زلزال منتظر يهدد السوق العقارية الأميركية

الولايات المتحدة تلاحق المشترين السريين للعقارات الفاخرة

مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
TT

زلزال منتظر يهدد السوق العقارية الأميركية

مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات
مبنى «تايم وارنر سنتر» الشهير في نيويورك حيث توجد حالات كثيرة للملاك السريين موضع التحقيقات

إثر القلق الذي يساورها حيال الأموال غير المشروعة التي تتدفق عبر العقارات الفاخرة في البلاد، صرحت وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي أنها بصدد البدء في تحديد وتتبع المشترين السريين لتلك العقارات الفاخرة.
ومن شأن المبادرة الجديدة أن تبدأ في اثنين من الأماكن الرئيسية الجاذبة للثروات الخارجية داخل البلاد، خاصة في مانهاتن ومقاطعة ميامي ديد. ومن شأن المبادرة الجديدة تسليط الأضواء على الجوانب المظلمة من سوق العقارات، والتي تعني المشتريات النقدية الفورية من قبل الشركات الوهمية، والتي تُخفي في كثير من الأحيان الهويات الحقيقية للمشترين الأصليين.
تعد تلك هي المرة الأولى التي تطلب فيها الحكومة الفيدرالية الأميركية من الشركات العقارية الإفصاح عن الأسماء الحقيقية للمعاملات النقدية الفورية، ومن المرجح أن يسبب ذلك ارتجافا كبيرا في مختلف أنحاء الصناعة العقارية الأميركية، التي أفادت بشكل هائل خلال السنوات الماضية من طفرة البناء الكبيرة، والتي تعتمد بشكل متزايد على الأثرياء والمشترين السريين.
وتعتبر تلك المبادرة الحكومية جزءا من جهود فيدرالية أوسع لزيادة التركيز على عمليات غسل الأموال في الأسواق العقارية. وقال المسؤولون في وزارة الخزانة ووكالات إنفاذ القانون إنهم وضعوا الكثير من الموارد تحت تصرف المحققين في مبيعات العقارات الفاخرة التي تنضوي على شركات وهمية، مثل الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمعروفة غالبًا تحت مسمى (L.L.C)، والشراكات، وغير ذلك من الكيانات التجارية.
وأضاف المسؤولون أن التحقيقات المستقبلية سوف تركز كذلك بصورة متزايدة على المحترفين الذين يساعدون في عمليات غسل الأموال، ومن بينهم الوكلاء العقاريون، والمحامون، والمصرفيون، ووكلاء تكوين الشركات ذات المسؤولية المحدودة.
وأضاف المسؤولون أن الجهود الحكومية الجديدة استلهمت في جزء منها من سلسلة مقالات نشرت العام الماضي في صحيفة «نيويورك تايمز»، والتي تابعت باهتمام الاستخدام المتصاعد للشركات الوهمية تحت صفة المشترين الأجانب، والذين يسعون بشكل كبير للحصول على ملاذات آمنة لأموالهم داخل الولايات المتحدة. ولقد كشفت التحقيقات أن الوكلاء العقاريين المحترفين، وخصوصًا العاملين في سوق العقارات الفاخرة، لا يعلمون الكثير، في واقع الأمر، عن المشترين الحقيقيين. وحتى الآن، ليست هناك من ضرورة قانونية تلزمهم بذلك.
ويعتبر استخدام الشركات الوهمية في مجال العقارات من الأمور القانونية، كما أن للشركات ذات المسؤولية المحدودة جملة من الاستخدامات لا علاقة لها بالسرية. ولكن أحد المسؤولين الكبار بوزارة الخزانة الأميركية، وهي السيدة جنيفر شاسكي كالفري، صرحت أن الوزارة قد وقفت على بعض الحالات التي استخدمت فيها بعض المنازل التي يبلغ سعرها عدة ملايين من الدولارات قد استخدمت كصناديق ودائع آمنة للمكاسب المالية غير المشروعة، عبر المعاملات التي تتم بصورة غامضة من خلال استخدام الشركات الوهمية مجهولة الهوية.
