أطلق المجلس المحلي لمدينة داريا المحاصرة، بضواحي العاصمة السورية دمشق، صرخة حذّر فيها من خطورة المعاناة الإنسانية لسكان المدينة نتيجة الحصار الذي يفرضه النظام عليها منذ ثلاث سنوات، ومنع دخول المساعدات الغذائية والدواء والمحروقات إليها عدا عن القصف المدمر المستمر. وأشار المجلس في صرخته إلى مخطط للنظام يقضي بـ«الفصل بين داريا ومعضمية الشام للاستفراد بكل منهما، لما لذلك من عواقب كارثية على المدينتين، اللتين تشكلان معاقل الثورة في الغوطة الغربية».
المجلس المحلي لمدينة داريا وجه رسالة إلى «الشرق الأوسط»، قال فيها بأن «الحصار المطبق على المدينة دخل عامه الرابع»، متحدثا عن «أكثر من 12000 مدني محاصرين داخلها منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) يعيشون في ظل انقطاع كافة الخدمات الأساسية ومنع دخول أي شكل من أشكال المساعدات الغذائية أو الدواء، ويعتمدون على الزراعة المحلية وما يمكن تأمينه عن طريق مدينة معضمية الشام المجاورة، المحاصرة أيضًا».
الرسالة أشارت إلى أن «ما يزيد في معاناة المدنيين هو كثافة القصف بأشكاله المختلفة على المدينة، لا سيما، القصف بالبراميل المتفجرة الذي بلغ في الأشهر الأخيرة مستويات غير مسبوقة». وتابع المجلس القول: «في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وحده بلغ عدد البراميل الملقاة على مدينة داريا 853 برميلاً متفجرًا، من أصل 1156 ألقيت في جميع مناطق سوريا، حسب إحصائيات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أي أن نصيب داريا وحدها زاد على 70 في المائة من إجمالي البراميل في سوريا».
أما عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني (ابن داريا) فلفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حقد النظام على داريا يعود لبدايات الثورة، ودور المدينة في خلق واقع أمني وعسكري جديد في ريف دمشق». وذكّر الداراني أن «أول مجلس عسكري أنشئ في داريا بقيادة العقيد خالد الحبوس في العام 2012. كما أنها أول مدينة استهدفت القصر الجمهوري بالصواريخ، وأول من أسقط طائرة حربية في مطار المزة العسكري. ثم إنها تطلّ مباشرة على القصر الجمهوري وتبعد عنه 6 كيلومترات، عدا عن أنها حلقة الوصل لأوتوسترادات المزّة ودرعا والـ40». وأشار الداراني إلى أن داريا «كانت نواة الجيش السوري الحرّ مقابل دوما في الغوطة الشرقية، وكانت قد شهدت أكبر مجزرة عام 2013 ذهب ضحيتها 1300 شهيد وكان لها الحظّ الوافر من مجازر الكيماوي الذي استخدمه النظام ضد المدنيين».
أيضًا، تحدثت رسالة المجلس المحلي عن «معاناة أكثر من 250 ألف مدني اضطروا إلى النزوح عن المدينة هربًا من القصف وخوفًا من تكرار مجازر النظام بحق أهل المدينة، الذين يعيش كثيرون منهم في ظروف صعبة للغاية، بينما يحاول النظام جاهدًا منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي الفصل بين داريا ومعضمية الشام للاستفراد بكل منهما، وسيكون لذلك في حال نجاحه عواقب كارثية على المدينتين، آخر معاقل الثورة في الغوطة الغربية». وأضاف المجلس «لقد دأبت داريا على التحفظ في إبراز معاناة أهلها وغلب على إعلامها طابع التكتم والصمود والتحدي، لكن ذلك لا يعني أن أهلها لا يعانون كما باقي المناطق المحاصرة، فالمدينة ينطبق عليها قول الله عز وجل (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)». وأمل المحاصرون في داريا «التركيز على معاناة المدينة وأخواتها المحاصرة في ريف دمشق ودير الزور، والاستفادة من الوسائل الإعلامية والسياسية والإغاثية للتخفيف عن معاناة أهلها».
وأوضح الداراني أن «الحصار يطبق على نحو 12000 مدني، بالإضافة إلى نحو ألف مقاتل»، مشيرا إلى أن النظام «يحاول أن يفصل الآن بين داريا ومعضمية الشام المترابطتين، ويسعى لعزل المدينتين عن بعضهما»، وأضاف: «لكن المعضمية هي الأكثر معاناة بسبب الحصار، فداريا مدينة كبيرة وتعتمد على بساتينها وأرضها الزراعية الواسعة ووفرة المواشي، وهي أخذت درسًا من حصار العام 2013 الذي دام عامًا كاملاً قبل أن تدخل هدنة مع المعضمية ومع الغوطة الشرقية التي انقلب عليها النظام وحلفاؤه».
وهذا ما أيده الناشط الإعلامي في المعضمية سامر الحسن، الذي أكد أن مدينته «أكثر تأثرًا بالحصار الذي يهدد حياة من فيها». وأوضح الحسن لـ«الشرق الأوسط» أن «عزلها عن داريا سيزيد من صعوبة الحياة بشكل كبير». وتابع: «إن الحقد على المعضمية له أسبابه الكثيرة، منها أنها في مواجهة مباشرة مع الفرقة الرابعة ومع الحرس الجمهوري ومع مطار المزّة، وهو ما يجعلها مع امتداداتها في الغوطة الغربية شوكة قوية في خاصرة النظام».
سوريا: حصار داريا يدخل عامه الرابع ومجلسها المحلي يحذّر من كارثة إنسانية
المدينة تدفع ثمن قربها من القصر الجمهوري والنظام يسعى لفصلها عن المعضمية
سوريا: حصار داريا يدخل عامه الرابع ومجلسها المحلي يحذّر من كارثة إنسانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة