القطاع العقاري.. صورة أوضح للاقتصاد الصيني

يمثل خمس إجمالي الاستثمار ويؤثر على 40 صناعة أخرى

الاستثمار العقاري قطاع حيوي فهو يمثل نحو خمس إجمالي الاستثمار في الصين (رويترز)
الاستثمار العقاري قطاع حيوي فهو يمثل نحو خمس إجمالي الاستثمار في الصين (رويترز)
TT

القطاع العقاري.. صورة أوضح للاقتصاد الصيني

الاستثمار العقاري قطاع حيوي فهو يمثل نحو خمس إجمالي الاستثمار في الصين (رويترز)
الاستثمار العقاري قطاع حيوي فهو يمثل نحو خمس إجمالي الاستثمار في الصين (رويترز)

يعتبر القطاع العقاري في الصين مثالا واضحا على المرونة السعرية، فالقطاع يتأثر بشكل واضح بالنمو الاقتصادي الكلي والسياسات الحكومية المتبعة، بل إنه يصبح في بعض الأحيان مثل «العدسة المحدبة»، يجمع أطياف الأوضاع الاقتصادية ويُظهر التأثير بصورة أوضح.
منذ عامين، كان القطاع يعاني من ارتفاع الأسعار ومخاوف من حدوث فقاعة اقتصادية، مما اضطر الحكومة لاتخاذ كثير من الخطوات لضبط السوق، والنتيجة كانت توقف النمو تقريبا في الاستثمارات العقارية وانخفاض أسعار المنازل، وها هي الأسعار تبدأ في التحسن في نهاية العام، مع توقعات متفائلة في 2016، بسبب الخطاب الحكومي الهادف لتحسين أوضاع القطاع.
وفي بداية 2012 كانت هناك شكوى من الركود وضعف الأسعار في قطاع العقارات، لكن بدأت أسعار المساكن تنتعش في النصف الثاني من عام 2012 بفضل سياسات تحفيز النمو للبلاد، ومن بينها خفض أسعار الفائدة مرتين متتاليتين، وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك.
ثم في بداية 2013، تم اعتماد إجراءات أكثر صرامة لتهدئة أسواق العقارات في الصين، وطرحت الحكومة المركزية لوائح مفصلة من أجل تشديد السيطرة على أسواق العقارات، منها أن أصحاب المساكن الذين يبيعون مساكنهم سيتحملون ضريبة الدخل بنسبة 20 في المائة من الأرباح التي يكسبونها خلال إبرام الصفقات العقارية، وهو رقم كبير مقارنة بنسبة ضريبة الدخل السابقة التي كانت تتراوح فقط بين 1 في المائة و2 في المائة من سعر البيع، وهذا بعد أن ارتفعت أسعار العقارات في 53 مدينة من أصل الـ70 الأكبر على أساس سنوي.
ووقتها تبنت الحكومة الصينية إجراءات تحتوي على تشديد السيطرة على شراء المسكن الثالث لكل عائلة وإدخال خيار ضرائب العقارات لتهدئة الأسواق، فبدأت الأسواق في التراجع خلال العامين الماضيين.
وفي منتصف العام الماضي، قال التقرير الصادر عن الدليل العالمي للأملاك، الذي يحلل التغيرات التي طرأت على أسعار العقارات، والذي شمل 41 موقعا، إن الصين كانت ثالث أسوأ مكان لسوق العقارات في العالم بعد أوكرانيا وروسيا، بعد أن تراجعت أسعار البيوت خلال عام 2014 بنسبة 5.7 في المائة. وكان السبب أن الصين أصبحت مكتظة بالبيوت، كما يقول ماثيو مونتاغيو بولوك، ناشر الدليل العالمي للأملاك، الأمر الذي يعني أن هناك فائضا في المعروض من البيوت في السوق، لذا انخفضت الأسعار، وارتفعت تكلفة القروض العقارية.
أما العام الماضي 2015 فقد شهد تراجعا كبيرا، باستثناء الشهور الأخيرة، حيث بلغ معدل النمو السنوي لاستثمارات العقارات في الصين 1 في المائة على أساس سنوي، منخفضا من 10.5 في المائة المسجلة في عام 2014، وفقا لما ذكرته مصلحة الدولة للإحصاء، مع تباطؤ النمو السنوي لثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى 6.9 في المائة للعام.
كما تراجع بناء المباني الجديدة بنسبة 14 في المائة على أساس سنوي خلال هذا العام. ويعد تباطؤ استثمار العقارات، الذي قد كان قوة دافعة رئيسية للاقتصاد الصيني، عاملا معطلا لنمو الاقتصاد الشامل.
وقد قامت الحكومة الصينية خلال عام 2015 بتخفيض أسعار الفائدة الأساسية 6 مرات منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وقلصت متطلبات الاحتياطيات للمصارف الصينية، وخففت متطلبات الدفع، ورفعت القيود على شراء المساكن في بعض المدن، في مسعى لدعم السوق، لكن آثار هذه القرارات لم تظهر إلا قبل نهاية العام الماضي على سوق العقارات، وبشكل طفيف.
ومن بين 70 مدينة كبيرة ومتوسطة الحجم شملها المسح الإحصائي للدولة، في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لوحظ ازدياد أسعار المساكن الجديدة في 39 مدينة على أساس شهري، مرتفعا من 33 مدينة فقط في نوفمبر، وفقا لما ذكرته مصلحة الدولة للإحصاء.
ولكن على أساس سنوي، شهدت 49 مدينة انخفاضا في الأسعار، ولكن يوجد تباين واضح في حركة الأسعار ما بين المدن، حيث ارتفعت أسعار المساكن الجديدة بنسبة 47.5 في المائة على أساس سنوي في مدينة شنغن بجنوب الصين، بينما سجلت مدينة داندونغ بشمال شرقي الصين أشد حجم انخفاض، حيث تراجعت الأسعار بنحو 5.3 في المائة، وهذا بسبب اختلاف ظروف السوق.
ويقول ليو جيان وي، كبير الإحصائيين من المصلحة، إن المدن من الدرجة الأولى وبعض المدن من الدرجة الثانية شهدت زيادة سريعة على أساس شهري، فيما لا تزال الأسعار في المدن من الدرجة الثالثة منخفضة جدا بسبب حجم المخزون الكبير.
ويمثل الاستثمار العقاري نحو خمس إجمالي الاستثمار الصيني، في حين يؤثر على أكثر من 40 صناعة أخرى من صناعات الصلب والإسمنت إلى الأثاث.
وخلال الأيام الأخيرة من 2015 توقع تقرير صادر عن أكاديمية المؤشرات الصينية أن القطاع العقاري الصيني سيشهد نموا معتدلا مع تباين بين المدن المختلفة في 2016، مرجحا أن تكون السياسات الحكومية قد ساعدت في تخفيف ركود السوق العقارية إلى حد ما في 2015، مما أدى إلى تحسن الأسعار والطلب في المدن الكبرى.
وأضاف التقرير أن السلطات ستواصل التركيز على تصريف المعروض العقاري في عام 2016 مع توقع ارتفاع سعر الإسكان الوطني المتوسط بما بين 4 إلى 7 في المائة، وفقا للتقرير. كما ذكر التقرير أن التباين في السوق سيصبح أكثر وضوحا في عام 2016، حيث سيدفع التدفق السكاني والازدهار الاقتصادي الأسعار إلى أعلى في المدن الكبيرة، في حين تؤدي زيادة العرض في المدن الأصغر إلى انخفاض الأسعار.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.