عودة الهدوء إلى تونس في انتظار قرارات الحكومة بشأن تشغيل العاطلين

دعوة لتسوية ملفات 65 ألفًا من عمال الحظائر

عناصر من قوات الأمن التونسي  يقفون خارج مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس الجمعة الماضية (رويترز)
عناصر من قوات الأمن التونسي يقفون خارج مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس الجمعة الماضية (رويترز)
TT

عودة الهدوء إلى تونس في انتظار قرارات الحكومة بشأن تشغيل العاطلين

عناصر من قوات الأمن التونسي  يقفون خارج مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس الجمعة الماضية (رويترز)
عناصر من قوات الأمن التونسي يقفون خارج مبنى وزارة الداخلية في العاصمة تونس الجمعة الماضية (رويترز)

يشارك الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية بداية من اليوم في سلسلة من اللقاءات التشاورية تجمعه بالأمناء العامين للأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والحقوقية، إثر اندلاع أزمة اجتماعية خانقة انتهت إلى إعلان حظر التجول الليلي في كل أنحاء البلاد بعد موجة حادة من الاحتجاجات طالت معظم المدن التونسية.
ووفق بلاغ لرئاسة الحكومة «ستخصص اللقاءات لطرح مختلف الملفات الاجتماعية والاقتصادية والبحث عن حلول» تطفئ غليان الوضع الاجتماعي، وتخفف من وطأة الإحساس بانسداد الآفاق أمام الشباب العاطل عن العمل. وأبقى الصيد على مجلس الوزراء الذي ترأسه أول من أمس مفتوحا لاتخاذ قرارات بشأن الملفات الاجتماعية الكبرى، وعلى رأسها تشغيل الشباب العاطل عن العمل، وتمكين المناطق المحرومة من مشاريع تنمية، غير أن عدة أحزاب سياسية من بينها «تحالف الجبهة الشعبية» اليساري بزعامة حمة الهمامي، وحراك «تونس الإرادة» الذي يترأسه المنصف المرزوقي، وكلاهما ينشط في صفوف المعارضة، شككت في قدرة الحكومة الحالية على إيجاد حلول عاجلة لملفات متراكمة منذ عقود، ودعت الحكومة إلى الاعتراف بوجود أزمة اجتماعية واقتصادية بدلا من المعالجة الأمنية للتحركات الاحتجاجية.
وأثنى رئيس الحكومة في مؤتمر صحافي عقده السبت على الدور الإيجابي الذي لعبته المنظمات النقابية والأحزاب السياسية خلال الاحتجاجات الاجتماعية التي تواصلت لمدة سبعة أيام متتالية، في الدفاع عن مؤسسات الدولة والأملاك الخاصة والتخفيف من حدة التوتر، بعد تأكدها من وجود أهداف تخريبية وراء الاحتجاجات ذات الطابع السلمي عند انطلاقها، على حد قوله.
وتعول الحكومة على المنظمات النقابية والأحزاب السياسية ذات الثقل الانتخابي في التحاور مع الفئات المحتجة، وإطلاعها على الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها تونس في ظل تخوفات حكومية من صعوبة مواجهة الاحتجاجات، وتوفر الظروف المناسبة لعودتها من جديد.
وبشأن التطورات الأمنية الحاصلة في البلاد بعد الموجة الحادة من الاحتجاجات، أشارت تقارير أمنية صادرة عن وزارة الداخلية، إلى عودة شبه كلية للهدوء في مختلف أنحاء البلاد. وقال العميد خليفة الشيباني، المتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني، إن «هدوءا شبه تام قد عاد إلى المدن التونسية خلال الليلة قبل الماضية»، بعد موجة من المواجهات مع شباب محتجين في حي التضامن وحي الانطلاقة ومنطقة الكرم (الضاحية الشمالية للعاصمة)، وهي أحياء شعبية محيطة بالعاصمة. كما أكد حجز كمية هامة من المسروقات بعد سلسلة من المداهمات لمنازل شبان متهمين بالنهب والتخريب، وقال إنها تمثلت بالخصوص في تجهيزات كهرو - منزلية ومواد تنظيف ومواد تجميل ومواد غذائية، كانت قد تعرضت للنهب خلال الفترة الماضية.
ودعا أمنيون العائلات التونسية إلى الاهتمام بأبنائهم القاصرين، وإقناعهم بضرورة الالتزام بقانون حظر التجوال بعد تسجيل نسبة كبيرة من صغار السن من بين الموقوفين المتهمين بخرق قانون حظر التجوال.
وبشأن عجز الحكومات المتعاقبة عن إيجاد حلول مجدية لمعضلة التشغيل، قال سعد بومخلة الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن وجود نحو 700 ألف عاطل عن العمل، من بينهم قرابة 250 ألفا من أصحاب الشواهد الجامعية يمثل مسؤولية ثقيلة للغاية لن تتمكن أية حكومة من حلها. ودعا الحكومة إلى الأخذ بزمام الأمور من خلال دفع التنمية في الجهات، والحرص على تفعيل المشاريع المعطلة التي بلغت نسبة 65 في المائة مما تمت برمجته في بعض الجهات. وأضاف أن عودة ثقافة الإنتاج وصناعة الثروة، تمثل أهم الحلول لملف البطالة، حيث إن تحقيق نسبة نمو تقارب الصفر لا يمكن أبدا أن توفر مواطن شغل للشباب العاطل.
من ناحية أخرى، دعا المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (هيئة حقوقية مستقلة) الحكومة إلى تسوية ملف نحو 65 ألفا من عملة الحظائر، وقال إن «واقع هذه الشريحة الاجتماعية يتأرجح بين مجموعة من التناقضات التي كرسها منوال التنمية الحالي، المتسم بالحيف وسياسة التمييز»، على حد تعبير منير حسين الناشط الحقوقي في هذا المنتدى.
وقال حسين في مؤتمر صحافي خصصه للملف الاجتماعي في تونس، إن آلية التشغيل عن طريق الحظائر آلية هشة، وهي تشمل قرابة 65 ألف عامل. وأشار إلى أن هذا الرقم غير نهائي، لأن عدد عمال الحظائر أرفع بكثير مما تقدمه الدولة التي تعتمد سياسة التعتيم إزاء هذا القطاع على حد تعبيره. وبين أن 25 ألفا من عمال الحظائر يشتغلون في القطاع الفلاحي، بيد أن نحو 40 ألفا يعملون بالحظائر المنتشرة في الجهات الفقيرة في قطاعي الحراسة والتنظيف. وهؤلاء يتقاضون مبلغ 250 دينارا تونسيا (نحو 125 دولارا أميركيا) في الشهر، مقابل 26 ساعة عمل في الأسبوع باستثناء العطلات والأعياد، وفي ظل غياب التغطية الاجتماعية الإجبارية في القانون التونسي.
وبشأن التوزيع الجغرافي لعملة الحظائر، أوضح نفس المصدر أن نحو 63 في المائة منهم يعملون بالحظائر الجهوية في ولايات - محافظات - الوسط الغربي والشمال الغربي في باجة والكاف وسليانة والقصرين وسيدي بوزيد وهي الجهات التي عرفت أولى الاحتجاجات الاجتماعية.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.