، مع السيد محمد باقر الصدر، ومهدي الحكيم، وآخرين.
هو اليوم يقف متأملا يراجع الماضي، يقول بصراحة: «أنا بدأت حياتي حزبيا أعمل من أجل الإسلام السياسي، ولكن علمتني التجارب أن الإسلام السياسي ليس هذا وقته وليس هذا أوانه، وهو اليوم يوشك على النهاية والزوال».
ولد طالب الرفاعي عام 1931 في منطقة الرفاعي بمحافظة الناصرية بالعراق، ودرس في مدرستها الابتدائية.. وحينما بدأ يتوسع في قراءاته الأدبية والفكرية تعاطف مع الفكر الشيوعي لأنه ينصف الكادحين، ويطالب بالعدالة الاجتماعية، ويدعو إلى تكافؤ الفرص بين الناس، وكاد يكون شيوعيا لولا قراءاته لكتيب صغير يحمل عنوان «الشيوعية عدوة الأديان» للشيخ محمد مهدي الخالصي، الذي نفره من هذا الفكر العلماني، فانقلب وأصبح من أشد أعدائه، بل هو يقول: «إن تأسيس حزب الدعوة الإسلامية في العراق كان رد فعل مقاوم للتمدد اليساري الشيوعي».
صدر مؤخرا عن دار «مدارك» كتاب يحوي جمعا موثقا لذكريات الرفاعي بعنوان «أمالي السيد طالب الرفاعي»، حررها الدكتور رشيد الخيون. أثار الكتاب بتأريخه وذكرياته وأحداثه الكثير من الجدل والردود، يعلق الرفاعي قائلا: «إن هذا دليل على حيوية الكتاب، من حق من أراد أن يختلف مع ما ورد فيه، لكننا نقول الحقيقة كما هي، كما عايشناها، كما شاهدناها وكما خلقناها».
من جانب آخر يرفض الرفاعي أن يُزج بالشباب، على أساس مذهبي، في حروب وصراعات تحمل عليهم وزر انتمائهم للطائفة، فـ«من يغسل أدمغة الشباب ويبعثهم ليقاتلوا في حروب تدور خارج بلادهم كسوريا وغيرها، فهو مجرم فاجر، تحل عليه لعنة الله». كذلك قال: «نحن نلتقي مع الشيعة عربهم وعجمهم كافة، كما نلتقي مع المسلمين كافة، أما أن ينصهر شيعة العراق مع الشيعة الآخرين لأجل منفعة هؤلاء وضرر الوطن فهذا هو الإجرام بعينه».
في مؤسسة الإمام الخوئي بلندن التقت «الشرق الأوسط» بالسيد طالب الرفاعي، وناقشت معه تطورات الأحداث الراهنة، وصفحات من سيرته الشخصية، فكان هذا الحوار:

* بحكم تجربتك القديمة في العمل السياسي الديني من خلال حزب الدعوة في العراق، اليوم كيف ترى تجربة حكم الإخوان المسلمين سواء في مصر أو تونس أو غيرهما؟
- الإسلام السياسي في مصر جاء إلى السلطة في غير أوانه، وكل شيء إذا أتى في غير أوانه كانت النتيجة الحرمان، فالإخوان المسلمون لو تركوا الهرولة وراء الحكم والسلطة وبقوا حزبا يعمل لصالح الشعب ومصلحة الأمة، وتثقيف الناس دينيا واجتماعيا كما كانوا من قبل، لعمروا طويلا، ولكانت نتائج أعمالهم تثمر في المستقبل، ولكن هرولتهم وراء الحكم وسيلان لعابهم على السلطة هو الذي جعلهم يخسرون هذه الفرصة، ولم يحصلوا على ما كانوا يأملون.
والحقيقة أنه لما صعد الإخوان للسلطة في مصر أصبت بخيبة أمل، فهؤلاء لم يصلوا بقوتهم، وإنما مهد لهم من مهد، فهم موجة خارج روح مصر وطبيعتها.
* هل يعني هذا أن الجماعات الدينية يجب أن تكون بعيدة عن العملية السياسية، برأيك؟
- أنا بدأت حزبيا أعمل من أجل الإسلام السياسي، ولكن علمتني التجارب أن الإسلام السياسي ليس هذا وقته وليس أوانه.
