ديالى.. صراع الجغرافية والتاريخ والهوية

المحافظة المختلطة التي باتت مؤشرًا لمستقبل العراق

ديالى.. صراع الجغرافية والتاريخ والهوية
TT

ديالى.. صراع الجغرافية والتاريخ والهوية

ديالى.. صراع الجغرافية والتاريخ والهوية

المجازر البشعة التي ارتكبتها ميليشيات متطرّفة تدعمها إيران بحق مواطنين من المسلمين السنة في مدينة المقدادية بمحافظة ديالى العراقية، في أعقاب تفجيرات استهدفت عددا من المساجد السنّية ادعى تنظيم داعش مسؤوليته عنها، سلطت الضوء على المحنة التي تعيشها محافظة ديالى المختلطة عرقيًا وطائفيًا. ويرى المراقبون أن ما حدث ويحدث وسيحدث، في هذه المحافظة بالذات، من شأنه إعطاء فكرة عنى مسار الأمور في «عراق ما بعد 2003»، وما إذا كان الكيان العراقي الذي أبصر النور في مطلع عشرينات القرن الماضي ما زال قابلاً للحياة أم لا.
في محافظة ديالى الواقعة شرق مدينة بغداد العاصمة بمسافة لا تزيد على الـ57 كلم يتصارع التاريخ والجغرافية على نحو فريد، الأمر الذي خلق أحد أكثر صراعات الهوية في هذا البلد المختلف على هويته الوطنية بعد سقوط الدولة العراقية المركزية يوم التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003.
ورغم أن إشكالية الهوية الوطنية طغت على ما عداها من إشكاليات كبرى في «عراق ما بعد الاحتلال»، فإن المحافظات المختلطة سكانيا على صعيد عرقي (عرب - أكراد - تركمان) مثل كركوك، أو عرقي - طائفي (عرب - أكراد - شيعة - سنة) مثل ديالى، دفعت ولا تزال وربما سوف تبقى تدفع، ثمنا باهظا لهذا لاختلاط أو التنوّع.
هذا الاختلاط تحوّل من نموذج كان يحتذى به طوال عمر الدولة العراقية الحديثة (1921 - 2003) بحيث كانت التسمية الدارجة لها هي أنها «عراق مصغر» إلى عبرة مؤلمة ونموذج للنزاعات السياسية العميقة. فهناك خلاف كبير حول «العائدية» (أي لمن تعود) بالنسبة لكركوك المحكومة كلها بالمادة 140 من الدستور العراقي، كونها منطقة متنازع عليها بين العرب - بقطع النظر عن الانتماء المذهبي سنة أم شيعة - والكرد. إذ بينما يصر الكرد على أن كركوك «كردية» ويجب أن تلحق بإقليم كردستان الذاتي الحكم يرى العرب أنها عراقية ويجب أن تبقى مرتبطة بالمركز. أما بالنسبة لمحافظة ديالى فالأمر لا يتعلق بـ«العائدية» إلا لبعض أقضيتها مثل خانقين وجلولاء التي يرى الكرد أنها يجب أن تلتحق بكردستان وتخضع الآن لنفوذ الأحزاب الكردية وميليشيا البيشمركة الكردية بل يتعلق الأمر بالنفوذ.
وبسبب استمرار المشاكل على كل الأصعدة في العاصمة العراقية بغداد بسبب «نظام المحاصصة العرقية والطائفية» الذي بُنيت عليه العملية السياسية على حساب الهوية الوطنية الواحدة المتلاشية أمام الهويات الفرعية، تفاقم الوضع في محافظة ديالى.
* إشكالية «العائدية»
