الواضح أن غياب مرشح مثالي ليحل محل الهولندي لويس فان غال في تدريب مانشستر يونايتد، هو السبب الرئيسي وراء رفض إد وودوارد، نائب الرئيس التنفيذي للنادي، الاستقالة التي تقدم بها المدرب بعد خسارة السبت في «أولد ترافورد» أمام ساوثهامبتون (صفر - 1) في المرحلة الثالثة والعشرين من الدوري الممتاز، وعجز الفريق عن تحقيق أكثر من فوزين في المراحل الـ11 الأخيرة.
وعلى ما يبدو أن النتائج المخيبة التي يحققها يونايتد لم تقنع إدارة النادي حتى الآن بضرورة التغيير والتخلي عن المدرب الهولندي، وأن إد وودوارد لم يقبل بما عرضه فان غال وطلب من المدرب الهولندي مناقشة مستقبله مع عائلته خلال الزيارة التي قام بها إلى هولندا في اليومين الأخيرين من أجل الاحتفال بعيد ميلاد ابنته.
ولتقريب الصورة، فإنه حال توافر الإسباني جوزيب غوارديولا، لم يكن وودوارد ليطلب من فان غال العودة لمنزله والتشاور مع أسرته وأصدقائه حول مستقبله، قبل معاودة الاجتماع به.
ويعود التردد وراء الاستعانة بمدربين جدد في منتصف الموسم إلى أن وودوارد يتولى تقييم الأسماء التي يمكن الاستعانة بها، وخلص نهاية الأمر إلى أنه يفضل الانتظار حتى الصيف إذا كان من الضروري إجراء تغيير.
ويكمن العامل الحاسم هنا في النتائج.. إذا ما استمر فان غال مع الفريق ومني مانشستر يونايتد بالهزيمة والخروج من كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم على يد ديربي كاونتي خلال لقائهما المقرر الجمعة على استاد برايد بارك، فهنا سيكون وودوارد مضطرًا للإقدام على تغيير المدرب قبل الصيف. وينطبق القول ذاته على مباراة ستوك سيتي، الثلاثاء، المقرر إقامتها على استاد أولد ترافورد.
من المؤكد أن فان غال في وضع لا يحسد عليه وهو اعترف بعد خسارة السبت بأن لجمهور يونايتد الحق في توجيه صافرات الاستهجان له بعد أن اكتفى فريقه بالتسديد على مرمى ساوثهامبتون مرة واحدة طيلة اللقاء الذي أضيف إلى سلسلة من النتائج المخيبة للمدرب الهولندي ورجاله الذين يتخلفون الآن بفارق 5 نقاط عن المركز الرابع المؤهل إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
وبعد أن اعترف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بانه غير واثق بشأن مستقبله مع يونايتد وتلميحه بانه قد يترك يونايتد دون أن تضطر الإدارة إلى إقالته، قائلا: «قلت سابقا في مؤتمرات صحافية أخرى بان النادي ليس مضطرا دائما إلى إقالتي، ففي بعض الأحيان أن أقوم بهذا الأمر من تلقاء نفسي». لكن وودوارد اضطر للتدخل مرتين بين 19 ديسمبر والثاني من يناير (كانون الثاني) الماضيين من أجل إقناع المدرب الهولندي بعدم الاستقالة.
ويكشف طلب وودوارد من فان غال إعادة النظر في أمر استقالته الكثير عن حقيقة نظرته إلى البرتغالي جوزيه مورينهو. ويذكر أن مورينهو قوبل بالرفض من قبل مانشستر يونايتد في أعقاب اعتزال سير أليكس فيرغسون التدريب في مايو (أيار) 2013. كما تعرض للتجاهل عندما كان فان غال عرضة للتعرض للطرد خلال موسم أعياد الميلاد. ولو أن مورينهو يبدو لمسؤولي النادي مدربًا عبقريًا، كان وودوارد بالتأكيد ليوافق على الاستقالة التي قدمها فان غال، السبت.
ورغم تراجع مانشستر يونايتد بفارق خمس نقاط عن توتنهام الرابع (وهو المراكز الأخير المؤهل لدوري أبطال أوروبا)، واستمرار الأداء الرديء من قبل الفريق، يجد فان غال البالغ من العمر 64 عامًا دعما قويا من وودوارد.
ومع ذلك، قد يصبح مورينهو المدرب القادم للفريق إذا ما اقتنع وودوارد بطريقة ما أن ميل المدرب البرتغالي للدخول في مشاجرات مع الإعلام وخلق انقسامات داخلية يمكن التغاضي عنهما مقابل البطولات التي يضمن وجوده الحصول عليها. الواضح أن القلق تجاه طبيعة شخصية مورينهو هو ما يحول دون إقدام وودوارد على الاستعانة به.
