أمين عام «جويك»: دول مجلس التعاون بحاجة لحلول إصلاحية اقتصادية طويلة الأمد

أكد لـ(«الشرق الأوسط») أن انخفاض أسعار النفط فرصة لإعادة هيكلة اقتصاداتها

أمين عام «جويك»: دول مجلس التعاون بحاجة لحلول إصلاحية اقتصادية طويلة الأمد
TT

أمين عام «جويك»: دول مجلس التعاون بحاجة لحلول إصلاحية اقتصادية طويلة الأمد

أمين عام «جويك»: دول مجلس التعاون بحاجة لحلول إصلاحية اقتصادية طويلة الأمد

قال عبد العزيز بن حمد العقيل الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك)، إنه مع الانخفاض الحاد في أسعار النفط الحاصل نتيجة للفائض النفطي المتوافر في السوق العالمية، وتباطؤ نمو بعض الاقتصادات العالمية مثل الصين، فإن دول الخليج أصبحت تعيش أزمة اقتصادية، وذلك من خلال ظهور العجز في موازناتها بانخفاض دخلها من النفط بنحو 50 في المائة في عام 2015، كذلك البطء في تنفيذ عدد من المشروعات، بالإضافة إلى الاستغناء عن العمالة في القطاعين العام والخاص، وعليه أقدمت دول مجلس التعاون على اتخاذ بعض الإجراءات للتخفيف من حدة التراجع في العائدات.
وعن هذه الإجراءات قال العقيل: «الاتجاه لتحرير أسعار الوقود وكذلك زيادة أسعار الكهرباء والماء، فعلى سبيل المثال، تشير أحدث الإحصاءات إلى ارتفاع أسعار المشتقات النفطية بنسب متفاوتة في دول المجلس، ففي السعودية ارتفعت بنسبة 60 إلى 72 في المائة، وفي قطر بنسبة 30 إلى 35 في المائة، وفي البحرين بنسبة 45 إلى 50 في المائة، وفي الإمارات بنسبة 24 في المائة، وفي الكويت بنسبة 62 في المائة».
وتابع الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك)، قائلاً: «هذه الحلول تبقى حلولاً جزئية، ولها آثار سلبية على القطاع الصناعي الخليجي، وبالتالي على النمو الاقتصادي ككل على المدى القصير وربما المتوسط، ولا بد من أخذ هذه الإجراءات ضمن سياق تصحيحي شامل».
وأكد العقيل أن هناك تبعات سلبية يمكن أن يتركها ذلك الارتفاع في أسعار المشتقات النفطية على الكثير من القطاعات في دول المجلس على المديين القصير والمتوسط، ومن ضمنها القطاع الصناعي، وذلك لأن الوقود يعد مدخلاً أساسيًا في عملية الإنتاج للقطاع الصناعي، بحسب قوله.
وبيّن أن «ارتفاع أسعار الطاقة كالبنزين والكهرباء سيؤثر بدرجات مختلفة على بعض الصناعات في دول المجلس كالصناعات الغذائية والمشروبات، وصناعات مواد البناء وغيرها من الصناعات، وسيؤدي ذلك إلى الارتفاع في أسعار سلعها، لاعتمادها على وسائل النقل في نقل المواد الخام الداخلة في عمليات الإنتاج، وكذلك توزيع هذه السلع في الأسواق، مما سيزيد من كلفة المواد الداخلة في عملية التصنيع، وبالتالي زيادة سعر السلعة المنتجة».
وحول أهم الآثار التي يجب التنبه إليها، قال: «تأثير تلك الارتفاعات في أسعار المشتقات النفطية على التنافسية للصناعات المحلية في دول المجلس، حيث يعتبر النفط بجميع مشتقاته مدخلاً أساسيًا من مدخلات الإنتاج، وتتفاوت نسبة استخدامه من صناعة إلى أخرى ومن قطاع إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، وفي المجمل فإن زيادة أسعاره ستنعكس مباشرة على تكاليف الإنتاج وبالتالي على أسعار السلع المصنعة».
واستطرد: «هذه الزيادة في التكاليف والأسعار تعتمد على حجم زيادة أسعار المشتقات النفطية ومساهمتها في تكاليف المنتج (الذي يشكل في كثير من الأحيان 15 إلى 25 في المائة وربما أكثر من تكاليف الإنتاج)، وعليه فإن زيادة أسعار الوقود سينعكس سلبا على تنافسية الصناعة الوطنية (محليًا وخارجيًا)، مما يشكل تهديدًا لتنافسية المنتجات الصناعية الوطنية».
ويوضح العقيل أن هذا من الممكن أن يؤدي إلى «تعثر بعض المنشآت الصناعية الصغيرة المتوسطة وربما الكبيرة التي ليس لها قدرة على خوض غمار المنافسة العالمية دون دعم حكومي (وهنا لا بد من التنويه بشروط الدعم المسموح وغير المسموح به في منظمة التجارة الدولية، علما بأن جميع دول المجلس انضمت إلى هذه المنظمة».
وعن انعكاسات زيادة أسعار الكهرباء والمياه، قال إن «رفع أسعار المياه والكهرباء له التأثير نفسه على القطاع الصناعي، كون هذين العنصرين جزءًا من مدخلات الإنتاج في جميع الصناعات، مثل الوقود، بغض النظر عن نوعية النشاط الذي تقوم به هذه الصناعات، فهذه الارتفاعات ستؤثر في المديين القصير والمتوسط على تكاليف الإنتاج وبالتالي على أسعار السلع المصنعة، الأمر الذي سيؤدي إلى التأثير في وضعها التنافسي عالميًا وداخليًا».
وأضاف: «برأيي ورأي كثير من المحللين أن هذه الانخفاضات المتوالية في أسعار النفط تعتبر فرصة سانحة أمام دول المجلس لإعادة هيكلة اقتصاداتها على المدى الطويل، بحيث يتوقف الهدر في الاستخدام المفرط لمصادر الطاقة والاستمرار في الاعتماد على موارد النفط لتغطية النفقات الاستهلاكية دون التركيز على الاستثمار نحو تحقيق تنمية مستدامة في تطوير القطاعات الإنتاجية».
ورأى العقيل أن «دول مجلس التعاون الخليجي تحتاج لحلول إصلاحية جذرية وطويلة الأمد، في إطار رؤية كلية مستقبلية للخروج من الأزمة، أهمها التحول من كونها دول معتمدة بشكل كبير على مصدر دخل واحد (النفط) إلى دول إنتاجية مصنعة ومتنوعة مصادر الدخل، واستغلال الفوائض في تنويع قاعدة الإنتاج في الاقتصادات المحلية».
يضاف إلى ذلك «زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بدعم الصناعة والقطاع الخاص، بدلاً من الاعتماد على القطاعات الربحية السريعة مثل البورصة والعقارات والسياحة، مع توجيه الأموال للاستثمار في الداخل وليس الخارج»، ويتابع: «على الرغم من ذلك كله لا بد من الأخذ بعين الاعتبار، التأثيرات السلبية قصيرة الأجل آنفة الذكر على مستوى نتائج أداء الشركات في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على فئات المجتمع ذوي الدخل المحدود تبعًا لتوقعات الارتفاع في أسعار السلع والخدمات».
يشار إلى أن «منظمة الخليج للاستشارات الصناعية» (جويك) تأسست عام 1976 من قبل الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي: الإمارات، البحرين، السعودية، عُمان، قطر، الكويت، وانضمت إليها اليمن عام 2009، وتنص المادة الأولى من اتفاقية إنشاء «جويك» على أن تكون منظمة إقليمية، تعرف بـ«منظمة الخليج للاستشارات الصناعية»، ويشار إليها فيما بعد بـ«المنظمة» وتتمتع بالشخصية القانونية الدولية.



تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
TT

تدهور معنويات المستهلكين في اليابان يُثير شكوكاً حول توقيت رفع الفائدة

متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)
متسوّقون في منطقة تجارية مزدحمة بوسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

أظهر مسح حكومي، يوم الأربعاء، تدهور معنويات المستهلكين في اليابان خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ مما يثير الشكوك حول وجهة نظر البنك المركزي بأن الإنفاق الأسري القوي سيدعم الاقتصاد ويبرر رفع أسعار الفائدة.

وتسبق النتائج اجتماع السياسة النقدية لبنك «اليابان» يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني)؛ حيث يتوقع بعض المحللين زيادة محتملة في أسعار الفائدة من 0.25 في المائة الحالية.

وانخفض مؤشر يقيس معنويات المستهلكين إلى 36.2 نقطة في ديسمبر، بانخفاض 0.2 نقطة عن الشهر السابق، وفقاً للمسح الذي أجراه مكتب مجلس الوزراء.

وأظهرت بيانات منفصلة أن فجوة الناتج في اليابان التي تقيس الفرق بين الناتج الفعلي والمحتمل للاقتصاد، ظلّت سلبية في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) للربع الثامن عشر على التوالي. وتعني فجوة الناتج السالبة أن الناتج الفعلي يعمل بأقل من الطاقة الكاملة للاقتصاد، ويُعدّ ذلك علامة على ضعف الطلب.

وتؤكد هذه النتائج ضعف الاقتصاد الياباني مع ارتفاع تكاليف المعيشة وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التي تؤثر في الاستهلاك والصادرات.

ومع ذلك، أشارت بعض الشركات الكبرى إلى عزمها الاستمرار في تقديم زيادات كبيرة في الأجور. وقالت شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية للملابس «يونيكلو»، إنها سترفع أجور العاملين بدوام كامل في المقر الرئيسي وموظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 11 في المائة، بدءاً من مارس (آذار) المقبل.

