أوباما وصراع الألف عام

أوباما وصراع الألف عام
TT

أوباما وصراع الألف عام

أوباما وصراع الألف عام

في خطابه الأخير عن حالة الاتحاد قبل أن يترك منصبه، وصف الرئيس الأميركي الصراع في منطقة الشرق الأوسط، بأنه صراع الألف عام، متوقعًا أن يمتد إلى عقود مقبلة.
الرئيس الذي يعتمد على عصارة مراكز الدراسات والأبحاث والمستشارين في أكبر وأقوى دولة، قال وهو يدير ظهره لنزاعات الشرق الأوسط الملتهبة، بأن هذا الصراع هو صراع مذهبي (سني - شيعي) عمره ألف عام. حسنًا، هل يحتاج هذا الرئيس إلى درس في التاريخ، لكي يعرف أن الشرق الأوسط لم يشهد صراعًا دينيًا بالمعنى المتعارف، وأن الحضارة الغربية هي فقط التي شهدت هذا النوع من الحروب وعمليات التطهير؟ هل علينا أن نوضح له أن أهم أسباب النزاعات المستعرة في هذه المنطقة هو عمليًا نتيجة حقبة طويلة من الاستعمار والنفوذ ودعم التسلط والديكتاتورية والاستخفاف بحقوق الإنسان؟ بالمعنى الحرفي، لم يتقاتل السنة والشيعة إلا في العهد الأميركي الذي أرساه بول بريمر في عام 2003، قبل ذلك كان هناك تنافس لا تقاتل. مَنْ نظّر لانفجار الهويات التي ترسم حدود الدويلات سوى اليمين الأميركي، وسار على منواله الديمقراطيون معصوبي الأعين؟
حسنًا.. أين يضع إسرائيل الدولة الدينية الوحيدة في الشرق الأوسط من هذا الصراع السني الشيعي؟
في الحقيقة أن الصراعات الدينية استعرت في أوروبا، وبلهيبها احترقت أجزاء واسعة من الكرة الأرضية، بدءًا من محاكم التفتيش في إسبانيا التي اضطهدت المسلمين واليهود في القرن الخامس عشر، وقال عنها المؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون، في كتابه «حضارة العرب»: «يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائصنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرون على المسلمين المنهزمين»، إلى الحروب الدينية في القرنين السادس والسابع عشر، بينها حرب الثلاثين عامًا بين الكاثوليك والبروتستانت، وعلى رأي كتاب «قصة الحضارة» فإنه «هبطت حرب الثلاثين عامًا بسكان ألمانيا من عشرين مليونا إلى ثلاثة عشر ونصف مليونا».
في كتابه «الكفار.. تاريخ الصراع بين عالم المسيحية وعالم الإسلام»، يحدثنا الباحث البريطاني أندرو ويتكروفت عن الجذور التاريخية للصراع الإسلامي المسيحي، من إسبانيا، التي (برأيه) أقام فيها المسلمون حضارة مزدهرة قبل أن يُطردوا منها في عام 1492، تلا ذلك الحروب الصليبية، انتهاء بحروب التطهير في البلقان، التي كانت وصمة في جبين البشرية في القرن العشرين. كيف يمكن لقائد بحجم الرئيس باراك أوباما الذي درس القانون في جامعة هارفارد، أن يقدم رؤية تتسم بالسطحية عن الصراعات السياسية التي تندلع في العالم، بدا وكأنه يقارب مسألة الصراعات بشيء من الخفة. حسنًا.. حتى الولايات المتحدة بدأت تاريخها المجيد بحرب أهلية اندلعت بين عامي 1861 و1865، بسبب تمرد الولايات الجنوبية ضد سياسة الرئيس أبراهام لينكولن في أبطال الرق وتحرير العبيد، واستنزفت هذه الحرب أكثر من مليون أميركي قضوا قتلاً أو بالأمراض التي تفشت بعد الحرب.. خاض الأميركيون بعدها حربًا أخرى ضد البريطانيين بين أعوام 1775 و1783 سموها «حرب الاستقلال».. هل كانت تلك حروبًا دينية؟ حسنًا، كيف يوصف هذا الرئيس الحروب العالمية، التي اندلعت شرارتها في أوروبا المسيحية تحديدًا؟ يقول أبو الحسن الندوي، في كتابه «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟»، إنه في الوقت الذي لم يسقط في كل حروب المسلمين مع غيرهم «في جميع الغزوات والسرايا والمناوشات التي بدأت من السنة الثانية للهجرة، ودامت إلى السنة التاسعة، على ألف وثماني عشرة نفسًا (1018)، المسلمون منهم 259، والكفار 759»، فإن ضحايا الحرب العالمية الأولى 1914 - 1918 بلغ عددهم 21 مليون نسمة، منهم 7 ملايين قتيل. بينما قُّدر عدد ضحايا الحرب العالمية الثانية 1939 - 1945 بما لا يقل عن 60 مليون إنسان.
التوصيفات المعلبة الجاهزة، مثل المخدرات، يمكن أن يلجأ إليها البسطاء للهروب من الواقع وهمومه ومسؤولياته.



مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟
TT

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

مجلة «الفيصل» السعودية: هل منع الرجل المرأة من التفلسف؟

صدر العدد الجديد من مجلة الفيصل وتضمن العديد من الموضوعات والمواد المهمة. وكرست المجلة ملف العدد لموضوع إقصاء المرأة من حقل الفلسفة، وعدم وجود فيلسوفات. شارك في الملف: كل من رسلان عامر: «غياب المرأة الفلسفي بين التاريخ والتأريخ». خديجة زتيلي: «هل بالإمكان الحديث عن مساهمة نسائية في الفلسفة العربية المعاصرة؟» فرانك درويش: «المرأة في محيط الفلسفة». أحمد برقاوي: «ما الذي حال بين المرأة والتفلسف؟» ريتا فرج: «الفيلسوفات وتطور الأبحاث الحديثة من اليونان القديمة إلى التاريخ المعاصر». يمنى طريف الخولي: «النساء حين يتفلسفن». نذير الماجد: «الفلسفة نتاج هيمنة ذكورية أم نشاط إنساني محايد؟» كلير مثاك كومهيل، راشيل وايزمان: «كيف أعادت أربع نساء الفلسفة إلى الحياة؟» (ترجمة: سماح ممدوح حسن).

أما الحوار فكان مع المفكر التونسي فتحي التريكي (حاوره: مرزوق العمري)، وفيه يؤكد على أن الدين لا يعوض الفلسفة، وأن الفلسفة لا تحل محل الدين، وأن المفكرين الدينيين الحقيقيين يرفضون التفلسف لتنشيط نظرياتهم وآرائهم. وكذلك تضمن العدد حواراً مع الروائي العربي إبراهيم عبد المجيد الذي يرى أن الحزن والفقد ليس مصدرهما التقدم في العمر فقط... ولكن أن تنظر حولك فترى وطناً لم يعد وطناً (حاوره: حسين عبد الرحيم).

ونطالع مقالات لكل من المفكر المغربي عبد العزيز بومسهولي «الفلسفة وإعادة التفكير في الممارسات الثقافية»، والكاتب والأكاديمي السعودي عبد الله البريدي «اللغة والقيم العابرة... مقاربة لفك الرموز»، وضمنه يقول إننا مطالبون بتطوير مناهج بحثية لتحليل تورط اللغة بتمرير أفكار معطوبة وقيم عدمية وهويات رديئة. ويذهب الناقد سعيد بنكراد في مقال «الصورة من المحاكاة إلى البناء الجمالي» إلى أن الصورة ليست محاكاة ولا تنقل بحياد أو صدق ما تمثله، لكنها على العكس من ذلك تتصرف في ممكنات موضوعاتها. وترجم ميلود عرنيبة مقال الفرنسي ميشال لوبغي «من أجل محبة الكتب إمبراطورية الغيوم».

