إسرائيل «تهاجم» حواسيب وتخرب على نشاطات حركة المقاطعة الدولية

مسؤول عسكري كبير: أخطر دول الشرق الأوسط في عصرنا هي دولة «السايبر»

إسرائيل «تهاجم» حواسيب وتخرب على نشاطات حركة المقاطعة الدولية
TT

إسرائيل «تهاجم» حواسيب وتخرب على نشاطات حركة المقاطعة الدولية

إسرائيل «تهاجم» حواسيب وتخرب على نشاطات حركة المقاطعة الدولية

كشف القادة الإسرائيليون، خلال انعقاد مؤتمر «سيبرتك 2016» في تل أبيب، بعض جوانب «حرب السايبر» أو القرصنة الإلكترونية التي يخوضها الجيش والمخابرات. واعترفوا بأن إسرائيل تتعرض باستمرار لهجوم السايبر وتبادر في الوقت نفسه لحروب كهذه. وبناء على ذلك، قال رئيس معهد دراسات الأمن القومي، الجنرال (احتياط) عاموس يدلين، إن «أخطر دولة في الشرق الأوسط هي دولة السايبر، ودرة التاج فيها فيسبوك». وأعلن جلعاد اردان، وزير للأمن الداخلي، أنه ينوي تطوير قدرات السايبر في الشرطة، مضيفا أن «المخربين في العمليات الأخيرة اعترفوا بأنه تم تحريضهم بواسطة الرسائل التي تسلموها عبر الشبكات الاجتماعية. نحن ننوي الاستثمار أكثر في إحباط هذا الموضوع».
وكشف اردان أن «إسرائيل تخوض حربا شرسة في السايبر ضد أعداء إسرائيل، وهي تسعى لإعداد خطة جديدة لمحاربة حركة BDS، التي تقود جهود المقاطعة الدولية ضدنا». وأضاف أن هذه الحرب ستدور في الملعب البيتي لهذه الحركة، السايبر. ويتوقع أن تشمل الخطة، أدوات للرصد والتعقب وإحباط نشاط BDS على الشبكة، وكذلك مهاجمتها بأدوات متطورة بشكل خاص. وكان اردان يتكلم خلال مؤتمر «سيبرتك 2016» الدولي، فقال إنه «يجب التسبب لحركة BDS باستثمار الجهد والوقت من أجل الدفاع عن نفسها وليس مهاجمتنا فقط». وكشف أنه تم تخصيص أكثر من 100 مليون شيقل (26 مليون دولار) لغرض إقامة ذراعين: واحدة تختص بإحباط الهجمات ضد إسرائيل ودراستها وتعقبها على الشبكة وكشف الجهات التي تقف خلفها، والثانية هي ذراع للتحويل الإيجابي.
وكشف مصدر في وزارة الخارجية شارك في المؤتمر، أن الوزارة تقوم منذ عدة سنوات بتفعيل وسائل هجومية كثيرة ضد نشطاء BDS «لا يمكن تفصيلها»! وقال المبادر إلى المؤتمر، آدم ميلشتاين، إننا «نرى بأن حركة BDS وضعت نصب أعينها هدف تدمير إسرائيل».
وكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قد كشف خلال خطابه في المؤتمر المذكور أنه ومن أجل الاستعداد لمواجهة هجمات السايبر انشأ الجيش الإسرائيلي قوة سايبر تشبه في قوتها سلاح الجو، سلاح البحرية وسلاح اليابسة. وأضاف نتنياهو: «لقد أقمنا شبكة قومية للدفاع بواسطة السايبر وعينا رئيسا لها، أعتقد أنه سيسهم في دفع الموضوع إلى الأمام بسرعة كبيرة. وهذا يعني أننا ننسق كل جهد الدفاع عن السايبر المدني مع عنوان واحد. وإذا لم نفعل ذلك، فلن نتمكن من توفير الأمن الكبير في مجال السايبر للشركات، للبنى التحتية الحيوية وللمدنيين». وقال نتنياهو: «لقد أعلنت في السابق أننا ننوي أن نصبح إحدى قوى السايبر الخمس الرائدة في العالم، وأعتقد أننا حققنا ذلك. إسرائيل لن تكون مجرد قوة سايبر بقواها الذاتية وإنما ستنتج هذه القدرات لكي يستخدمها العالم».
وفي هذا السياق حصلت شركات السايبر على ضوء أخضر من نتنياهو باختراق العالم مع التكنولوجيات التي طوروها. وأوعز نتنياهو لمقر السايبر القومي ببلورة حد أدنى من التوجيهات، حتى من خلال المخاطرة بهدف دعم استمرارية نمو وازدهار هذه الصناعة. وحسب أقوال نتنياهو فقد «كان المبدأ حتى الآن هو أن كل شيء ممنوع وأن ما نقوله نحن فقط هو المسموح به، والآن نحن نريد الانتقال إلى نمط السماح بكل شيء إلا ما نقول بأنه ممنوع».
إلى ذلك كشف وزير البنى التحتية القومية، الطاقة والمياه، يوفال شطاينتس، خلال المؤتمر، أن «إسرائيل تعرضت خلال اليوم الأخير إلى عملية إرهابية استهدفت شبكة الكهرباء، وتم على الفور علاجها من قبل نائب المدير العام لطاقم الطوارئ والمعلومات والسايبر في وزارة الطاقة، تمير شنايدرمان، بمساعدة مقر السيبر القومي. ولكي نتمكن من الاحتماء اضطررنا إلى إغلاق جزء من منظومة الحواسيب في شبكة الكهرباء، وهذه عينة طازجة وممتازة تثبت الحاجة إلى الدفاع بواسطة السايبر». وقال شطاينتس إنه «تم العثور على الفيروس، وتفعيل برنامج إحباطه في حواسيب شركة الكهرباء». وذكر مصدر عسكري أن إيران وقفت وراء هجوم سايبر، مؤخرا، نفذت ضد الكثير من دول العالم والمنطقة وبينها إسرائيل. ولكنه تم صدها.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.