ولذلك، وجدت التقارير التي أفادت بأن مورينهو كتب خطابًا من ست صفحات إلى إدارة مانشستر يونايتد يشرح خلاله عزمه تغيير أسلوبه في العمل، أصداءً واسعة. وفي الوقت الذي نفى خورخي مينديز، وكيل أعمال المدرب البرتغالي، بقوة هذه التقارير ووصفها مسؤول رفيع المستوى بمانشستر يونايتد بـ«الغريبة»، فإن مورينهو كان على قدر كاف من الذكاء لإدراك ما الذي يحول دون الاستعانة به في تدريب مانشستر يونايتد، وما الذي يلزم لتغيير هذا الوضع.
في الواقع، لقد جاء التصرف الأخير ليعكس قوة ورباطة جأش كبيرة من جانب وودوارد الذي سمع بنفسه صيحات النقد والاستنكار التي وجهتها الجماهير الغاضبة لفان غال عند نهاية مباراة الفريق مع ساوثهامبتون. والواضح أن الجماهير ضاقت ذرعًا في انتظارها تصويب مسار الفريق، خاصة بالنظر إلى أن سلف فان غال، ديفيد مويز الذي مني بالفشل هو الآخر.
في الواقع، يستحق وودوارد الإشادة لعدم تسرعه في الهرولة نحو أحضان مورينهو. وحتى إذا ما حصل مورينهو لاحقًا على فرصة تدريب الفريق، سيبقى هذا الموقف الذي أبدى خلاله وودوارد قوته ضامنًا لأن يدخل مورينهو أولد ترافورد وهو يعلم جيدًا في قرارة نفسه أنه ليس بإمكانه إدارة شؤون الفريق كما لو كان إقطاعية خاصة به، مثلما اعتاد أن يفعل في أندية أخرى.
في ظل قيادة فان غال، شهد أولد ترافورد رقمًا قياسيًا مثيرًا للفزع تمثل في 11 مباراة متتالية لم يحرز خلالها الفريق هدفًا واحدًا، وذلك خلال النصف الأول من الموسم. كما تشير الأرقام إلى أن الفريق حقق 11 فوزًا فقط على مدار المباريات الـ29 الأخيرة له بالدوري الممتاز. كما خرج الفريق من دوري أبطال أوروبا من مرحلة المجموعات. كما أن عدد مرات تصويب الكرة على المرمى للفريق هي الأدنى على مستوى 92 ناديا ببطولات إنجلترا الأربع لمحترفي كرة القدم.
كما أن الشهر الأخير من عام 2015 الذي مر من دون هدف واحد جعله أسوأ ديسمبر يمر على النادي طيلة تاريخه الممتد لـ138 عامًا. والمشكلة التي يعاني منها يونايتد ليست محصورة بالنتائج وحسب، بل بالأداء العقيم والممل الذي يقدمه الفريق.
وتشير جميع هذه الأرقام إلى حالة من الجمود والركود تتنامى داخل أروقة النادي. ورغم ذلك، لا يزال وودوارد عاكفًا على دراسة بدائل أخرى بخلاف مورينهو بخصوص من يخلف فان غال.
وإذا كان كان وودوارد غير مرحب بالاستعانة بمدرب أجنبي لم يسبق له العمل داخل الدوري الممتاز، مثل مارسيلو بيلسا أو نظيره الأرجنتيني خورخي سامبولي الذي نجح في قيادة المنتخب التشيلي نحو أول فوز لهم ببطولة كوبا أميركا الصيف الماضي، فإن هذا يترك أمامه خيارين أقرب لأرض الوطن: ريان غيغز وغاري نيفيل الذي سيعد بمثابة مقامرة، لكن يبقى باستطاعته رفع مستوى أداء الفريق بصورة فورية وإسعاد غالبية الجماهير.
أما غيغز، فهو أسطورة النادي. بالنسبة لنيفيل، مدرب فالنسيا الإسباني حاليا ومساعد روي هودجسون، مدرب المنتخب الإنجليزي، وهو واحد من المحللين الرياضيين المرموقين سابقا، بجانب أنه واحد من أفضل لاعبي الدفاع الذين مروا بتاريخ مانشستر يونايتد.
إلا أن مزيجًا من افتقار غيغز إلى الخبرة وبداية نيفيل البطيئة في إسبانيا والفتور الذي يبديه وودوارد تجاه «مجموعة كلاس 1992» داخل مانشستر يونايتد، في الوقت الراهن على الأقل، يثير علامات استفهام ضد الرجلين.
من الواضح أن غيغز يجري إعداده لتولي تدريب الفريق يومًا ما، وسبق وأن أعلن فان غال أنه المدرب القادم لمانشستر يونايتد، لكن إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يعين بالمنصب حتى الآن؟ وإذا وجد وودوارد نفسه مجبرًا على تعيين مدرب جديد منتصف الموسم، فإن غيغز قد يحصل على الوظيفة بصورة مؤقتة، حيث لا يبدو حتى الآن أن وودوارد يرغب في بقائه.