ديالى، في الحقيقة، تعاني أساسًا إشكالية مزدوجة لـ«العائدية» والنفوذ نتج فيها فراغ سلطة تنازعت على ملئه ثلاث جهات، هي: أولاً، تنظيم القاعدة منذ عام 2004 وحتى ظهور تنظيم داعش عام 2014، وثانيًا الميليشيات والفصائل الشيعية التي تستمد غالبيتها نفوذها من إيران التي تقع ديالى على أقرب نقطة حدودية لها عن العاصمة بغداد بحيث لا تبعد أكثر من 120 كلم. وثالثًا، البيشمركة الكردية التي تبسط نفوذها على المناطق والأقضية ذات الأغلبية السكانية الكردية. وفي إطار هذا الفسيفساء السكاني (الخليط العرقي من العرب والكرد وبعض التركمان، والطائفي السني الشيعي) سرعان ما انزلقت ديالى إلى إشكالية مذهبية وصراع طائفي. وزحفت الجغرافية التي تتميز بها المحافظة لكي تغتال تاريخها الذي كان مبعث فخر بالتعايش السلمي. ولكي نعطي تصورا حقيقيا عن هذا الجانب فلا بد من النظر إلى خريطة هذه المحافظة التي جعلها في القطب من الصراع السياسي الذي يعاني منه العراق اليوم نظرا للأهمية الآنية والمستقبلية لها.
* لمحة جغرافية
تقع ديالى في القسم الشرقي من وسط العراق. وهي من المحافظات التي لها حدود دولية، وتحديدًا مع إيران من الشرق. بينما يحدها من الشمال محافظة السليمانية وجزء من محافظة صلاح الدين، ومن الغرب محافظتا بغداد وصلاح الدين، ومن الجنوب محافظة واسط. وتبلغ مساحة ديالى 17774 كلم، وهي تشكل ما نسبته 4.1 في المائة من مساحة العراق البالغة 434128 كلم. وهي ذات شكل طولي يمتد طولاً إلى أكثر من 200 كلم طول، بينما يصل أقصى عرض للمحافظة إلى 155 كلم. وتشتهر ديالى بالزراعة، وبالأخص زراعة الحمضيات، ولا سيما البرتقال، والرمّان بحيث تعد «سلة العراق الغذائية» الرئيسية في هذا المجال، إذ يجود فيها البرتقال، بينما يشتهر بالرمّان بالذات قضاء المقدادية الذي استحال اليوم بسبب صراع النفوذ إلى صاعق تفجير يمكن أن تنتشر شظاياه إلى كل العراق. بل إن الحالة الخطيرة التي انحدرت إليها ديالى من الصعب حله إلا بعودة سلطة الدولة وهيبتها.
* نماذج تعدّدية
الوضع السكاني المتعدّد مذهبيًا وعرقيًا في العراق قد يجد له نماذج مصغرة في أكثر من محافظة أو مدينة مثل بغداد العاصمة نفسها أو محافظة البصرة التي تعد عاصمتها كبرى حواضر الجنوب. بغداد، من جهتها، سبق لها أن عانت الأمرين خلال فترة العنف الطائفي عامي 2006 - 2007. ومن ثم وجدت «الحل النسبي» في نشوء شبه «كانتونات» معزولة يسكن هذه الشيعة وتلك السنة من دون اختلاط. أما بالنسبة لمحافظة البصرة فإن السنة فيها يشكلون أقلية تقطن قضاء الزبير لكنها تعاني في كثير من الأحيان من الفراغ الذي سرعان ما تسعى الميليشيات إلى ملئه رغم المشاكل والخلافات العنيفة بينها، بالإضافة إلى تفجّر صراعات عشائرية من لون واحد (شيعية - شيعية).
وبالتالي، ما يجعل من محافظة ديالى حالة مختلفة عن نموذجي بغداد والبصرة كون صراع الهوية هناك يكاد له أن يتطور في بعض جوانبه إلى صراع وجود وإلغاء. ذلك أن الأقضية التي يسكنها الأكراد مثل جلولاء وخانقين يخطط حركيو هؤلاء لسلخها جغرافيًا وإداريًا عن ديالى من أجل ضمها إلى كيان كردستان من منطلق الأحلام التاريخية للكرد. في حين أن الأقضية التي يسكنها العرب فإنهم عاشوا فيها متعايشين ومتصاهرين على مرّ التاريخ، وأبرزهم: عشائر العزّة وعشائر كنانة وعشيرة العبيد وعشيرة الجبور وعشائر بني قيس وعشائر الدُّلَيم والسعيد والعسكري وطيئ وبنو تميم وبنو سعد وبنو خالد وبنو حرب وبنو زيد وعشائر شمر والأجود وعتبة والبومحمد وغيرهم. كل هذه العشائر وجدت نفسها ضحية لما بات يعرف بعد عام 2003 بـ«الطائفية السياسية» حيث ظهرت الهوية المذهبية (الشيعية - السنية) وبسبب تمدّد تنظيمي القاعدة ومن ثم «داعش» المحسوبين على السنة والميليشيات المدعومة إيرانيًا المحسوبة على الشيعة تفاقم العداء وصراع النفوذ، وصار أكبر تجسيد له احتلال ديالى من قبل «داعش» عام 2014 ومن ثم طرد التنظيم منها عام 2015.
