غضب شعبي جزائري لنشاطات مشبوهة للملحق الثقافي الإيراني

طالبوا بطرده.. وحكومة بوتفليقة التزمت الصمت

غضب شعبي جزائري لنشاطات مشبوهة للملحق الثقافي الإيراني
TT

غضب شعبي جزائري لنشاطات مشبوهة للملحق الثقافي الإيراني

غضب شعبي جزائري لنشاطات مشبوهة للملحق الثقافي الإيراني

احتدم الجزائريون خلال الأسبوع الماضي من النشاط الذي يقوده الملحق الثقافي بسفارة إيران بالجزائر أمير موسوي، بسبب «نشاط التشيع الذي يمارسه على نطاق واسع»، ليشنوا هجوما بمطالبة الحكومة الجزائرية بطرده من الجزائر، خاصة وأن ظاهرة التشيع للمذهب الاثني عشري في الجزائر تكاد تكون محدودة جدًا، إذ تخضع لمراقبة دقيقة من طرف أئمة المساجد.
وأطلق الجزائريون حملة «#اطردوا_أمير_موسوي»، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي قادها الكاتب والناشط الحقوقي الجزائري أنور مالك، المقيم في فرنسا، الذي قال في اتصال مع «الشرق الأوسط»: «إن موسوي منذ تعيينه ملحقًا ثقافيًا في الجزائر، ونحن نتابع بدقة نشاطاته لأننا ندرك جيدًا أن اختياره لم يكن اعتباطيًا، وخصوصًا أنه رجل يجيد اللغة العربية ومعروف في الساحة الإعلامية العربية، من خلال حضوره عبر الفضائيات».
وأوضح مالك بأن منشطي الحملة «توصلوا من خلال مصادر موثوقة، إلى أن موسوي تجاوز حدود مهمته الدبلوماسية، إذ راح يتواصل سريا مع ناشطين شيعة في الجزائر، وبادر إلى تنظيم رحلات لبعضهم إلى طهران وقم وحتى النجف، وهناك يجري اللقاء مع المخابرات الإيرانية والحرس الثوري. وطبعًا هذا خطير جدًا ويهدد أمننا القومي الجزائري».
يشار إلى أن مالك، ألف عدة كتب حول التشيع وما يسمى «المد الصفوي». وهو عضو سابق في بعثة المراقبين العرب إلى سوريا، وانسحب منها بسبب مذابح النظام السوري.
وذكر الحقوقي الجزائري، «كلنا يدرك مساعي إيران في التسعينات لصناعة تنظيم موال لها، بين الجماعات المسلحة حينها. ونجحت في إيصال متشيعين إلى قيادة تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة، واستقبلت بعثات لتدريب مقاتلين إسلاميين. وقد أدانهم القضاء الجزائري بعد القبض عليهم، بل يوجد من بينهم من تدرب في معاقل حزب الله بلبنان».
وقطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع إيران 1993، لضلوعها في دعم نشاط جماعات إسلامية مسلحة. وتوقفت القطيعة رسميًا عام 2000 مع عودة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم. وجرى تبادل للزيارات بين البلدين على أعلى مستوى، في الـ10 سنوات الماضية.
وأضاف مالك بأن أمير موسوي «ثبت عليه تجاوز حدود مهمته، لذلك تحركنا كي تعي السلطة في الجزائر خطره إن كانت لا تعلم. أما إن كانت تعلم وسكتت عليه فتلك كارثة حقيقية». ولم تبد وزارة الخارجية، في اتصال بأحد المسؤولين بها، رغبة في التعاطي مع موضوع موسوي والتشيع.
وبحسب مالك، فالعلاقات الرسمية بين الجزائر وطهران «وطيدة أكثر من ذي قبل، وقد زادت قوتها في عهد الرئيس بوتفليقة. ويوجد علاقات تجارية وبدأت تتطور لتصبح علاقات ثقافية، وهذا أمر سيستغل إيرانيا من أجل التمدد في الجزائر».
وحول ما يقال بأن إيران «تختفي وراء المصالح الاقتصادية للتمدد في الجزائر»، قال الحقوقي: «هي تفعل ذلك وتستعمل مشروعها في كل القضايا، فهي تستغل السياحة والثقافة والإعلام وكل ما يتاح لها. ولم تكتف بل توظف جماعات إرهابية في سبيل تصدير ثورتها».
وتابع مالك بأن عدد المتشيعين في الجزائر وصل عام 2015 نحو 5 آلاف، في حين كان في 2010، حسبه، عددهم 3 آلاف أي في خمس سنوات تضاعف عددهم تقريبًا. مشيرًا إلى أن «هذه الأرقام مستوحاة من محاضر سرية لمصالح الأمن، التي تتابع قضية التشيّع من زمان وربما ما خفي أخطر بكثير». وناشد أنور السلطات «التحرّك بسرعة لإنقاذ الجزائريين، وحماية أمنهم واستقرارهم الذي صار مهدّدا من خلايا تعمل لصالح المخابرات الإيرانية، وتتلقى الدعم المادي والإعلامي في وضح النهار».
وكتب عبد الفتاح حمداش زيراوي، الناشط الإسلامي، الأكثر اهتماما بالتشيع، بصفحته بـ«فيسبوك»: «إنّ محاصرة إيران المجوسية واجب ديني على كل مسلم، بكل ما يملكه لكف شرها المتواصل لقطع دابر إجرامهم وفساد مكرهم وكيدهم ومخططاتهم ضد أهل السنة».
وقال أيضًا إن «ملالي إيران، محور الشر ونواة الشيطان ومركز الدجال، تنشر الشرور في بلاد المسلمين، وتروّج للكفر وتسوق للزندقة وتدعو للشرك بالله وتسعى بالسلاح وسياسة الحديد والنار لتشييع المسلمين، واحتلال بلاد العرب وتدمير ديارهم. وهي تعمل جاهدة بكل مكر وخبث، لإلحاق الضرر ببلاد المسلمين على خلاف بلاد الكفر التي تسالمها وتحفظ ذمتها، وترعى مصالحها وتتودّد لها وتقضي مصالحها وتعمل لنفعها وخدمتها». وأضاف: «هذه الدولة الصفوية المجرمة تعذب أهل الإسلام وتحتل بلاد المسلمين، وتهدف لاحتلال المزيد من البلدان وتعاملهم بالقوة والإكراه للدخول في كفرها وشركها وشرها».
ودعا زيراوي، باسم التنظيم الذي يقوده واسمه «الصحوة الحرة الإسلامية السلفية»، الأمة الإسلامية إلى «مقاطعة كل البضائع الإيرانية ومقاطعة مشاريعها الاحتلالية، ومحاصرتها اقتصاديا وثقافيا وعدم فتح المجال لمجرميها الذئاب الذين يستعملون التقية الحربية مع المسلمين، وندعو علماء الأمة ورجال الإعلام لفضح تشييعهم ترغيبا بالمال، ونحذر المسلمين من مكائدهم التي يرهبون بها المسلمين ويستجلبون بها ضعاف النفوس. وندعو المسلمين لمشاهدة قتلهم وتعذيبهم وسجنهم وتنكيلهم وحرقهم للمسلمين، حتى يعرفهم العوام على حقيقتهم الباطنية والظاهرية، وليس على الصورة الكاذبة التي يسوقونها».
وعلى الصعيد الرسمي التزمت الحكومة الجزائرية بالصمت ولم يصدر منها أي تحرك حتى كتابة هذا التقرير على الرغم من محاولة «الشرق الأوسط» التواصل مع الجهات المعنية لمعرفة الرد الحكومي الرسمي الجزائري لكن دون بارقة أمل.



هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
TT

هل ينعش الإسرائيليون حركة السياحة في سيناء المصرية؟

تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)
تتركز السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر في مدن طابا ودهب وشرم الشيخ (محافظة جنوب سيناء)

أثارت تقارير عبرية تحدثت عن تدفق الآلاف من السياح الإسرائيليين على مصر رغم تحذيرات تل أبيب من خطورة السفر، تساؤلات بشأن ما إذا كان سيسهم في إنعاش حركة السياحة الوافدة إلى سيناء المصرية، التي تأثرت نسبياً منذ اندلاع حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وبينما توقع خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد الفترة المقبلة «رواجاً سياحياً في مدن جنوب سيناء؛ طابا ودهب وشرم الشيخ»، عدو ذلك «تعافياً جزئياً لن يصل بالسياحة إلى معدلاتها الطبيعية»، مؤكدين أن «عدد السياح الإسرائيليين ليس كبيراً ما يجعله غير مؤثر في معدلات السياحة الوافدة».

ووفق تقرير نشرته صحيفة «يسرائيل هيوم»، أخيراً، وتناقلته مواقع محلية وعربية، فإن «أكثر من 30 ألف إسرائيلي عبروا الحدود إلى مصر عبر معبر طابا البري خلال الفترة الأخيرة رغم التحذيرات الأمنية المتكررة من السفر إلى الدول المجاورة مثل مصر والأردن»، بحسب ما نقلته الصحيفة عن جهاز مكافحة الإرهاب التابع لمجلس الوزراء الإسرائيلي.