* ومتى يكون أوانه؟
- حتى يتهيأ الذين يقدمون الإسلام للناس كما هو، لا كما يرونه هم، وهذه الفكرة ذاتها نأخذها من الأستاذ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، لما كانوا يلحون عليه بالتوجه نحو السلطة، وكان الظرف متهيئا لهم في تلك الفترة، حيث كان حكم الملك فاروق ضعيفا، فكان حسن البنا يقول يجب أن نهيئ الأمة إلى الإسلام حتى ندعوهم إلى تطبيقه؛ أما والأمة غير مهيأة للإسلام فكيف نطبقه عليهم، فهذه فكرة المؤسس لو التزموها لارتاحوا وأراحوا الناس.
* جماعات الإسلام السياسي دخلت إلى العملية السياسية عبر النظم السياسية الحديثة المبنية على الديمقراطية القائمة على صناديق الاقتراع والانتخاب، هل ترى أن موقفها الشرعي والفكري من هذه النظم واضح؟
- الإخوان المسلمون ركبوا موجة الديمقراطية، وهم في أنفسهم غير ديمقراطيين، كل الأحزاب الإسلامية ليست ديمقراطية، لا حزب التحرير، ولا حزب الدعوة الإسلامية في العراق، نحن حين كنا في حزب الدعوة كنا نصف الديمقراطية بـ«الكفر»، فجاء الذين يحكمون باسم الإسلام عن طريق اللعبة الديمقراطية وهم لا يؤمنون بها، وهذا تناقض.
* هل يمكن أن نسميها حالة نفاق سياسي؟
- دعنا نسميها «تكتيكا» وليس نفاقا، تكتيك من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة التي تتنافى مع فكرة الديمقراطية أصلا.
* عزل الرئيس مرسي، وفشل حكم الإخوان في مصر ما تداعياته على تجربة الإسلام السياسي بشكل عام في دول الربيع العربي الأخرى؟
- الإسلام السياسي بعد هذه التجربة التي بدأت بالإخوان في مصر وبنظرائهم في تونس وربما في ليبيا والعراق، أراها موشكة على النهاية، والبديل هو الليبرالية، فالليبرالية الآن هي البديل المحبوب المرغوب لدى الشعوب. أما الإسلام السياسي والدعوات الدينية فقد أصبحت مكروهة في بلادها بسبب أعمال الدعاة لها، أما الإسلام فإنه لو طبق حقيقة كما جاء في القرآن وجاء به رسول الله وكما عمل به السلف الصالح الذين طبقوا الإسلام على أنفسهم أولا ثم على المجتمعات الأخرى التي دخلت للإسلام ثانيا، لكن هذا مفقود، وفاقد الشيء لا يعطيه.
* لكن الإسلاميين يكفرون الليبرالية ويرفضون فصل الدين عن السياسة وبعضهم يجعلها صنوا للزندقة والإلحاد؟
- هذا من ضيق الأفق، والجهل، أنا لست ليبراليا، ولكن الإسلاميين بجهلهم مهدوا الطريق لليبرالية، وسوف تأتي الليبرالية رغم أنفهم، فالجو الآن أصبح مهيئا لها، والناس تؤيدها وتنحاز لها.
* كيف تنظر إلى المكون الحركي للإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي، هل هناك فرق؟
- لا أجد فرقا بينهما إلا في بعض المسائل الفرعية البسيطة، فكلهم ينحون منحى واحدا ويسعون إلى هدف واحد وهو الوصول إلى الحكم.
* يشتعل الاحتقان الطائفي في المنطقة بين السنة والشيعة، ما أسباب ذلك برأيك، من يتحمل المسؤولية؟
- الطائفية لعبة سياسية، استغلها الحكام، والأحزاب في بلادنا العربية، نحن كنا في العراق نعيش مع السنة إخوة، اللبنانيون مسيحيوهم ومسلموهم وشيعتهم وسنتهم كانوا يتعايشون على أساس المواطنة، المواطنة يجب أن تطغى على أي شيء آخر، المواطنة فوق جميع النسب، وأول من سن المواطنة هو الإمام علي بن أبي طالب في عهده حين بعث مالك الأشتر، إلى مصر واليا، وقال له: «الذين بعثتك واليا عليهم هم صنفان، إما أخ لك في الدين أو شبيه لك في الخلق، فلا تكونن عليهم سبعا ضاريا»، يدعوه للمواطنة، والمساواة بين جميع الشعب دون النظر إلى دينه أو مذهبه أو عرقه، فالإسلام ليس ضد المواطنة، فهذا إمام من أئمة المسلمين أول من أرسى قيم المواطنة.