وقال رئيس متجر «لوسون» للتجزئة، سادانوبو تاكيماسو، للصحافيين، يوم الثلاثاء: «نود رفع الأجور بشكل مستقر ومستدام».

وأنهى بنك «اليابان» برنامج تحفيز ضخم في مارس، ورفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو، على أساس الرأي القائل إن اليابان على وشك تحقيق هدف التضخم بنسبة 2 في المائة بشكل مستدام.

وأشار محافظ بنك «اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة إذا استمرت اليابان في إحراز تقدم نحو الوصول إلى معدل تضخم بنسبة 2 في المائة بشكل دائم. وقال أيضاً إن البنك المركزي سوف يفحص البيانات حول ما إذا كان زخم الأجور سوف يتعزّز هذا العام، عند اتخاذ قرار بشأن موعد رفع أسعار الفائدة. ويصف بنك «اليابان» الاستهلاك حالياً بأنه «يتزايد بشكل معتدل بوصفه اتجاهاً»، ويتوقع أن يظل الاقتصاد الياباني على المسار الصحيح لتحقيق تعافٍ متواضع.

وعلى الرغم من المؤشرات السلبية، قال محافظ بنك «اليابان» السابق، هاروهيكو كورودا، المعروف بإطلاق برنامج التحفيز الضخم الذي استمرّ عشر سنوات، إن من المرجح أن يواصل البنك المركزي رفع أسعار الفائدة في السنوات المقبلة مع وصول التضخم إلى المسار الصحيح للوصول إلى هدفه البالغ 2 في المائة بشكل مستدام.

وقال كورودا، في ورقة بحثية قُدمت إلى المجلة السنوية لمجلس النواب التي صدرت في 24 ديسمبر الماضي، إنه على الرغم من رفع أسعار الفائدة المتوقع، فإن اقتصاد اليابان سيحقّق نمواً يتجاوز 1 في المائة هذا العام وما بعده مع دعم الأجور الحقيقية المتزايدة للاستهلاك.

وأضاف كورودا: «يبدو أنه لا يوجد تغيير في الموقف الأساسي لبنك اليابان المتمثل في رفع أسعار الفائدة تدريجياً مع التركيز على التطورات الاقتصادية والأسعار... هذا لأن دورة الأجور والتضخم الإيجابية مستمرة، وهو ما من المرجح أن يُبقي التضخم مستداماً ومستقراً عند هدفه البالغ 2 في المائة».

وتابع كورودا أنه من غير المؤكد إلى أي مدى سيرفع بنك «اليابان» أسعار الفائدة في نهاية المطاف بسبب صعوبة تقدير المستوى الذي لا يبرّد ولا يسخّن الاقتصاد الياباني. وأشار إلى أن تكاليف الاقتراض المرتفعة لن تُلحق الضرر بالشركات على الأرجح؛ لأنها تحتفظ بوفرة من النقد، في حين ستجني الأسر «مكاسب كبيرة» من ارتفاع الفائدة المدفوعة لمدخراتها الضخمة. وقال إن أكبر ضغط قد يقع على عاتق الحكومة بسبب التكلفة المتزايدة لتمويل الدين العام الضخم في اليابان، مضيفاً أن رصيد السندات الحكومية -عند 1100 تريليون ين (6.96 تريليون دولار)- أصبح الآن ثلاثة أمثال حجمه في عام 2000.

واستطرد كورودا قائلاً إنه إذا ارتفعت عائدات السندات إلى متوسط المستوى البالغ 2.7 في المائة الذي بلغته آنذاك، فإن مدفوعات الفائدة السنوية ستصل إلى 30 تريليون ين، داعياً إلى ضرورة ترتيب البيت المالي الياباني.

وفي ميزانية السنة المالية المقبلة، تخطّط الحكومة لإنفاق 10 تريليونات ين في مدفوعات الفائدة. في عهد كورودا، أطلق بنك «اليابان» خطة ضخمة لشراء الأصول في عام 2013 التي جمعت لاحقاً بين أسعار الفائدة السلبية والسيطرة على عائد السندات، في محاولة لرفع التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وبينما أشاد المؤيدون بالخطوات اللازمة لإخراج اليابان من الركود الاقتصادي، يشير المنتقدون إلى آثار جانبية مختلفة، مثل الضربة التي لحقت بأرباح البنوك التجارية من انخفاض أسعار الفائدة لفترة طويلة والتشوّهات السوقية الناجمة عن عمليات شراء الأصول الضخمة.

ودافع كورودا عن السياسات، قائلاً إن الضرر الذي لحق بأرباح البنوك الإقليمية كان محدوداً. وأضاف أن تدهور وظيفة سوق السندات كان تكلفة ضرورية لإنعاش النمو بشكل كافٍ.