زلزال منتظر يهدد السوق العقارية الأميركية

الولايات المتحدة تلاحق المشترين السريين للعقارات الفاخرة

مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
TT

زلزال منتظر يهدد السوق العقارية الأميركية

مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات

إثر القلق الذي يساورها حيال الأموال غير المشروعة التي تتدفق عبر العقارات الفاخرة في البلاد، صرحت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي أنها بصدد البدء في تحديد وتتبع المشترين السريين لتلك العقارات الفاخرة.
ومن شأن المبادرة الجديدة أن تبدأ في اثنين من الأماكن الرئيسية الجاذبة للثروات الخارجية داخل البلاد، خاصة في مانهاتن ومقاطعة ميامي ديد. ومن شأن المبادرة الجديدة تسليط الأضواء على الجوانب المظلمة من سوق العقارات، والتي تعني المشتريات النقدية الفورية من قبل الشركات الوهمية، والتي تُخفي في كثير من الأحيان الهويات الحقيقية للمشترين الأصليين.
تعد تلك هي المرة الأولى التي تطلب فيها الحكومة الفيدرالية الأميركية من الشركات العقارية الإفصاح عن الأسماء الحقيقية للمعاملات النقدية الفورية، ومن المرجح أن يسبب ذلك ارتجافا كبيرا في مختلف أنحاء الصناعة العقارية الأميركية، التي أفادت بشكل هائل خلال السنوات الماضية من طفرة البناء الكبيرة، والتي تعتمد بشكل متزايد على الأثرياء والمشترين السريين.
وتعتبر تلك المبادرة الحكومية جزءا من جهود فيدرالية أوسع لزيادة التركيز على عمليات غسل الأموال في الأسواق العقارية. وقال المسؤولون في وزارة الخزانة ووكالات إنفاذ القانون إنهم وضعوا الكثير من الموارد تحت تصرف المحققين في مبيعات العقارات الفاخرة التي تنضوي على شركات وهمية، مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمعروفة غالبًا تحت مسمى (L.L.C)، والشراكات، وغير ذلك من الكيانات التجارية.
وأضاف المسؤولون أن التحقيقات المستقبلية سوف تركز كذلك بصورة متزايدة على المحترفين الذين يساعدون في عمليات غسل الأموال، ومن بينهم الوكلاء العقاريون، والمحامون، والمصرفيون، ووكلاء تكوين الشركات ذات المسؤولية المحدودة.
وأضاف المسؤولون أن الجهود الحكومية الجديدة استلهمت في جزء منها من سلسلة مقالات نشرت العام الماضي في صحيفة «نيويورك تايمز»، والتي تابعت باهتمام الاستخدام المتصاعد للشركات الوهمية تحت صفة المشترين الأجانب، والذين يسعون بشكل كبير للحصول على ملاذات آمنة لأموالهم داخل الولايات المتحدة. ولقد كشفت التحقيقات أن الوكلاء العقاريين المحترفين، وخصوصًا العاملين في سوق العقارات الفاخرة، لا يعلمون الكثير، في واقع الأمر، عن المشترين الحقيقيين. وحتى الآن، ليست هناك من ضرورة قانونية تلزمهم بذلك.
ويعتبر استخدام الشركات الوهمية في مجال العقارات من الأمور القانونية، كما أن للشركات ذات المسؤولية المحدودة جملة من الاستخدامات لا علاقة لها بالسرية. ولكن أحد المسؤولين الكبار بوزارة الخزانة الأميركية، وهي السيدة جنيفر شاسكي كالفري، صرحت أن الوزارة قد وقفت على بعض الحالات التي استخدمت فيها بعض المنازل التي يبلغ سعرها عدة ملايين من الدولارات قد استخدمت كصناديق ودائع آمنة للمكاسب المالية غير المشروعة، عبر المعاملات التي تتم بصورة غامضة من خلال استخدام الشركات الوهمية مجهولة الهوية.
وقالت السيدة كالفري، مديرة شبكة إنفاذ الجرائم المالية، وهي الوحدة المكلفة بإدارة المبادرة المذكورة لدى وزارة الخزانة الأميركية: «إننا نشعر بالقلق من إمكانية ضخ الأموال القذرة في سوق العقارات الأميركية الفاخرة. كما نعتقد أن بعض المخاطر الكبيرة تكمن حول أقل المعاملات المالية شفافية».