* ولكن التراث الإسلامي يحوي مصطلحات ربما تختلف مع مفهوم المواطنة الحديث، كمصطلح «أهل الذمة» مثلا؟
- أنا أفرق بين الإسلام والفقه الإسلامي، هذه من الفقهاء وليست من الإسلام، والرسول عليه السلام يقول من آذى ذميا أنا خصمه يوم القيامة، وكان إذا وزع الصدقات يبدأ عليه السلام بجاره اليهودي قبل جاره المسلم.. فهذه المفاهيم التي نقرأها في الكتب الصفراء هي من عمل الفقهاء وليس من الإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله الذي أرسل رحمة للعالمين، وليس من الرحمة التفرقة بين الناس على أساس خارج إطار الأخوة الإنسانية، فالدين جاء لخدمة الإنسانية، وليست الإنسانية هي التي جاءت لخدمة الدين.
* أثار كتاب «أمالي السيد طالب الرفاعي» الذي حرره الدكتور رشيد الخيون الكثير من الجدل وردود الفعل، ما تعليقك على من شكك أو رفض تأريخك للإسلام السياسي في العراق؟
- الردود دلالة على حيوية الكتاب، فلو لم تصدر هذه الردود لأصبح الكتاب ميتا، وهذه من طبائع الأمور، كل فكرة وطرح له مؤيد ومخالف، معارض وموافق، وكل هذه دلالة على حيوية الكتاب، وأن ما في الكتاب حقائق صدمت من كانوا يختلفون معه ومن حقهم أن يختلفوا، ومن حقنا أن نقول الحقيقة كما هي، كما عايشناها، وكما شاهدناها وكما خلقناها.
* بعد مرور هذه السنوات منذ 1959، كيف ترى تجربة حزب الدعوة الإسلامي في العراق اليوم؟
- بعد أن خرج السيد محمد باقر الصدر، وخرج بعض القادة وتشرذموا وتوزعوا على بقاع الأرض، أصبح هذا الحزب بلا معنى، فما الجديد الذي خرج من بعدنا، المفترض أن هناك مكتبة ضخمة، ولكن بعد كتب السيد باقر الصدر لا يوجد شيء جديد، توقف السيد باقر وتوقف كل شيء.
* ما سبب هذا الإصرار من قبل الباحثين والعاملين في حزب الدعوة على قصة التأسيس، وأنه كان في 1957 وليس 1959 كما تؤكد أنت؟
- الذين يروجون لهذه المعلومات لم يشهدوا ولادة الحزب فأخذوا يجتهدون، ووجدوا رواية ينسبونها إلى صالح الأديب، وهو من الرعيل الأول للحزب، موثوق ولكنه كثير النسيان، فإذا صح ما ينسب إليه أن الحزب تأسس عام 1957، فأنا أعزوه إلى النسيان وليس إلى الخطيئة، فهو لم يتعمد تغيير التاريخ.
كانت هناك صداقة تجمع صالح الأديب بمهدي الحكيم ويجتمعان وينسقان، وكانت هناك دعوة إسلامية تدفعها العاطفة، وليس من باب التكوين الحزبي والتنظيم، وكانت تربطهم اجتماعات عفوية، قبل التأسيس الفعلي للحزب، هذه اعتبرها صالح الأديب بداية تأسيس الحزب.
* هل الإصرار على أن الحزب تأسس عام 1957 حتى تنتفي عنه تهمة أن تأسيسه كان مجرد ردة فعل ضد الموجة اليسارية الشيوعية آنذاك؟
- نعم تأسيسه كان ردة فعل، وهكذا كان، نحن تجمعنا وتحفزنا واتفقنا على أساس أن نكون حزبا في قبالة الحزب الشيوعي، كنت مقاوما له، لأننا رأينا أن الأحزاب الأخرى بدأت تأخذ شبابنا، وأغلبهم تسرب لأحزاب الشيوعيين والبعثيين والإخوان والتحرير، فشعرنا بمسؤولية علينا، لماذا يرحل أبناؤنا، لأننا لم نوجد لهم وعاء يجمعهم، ففكرنا أن نوجد هذا الكيان حتى نلم من تبقى من أبنائنا.