* التطهير المذهبي والديموغرافي
وفي حين ترتب على ذلك الاحتلال نزوح كبير لسكان المناطق المحتلة، فإنه حين جرت عملية استعادتها من سيطرة «داعش» بدأت الميليشيات والفصائل الشيعية المدعومة من إيران عملية التهجير القسري والتغيير الديموغرافي الممنهج وتمثل بتجاوزات طائفية ومنع النازحين السنة من العودة إلى مدنهم وقراهم، وهذا مع العلم أن الغالبية السكانية لمحافظة ديالى من العرب السنة.
وفي هذا السياق يقول الشيخ مازن حبيب الخيزران، شيخ عشائر العزّة في ديالى، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «السنة في ديالى ورغم كونهم الغالبية فإنهم يعانون من طرفَي النفوذ هنا في المحافظة، حيث يستهدفهم (داعش)، رغم أن التنظيم محسوب على السنة ظلمًا وعدوانًا، وكذلك تستهدفهم في المقابل الميليشيات الشيعية.. وهو ما يعني إن العشائر السنية تحديدا تقع بين مطرقة (داعش) وسندان الميليشيات الشيعية (الإيرانية الدعم)». ويتابع: «الفارق يكمن في أن الجميع هنا أعداء لداعش، لكن الميليشيات تملك سطوة وتمارس سطوتها باسم سلطة الدولة أحيانًا، الأمر الذي يجعلنا ضحية للطرفين في ظل انعدام الحماية من الحكومة رغم الوعود الكثيرة. هذا الوضع يؤدي إلى تكرار المآسي التي نتعرض لها مع أننا كعشائر سواء كانت شيعية أم سنية لا نشعر أن بيننا أي خلاف من أي نوع».
الصورة لا تختلف كثيرًا بالنسبة لمحمد الخالدي، وهو أيضًا أحد شيوخ عشائر ديالى بجانب كونه قياديا بارزًا في كتلة «متحدون للإصلاح»، ولا يختلف كثيرا عن الصورة التي رسمها الخيزران للوضع في ديالى. ومن ثم يوضح الخالدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «أهل السنة في ديالى دفعوا وسيبقون يدفعون أثمانا باهظة في حال بقي السلاح بيد الميليشيات والفصائل المسلحة، وفي حال بقي حال آلاف العوائل النازحة على ما هو عليه، إذ لا يمكن تحقيق الاستقرار في ظل عجز الدولة عن ضبط السلاح والسيطرة على حامليه». ويضيف الخالدي أن «نحو 40 ألف عائلة تعرضت للتهجير من ديالى بعد سيطرة (داعش)، ولكن رغم تحرير المحافظة منذ أكثر من سنة فإن عدد العوائل العائدة لا يتعدى الـ1500 عائلة، وهو ما يعني بقاء أكثر من 38 ألف عائلة في مخيمات النازحين. ومع ذلك كله، يجري تفجير المساجد العائدة للسنة فضلاً عن عمليات التغيير الديموغرافي التي يقوم بها الكرد في المناطق التي يدّعون إنها عائدة لهم وهي جلولاء وخانقين، وتستغل الميليشيات الشيعية في المناطق الأخرى عجز الدولة أو تراخيها على فرض حالات من الأمر الواقع على الأرض».
* الشق الكردي للأزمة