وقالت السيدة كالفري، مديرة شبكة إنفاذ الجرائم المالية، وهي الوحدة المكلفة بإدارة المبادرة المذكورة لدى وزارة الخزانة الأميركية: «إننا نشعر بالقلق من إمكانية ضخ الأموال القذرة في سوق العقارات الأميركية الفاخرة. كما نعتقد أن بعض المخاطر الكبيرة تكمن حول أقل المعاملات المالية شفافية».
وسوف تركز وزارة الخزانة الأميركية على المبيعات التي يتم سدادها نقدًا، وتلك التي تجري باستخدام الشركات الوهمية. وتطالب الحكومة شركات التأمين العقارية، والمشاركة بصورة تقريبية في كل المبيعات، بالكشف عن هويات المشترين وتسليم تلك المعلومات إلى وزارة الخزانة. حيث تقوم الوزارة بعد ذلك بإدخال المعلومات على قواعد البيانات الخاصة بوكالات إنفاذ القانون. ومن شأن برنامج وزارة الخزانة الجديد التأثير على مليارات الدولارات من المعاملات والصفقات العقارية.
وفي مانهاتن، تستلزم المبادرة من المشترين الإبلاغ عن المبيعات التي تتجاوز 3 ملايين دولار، وفي مقاطعة ميامي ديد، تستلزم المبادرة من المشترين الإبلاغ أيضًا عن المبيعات التي تفوق المليون دولار. وفي مانهاتن كذلك، بيع أكثر من 1045 منزلاً بأكثر من 3 ملايين دولار للوحدة الواحدة خلال النصف الثاني من عام 2015، وقدرت قيمتها الإجمالية بنحو 6.5 مليار دولار، وفقا لمؤسسة «بروبرتي - شارك» للبيانات العقارية.
وإضافة إلى بدء تنفيذ المبادرة في اثنتين فقط من أبرز مناطق السوق العقارية الأميركية، فإن الشرط المذكور يعتبر ساريا من مارس (آذار) وحتى أغسطس (آب) المقبلين. وإذا وجد مسؤولو وزارة الخزانة أن الكثير من المبيعات تتضمن أموالا مشبوهة، كما قالت السيدة كالفري، فسوف يفرضون متطلبات دائمة للإبلاغ عن المبيعات في جميع أرجاء البلاد.
ويقول باتريك فالون، المسؤول البارز لدى مكتب التحقيقات الفيدرالية، إن «السرية الكامنة تحت الشركات الوهمية قد أعاقت مسار التحقيقات، ومن شأن وزارة الخزانة أن تساعد في تعقب الأموال غير المشروعة».
وأضاف السيد فالون، وهو رئيس قسم الجرائم المالية التابع للمكتب: «ننوي تشجيع التوسع في ذلك، وليس فقط في المناطق الجغرافية المعنية، ولكن في مختلف أنحاء البلاد كذلك. ونعتقد أن المبادرة سوف تثبت جدارتها».
وخلصت صحيفة الـ«تايمز» في تحقيقها إلى أن نصف المنازل المبيعة على الصعيد الوطني تقريبا، والتي تُقدر قيمتها بما لا يقل عن 5 ملايين دولار، قد تم شراؤها باستخدام الشركات الوهمية. ويرتفع ذلك الرقم كثيرا في مانهاتن ولوس أنجليس.
وفي نيويورك، فحصت الصحيفة سجلات عشر سنوات من ملكيات المنازل في مجمع شهير للشقق السكنية بالقرب من سنترال بارك، ويسمى مبنى «تايم وارنر سنتر»، وخلصت الصحيفة إلى وجود عدد من الملاك السريين والذين كانوا محل التحقيقات الحكومية الأخيرة. وكان من بينهم نواب سابقون في البرلمان الروسي، وحاكم سابق من كولومبيا، وممول بريطاني، ورجل أعمال على صلات وثيقة برئيس وزراء ماليزيا، وهو قيد التحقيقات الجارية في فلوريدا. كما كشفت صحيفة الـ«تايمز» عن عمارات سكنية في «بوكا راتون» على صلات بكبار المسؤولين في وزارة الإسكان المكسيكية، والذين تنحوا عن مناصبهم في الآونة الأخيرة، وهم الآن من أبرز المتنافسين على منصب الحاكم في ولاية أواكساكا المكسيكية الجنوبية.
وتقول السيدة كالفري إن تلك النتائج ساعدت في إقناع وزارة الخزانة بأن المزيد من التدقيق في المشترين للعقارات الفاخرة بات ضروريا. وأضافت أنه «من السهل الحديث عن المسألة مع أناس ليسوا من أهل التخصص في مجال عملنا، عندما يقرأون عنها في الصحف».
وفي واقع الأمر، وخلال الربيع الماضي، بدأت وزارة المالية في مدينة نيويورك بمطالبة الشركات الوهمية التي تشتري العقارات في المدينة بالإبلاغ عن أسماء أعضاء الشركة إلى مجلس المدينة. وتلك القاعدة، رغم ذلك، لا تحل محل مبادرة وزارة الخزانة بحال.
وأصبحت العقارات من أكبر أهداف وكالات إنفاذ القانون الأميركية كذلك. ووفقًا لاثنين من الشخصيات المطلعة على القضايا في وزارة العدل، فقد بدأ المحامون هناك في صياغة القضايا بصورة مباشرة حول غسل الأموال عبر الصفقات العقارية، بدلا من إلحاق هذه المعاملات إلى قضايا أخرى.
وشكل مكتب التحقيقات الفيدرالية في الأشهر الأخيرة وحدة جديدة معنية بالتركيز على عمليات غسل الأموال، وسوف تكون العقارات أحد مجالات التركيز لدى تلك الوحدة. والوحدة التي تتكون من عشرة عملاء فيدراليين تساعد وزارة العدل في استكشاف محيط الشركات الوهمية والشخصيات الضالعة في عمليات غسل الأموال، كما أفاد بذلك المسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالية.
وقال السيد فالون من مكتب التحقيقات الفيدرالية: «إننا نسعى وراء الأشخاص الذين يسهلون غسل الأموال في البلاد. وهم المصرفيون، والمحاسبون، والمحامون، وغيرهم ممن ينشئون الشركات ذات المسؤولية المحدودة، والمؤسسات التجارية، والشخصيات الذين ينشئون الشركات غير الربحية، وصناديق الاستثمار العقاري المختلفة».
ومن المرجح لجهود التدقيق والمراجعة الجديدة أن تزيد الضغوط على صناعة العقارات، ويرجع ذلك في جزء منه إلى صعوبة اختراق الشركات الوهمية. حيث يعمد المشترون في كثير من الأحيان إلى إخفاء هوياتهم الحقيقية عن طريق إنشاء شركات فوق الشركات الوهمية الأخرى. كما يقوم المشترون كذلك باستيفاء بيانات الشركات ذات المسؤولية المحدودة باستخدام أسماء المحامين أو غير ذلك من أصحاب العقارات، والمعروفين في الغالب باسم «المرشحين» بدلا من أسمائهم الحقيقية.
وتبحث وزارة الخزانة عن الملاك الحقيقيين وراء الشركات الوهمية، والذين يشار إليهم في أغلب الأحيان بمسمى الملاك المستفيدين. وتقول السيدة كالفري عن ذلك: «إننا لا نبحث عن المرشحين».
ولقد عرّفت وزارة الخزانة في الأمر الصادر منها الملاك المستفيدين بأنهم «كل شخص يمتلك، بشكل مباشر أو غير مباشر، ما نسبته 25 في المائة أو أكثر من حصص رأس المال» من الكيان الذي ابتاع العقار. وبمجرد أن تحدد شركات الملكية أولئك الأشخاص، يلتزمون حينئذ بتسليم نسخ من رخص القيادة أو جوازات السفر وكذلك نقل أسماء أولئك الأشخاص إلى وزارة الخزانة.
ويقول ستيفن هوداك، المتحدث الرسمي باسم شبكة إنفاذ الجرائم المالية لدى وزارة الخزانة، إن أية شركة من شركات الملكية أو المشترين الذين يقدمون معلومات مغلوطة يمكن أن يواجهوا العقوبات القانونية. وقالت رابطة ملكيات الأراضي الأميركية في بيان صادر عنها إنها سوف تساعد أعضاءها على الامتثال للمتطلبات الجديدة المقررة من جانب وزارة المالية.
وبموجب قانون باتريوت بالولايات المتحدة، فإن وزارة الخزانة مخولة كذلك بمطالبة الشركات العقارية بالتدقيق في بيانات مشتري العقارات في الولايات المتحدة، ولكن الوزارة فيما سبق واجهت ضغوطًا كبيرة ضد إصدار مثل تلك القواعد الجديدة. وتطالب الوزارة في الوقت الحالي مقرضي الرهن العقاري بالتدقيق في بيانات المشترين. غير أن المشترين بالدفع النقدي شكلوا فيما قبل فجوة هائلة في الإشراف الحكومي على سوق العقارات، كما قالت السيدة كالفري.
وقد أضافت أخيرا: «تشير لنا كل المعلومات المتكررة التي نرى فيها المجرمين من مختلف المجالات يضعون أموالهم في الاستثمارات العقارية، إلى أن تلك الصناعة تستدعي من الوزارة قدرا أكبر من الاهتمام والعناية».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».