البرلمان الليبي يرفض حكومة الوفاق الوطني ويعتمد اتفاق «الصخيرات»

بعد طول انتظار، أعلن مجلس النواب الليبي أمس رفضه لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، مصوتا ضدها في جلسة علنية عقدها بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق.
ومن بين 104 أعضاء شاركوا في الجلسة التي عقدت بعد طول غياب بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم، صوت 89 عضوا على رفض مقترح حكومة الوفاق الوطني المقدم من مجلسها الرئاسي وطالبوا بإعادة تشكيل حكومة مصغرة مكونة من 17 حقيبة وزارية فقط بدلا من 32 كما هو في حكومة رجل الأعمال الليبي فائز السراج، خلال عشرة أيام. وطلب مجلس النواب من علي القطراني وعمر الأسود، عضوَي المجلس الرئاسي للحكومة الجديدة، إنهاء تعليق عضويتهما في المجلس والعودة لممارسة عملهما فيه مجددا بعد زوال أسباب التعليق.
وألغى المجلس المادة الثامنة في الأحكام الإضافية للاتفاق السياسي الذي تم توقيعه برعاية بعثة الأمم المتحدة نهاية العام الماضي في منتجع الصخيرات بالمغرب بين ممثلين عن البرلمان الحالي والسابق، والمتعلقة بصلاحيات المناصب العسكرية والمدنية والأمنیة العلیا.
وكان الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الموالي للسلطات الشرعية في البلاد انتقد هذه المادة في تصريحات علنية قبل يومين، واعتبر أنها تمس بالجيش الذي يواجه الجماعات الإرهابية والمتطرفة في ليبيا وتمنع إعادة تسليحه مجددا.
ويعني هذا التصويت اعتماد مجلس النواب بشكل ضمني لاتفاق الصخيرات، الذي سبق أن انتقده رئيس المجلس عقيلة صالح، علما بأنه نص على تشكيل مجلس رئاسي لحكومة الوفاق الوطني بالإضافة إلى مجلس أعلى للدولة الليبية.
ومن المقرر أن يستأنف مجلس النواب جلسته اليوم في طبرق لمناقشة عملية تصحيح لجنة الحوار الممثلة له في مفاوضات السلام التي ترعاها بعثة الأمم المتحدة.
والتزمت البعثة الأممية الصمت ولم تصدر حتى مساء أمس أي بيان رسمي تعليقا على ما دار في جلسة البرلمان الليبي المعترف به دوليا، لكن رئيس البعثة مارتن كوبلر دعا في المقابل في تصريحات أدلى بها لقناة تلفزيونية موالية للإخوان في طرابلس، إلى إحداث ما وصفه بتوافق عام حول اتفاق الصخيرات، دون أن يحدد الآليات اللازمة لذلك.
وأضاف: «نعم، هناك قرار صادر من مجلس الأمن، الطريقة لوحيدة لاكتساب الشرعية هي عبر الشعب الليبي، هذه توجيهات من مجلس الأمن، وفي النهاية أنا موظف وهم رؤسائي ويجب أن يكون هناك توافق في هذا الصدد». وكشف النقاب عن اعتزامه العودة مجددا إلى العاصمة طرابلس للقاء نوري أبو سهمين رئيس البرلمان غبر المعترف به دوليا. كما لم يصدر أي بيان عن فائز السراج رئيس الحكومة الليبية المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، الذي بدأ أمس زيارة رسمية إلى الجزائر بدعوة من الوزير الأول الجزائري عبد المالك السلال الذي كان في مقدمة مستقبليه.
وقال السراج في بيان وزعه مكتبه الإعلامي إنه أجرى أمس بمقر الحكومة الجزائرية جولة مباحثات رسمية بين الجانبين بشأن دعم خيار الشعب الليبي في إنهاء حالة الانقسام السياسي والعمل مع حكومة الوفاق الوطني ومحاربة الإرهاب وتأمين الحدود والاستفادة من التجربة الجزائرية في المصالحة الوطنية وبناء المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية. وأوضح أنه كان مقررا أن يلتقي في وقت لاحق من مساء أمس مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
من جهتها، قالت الحكومة الجزائرية إن زيارة السراج تندرج في إطار «مواصلة جهود الجزائر لاستكمال الحل السياسي التوافقي بين الليبيين، الوحيد الكفيل بالحفاظ على سيادة هذا البلد الشقيق والجار وسلامته الترابية ووحدة شعبه». وأكدت أن الجزائر ستؤكد بهذه المناسبة «دعمها» لليبيا التي تواجه «تحديات كثيرة، لا سيما تلك المتعلقة بإنشاء مؤسسات جديدة ومكافحة الإرهاب واستتباب السلم والأمن».
وكانت الجزائر رحبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا، ودعت الليبيين والأطياف السياسية إلى الالتفاف حولها لمواجهة مختلف التحديات.
إلى ذلك، قالت وكالة الأنباء الموالية للسلطات غير الشرعية في العاصمة الليبية طرابلس إن خمسة ضباط تابعين للقوات الخاصة البريطانية وصلوا على متن طائرة خاصة إلى مطار حقل النافورة النفطي الواقع شمال مدينة جالو قادمين من قاعدة طبرق العسكرية.
ونقلت الوكالة عن مصدر أمني وصول الضباط البريطانيين الخمسة، لافتا إلى أن حقل النافورة التابع لشركة الخليج العربي للنفط كانت تديره شركة «بي بي» البريطانية، وما زال يعمل بالحقل عدد من العمالة البريطانيين.
من جهته، أعلن مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن تراجع إنتاج البلاد من الخام في السنوات الأخيرة بسبب الاضطرابات أضاع إيرادات قدرها 68 مليار دولار.
وقال صنع الله إن الإنتاج تراجع إلى 362 ألف برميل يوميا من 400 ألف برميل يوميا بعد سلسلة هجمات شنها مسلحو تنظيم داعش على أكبر مرافئ النفط الليبية الأسبوع الماضي.