وسوف تركز وزارة الخزانة الأميركية على المبيعات التي يتم سدادها نقدًا، وتلك التي تجري باستخدام الشركات الوهمية. وتطالب الحكومة شركات التأمين العقارية، والمشاركة بصورة تقريبية في كل المبيعات، بالكشف عن هويات المشترين وتسليم تلك المعلومات إلى وزارة الخزانة. حيث تقوم الوزارة بعد ذلك بإدخال المعلومات على قواعد البيانات الخاصة بوكالات إنفاذ القانون. ومن شأن برنامج وزارة الخزانة الجديد التأثير على مليارات الدولارات من المعاملات والصفقات العقارية.
وفي مانهاتن، تستلزم المبادرة من المشترين الإبلاغ عن المبيعات التي تتجاوز 3 ملايين دولار، وفي مقاطعة ميامي ديد، تستلزم المبادرة من المشترين الإبلاغ أيضًا عن المبيعات التي تفوق المليون دولار. وفي مانهاتن كذلك، بيع أكثر من 1045 منزلاً بأكثر من 3 ملايين دولار للوحدة الواحدة خلال النصف الثاني من عام 2015، وقدرت قيمتها الإجمالية بنحو 6.5 مليار دولار، وفقا لمؤسسة «بروبرتي - شارك» للبيانات العقارية.
وإضافة إلى بدء تنفيذ المبادرة في اثنتين فقط من أبرز مناطق السوق العقارية الأميركية، فإن الشرط المذكور يعتبر ساريا من مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب) المقبلين. وإذا وجد مسؤولو وزارة الخزانة أن الكثير من المبيعات تتضمن أموالا مشبوهة، كما قالت السيدة كالفري، فسوف يفرضون متطلبات دائمة للإبلاغ عن المبيعات في جميع أرجاء البلاد.
ويقول باتريك فالون، المسؤول البارز لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية، إن «السرية الكامنة تحت الشركات الوهمية قد أعاقت مسار التحقيقات، ومن شأن وزارة الخزانة أن تساعد في تعقب الأموال غير المشروعة».
وأضاف السيد فالون، وهو رئيس قسم الجرائم المالية التابع للمكتب: «ننوي تشجيع التوسع في ذلك، وليس فقط في المناطق الجغرافية المعنية، ولكن في مختلف أنحاء البلاد كذلك. ونعتقد أن المبادرة سوف تثبت جدارتها».
وخلصت صحيفة الـ«تايمز» في تحقيقها إلى أن نصف المنازل المبيعة على الصعيد الوطني تقريبا، والتي تُقدر قيمتها بما لا يقل عن 5 ملايين دولار، قد تم شراؤها باستخدام الشركات الوهمية. ويرتفع ذلك الرقم كثيرا في مانهاتن ولوس أنجليس.
وفي نيويورك، فحصت الصحيفة سجلات عشر سنوات من ملكيات المنازل في مجمع شهير للشقق السكنية بالقرب من سنترال بارك، ويسمى مبنى «تايم وارنر سنتر»، وخلصت الصحيفة إلى وجود عدد من الملاك السريين والذين كانوا محل التحقيقات الحكومية الأخيرة. وكان من بينهم نواب سابقون في البرلمان الروسي، وحاكم سابق من كولومبيا، وممول بريطاني، ورجل أعمال على صلات وثيقة برئيس وزراء ماليزيا، وهو قيد التحقيقات الجارية في فلوريدا. كما كشفت صحيفة الـ«تايمز» عن عمارات سكنية في «بوكا راتون» على صلات بكبار المسؤولين في وزارة الإسكان المكسيكية، والذين تنحوا عن مناصبهم في الآونة الأخيرة، وهم الآن من أبرز المتنافسين على منصب الحاكم في ولاية أواكساكا المكسيكية الجنوبية.
وتقول السيدة كالفري إن تلك النتائج ساعدت في إقناع وزارة الخزانة بأن المزيد من التدقيق في المشترين للعقارات الفاخرة بات ضروريا. وأضافت أنه «من السهل الحديث عن المسألة مع أناس ليسوا من أهل التخصص في مجال عملنا، عندما يقرأون عنها في الصحف».
وفي واقع الأمر، وخلال الربيع الماضي، بدأت وزارة المالية في مدينة نيويورك بمطالبة الشركات الوهمية التي تشتري العقارات في المدينة بالإبلاغ عن أسماء أعضاء الشركة إلى مجلس المدينة. وتلك القاعدة، رغم ذلك، لا تحل محل مبادرة وزارة الخزانة بحال.