وفي خضم صراع الجغرافية والتاريخ داخل حدود محافظة ديالى يزداد الطين بلة مع البعد الكردي للمحنة. فالأكراد، كما سبقت الإشارة، يسعون إلى ضم الأقضية والمناطق ذات الغالبية السكانية الكردية فيها كجلولاء وخانقين ومندلي إلى إقليم كردستان الذاتي الحكم، وذلك بالاستفادة من الفوضى التي تشهدها هذه المحافظة نتيجة الحرب القائمة منذ أكثر من عقد من السنين بين التنظيمات الإرهابية كـ«القاعدة» و«داعش» والميليشيات الشيعية المدعومة إيرانيًا، الأمر الذي يؤدي باستمرار إلى فراغ سلطة في الحكومة المحلية. وللعلم، سجل على هذا الصعيد اغتيال أكثر من محافظ وعضو مجلس محافظة أو قيادي بارز في المحافظة تابع لهذا الطرف أو ذاك، فضلا عن استمرار التغيير في مناصب الحكومة المحلية التي تطال في الغالب منصب المحافظ المختلف عليه بين الشيعة والسنة.
وفي حين يتهم الميليشياويون الشيعة جيرانهم السنة في المحافظة بدعم التنظيمات الإرهابية المسلحة أو التعامل معها - وحقًا دفعت قوات «الصحوات» ثمنا باهظا بسبب اتهامات سابقة بانتمائها إلى «القاعدة» -، يثير إصرار قادة المظاهرات في المحافظات الغربية طوال عام 2013 على التعامل مع ديالى بوصفها إحدى المحافظات الست الغربية - أي المحافظات ذات الغالبية السنّية - غضبًا وسخطًا عند الشيعة.
ثم أن ثمة مراقبين يرون أن إيران تقف خلف الضغوط بشأن توسيع نفوذ الميليشيات المرتبطة بها من أجل تأسيس «منطقة آمنة» لهاـ كون ديالى محافظة حدودية كما أن فيها، النقطة الأقرب ليس إلى بغداد فحسب، بل إلى محافظة صلاح الدين أيضًا، حيث أصبح لإيران نفوذ كبير فيها من خلال «الحشد الشعبي» بمساعدة بعض العشائر السنية في المحافظة. وبالتالي، فإن ديالى باتت هي المنطقة الواصلة بين إيران وسوريا عبر محافظة صلاح الدين.
تراث محمود العزاوي، المتحدث السابق باسم محافظة ديالى، قال لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه إن «من أبرز ما واجهه السنة في ديالى هو ثنائية الهيمنة الشيعية - الكردية على المحافظة بما ذلك المفاصل الإدارية والسياسية، الأمر الذي أدى إلى تهميش السنة برغم كونهم الغالبية السكانية في المحافظة». وأردف العزاوي أن «تشكيل قوات (الصحوات) السنّية قبل سنوات من أجل محاربة القاعدة والإمساك بالأرض ترتب عليه مخاوف مختلفة، سرعان ما أصبحت تلك (الصحوات) ضحية لها فهي باتت هدفا لـ(القاعدة) التي تحاربها بحجة أنها عميلة للحكومة الشيعية - مثلما ترى -، بينما رفضت الحكومة الوقوف معها، بل شنت عليها حربًا، إلى الحد الذي لم تصرف لها رواتبها تحت تبريرات مختلفة، رغم الأدوار التي أدتها في استقرار المحافظة في فترة من الفترات».
وهنا يقول العزاوي «إن الحكومة بدلا من أن تستوعب (الصحوات) وتضمها إلى المنظومة الأمنية حوّلتها إلى خصم، وهذا ما انعكس سلبيًا على وضع العرب السنة في المحافظة، الذين بدأوا يتذمرون ويبحثون عن أي قوة يمكن أن تخلصهم من هذا الواقع المزري. المسؤولية مسؤولية الحكومة العراقية السابقة التي كان يرأسها نوري المالكي التي تتحمل الوزر الأكبر للأخطاء والمحن التي يعانيها أبناء ديالى اليوم». ويستطرد فيقول إن «داعش تمكن من التغلغل تحت هذه الذريعة، لكن سرعان ما بدأ يفتك بالجميع، وأولهم السنة، الذين دفعوا ولا يزالون يدفعون ثمن ولائهم لعراق واحد خال من الميليشيات والمجاميع المسلحة، يمثله جيش واحد هو الجيش العراقي من دون تمييز».

