عباس: نريد حماية البلد.. و«لن أسمح بجري إلى مواجهة لا أريدها»

الرئيس الفلسطيني يقدم أقوى دعم لرئيس المخابرات الفلسطينية «خليفته المحتمل»

عباس: نريد حماية البلد.. و«لن أسمح بجري إلى مواجهة لا أريدها»
TT

عباس: نريد حماية البلد.. و«لن أسمح بجري إلى مواجهة لا أريدها»

عباس: نريد حماية البلد.. و«لن أسمح بجري إلى مواجهة لا أريدها»

قدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كامل الدعم لرئيس جهاز المخابرات الفلسطينية، اللواء ماجد فرج، على طريقته الخاصة، بالتأكيد على إحباط أي عمليات ضد إسرائيل من شأنها جر الفلسطينيين إلى أتون مواجهة كبيرة، واعتقال أي منفذين محتملين، قائلا إن تلك هي سياسته. جاء ذلك على ما يبدو، ردا على الحملة الكبيرة التي قامت بها حماس وفصائل فلسطينية أخرى، ضد فرج، بعد تصريحاته حول إحباط 200 عملية ضد إسرائيل واعتقال 100 شخص.
وذهب عباس أبعد من ذلك، بقوله إن التنسيق الأمني مع إسرائيل مستمر. وأضاف خلال لقائه عددا من الصحافيين في مقره برام الله، إن «التنسيق الأمني قائم حتى هذه اللحظة... نقوم بواجبنا على أكمل وجه. نعم (نحن) نمنع أي عمل بدو يصير هون أو هون (يحدث هنا أو هناك)». وتابع قائلا: «مهمة الأمن أن يمنع أو يحول دون اضطراب حبل الأمن. يعني أي أحد يحاول يشتغل ضد الأمن.. متفجرات.. سلاح.. خلايا.. يلقى القبض عليه، ولا يهم إلى أين يذهب بعد ذلك».
ودافع عباس عن قيام الأجهزة الأمنية، أحيانا، بمنع المتظاهرين من الوصول إلى أماكن الاحتكاك مع القوات الإسرائيلية أو اعتقال أشخاص. وقال إن الأجهزة الأمنية تريد حماية الفلسطينيين و«حماية البلد». وأضاف: «الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها بأوامر مني. أنا لا أسمح لأحد أن يجرني إلى معركة لا أريدها»، مشيرا إلى أنه لا يريد خوض معركة عسكرية.
وجدد عباس القول بأنه يدعم فقط «الهبة الشعبية السلمية»، مضيفا: «نحن معها... ونحن متفقون عليها، المقاومة الشعبية السلمية لا حد يزيد ولا حد ينقص».
وتأتي تصريحات عباس بعد أيام من جدل كبير حول تصريحات مدير المخابرات الفلسطينية، ماجد فرج، حول منع السلطة لـ200 عملية ضد إسرائيل، ومصادرة أسلحة واعتقال منفذين محتملين. وتأكيده على أهمية التنسيق الأمني. ولم يبق مسؤول في حركة حماس أو فصائل إسلامية معارضة، إلا وهاجم فرج، على مدار اليومين الماضيين، قبل أن ينضم مسؤولون في فصائل منضوية تحت إطار منظمة التحرير، في الهجوم على الرجل رقم واحد في الجهاز الأمني الفلسطيني.
وقالت حماس والجهاد والجبهة الشعبية، في بيان، إن تصريحات فرج «شكلت إساءة بالغة لمسيرة شعبنا وكفاحه وتضحياته، وتعزز في نفس الوقت الانقسام والشرخ الوطني، وتباعد المواقف بين المكونات الفلسطينية».
ولم تعقب حركة فتح رسميا على بيان الفصائل، وفعلت المخابرات الفلسطينية الأمر نفسه، وكذلك باقي المؤسسة الأمنية. لكن مناصري فرج في حركة فتح، وبعضهم ناطقون ومسؤولون إعلاميون، وفي الأجهزة الأمنية الفلسطينية، ردوا بحملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وضعوا فيها صورة لفرج، ونصا جاء فيه «يبقى الحق شامخا أصيلا راسخا مهابا». وانتقل الجدل بوضوح إلى وسائل الإعلام الفلسطينية والإسرائيلية أيضا، كما اشترك فيه محللون سياسيون ركزوا على أن فرج هو الخليفة المحتمل لعباس.
ولم ينف عباس أنه يجري بحث قضية تعيين نائب له، موضحا أن هذا الموضوع قيد البحث والنقاش.
وأضاف قائلا: «اليوم كان هناك بحث في هذا الموضوع (اجتماع اللجنة المركزية)، وإن شاء الله في فترة قريبة، إذا أنهينا موضوع المؤتمر (السابع لحركة فتح) والمجلس الوطني، قد تحل كل المشاكل في الشهر أو الشهرين القادمين وإن شاء الله لا تحدث مفاجآت».
ولم يشر عباس إلى نائبه المحتمل، وتوجد خلافات داخل فتح حول الأمر.
وتطرق عباس إلى الجهود السياسية والدبلوماسية الفلسطينية لعقد مؤتمر دولي للسلام بدعم الدول العربية، وبالتنسيق مع فرنسا. وقال إن ذلك يهدف إلى «إنشاء آلية لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، على غرار آليات الحل للأزمات في المنطقة، وتطبيق مبادرة السلام العربية». وأشار عباس إلى أن القيادة الفلسطينية، وبعد التشاور مع لجنة وزراء الخارجية العرب، ستذهب إلى مجلس الأمن الدولي: «من أجل وقف الاستيطان المستشري فوق الأرض الفلسطينية، وكذلك لتوفير الحماية الدولية لشعبنا الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، خاصة من قبل المستوطنين».
ورفضت حركة «حماس» تصريحات الرئيس محمود عباس حول ما وصفته «رعايته للتنسيق الأمني».
وأكد الناطق باسم الحركة، سامي أبو زهري، أن هذه التصريحات «لن تنجح في تبرئة ماجد فرج بعد اعترافه بمحاربة عمليات الانتفاضة، التي كان يمكن أن تكون سببا في تركيع الاحتلال، لو ترك لها الفرصة لترى النور». وعدّ أبو زهري في تصريح صحافي أن تصريحات عباس: «مؤسفة وتمثل خروجًا عن الإجماع الوطني الرافض للتعاون الأمني مع الاحتلال».



مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
TT

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)
مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري (البرلمان)، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدَّمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي» للفئات الفقيرة.

وأقرَّ «النواب»، مبدئياً مشروع القانون، الأحد الماضي، في حين واصل أعضاؤه مناقشة نصوصه، على مدار يومَي الاثنين والثلاثاء. وقالت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، مايا مرسي، إن «القانون يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، ويستهدف مأسسة منظومة الدعم النقدي، بتحويل المنظومة من مجرد برنامج ومبادرات مثل (تكافل وكرامة) إلى حق ينظمه القانون»، وفق بيان لوزارة التضامن.

وأقرَّت الحكومة المصرية عام 2015، برنامجاً للحماية الاجتماعية باسم «تكافل وكرامة» لتقديم دعم نقدي بشكل شهري للفئات الأكثر فقراً. ويصل عدد المستفيدين منه 21 مليوناً، جرى تخصيص 41 مليار جنيه مصري لهم، في موازنة العام المالي، وفق وزارة التضامن المصرية (الدولار يوازي 49.6 جنيه مصري).

ووفق البيان، عدَّدت وزيرة التضامن، أهداف التشريع الجديد، ومنها «استدامة دعم الفئات الأكثر احتياجاً، وحوكمة الدعم، والتحقق من المستفيدين سنوياً»، إلى جانب «ضمان أن يكون الدعم مقدماً من موازنة الدولة، وليس من خلال قروض ومنح مؤقتة».

وأشارت إلى أن «التشريع الجديد، يلتزم بمعايير حقوق الإنسان، بتوفير الحماية الاجتماعية والتكافل الاجتماعي لكل شخص بالمجتمع».

ومن المواد التي أقرَّها مجلس النواب، الثلاثاء، أن «لكل مواطن تحت خط الفقر القومي، ولا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعي، الحق في التقدم للحصول على دعم نقدي»، كما أقرَّ نصّاً بشأن «درجة الفقر للأفراد والأسر بناء على خريطة الفقر والمؤشرات الدالة عليه»، على أن تحدد اللائحة التنفيذية للقانون درجات الفقر، والإجراءات المتبعة لمَن يستحق الدعم النقدي.

ووفق تقرير للبنك الدولي، في مايو (أيار) الماضي، ارتفع معدل الفقر في مصر، من 29.7 في المائة في العام المالي 2019 - 2020، إلى 32.5 في المائة عام 2022.

ويمثل مشروع القانون، «استحقاقاً دستورياً»، وفق وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي بمصر، المستشار محمود فوزي، الذي أشار إلى أن «التشريع يستهدف مدَّ مظلة الضمان الاجتماعي، واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتعلقة بشبكة الأمان الاجتماعي، والتوسع في مفهوم الفئات الأولى بالرعاية والحماية، باستحداث وضم وشمول فئات جديدة، لم تكن مستفيدة»، وفق إفادة لوزارة الشؤون النيابية.