* إلى أي درجة ساعدتكم جماعة الإخوان المسلمين ودفعتكم في العراق إلى إنشاء الحزب؟
- لم يساعدنا الإخوان ولم يشجعونا، نحن دعوناهم بعد أن قام الحزب واجتمعنا، وباركوا لنا وحضر بعض قيادات الإخوان ومن حزب التحرير، وأطلعناهم على فكرتنا ومشروعنا، فقالوا نحن نبارك هذه الفكرة ونلتقي على الخطوط العامة فيما بيننا، وأنتم تسيرون ونحن نسير من أجل مصلحة الإسلام.
* في واقعة نادرة ذكرتها في كتاب «الأمالي»، أن الحزب الإسلامي (حزب الإخوان) دعاك لكي تكون رئيسا عليه، هناك من يشكك بهذه المعلومة لغرابة أن يكون سيد شيعي رئيسا لحزب سني، ما تعليقك؟
- لم أذكر في كتاب «الأمالي» حول هذه الواقعة إلا الحقيقة، أنا فوجئت شخصيا، لما جاءني الناشط الإخواني آنذاك معن العجلي وأخبرني بأن قادة الحزب الإسلامي قرروا واتفقوا أن يكون السيد طالب الرفاعي هو رئيس الحزب، رئيس الحزب الفعلي وليس الشرفي، وقالوا لي إن المجلس في بغداد لن يخرج حتى يبايعك، وهذا ما أقر واعترف به الشيخ معن العجلي للدكتور رشيد الخيون وأورده في مقال له، وما جاء من تصحيحات في الطبعة الثالثة الجديدة من الكتاب.
* لكن ما لذي دفع الحزب الإسلامي لخطوة ضخمة كهذه تتجاوز كل الحواجز الطائفية بين الطريفين؟
- أنا كنت قد ذهبت للإخوان في مؤتمرهم عام 1960 وألقيت فيه كلمة عامة عن الإسلام ومحاسنه، فأعجبتهم ووجدوا فيها شيئا من الانفتاح عليهم، وكان من قدمني لإلقاء الكلمة في مؤتمر الإخوان هو الدكتور طه جابر العلواني، وأكد لي ذلك حين التقيته في القاهرة بعد ذلك.. بلا شك هناك هدف أكبر، فهم حين يأتون بشخص شيعي فسيكسبون عددا كبيرا من الشيعة في صفهم ضد حكم عبد الكريم قاسم، خصوصا أن الشيعة يشكلون نسبة كبيرة بين السكان، فحين يأتي طالب الرفاعي بتاريخه الإسلامي وعدائه للأحزاب الأخرى وتعاطفه مع الحزب الإسلامي فهو يحقق لهم مكسبا كبيرا، ويوحد الصف ضد السلطة الحاكمة أيام عبد الكريم قاسم.
* من خلال هذه التجربة هل تعتقد أن الإسلام السياسي من الممكن أن يتجاوز الطائفية؟
- أستبعد ذلك.. تجاوز الطائفية بالمعنى الحقيقي من الصعوبة التكهن به، لأننا نحتاج إلى أجيال حتى يذوب جليد الطائفية القائم.
مثال ذلك تجربة تقي الدين النبهاني الذي كان في مشروعه (حزب التحرير) يحوي عددا من الشيعة، وبعضهم قيادات قطرية، ومع ذلك لم يستطع تجاوز الطائفية واتخذ موقفا يؤكد فيه أن الشيعة يقوم أمرهم على فكر واه موضوع لا أصل له، فتفرق وأفشل بذلك مشروعه، وهذا ما كسب منه بعد ذلك حزب الدعوة حيث تلقف الشيعة المنشقين في حزب التحرير وأصبحوا في عداده.
* قلت إن «المرجعيات الدينية إن لم تعدل وتراجع نفسها فإنها سوف تتآكل»، كيف تعدل من نفسها؟
- الإسلام رسالة حضارية تتماشى مع الزمن، والزمن كل دقيقة هو في شأن، فالذي لا يساير تغيرات الزمن ويراعي ظروفه، فإن الواقع يسحقه، فأنا أدعو أن تكون المرجعيات إسلامية بكل ما يعنيه الإسلام من معنى، ولا تركن إلى زمن واحد وحكم واحد، وكأن الله لم يخلق إلا ذلك الزمن وأهله. وأعتقد أن هناك مرجعيات بدأت تعي هذه النقطة، ولكن تكاتف الجهود وتضافرها ما زالا قاصرين محدودين.