وأصبحت العقارات من أكبر أهداف وكالات إنفاذ القانون الأميركية كذلك. ووفقًا لاثنين من الشخصيات المطلعة على القضايا في وزارة العدل، فقد بدأ المحامون هناك في صياغة القضايا بصورة مباشرة حول غسل الأموال عبر الصفقات العقارية، بدلا من إلحاق هذه المعاملات إلى قضايا أخرى.
وشكل مكتب التحقيقات الفيدرالية في الأشهر الأخيرة وحدة جديدة معنية بالتركيز على عمليات غسل الأموال، وسوف تكون العقارات أحد مجالات التركيز لدى تلك الوحدة. والوحدة التي تتكون من عشرة عملاء فيدراليين تساعد وزارة العدل في استكشاف محيط الشركات الوهمية والشخصيات الضالعة في عمليات غسل الأموال، كما أفاد بذلك المسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالية.
وقال السيد فالون من مكتب التحقيقات الفيدرالية: «إننا نسعى وراء الأشخاص الذين يسهلون غسل الأموال في البلاد. وهم المصرفيون، والمحاسبون، والمحامون، وغيرهم ممن ينشئون الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمؤسسات التجارية، والشخصيات الذين ينشئون الشركات غير الربحية، وصناديق الاستثمار العقاري المختلفة».
ومن المرجح لجهود التدقيق والمراجعة الجديدة أن تزيد الضغوط على صناعة العقارات، ويرجع ذلك في جزء منه إلى صعوبة اختراق الشركات الوهمية. حيث يعمد المشترون في كثير من الأحيان إلى إخفاء هوياتهم الحقيقية عن طريق إنشاء شركات فوق الشركات الوهمية الأخرى. كما يقوم المشترون كذلك باستيفاء بيانات الشركات ذات المسؤولية المحدودة باستخدام أسماء المحامين أو غير ذلك من أصحاب العقارات، والمعروفين في الغالب باسم «المرشحين» بدلا من أسمائهم الحقيقية.
وتبحث وزارة الخزانة عن الملاك الحقيقيين وراء الشركات الوهمية، والذين يشار إليهم في أغلب الأحيان بمسمى الملاك المستفيدين. وتقول السيدة كالفري عن ذلك: «إننا لا نبحث عن المرشحين».
ولقد عرّفت وزارة الخزانة في الأمر الصادر منها الملاك المستفيدين بأنهم «كل شخص يمتلك، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما نسبته 25 في المائة أو أكثر من حصص رأس المال» من الكيان الذي ابتاع العقار. وبمجرد أن تحدد شركات الملكية أولئك الأشخاص، يلتزمون حينئذ بتسليم نسخ من رخص القيادة أو جوازات السفر وكذلك نقل أسماء أولئك الأشخاص إلى وزارة الخزانة.
ويقول ستيفن هوداك، المتحدث الرسمي باسم شبكة إنفاذ الجرائم المالية لدى وزارة الخزانة، إن أية شركة من شركات الملكية أو المشترين الذين يقدمون معلومات مغلوطة يمكن أن يواجهوا العقوبات القانونية. وقالت رابطة ملكيات الأراضي الأميركية في بيان صادر عنها إنها سوف تساعد أعضاءها على الامتثال للمتطلبات الجديدة المقررة من جانب وزارة المالية.
وبموجب قانون باتريوت بالولايات المتحدة، فإن وزارة الخزانة مخولة كذلك بمطالبة الشركات العقارية بالتدقيق في بيانات مشتري العقارات في الولايات المتحدة، ولكن الوزارة فيما سبق واجهت ضغوطًا كبيرة ضد إصدار مثل تلك القواعد الجديدة. وتطالب الوزارة في الوقت الحالي مقرضي الرهن العقاري بالتدقيق في بيانات المشترين. غير أن المشترين بالدفع النقدي شكلوا فيما قبل فجوة هائلة في الإشراف الحكومي على سوق العقارات، كما قالت السيدة كالفري.
وقد أضافت أخيرا: «تشير لنا كل المعلومات المتكررة التي نرى فيها المجرمين من مختلف المجالات يضعون أموالهم في الاستثمارات العقارية، إلى أن تلك الصناعة تستدعي من الوزارة قدرا أكبر من الاهتمام والعناية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».