أما نيفيل فلا يزال يتعين عليه قيادة فالنسيا نحو تحقيق فوز في «لا ليغا»، والمؤكد أن سجله المؤلف من ثلاثة انتصارات وثلاث هزائم وستة تعادلات لا يجعل منه خيارًا جذابًا أمام وودوارد.
من بين الخيارات الأخرى الممكنة مانويل بيليغريني الذي سيصبح متاحًا في الصيف إذا ما انتقل غوارديولا إلى تدريب مانشستر سيتي كما هو متوقع. ورغم أن بيليغريني يعشق الكرة الهجومية التي يحتاجها مانشستر يونايتد، فإن التساؤل يبقى: هل يمكن لمسؤولي النادي الثقة بشخص قد يصفه البعض بأنه مطرود من مانشستر سيتي؟.
عندما جرت الاستعانة بفان غال منذ عامين، جرى النظر إليه باعتباره الرجل المناسب للفريق. وبالنظر إلى ندرة الخيارات المقبولة، قد يبقى فان غال في منصبه مدربًا لمانشستر يونايتد لكونه الشخص الوحيد الذي يشعر وودوارد بأن باستطاعته الثقة به.
لكن هل يستطيع وودوارد الصمود أمام غضب المشجعين في حال تواصلت النتائج المتردية ووصف ملعب الفريق بأنه الأكثر مللا في الكرة الإنجليزية. قبل أيام قليلة قام جمهور يونايتد بمغادرة الملعب مبكرا تعبيرا عن سخطه من أداء الفريق السلبي، وتلك هي اللحظات التي قد يكون من المناسب عندها تذكر الطريقة التي قدم فيها إد وودوارد ، لويس فان غال مدربًا جديدًا، طامحا في مرحلة أفضل، ولم يكن من المتوقع حينها أنه بعد مرور 19 شهرا سيقف نفس هذا المدير الفني معترفًا أنه أصيب أيضًا بالملل من أداء الفريق المخيب.
«هو يتمتع بحيوية غير عادية، كما ومن المهم جدًا، أنه يفضل الكرة الهجومية»، هكذا تحدث وودوارد عن فان غال يوم توليه تدريب الفريق خلفا لديفيد مويز. وأضاف المدير التنفيذي للنادي: «لو تتذكرون فريق برشلونة الذي دربه (فان غال) في أواخر التسعينات، كانوا يقدمون كرة هجومية غير عادية، وكذلك المباريات التي لعبناها ضد ذلك الفريق في 1998 - 1999، هذا هو نوع كرة القدم التي يعشقه مشجعو مانشستر يونايتد. وهذا جزء من الشخصية الفريدة لفريقنا».
ويبدو هذا الحديث مبالغا فيه، فمارتن ميجير، كاتب السيرة الذاتية لفان غال، يتذكر أن أول أزمة للمدرب الهولندي في كامب نو، معقل برشلونة، كانت بسبب «إيمانه بالصرامة التكتيكية»، وهو ما وضعه في صدام مع كثير من لاعبيه، وكان مؤدى هذا أن «الفريق كان دائما ما يبدو على حافة انفجار داخلي». لقد حصد فان غال ألقابا، ولكن نظامه القائم على الانضباط الصارم كان يعني مشاركة محدودة لنجم مثل البرازيلي ريفالدو، ولبقية اللاعبين البرازيليين في واقع الحال. ويكتب ميجير أن «فان غال رحل عن برشلونة بسجل جيد ولكنه عانى على امتداد فترة وجوده لبناء لغة تواصل مع جماهير الفريق الكتالوني».
في أولد ترافورد، لم تعرب الجماهير عن سعادتها كذلك، فالفريق بات غير مخيفا على ملعبه ويفشل في هز الشباك حتى أمام فرق تعاني من خطر الهبوط. وبلغة الأهداف، أصبح أولد ترافورد أكثر الملاعب مللا في بطولات إنجلترا الأربعة لمحترفي كرة القدم.
ولو كان فان غال يتولى مسؤولية أي من القوى العظمى الأوروبية الأخرى، لكان من شبه المؤكد أن يخسر منصبه بعد ما كان بالنسبة لمانشستر يونايتد أسوأ أداء على مدار ربع قرن. ومع هذا، فهو لا يريد التفكير في مثل هذا الأمر، فعندما قيل له إن برشلونة على سبيل المثال كان ليقيله مع مثل هذه النتائج، قال: «أنت تقدم افتراضا، وعلي أن أقدم إجابة. وأنا لا أود الإجابة عن افتراضات».
فان غال في طريق الأشواك
مدرب مانشستر يونايتد بين الاستقالة والإقالة.. ومطارد بتواضع الأداء وسخط الجماهير
فان غال في طريق الأشواك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة