المغرب يحتضن مؤتمرًا دوليًا حول حقوق الأقليات الدينية

يشارك فيه نحو 300 من العلماء والسياسيين.. ويتوج بإعلان مراكش حول التعايش مع أتباع الديانات الأخرى

المغرب يحتضن مؤتمرًا دوليًا حول حقوق الأقليات الدينية
TT

المغرب يحتضن مؤتمرًا دوليًا حول حقوق الأقليات الدينية

المغرب يحتضن مؤتمرًا دوليًا حول حقوق الأقليات الدينية

تحتضن مدينة مراكش المغربية ما بين 25 و27 يناير (كانون الثاني) الحالي مؤتمرًا دوليًا حول «حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية»، وذلك تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وقال مصدر في الهيئة التنظيمية للمؤتمر، الذي ينظم بتعاون بين وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر يشكل إحدى حلقات مشروع تجديدي كبير، يروم وضع تصور جديد للمواطنة في الدول الوطنية ذات الأغلبية المسلمة، ويوافق التراث الإسلامي (وثيقة المدينة المنورة)، ويتوافق مع السياق الحضاري المعاصر (إعلان حقوق الإنسان والدساتير الوطنية والمواثيق الدولية).
وأضاف المصدر أن التحضير لمؤتمر مراكش تم لكي يكون الأول في سلسلة من المؤتمرات، يكون ثانيها حول الأقليات المسلمة في البلاد ذات الغالبية غير المسلمة، وواجب التعايش والاندماج الإيجابي، قبل تنظيم مؤتمر ثالث يتجاوز قضية الأقليات إلى تقديم تصور جامع لقضية المواطنة، وعلاقة الدولة الوطنية بالدين، مشيرا إلى أن هذه الحلقات تتكامل لإخراج إطار شرعي للمواطنة التعاقدية، يصالح بين الانتماء الديني والدولة الوطنية المعاصرة.
ويشارك في المؤتمر أكثر من 150 عالما ومفكرا مسلما، و40 من الوزراء والرسميين من مختلف دول العالم الإسلامي، و100 من ممثلي الأقليات غير المسلمة بجميع طوائفها ومللها، ومن ممثلي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وممثلي الهيئات المدنية الناشطة في مجال حوار الأديان.
ويتوخى المؤتمر أن يبين بقوة وحزم أن اضطهاد الأقليات الدينية وكل أشكال العدوان عليها، التي يقترفها الإرهابيون في تنظيم داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، مخالف لقيم الإسلام الذي أقرَّ للأقليات الدينية حقوقها الدينية والثقافية والسياسية، ووفاء بتجربة الأمة التي لا نظير لها تاريخا في التعايش والتسامح مع الأقليات، فضلا عما تقتضيه الأخوة الإنسانية والمواطنة من مساواة في الحقوق والواجبات.
وينتظر أن يصدر عن المؤتمر إعلان مراكش التاريخي لحقوق الأقليات، وهو إعلان يظهر القيم الإنسانية والإسلامية في واجب التعايش السعيد، والتعامل الحسن مع سائر أتباع الديانات البشرية، ويستنهض فعاليات المجتمعات المسلمة ويستحثها نحو خلق تيار مجتمعي عريض لحماية الأقليات الدينية في البلدان المسلمة، وسيسعى هذا الإعلان أيضًا بتأثيره المجتمعي إلى حض الأفراد والمجموعات والدول على ابتكار الصيغ، والمبادرات التي تعزز ثقافة التعايش وحماية الأقليات. وسيصدر الإعلان باتفاق ومصادقة جميع المشاركين من العلماء وصناع القرار المسلمين، وبمباركة القيادات الدينية من غير المسلمين، وبذلك سيكون إعلان مراكش التاريخي بمثابة التفعيل المعاصر لوثيقة المدينة المنورة على صعيد الممارسات.
ويرى مراقبون أن تنظيم المؤتمر في مراكش سيكون مناسبة لإبراز جهود المغرب في تقديم نموذج معاصر وأصيل للمواطنة، التي تسع الجميع، في توفيق بين احترام الخصوصيات، بعيدا عن التشرذم والوحدة الوطنية، وبعيدًا عن الإقصاء، وأيضًا إبراز دور منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي أصبح يمثل فضاء من الحكمة والتفكير لجميع دعاة السلام والمؤمنين بأولويته.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.