* لماذا تراجعت المرجعية العربية الشيعية في النجف مقابل سطوة وحضور المراجع الإيرانية، وهذا بدوره أصبح يساهم في زيادة الشقاق والقلق الطائفي بين السنة والشيعة؟
- الحقيقة أن مال المرجعية في النجف يأتي من إيران، والمال هو الشريان المتدفق لإحياء المؤسسة، إضافة إلى أن الأكثرية من طلاب الحوزة الدينية في النجف من غير العرب، الأمر الآخر أن العالم الفارسي حين يعود إلى بلاده يجد اكتفاء ماليا، وتتوفر له سبل العيش الكريم الرغيد، وذلك نتيجة لالتزام الشيعي بدفع الحقوق الشرعية عليه (الخمس) بخلاف الشيعة العرب، فلا يؤديها إلا قلة منهم، ومن دون انتظام.
* تستنجد إيران بالتشيع، وتستخدمه في حروبها وصراعاتها، وهذا بدوره قد يشكك ويبعث القلق في ولاء الشيعة لأوطانهم، كيف تقرأ تداعيات ذلك على شيعة العراق؟
- الشيعة العراقيون أولا وأخيرا هم عرب وقبائل وعشائر أصيلة، وكل تشيع له طابعه الخاص، حيث إن هناك تشيعا خارج الإطار العروبي، في الشعار العام نحن نلتقي مع كافة الشيعة كما نلتقي مع كافة المسلمين، أما أن ينصهر شيعة العراق مع الشيعة الآخرين لأجل منفعة هؤلاء وضرر الوطن فهذا هو الإجرام بعينه. نحن عراقيون أولا وقبل كل شيء نعمل ونلتقي من أجل مصلحة العراق ومصلحة وطننا، كما أن شيعة إيران تعمل لصالح وطنها، فبناء الأوطان وشؤونها أمر خاص بأهل البلاد. أنا مواطن عراقي قبل أن أكون سنيا أو شيعيا، فالمواطنة هي الأساس، والمعتقد يأتي بعد ذلك، في الدول المتقدمة هويات ومذاهب متعددة، لكن يجمعهم الولاء والعمل لأجل الوطن، الآن على رأس أميركا رجل أسود، فهل هو يعمل فقط من أجل مصلحة أفريقيا أم لمصلحة الشعب الذي انتخبه!
* أصدرت بيانا تعلق فيه على الزج بالشيعة في المعركة الدائرة في سوريا، كيف ترى تداعيات ذلك على مستقبل العلاقة بين الطائفتين السنة والشيعة؟
- ما يحدث في سوريا ليس له علاقة بالسنة ولا بالشيعة، هي معركة سياسية لا علاقة لها بالمذهب ولا بالدين، والآن دخل الإرهاب في أتون هذه المعركة، والإرهاب لا دين له ولا مذهب، هو عدو الإنسانية، وعدو الأديان كلها، وأدعو مشايخ المذاهب كافة أن يقفوا ضد دفع الشباب إلى هذه المعركة، فمن يغسل أدمغة الشباب ويبعثهم ليقاتلوا في حروب تدور خارج بلادهم كسوريا وغيرها، فهو مجرم فاجر، تحل عليه لعنة الله.
لقد سألني بعض الشباب وقالوا نريد أن نذهب لنقاتل في سوريا دفاعا عن المراقد، فقلت لهم من يذهب إلى هناك ويقتل فإنه يذهب إلى النار، هذا إلقاء بالنفس في التهلكة، المراقد هي عبارة عن حجر يهدم ويبنى مرة أخرى، أما دم المسلم فأعظم عند الله من الكعبة نفسها.

طالب الرفاعي.. ثلاثون عاما وجنازة شاه إيران تطارده!

* في لحظة أصبح ندا لقائد الثورة الإسلامية الإيرانية الإمام آية الله الخميني، كونه صلى على جنازة شاه إيران، حتى أشارت إليه صُحف إيرانية بـ(كافر است)، فمن حظه أن يموت الشاه ولا يجدوا من يصلي عليه سوى إمام الشيعة بمصر حينها السيد طالب الرفاعي «فلو مات والتاج على رأسه لتنافس كبار المراجع، من (الآيات العظمى)، لإمامة الصلاة على جنازته، وما تمكن الرفاعي من حضور الجنازة، ولو كان مأموما لا إماما».
تحوي هذه الذكريات الصادرة في كتاب «أمالي السيد طالب الرفاعي» التي أعدها وحررها الكاتب والباحث العراقي الدكتور رشيد الخيون، الكثير من الأحداث المثيرة في سيرة رجل الدين الذي تنقل بين تجارب متعددة.
فكيف تتحول مقبرة أسرة بالنجف إلى مكان دراسة وسُكنى، ينام ساكنها فيها ملء جفونه، ثم دخوله الحوزة الدينية، وما نجده من معلومات ثرية عن مناهج هذه الدراسة وأساليبها، ومن تعرف إليهم، فصاروا أصدقاء ورفاقا في العمل السياسي، فالانتقال إلى مصر إماما للشيعة هناك في الفترة (1969 – 1985)، وشهدت تلك المرحلة حوادث جساما بالنسبة إليه، توجت بالتعرف شخصيا إلى جمال عبد الناصر، ثم محمد أنور السادات، فاللقاء بشاه إيران، لكن وهو جنازة بلا تاج وبلا روح، ومنها تبدأ معاناة أُخرى دامت ما يُقارب الثلاثين عاما.
تأتي «أمالي الرفاعي» على مستوى كبير من الأهمية، فهو الشاهد الحي بعد أن لفظ الكثيرون أنفاسهم، نجد فيها رواية أُخرى وصوتاً آخر، يكشف بجرأة الصراعات بين الكبار على المرجعية، على أشياء كبيرة وصغيرة. كان الرفاعي مشاكسا حركا، اعترف أنه تصرف بلؤم وتآمر في العديد من المواقف. لكن رفاعي العشرينات، من عمره، غير رفاعي السبعينات والثمانينات، دمعت عينه فرحا بسقوط عبد الكريم، وها هي دمعت الآن على سقوطه، يرى بمشهد قتله وإهانته من قبل ذلك الجندي النكرة فاجعة، وهو يُحرك رأسه بحذائه أمام شاشة التلفاز.
تتضمن «أمالي السيد طالب الرفاعي» ستة عشر فصلا، تتفرع إلى عدة عناوين: فبعد المقدمة يتحدث عن نشأته الأُولى، وكيف أنه كاد يكون ماركسيا، وهو في المدرسة الابتدائية، لولا كتاب قرأه فنجاه منها، حسب عبارته، وكيف هاجر إلى النجف، بعد أن لم يستقر له حال بالكاظمية وكربلاء، واعتمر العمامة، فصارت بالنسبة له أعز من التاج، كان مغرورا بها أيما غرور فمعتمرها بالعادة يسمى عالما، مهما كانت درجة علمه.
في الفصل الرابع يتحدث عن صلاته وصداقاته بالإخوان المسلمين وحزب التحرير، متحدثا عن عدد من الشيعة انتسبوا إليهما قبل تأسيس حزب الدعوة الإسلامية، وكيف رُشح لرئاسة الإخوان المسلمين، على سبيل التعاضد في العمل الإسلامي بين الشيعة والسُنة، ثم يظهر كتاب للشيخ النبهاني في الخلافة فيظهر الفصل الطائفي، وهنا يكون من المؤكد أن الإسلام السياسي طائفي بامتياز، وسعى لدى المرجعية بالنجف لإنقاذ سيد قطب من حبل المشنقة، في التدخل لدى جمال عبد الناصر.
عاصر وبتفاعل ما حصل بعد 14 يوليو (تموز) عام 1958، وكان من أشد أعداء الحزب الشيوعي وعبد الكريم قاسم، وساهم في تأجيج الرأي العام الديني، وفي تشكيل جماعة العلماء، قبل تأسيس حزب الدعوة بعام واحد، في الفصل السادس تحدث عن تأسيس حزب الدعوة، بمعلومة لن يرضى عنها الحزب القائم حاليا، فهو يعتبر تأسيس الحزب ردة فعل على الند اليساري الماركسي، ويعين يوم التأسيس بالرابع عشر أو الخامس عشر عام 1959، بينما حزب الدعوة يضع لتأسيسه تاريخا بعيدا عن التأثير والمؤثرات، بمناسبة المولد النبوي عام 1957، وهو ما يرفضه جملة وتفصيلا.



العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.


مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».