المقدادية.. مدينة المساجد المحترقة

المقدادية، واسمها الأصلي الذي كانت تعرف به هو «شهربان»، وهي كلمة كردية، مدينة ذات غالبية سنّية في محافظة ديالى والعاصمة الإدارية لقضاء يحمل اسمها. وهو ثاني أكبر قضاء فيها بعد مركز المحافظة مدينة بعقوبة. سميت المقدادية بهذا الاسم نسبة إلى العالم الصوفي المقداد بن محمد الرفاعي، وهي على مسافة 40 كلم شمال شرقي بعقوبة ونحو 90 كلم إلى الشمال الشرقي من مدينة بغداد. تمتد المقدادية على أرض زراعية خصبة تزيد مساحتها على 200 ألف دونم وتشتهر بالبساتين، وخاصة النخيل والرمّان والبرتقال. ويخترقها نهر وهو أحد روافد نهر ديالى ويسمى بنهر المقدادية.
يبلغ عدد سكان مدينة المقدادية نحو 280 ألف نسمة عام 2005م، ونسبة ما بين 80 - 90 في المائة من السكان هم من العرب، و5 في المائة من الأكراد، وما بين 3 في المائة و4 في المائة من التركمان، بالإضافة إلى أقلية من الشيشان الذين قدموا إلى المنطقة قبل أكثر من 150 سنة من بلاد القوقاز هاربين من البطش القيصري الروسي أيام ثورة الإمام شامل الداغستاني.
أصبحت المقدادية رسميًا بمستوى ناحية عام 1920م، ثم تحوّلت بإرادة ملكية عام 1950م، لتصبح قضاءً باسم قضاء المقدادية.
ما يميز مدينة المقدادية هو كثرة مساجدها ولا سيما المساجد القديمة، ولعل أشهرها جامع المقدادية الكبير، وجامع الأورفلي، وجامع نازنده خاتون في الحي العصري، وجامع حي المعلمين، وجامع الحرية، وجامع حذيفة بن اليمان، وجامع أبو ذر الغفاري، وجامع الشهيد خليل عبد الكريم الصالح، وجامع الشهيد علي المهداوي. وفي المقدادية يقع معسكر المنصورية، وهو من أهم مواقع الجيش العراقي، ومنه انطلق منه الزعيم عبد الكريم قاسم، آمر اللواء 19. في ثورة 14 يوليو (تموز) عام 1958 التي أعلنت الحكم الجمهوري في العراق. ويعد معسكر المنصورية اليوم من أكبر مخازن أعتدة الجيش العراقي المحصنّة تحت سلسلة جبل حمرين.
المقدادية كانت في قلب الأحداث أخيرًا بعد تعرّضها لهجوم غاشم شنه «الحشد الشعبي» وميليشيات شيعية أخرى أقدمت خلاله الميليشيات على إحراق وتفجير 9 مساجد من مساجد المقدادية التي يعود تاريخ تأسيس بعضها إلى عدة مئات من السنين، وارتكاب مجازر بحق المدنيين. وحسب المعلومات المتوافرة، سبق الهجوم على المقدادية العملية التي قام بها تنظيم داعش في حي بغداد الجديدة بالعاصمة بغداد، وتمثلت باقتحام «مول الجوهرة» ما أدى إلى قتل وجرح العشرات من المواطنين. وتزامنت عملية «داعش» في بغداد مع عملية تفجير بالقرب من مكان سيطرة لـ«الحشد الشعبي» في إحدى مناطق بعقوبة بالإضافة إلى تفجير بحزام ناسف.
على أثر ذلك وقع ذلك الهجوم، مع العلم، أنه سبقت هذه الحملة ولا سيما حرق مساجد السنة في ديالى حملة مماثلة لحرق ثلاثة مساجد سنّية في محافظة بابل (100 كلم جنوب بغداد) على أثر إعدام المعارض السعودي نمر النمر. غير أن ما جرى في المقدادية فجّر صراعا سياسيا حادًا تمثل في مقاطعة «تحالف القوى العراقية» جلسات مجلسي النواب والوزراء احتجاجا على ما جرى هناك.
كذلك تضاربت المواقف حتى عندما زار كل من رئيس البرلمان سليم الجبوري - الذي ينتمي إلى مدينة المقدادية ويتزعم كتلة «ديالى هويتنا» البرلمانية - ورئيس الوزراء حيدر العبادي، المدينة. فالتصريحات التي أدلى بها كل من الجبوري (سنّي) والعبادي (شيعي) في المقدادية عكست عمق الخلاف بين الطرفين. إذ أكد العبادي سيطرة الدولة على الوضع وتجول في الأسواق والأحياء الشعبية إيحاءً بعودة الأمن والأمان فيها، بينما أخرج الجبوري ورقة من جيبه قال إنها تتضمن أسماء المتورّطين في أحداث العنف الذين لم تعمل الحكومة شيئا لتوقيفهم ومعاقبتهم. وذهب الجبوري من ثم إلى ما هو أبعد حين تحدى العبادي أن «يقدم الأدلة العملية» على محاسبته حارقي مساجد المقدادية.
والمعروف أن الهجوم على المقدادية لم يقتصر على حرق المساجد، بل شمل إعدامات ومجازر وحشية بحق شبان من السنة داخل المدينة. ومع استمرار عمليات القتل والقتل المضاد والتي طالت حتى الإعلاميين (اغتيال مراسل قناة «الشرقية» ومصورها عند إحدى السيطرات) فإن المساعي السياسية الهادفة إلى البحث عن حل لما جرى في المقدادية تصطدم بها مساع مضادة من أجل تدويل أزمة ديالى وطلب حماية دولية للسنة، وخاصة بعدما أثبتت الحكومة فشلها في تأمين الحماية للمواطنين.
 



«الحلم الجورجي» يكسب الجولة ضد «الحلم الأوروبي»

الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)
الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)
TT

«الحلم الجورجي» يكسب الجولة ضد «الحلم الأوروبي»

الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)
الأعلام الجورجية والأوروبية مرفوعة في تظاهرات العاصمة الجورجية تبيليسي (رويترز)