وأوضحت الصحيفة أن «نحو 30 ألفاً و808 سيّاح سافروا إلى شبه جزيرة سيناء خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الماضيين، معظمهم من العرب الإسرائيليين». وأشارت إلى أن «انخفاض أسعار الفنادق وتكلفة الإجازة في مصر يسهم في جذب السياح الإسرائيليين».

ويرى الخبير السياحي المصري، أحمد عبد العزيز، أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر عادة ما تتركز في مدن جنوب سيناء، وطابا ودهب وشرم الشيخ، نظراً لإمكانية دخول الإسرائيليين حتى شرم الشيخ دون تأشيرة».

وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر تأثرت نسبياً بالحرب على غزة»، لافتاً إلى أن «السياح الإسرائيليين كانوا يشكلون في فترة من الفترات نحو 30 في المائة من حركة السياحة في شرم الشيخ».

سانت كاترين ومنطقة التجلي الأعظم في سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، قال الخبير السياحي، محمد كارم، إن «مصر منطقة آمنة وجاذبة للسياح الإسرائيليين»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أنه «بالنسبة للسائح الإسرائيلي فإن مدن طابا ونويبع ودهب من أفضل وجهاته السياحية كونه لا يحب الفنادق ويفضل الإقامة في كامبات»، مشيراً إلى أن «إسرائيل تطلق تحذيرات سفر لمختلف دول العالم لكنها عادة غير مؤثرة».

وفي أكتوبر 2023 أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية (فنادق وكامبات) في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

ولفت كارم إلى أن «الفترة الأولى من حرب غزة أثرت جزئياً على معدلات السياحة في سيناء، لكنها استقرت لا سيما مع حملات الترويج السياحي التي جذبت أعداداً كبيرة من السياح لمصر بشكل عام».

وبينما توقع أن «تشهد الفترة المقبلة زيادة في معدلات السياحة الوافدة إلى مصر»، أكد أن «السياحة الإسرائيلية غير مؤثرة نظراً لقلة عددها ناهيك عن انخفاض إنفاق السائح الإسرائيلي بشكل عام».

بدوره، أوضح عبد العزيز أن «حجم تراجع معدلات السياحة الإسرائيلية الوافدة إلى مصر لم يكن كبيراً، ولم يستمر طويلاً، نظراً لأن معظم الوافدين من عرب إسرائيل، وهم عادة لا يكترثون بتحذيرات تل أبيب المتعلقة بالسفر»، مشيراً إلى أن «سيناء شهدت استقراراً نسبياً في معدلات السياحة الوافدة خلال الفترة الماضية، وإن لم تصل حد التشغيل الكامل لطاقتها السياحية».

وتوقع عبد العزيز أن «تشهد فترة الأعياد المقبلة رواجاً وإقبالاً من السياح الإسرائيليين على مدن جنوب سيناء، لا سيما مع انخفاض تكلفة قضاء الإجازة في مصر مقارنة بالداخل الإسرائيلي». لكنه أكد أن «هذا الرواج سيسهم في التعافي الجزئي للحركة السياحية دون أن يصل إلى درجة التعافي الكامل».

ومنتصف العام الماضي زعمت وسائل إعلام عبرية أن مصر خرجت من قائمة الـ10 وجهات سياحية المميزة بالنسبة للإسرائيليين وحلت مكانها قبرص واليونان.

وقبل اندلاع حرب غزة أشارت تقارير إعلامية عبرية إلى أن «مصر من أكثر الدول العربية استقبالاً للسياح الإسرائيليين وقدرت عددهم بنحو نصف مليون سائح عام 2022».

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية، 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. واقتربت أعداد السياح العرب الوافدين لمصر، العام الماضي، من 3 ملايين سائح، بحسب تصريحات رسمية.

وكانت مصر تستهدف الوصول إلى 30 مليون سائح بحلول عام 2028 عبر استراتيجية أعلنتها الحكومة سابقاً، لكنها عادت وعدلت الاستراتيجية ورحّلت هدفها إلى عام 2031. وقال رئيس الوزراء المصري في إفادة رسمية الشهر الماضي: «لولا الاضطرابات الإقليمية التي تحيط بمصر لارتفع هذا الرقم إلى 18 مليون سائح».