علماء: الاتفاق النووي مع إيران لم يغير عقارب «ساعة القيامة»

أكدوا أن تطوير الترسانات الحالية يزيد من مخاطر اندلاع حرب نووية مدمرة

علماء: الاتفاق النووي مع إيران لم يغير عقارب «ساعة القيامة»
TT

علماء: الاتفاق النووي مع إيران لم يغير عقارب «ساعة القيامة»

علماء: الاتفاق النووي مع إيران لم يغير عقارب «ساعة القيامة»

قرر العلماء المسؤولون عن «ساعة القيامة»، وهي أداة رمزية للعد العكسي، توقعا لحدوث كارثة عالمية، عدم تحريك عقاربها والإبقاء على الوضع الذي كانت عليه العام الماضي، رغم الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران، وكذا الاتفاق الذي توصلت إليه الدول في باريس بشأن تغير المناخ.
وابتكر «ساعة القيامة» علماء دورية «بوليتن أوف أتوميك ساينتيستس»، التي يوجد مقرها في شيكاجو، وهي تعتبر مؤشرا معترفا به على نطاق واسع لمدى اقتراب العالم من حدوث كارثة.
وقالت الدورية في بيان إن التطورات الإيجابية التي حدثت عام 2015، والمتمثلة في الاتفاق الدولي للحد من برنامج إيران النووي، بالإضافة إلى الاتفاق الذي توصلت إليه نحو مائتي دولة في باريس للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسببة لتغير المناخ، يعتبران «إنجازين دبلوماسيين كبيران، لكنهما يعدان أيضا نقطتين براقتين صغيرتين في وضع عالمي مظلم، مليء بمخاطر تنطوي على كارثة».
وأضافت الدورية أن وضع عقارب «ساعة القيامة» «هي اليوم أقرب إلى الكارثة منذ الأيام الأولى لاختبار تجربة هيدروجينية فوق سطح الأرض» في خمسينات القرن الماضي، مؤكدة أن مصادر القلق تشمل تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا، واستمرار الحرب الأهلية في سوريا، بالإضافة إلى الصراع في أوكرانيا والتوترات بشأن بحر الصين الجنوبي. كما أن هناك مخاوف من عمليات تحديث البرامج النووية الروسية والأميركية، وتصاعد البرامج النووية للصين وباكستان والهند وكوريا الشمالية.
وأوضحت الدورية أيضا أنه على الرغم من أن اتفاق باريس شكل خطوة إيجابية خلال العام الماضي، فإن عام 2015 كان أيضا هو الأشد حرارة منذ بدء عمليات التسجيل، مضيفة أن التعهدات الطوعية للحد من انبعاثات البيوت الزجاجية، أو الاحتباس الحراري لا تكفي لوقف تغير حاد في المناخ.
وقد أسس دورية «بوليتن أوف أتوميك ساينتيستس» عام 1954 علماء من شيكاجو، شاركوا في تطوير أول أسلحة ذرية، فيما عرف باسم «مشروع مانهاتن». وكانت عقارب «ساعة القيامة» قد حركت العام الماضي إلى ثلاث دقائق قبل منتصف الليل، بدلا من خمس دقائق بسبب مخاوف من سباق نووي وتغير المناخ.
وفي عام 1953 حركت عقارب «ساعة القيامة» إلى دقيقتين فقط من منتصف الليل حين اختبرت الولايات المتحدة قنبلة هيدروجينية، ثم ابتعدت 17 دقيقة عن منتصف الليل عام 1991 بانتهاء الحرب الباردة.
وتجدر الإشارة إلى أن مجلس العلوم والأمن بالدورية يتخذ قرار تحريك عقارب «ساعة القيامة» سنويا، بالتشاور مع رعاة المجلس، ومن بينهم 16 عالما فازوا بجوائز نوبل.
وقال العلماء في بيان صحافي إنه «على الرغم من نجاح اتفاق باريس بشأن المناخ، فإن الترسانات النووية الحالية وبرامج تحديثها تزيد من مخاطر اندلاع حرب نووية»، بينما قالت بياتريس فين، المديرة التنفيذية للحملة الدولية للتخلص من الأسلحة النووية، إنه «ينبغي أن يأخذ قادة العالم هذا التحذير على محمل الجد.. فخطر استخدام الأسلحة النووية يتنامى، وإذا تم تفجير سلاح نووي، فإن الآثار المترتبة على ذلك ستكون مهلكة، ولن يستطيع المجتمع الدولي التعامل مع ما بعد ذلك.. (مبدأ) يبقى الوضع على ما هو عليه لم يعد خيارا».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».