«لقد انتصرت روسيا اليوم في جورجيا... علينا أن نعترف بذلك»... بهذه الكلمات لخّص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي تخوض بلاده حرباً مفتوحة مع روسيا منذ 33 شهراً، المشهد في جمهورية جورجيا السوفياتية السابقة. وبالفعل، عكست عبارته البُعد الأوسع للصراع الانتخابي في البلد القوقازي الصغير، الذي تحدى منذ سنوات قيود الكرملين وانفتح على توسيع علاقات تحالف مع أوروبا وحلف شمال الأطلسي «ناتو»، فدفع أثماناً باهظة. ولا شك أن الانتخابات النيابية الأكثر سخونة في تاريخ جورجيا، شكّلت علامة فارقة في مسار تطور هذا البلد، الذي شهد كثيراً من التقلبات وخاض صراعات عدة، أسفرت في وقت سابق عن اقتطاع أجزاء منه. هذا الوضع أدّى إلى استفحال معركة سياسية داخلية حادة بين طرفين، يدين أحدهما بالولاء لـ«الحلم الأوروبي» التي ظل على مدى سنوات هاجساً لطموحات كثيرين رأوا أن تبليسي العاصمة يمكن أن تتحول إلى «باريس قوقازية» إذا نعمت بالأمن والاستقرار، وفقاً لمقولة رئيسة البلاد سالومي زورابيشفيلي. وفي المقابل، ثمة طرف آخر حظي بدعم كامل من جانب الكرملين، يؤكد على ضرورة المحافظة على علاقات وثيقة مع روسيا، رافعاً شعار «الحلم الجورجي» بديلاً عن الأحلام الطامحة لتحالفات مع أوروبا و«الناتو».

فاز «الحلم الجورجي» في الانتخابات العامة بجورجيا، التي أثير حولها كثير من الشكوك، بعد اتهامات واسعة بوقوع عمليات تزوير وحشو صناديق، وتأثير دعائي وتدخّل مالي واسع من جانب مؤسّس «الحلم» رجل الأعمال الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي. وهو شخصية مقرّبة من الكرملين، ويطلق عليه الجورجيون لقب «سيد جورجيا» كونه يدير فعلياً - من وراء ستار التمويل والدعم الواسع - الحكومة التي تدير شؤون البلاد منذ عام 2012.

وفق نتائج فرز الأصوات، حصل حزب «الحلم الجورجي» الحاكم على نحو 54 في المائة من الأصوات، مقابل أقل بقليل من 38 في المائة لتحالف المعارضة، الذي يحظى بدعم رئيسة البلاد، سالومي زورابيشفيلي، في الجمهورية التي يقوم الحكم فيها على نظام شبه رئاسي.

عندها، سارعت المعارضة، التي كانت توقّعات سابقة رشّحتها للفوز بأكثر من 52 في المائة من الأصوات، إلى رفض النتائج، وأعلنت أنها لن تشارك في جلسات البرلمان المنتخب على أساسها. ومع اشتعال مظاهر الاحتجاج في الشارع، بدا أن معركة دستورية وقانونية قد انطلقت للتوّ، إذ رفضت «لجنة الانتخابات» التشكيك بنتائج عملها، واستندت إلى دعم واسع من جانب الحكومة، التي حرّكت بدورها النيابة العامة لمواجهة تحالف المعارضة. بل شكّل استدعاء رئيسة البلاد للمثول أمام النيابة العامة من أجل تقديم أدلتها على اتهامات التزوير، تطوراً جديداً ولافتاً قد يمهد للإطاحة بها، وتقويض سلطات الفريق الذي يدعم «الحلم الأوروبي» نهائياً.

«تحدّي» الأدلة الواضحةباختصار، إذا لم تنجح زورابيشفيلي في تقديم أدلة واضحة ومقنعة على وقوع انتهاكات، فإنها ستواجه اتهامات قضائية بالخداع وتضليل الجورجيين وإطلاق اتهامات غير مُثبتة ضد أركان الدولة، بما فيها الحكومة والجهاز الانتخابي.

هنا يقول أنصار الرئيسة إن الهدف هو القضاء نهائياً على هذا التيار. وفي المقابل، تحذّر الحكومة من أن «المهزومين في المعركة الانتخابية يعدون لانقلاب دستوري كامل من خلال مقاطعة البرلمان وشلّ حكومة البلاد وتعيين حكومة تصريف أعمال تقنية».

وهكذا، اشتعلت الآن المعركة الداخلية، والشارع لا يكاد يهدأ، والمخاوف تعاظمت من مواجهات قد تسفر عن صراع داخلي دامٍ يعيد إلى الأذهان الأوضاع المعقدة التي خاضتها جورجيا خلال السنوات التي أعقبت الاستقلال.

امتداد معركة أوكرانيا

الرئيسة زورابيشفيلي (تاس)

كان من الطبيعي أن تشكّل التطورات الساخنة في جورجيا حلقة متجددة في الصراع المحتدم بين روسيا والغرب. وطوال سنوات كان ينظر لجورجيا ومولدوفا (مولدافيا) المجاورة على أنهما ستكونان «ساحتي» المواجهة المقبلة بعد «إنجاز» مهمة الكرملين في أوكرانيا.

