كيري استبق محادثاته مع حجاب بمحادثات هاتفية مع لافروف

أولويات من تحاول موسكو فرضهم تدفع المعارضة إلى رفض مشاركتهم في المفاوضات

كيري استبق محادثاته مع حجاب بمحادثات هاتفية مع لافروف
TT

كيري استبق محادثاته مع حجاب بمحادثات هاتفية مع لافروف

كيري استبق محادثاته مع حجاب بمحادثات هاتفية مع لافروف

قبل ساعات قليلة على لقائه مع رياض حجاب، منسق الهيئة العليا للمفاوضات، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري محادثات خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، فيما يمكن وصفه بجهود «الأمتار الأخيرة قبل خط النهاية» بغية تجاوز العقبات التي طرأت على درب انعقاد مؤتمر جنيف - 3 في موعده المحدد، نتيجة إصرار روسيا على ضم شخصيات من تُطلق عليه «قائمة موسكو» إلى الوفد التفاوضي الذي شكلته قوى المعارضة السورية خلال مؤتمرها مؤخرًا في الرياض.
وقالت الخارجية الروسية على موقعها الرسمي إن «محادثات هاتفية جرت بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري بمبادرة من الثاني، واصلا خلالها بحث الملف السوري، وأكدا على دعمهما لجهود المبعوث الدولي سيتفان دي ميستورا في تنظيم المفاوضات في جنيف الأسبوع القادم بين ممثلين عن الحكومة السورية وعن أوساط المعارضة». وأوضحت الخارجية الروسية في بيانها أن لافروف وكيري ركزا بشكل خاص في محادثاتهما على «ضرورة تشكيل وفد ممثل فعليًا للمعارضة، مع ضمان الامتثال لجدول أعمال المفاوضات كما نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي 2254. بما في ذلك مكافحة داعش، وغيره من جماعات إرهابية، واحترام حق السوريين في تحديد مصير بلادهم». كما أعرب لافروف وكيري عن قناعتهما بجدوى مواصلة تفعيل المجموعة الدولية لدعم سوريا، بقيادة الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة، بغية توفير مرافقة دولية فعالة للعملية السياسية السورية.
وبينما يبقى مؤتمر جنيف - 3، وما إذا كان سيُعقد في موعده المحدد يوم 25 يناير (كانون الثاني) أم لا، محاطا بحالة من الغموض، وفي ظل غياب برنامج عمل وأجندة محددين واضحين للمفاوضات لمحت صحيفة «كوميرسانت» إلى أن المعارضة السورية تتحمل المسؤولية عن ظهور عقبات أمام إطلاق العملية السياسية السورية، وذلك حين قالت: إن «المعارضة غير قادرة على الاتفاق بشأن تشكيل الوفد». ونقلت «كوميرسانت» تصريحات خاصة بها عن عضو في الائتلاف الوطني المعارض أكد فيها أن روسيا لا تملك الحق «في اتخاذ القرار بمن يتم ضمه إلى قائمة وفد المعارضة، وهي تقف بشكل تام إلى جانب النظام». من ثم انتقلت لعرض تصريحات لقدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية والقيادي في جبهة التغيير والتحرير السورية (مقيم في موسكو)، أعرب فيها عن أمله في أن يتمكن هذه المرة من أن يمثل حزبه والذهاب إلى المفاوضات في جنيف، وأن لا يتكرر خطأ (جنيف - 2) «الذي فشل بسبب احتكار الائتلاف الوطني المعارض لتمثيل المعارضة» حسب قول جميل.
أما الأولويات التفاوضية وفق ما يراها جميل فهي: «أولاً: الاتفاق على مواجهة الكارثة الإنسانية، ثانيًا: (والتي يجب أن تجري بالتزامن مع أولاً - حسب قوله) التصدي للإرهاب وتحرير الأراضي السورية من الإسلاميين، وثالثا: مناقشة البنيان السياسي المستقبلي للبلاد». واعتبر قدري جميل أنه «هناك حاجة بصيغة جديدة للعلاقات بين الدولة والمجتمع، ومستويات جديدة من الحريات السياسية»، موضحًا أن «السلطات ترفض منذ 15 عامًا (أي منذ صعود الأسد الابن إلى السلطة) حل هذه المشكلة، وهو ما أدى إلى الأزمة».
هذه الأفكار التي يعتمدها قدري جميل كأولويات خلال المفاوضات بين النظام والمعارضة السوريين، هي التي تدفع المعارضة إلى رفض مشاركته في المفاوضات، معتبرين أن مثل هذه الأولويات تعني أولاً «إعادة إنتاج النظام» بينما كان القرار الدولي 2254 واضحًا حين أشار إلى أن هدف العملية السياسية تطبيق بيان جنيف - 1 وتحقيق الانتقال السياسي. أما الجوانب الإنسانية ووقف إطلاق النار ومحاربة الإرهاب فيشير معارضون إلى أنها ليست أولويات خلال المفاوضات بل إجراءات أشار إليها القرار الدولي المذكور بوضوح ودعا الأطراف إلى تطبيقها فورًا، وفي سياق اتخاذ تدابير بناء الثقة، وهو ما جاء في الفقرات (10، 12، 13، 14) من القرار 2254.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.