ونقرأ مقالاً للأنثروبولوجي الفرنسي فرانك ميرمييه بعنوان «مسار أنثربولوجي فرنسي في اليمن». ومقال «لا تحرر الحرية» (أريانا ماركيتي، ترجمة إسماعيل نسيم). و«فوزية أبو خالد... لم يزل الماء الطين طرياً بين أصابع اللغة» (أحمد بوقري). «أعباء الذاكرة ومسؤولية الكتابة» (هيثم حسين). «العمى العالمي: غزة بين فوضى الحرب واستعادة الإنسانية» (يوسف القدرة). «الطيور على أشكالها تقع: سوسيولوجيا شبكة العلاقات الاجتماعية» (نادية سروجي). «هومي بابا: درس في الشغف» (لطفية الدليمي).

ويطالع القارئ في مختلف أبواب المجلة عدداً من الموضوعات المهمة. وهي كالتالي: قضايا: سقوط التماثيل... إزاحة للفضاء السيميائي وإعادة ترتيب للهياكل والأجساد والأصوات (نزار أغري). ثقافات: «هل يمكن أن تحب الفن وتكره الفنان؟» ميليسا فيبوس (ترجمة خولة سليمان). بورتريه: محمد خضر... المؤلف وسرديات الأسلوب المتأخر (علي حسن الفواز). عمارة: إعادة تشكيل الفضاءات العامة والخاصة في جدة بين التراث والحداثة (بدر الدين مصطفى). حكايتي مع الكتب: الكتب صحبة رائعة وجميلة الهمس (فيصل دراج). فضاءات: «11 رصيف برنلي»... الابنة غير الشرعية لفرنسوا ميتران تواجه أشباح الحياة السرية (ترجمة جمال الجلاصي). تحقيقات: الترفيه قوة ناعمة في بناء المستقبل وتنمية ثقافية مؤثرة في المجتمع السعودي (هدى الدغفق). جوائز: جوائز الترجمة العربية بين المنجز والمأمول (الزواوي بغورة). المسرح: الكاتبة ملحة عبد الله: لا أكتب من أجل جائزة أو أن يصفق لي الجمهور، إنما كي أسجل اسمي في تاريخ الفن (حوار: صبحي موسى).

وفي باب القراءات: نجوان درويش... تجربة فلسطينية جسورة تليق بالشعر الجديد (محمد عبيد الله). جماليات البيت وسردية الخواء... قراءة في روايات علاء الديب (عمر شهريار). «أغنية للعتمة» ماتروشكا الحكايات والأنساب تشطر التاريخ في صعودها نحو الأغنية (سمية عزام). تشكيل: مهدية آل طالب: دور الفن لا يتحقق سوى من خلال الفنان (هدى الدغفق). مسرح: المنظومة المسرحية الألمانية يؤرقها سوء الإدارة والتمييز (عبد السلام إبراهيم)

ونقرأ مراجعات لكتب: «وجه صغير يتكدس في كل ظهيرة» (عماد الدين موسى)، «مروة» (نشوة أحمد)، «خاتم سليمي» (نور السيد)، «غراميات استثنائية فادحة» (معتصم الشاعر)، «أبناء الطين» (حسام الأحمد)، «حساء بمذاق الورد» (جميلة عمايرة).

وفي العدد نطالع نصوص: «مارتن هيدغر يصحو من نومه» (سيف الرحبي)، «مختارات من الشعر الكوري» (محمد خطاب)، «سحر الأزرق» (مشاعل عبد الله)، «معرض وجوه» (طاهر آل سيف)، «سارقة الذكريات» (وجدي الأهدل)، «أوهام الشجر» (منصور الجهني).