وكانت الحكومة المصرية، أحالت التشريع الجديد، إلى البرلمان، في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي.

وحسب تقرير لجنة التضامن بالبرلمان المصري، فإن القانون يستهدف «حماية الأسر الأفقر، والأقل دخلاً»، إلى جانب «كفالة حقوق ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأيتام»، بجانب «إلزام الأسر المستفيدة من الدعم، بالاستثمار في صحة الأطفال، وانتظامهم في التعليم»، ولا يتوقف القانون عند تقديم الدعم، ولكنه يهدف إلى «التمكين الاقتصادي لهذه الفئات، للخروج تدريجياً من الفقر».

بدوره، يرى عضو البرلمان المصري ومقرر لجنة أولويات الاستثمار بالحوار الوطني، أيمن محسب، أن «التشريع الجديد سيسهم في تحسين شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع مظلته، لتشمل جميع الفئات الأولى بالدعم، وكفالة حقوقهم»، مشيراً إلى أن «القانون يتسق مع خطوات الإصلاح الاجتماعي التي تسعى لها الحكومة المصرية حالياً».

وينصُّ مشروع القانون على نوعين من المساعدات النقدية: الأول، يشمل دعماً نقدياً مشروطاً (تكافل)، ويُقدَّم للأسر الفقيرة، بما فيها الأسر التي لديها أبناء، أما الدعم الثاني فهو غير مشروط (كرامة)، ويُقدَّم للأفراد الفقراء من ذوي الإعاقة والمرضى وقدامى الفنانين والرياضيين والأدباء، وأسند القانون، لرئيس الوزراء، قرار تحديد قيمة الدعم النقدي، على أن تتم مراجعة القيمة كل 3 سنوات.

وقال محسب لـ«الشرق الأوسط»، إن «التشريع الجديد، يمهِّد الطريق أمام الحكومة المصرية، للتحول إلى نظام الدعم النقدي بدلاً من العيني». وأعاد ذلك إلى أن «القانون ينص على حوكمة برامج الدعم المُقدَّمة للحماية الاجتماعية، ويعتمد على قواعد بيانات دقيقة يتم تحديثها بشكل دوري، وسيتم ربطها بالمتغيرات الاقتصادية مثل معدلات التضخم»، عادّاً أن تلك الإجراءات، «من بين خطوات تطبيق الدعم النقدي».

وتتزامن مناقشات التشريع الجديد، مع مناقشات أخرى أعلنتها الحكومة المصرية، داخل «الحوار الوطني» (الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين)، مع خبراء ومتخصصين، لبحث التحول من نظام الدعم العيني إلى نظام الدعم النقدي للفئات الأولى بالرعاية.

وتتطلع الحكومة المصرية لبدء تطبيق منظومة الدعم النقدي، مع العام المالي الجديد، بداية من يوليو (تموز) 2025. وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، بداية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إن «بلاده قد تبدأ في التحول من دعم السلع الأولية الأساسية، إلى تقديم مساعدات نقدية مباشرة، للفئات الأولى بالرعاية»، وربط البدء في التطبيق «بالتوصل إلى توافق في الآراء بشأن قضية الدعم النقدي في الحوار الوطني».

وتُطبِّق الحكومة المصرية منظومةً لدعم السلع الضرورية منذ عقود طويلة، بهدف خفض نفقات المعيشة للفئات الأولى بالرعاية، ويحصل المواطن على السلع المدعمة من خلال منظومة البطاقات التموينية، لكن الحكومات المتعاقبة تشكو من الأعباء الاقتصادية لمنظومة الدعم على الموازنة العامة، في ظل التوسع في عدد السلع المدعمة خلال السنوات الماضية.

من جهته، ينظر مدير «مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية»، عبد المنعم السيد، إلى مشروع القانون بوصفه «منظماً لسياسات الحماية الاجتماعية في مصر»، مشيراً إلى أن «القانون يختلف في نصوصه عن تشريعات مماثلة في دول أخرى، وفق الأولويات الاقتصادية والاجتماعية في مصر».

ويرى السيد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريع «يحقق مرونة أمام الحكومة المصرية في تقديم الدعم النقدي خلال الأزمات والكوارث الطبيعية والأوبئة، كما حدث في جائحة (كورونا)»، مضيفاً أنه «يشمل تحت مظلته، فئات تتضرر بشكل مفاجئ مثل العاملين في القطاعات غير الرسمية، والذين يفقدون وظائفهم».