ومع أن الحكومة الجورجية نجحت في النأي بنفسها حتى الآن عن الصراع الدامي في أوكرانيا، ورفضت الانخراط في تنفيذ رزم العقوبات المفروضة على موسكو التزاماً بموقفها الداعي إلى التقارب مع الكرملين. وتحسباً لوصول نيران الحرب إلى الداخل الجورجي، وصل الانقسام الحاد في المجتمع الجورجي إلى «لحظة الحقيقة»، كما يقول ساسة جورجيون. ويبدو أن نتائج الانتخابات والتداعيات المنتظرة مع احتدام المواجهة الداخلية ستدفع أكثر إلى تعاظم التأثير الخارجي على البلاد، من طرفي روسيا والغرب.

لقد ظهرت أولى تلك التداعيات مباشرة بعد ظهور النتائج، إذ تلاحقت ردود الفعل الغربية الداعية إلى التحقيق في «الانتهاكات» مقابل تزايد الشعور بالنصر في روسيا، التي طغت فيها مقولات تؤكد هزيمة التيار الموالي للغرب في جورجيا، وأن الجورجيين اختاروا «الطريق الروسي».

يبدو أن نتائج الانتخابات ستدفع أكثر نحو تعاظم التأثير الخارجي على جورجيا من روسيا والغرب

وفي هذه الظروف، برزت تحركات رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، الذي يوصف بأنه «رجل بوتين في الاتحاد الأوروبي»، لتظهر مستوى امتداد المواجهة الروسية الغربية إلى جورجيا حالياً. فقد سارع أوربان إلى تهنئة الحزب الحاكم بـ«الفوز المقنع»، وتوجّه فوراً إلى تبليسي ليظهر دعمه الكامل. وبعكسه، دخل زيلينسكي على خط التوقعات المتشائمة بعد الانتخابات، فوجّه رسالة تحذيرية للغرب بأن خسارة جورجيا تعني «الهزيمة أمام الكرملين». إذ كتب الرئيس الأوكراني: «علينا أن نعترف بأن روسيا انتصرت اليوم في جورجيا. في البداية، استولوا على جورجيا، ثم غيّروا سياستها، وغيّروا الحكومة. والآن هناك حكومة مؤيدة لروسيا، وخيارها هو عدم الذهاب إلى الاتحاد الأوروبي. لقد غيّروا موقفهم. لقد فازت روسيا اليوم. سلبوا حرية جورجيا».

مولدوفا... المحطة التاليةفي حال لم تكن جورجيا كافية للغرب، يحذّر زيلينسكي من أن مولدوفا ستكون الاستحواذ التالي لروسيا، محذراً: «سترى أن روسيا تسير في الاتجاه ذاته. إنهم يريدون أن يفعلوا الشيء نفسه، وسيفعلونه إذا لم يوقفهم احد (...) الغرب يواصل التلويح بالخطوط الحمراء، لكنه لا يفعل شيئاً، وإذا استمر هذا الخطاب، فسيخسر مولدوفا خلال سنة أو سنتين».

ولكن، تعليقاً على هذه الكلمات، كتب المعلّق السياسي في وكالة أنباء «نوفوستي» أن «هذا يعني أن كييف تخيف الغرب الآن، ليس بالدبابات الروسية فقط في وارسو وبوخارست، بل بخسارة جورجيا ومولدوفا أيضاً». ويرى المحلل أن «روسيا لم تنتصر في جورجيا، ولم تُخضعها، بل انتصرت المصالح الوطنية والحسابات الرصينة في جورجيا. وبطبيعة الحال، ساعد الضعف العام للاتحاد الأوروبي والغرب كله، في الولايات المتحدة وأوروبا، إذ كانوا يرغبون في تغيير السلطة في تبليسي».

هذا السجال يظهر واقع الحال في ساحة المواجهة الجديدة بين روسيا والغرب، وسط توقعات بأن تكون الانتخابات البرلمانية الحالية حاسمة بالفعل لمستقبل جورجيا المنقسمة بين معارضة مؤيدة لأوروبا، وحزب حاكم موالٍ لروسيا... ومتهم بالانحراف نحو السلطوية. هذا، بينما تمارس موسكو تأثيراً على الناخبين والنتائج.

رأي تقرير أميركيعلى صعيد متصل، رأى تقرير لـ«معهد دراسة الحرب» في واشنطن، أن الكرملين ركّز جهوده للتأثير على الانتخابات لمساعدة حزب «الحلم» الحاكم على الفوز، وبالتالي إعادة تأسيس النفوذ الروسي على جورجيا بشكل كامل.

ويشير التقرير، في هذا السياق، إلى مخاوف حقيقية من تحوّل مؤسس حزب «الحلم» ورئيسه بيدزينا إيفانيشفيلي، إلى «لوكاشينكو جديد»، في إشارة إلى الرئيس البيلاروسي وحليف موسكو الأوثق ألكسندر لوكاشينكو.

ومن ثم، يلفت التقرير إلى أن موسكو استخدمت على مدى سنوات مجموعة من الوسائل للوصول على هذه النتيجة، أبرزها العمل العسكري المباشر من خلال احتلال أراضي أبخازيا وأوسيتيا الجورجيتين منذ عام 2008. كذلك، يدعي التقرير أن الكرملين استخدم وسائل الضغط الاقتصادي كرسوم الاستيراد المرتفعة والجمارك حتى العقوبات المباشرة على جيرانه الجورجيين لثنيهم عن مساعيهم بالانضمام للاتحاد الأوروبي. إضافة إلى ما سبق ذكره، عمد الكرملين - وفقاً للتقرير - منذ شهور إلى إطلاق حملات إعلامية مباشرة في جورجيا، تصوّر روسيا على أنها قوة استقرار، وتروّج لفكرة أن الحكومة الجورجية المؤيدة لروسيا هي الخيار الأفضل لمستقبل جورجيا.

طبيعة جورجيا الجميلة (غيتي)

 

حقائق

جورجيا: استقلال مخضّب بالثورات والدماء

جورجيا كانت بجبالها الشاهقة وسواحلها على البحر الأسود تعد «لؤلؤة» الدولة السوفياتية في زمان مضى. وكانت منتجعاتها الساحرة تعد على مرّ العصور محطّ الأنظار، ومقرات الراحة والضيافة للقياصرة والزعماء، الذين تعاقبوا على مقعد الحكم في الكرملين.

نجحت هذه الجمهورية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق في أن تخطو سريعاً، مثل جمهوريات حوض البلطيق، نحو بناء حكم جديد قضى على الفساد المستشري المزمن، وكرّس مبادئ تداول السلطة وبناء دولة حديثة. إلا أنها، رغم ذلك، ظلت حبيسة أقدار التاريخ والجغرافيا. ولم تصلح مظاهر السيادة والعلم والنشيد الوطني ومشاعر سكان الجبال التواقة إلى الاستقلال، في تجاوز حقيقة أن هذا البلد الصغير يشكل امتداداً طبيعياً لمنطقة النفوذ الروسي في جنوب القوقاز.

التطورات التي شهدتها جورجيا خلال تاريخ قصير من «الاستقلال» أظهرت صعوبة تخلص بلد صغير ومحدود الموارد من هيمنة «الأخ الأكبر». فالبلد الذي أعلن انفصاله عن الاتحاد السوفياتي قبل أشهر معدودة من إعلان الوفاة الرسمية للدولة العظمى في السابق، سرعان ما خاض حرباً أهلية دامية، قادت بعد سنوات إلى انفصال إقليمي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بدعم روسي. وتم تكريس أمر واقع جديد، عزّز وجود القوات الروسية في الإقليمين. ولم تمر سنوات قليلة بعد ذلك حتى جاءت «ثورة الزهور» التي أطاحت الرئيس الجورجي الأول، إوارد شيفارنادزه، ووضعت خططاً للتقارب مع الغرب.

هذه الأحداث، إلى جانب اتهامات بتورّط جورجيا في «حرب الشيشان الثانية»، أدت إلى تدهور حاد في العلاقات مع روسيا. وغذّى هذا النزاع أيضاً دعم ومساعدة روسيا المفتوحة لانفصال الإقليمين. ولم تنجح الاتفاقات التي أبرمها الطرفان في ظروف معقدة للغاية في تخفيف حدة التوتر، برغم التزام موسكو بتنفيذ بنود حول سحب القواعد العسكرية الروسية (التي يعود تاريخها إلى العهد السوفياتي) من محيط مدينتي باتومي وأخالكالاكي. إذ جاءت الحرب الروسية الجورجية صيف عام 2008 لتكرس اقتطاع أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية نهائياً بعدما وصلت الدبابات الروسية إلى العاصمة تبليسي في غضون 3 أيام من المعارك الضارية، التي أجبرت الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي على الاستسلام بوساطة أوروبية، قضت بالقبول بالأمر الواقع الجديد من دون الاعتراف رسمياً باستقلال الإقليمين، اعترفت بهما روسيا وعدد محدود من حلفائها، في مقابل انسحاب القوات الروسية من الأراضي الجورجية.

هذه الخلفية مهّدت للمواقف الجورجية لاحقاً، لجهة دعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. لكن في الوقت ذاته، برز تيار واسع داخل جورجيا حظي بدعم الكرملين، وطالب بالانكفاء عن «الحلم الأوروبي» وتعزيز الروابط مع الجارة الكبرى روسيا. وردّد أصحاب هذا التيار مقولة تعكس تنامي القلق من أن تلاقي جورجيا مصيراً مماثلاً لأوكرانيا في حال واصلت عنادها وتحديها لواقع الجغرافيا ودروس التاريخ.