اشتباكات عنيفة في مصر بين أنصار الإخوان وقوات الأمن في محيط «التحرير»

زحف أنصار جماعة الإخوان المسلمين بالآلاف أمس (الأحد) إلى ميدان التحرير بقلب العاصمة المصرية القاهرة، واشتبكوا مع قوات الأمن في معظم المحاور المؤدية إليه، ما خلف نحو 15 قتيلا، فيما احتشد في الميدان الذي يمثل رمز الثورة المصرية الآلاف من مؤيدي عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة، بينما شهدت معظم المحافظات المصرية مظاهرات مؤيدة للجيش وأخرى رافضة لما تعده «انقلابا عسكريا».
وكانت جماعة الإخوان قد دعت أنصارها إلى اقتحام ميدان التحرير خلال احتفالات المصريين بذكرى الحرب المصرية الإسرائيلية في عام 1973، للاحتجاج على عزل قادة الجيش الرئيس مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي.
وانطلقت مسيرات لمؤيدي مرسي من عدة مناطق في القاهرة، هي الأكبر منذ فضت قوات الأمن اعتصامين لمؤيدي جماعة الإخوان في أغسطس (آب) الماضي، خلفت مئات القتلى.
وزحفت مسيرات أنصار الإخوان باتجاه ميدان التحرير من عدة محاور، لكنها اصطدمت بالطوق الأمني الذي فرضته السلطات المصرية في محيط الميدان. واستخدمت قوات الأمن بكثافة القنابل المسيلة للدموع لمنع تقدم مسيرات الإخوان في شارع التحرير بمنطقة الدقي بمحافظة الجيزة (القريبة من القاهرة) والذي يفضي إلى ميدان التحرير.
كما تصدت قوات الأمن لمسيرة إخوانية أخرى في شارع قصر العيني الذي يضم عددا من مؤسسات الدولة على رأسها مقر مجلس الوزراء، والبرلمان، ويعد المدخل الجنوبي للميدان. وامتدت الاشتباكات إلى منطقة الملك الصالح التي تبتعد وسط القاهرة بنحو ثلاثة كيلومترات، كما أحرق أنصار الإخوان حافلتي جنود تابعتين للشرطة في منطقة المنيل (جنوب القاهرة) الذي شهد أيضا اشتباكات عنيفة بين أنصار مرسي، وقوات الشرطة والأهالي.
وفرقت قوات الأمن مسيرة إخوانية في شارع قصر النيل على مشارف ميدان التحرير من جهة الشمال، كما منعت تقدم مسيرة أخرى حاشدة حاولت الدخول إلى ميدان رمسيس القريب من ميدان التحرير، والذي شهد مواجهات عنيفة في 16 أغسطس الماضي، بين أنصار الجماعة وقوات من الأمن والجيش.
وقالت مصادر إخوانية، إن نحو أكثر من 15 متظاهرا سقطوا قتلى خلال المواجهات التي شهدها ميدان رمسيس وشارع التحرير أمس، لكن وزارة الصحة المصرية أعلنت مقتل 15 متظاهرا في أنحاء البلاد خلال مواجهات أمس.
وقال شهود عيان، إنه سمع دوي تبادل إطلاق نار بين المتظاهرين وقوات الأمن خلال المواجهات العنيفة بين أنصار الإخوان وقوات الأمن في محيط ميدان التحرير. وأشار شهود العيان إلى أن أعنف تلك المواجهات شهدها شارع التحرير الذي يعد المدخل الغربي لميدان التحرير، وميدان رمسيس الذي حلقت فوقه طائرات عمودية تابعة للشرطة والجيش على ارتفاع منخفض.
وطالبت جماعة الإخوان المسلمين أنصارها أول من أمس بالتمسك بدخول ميدان التحرير، لكن قوات الأمن فرضت طوقا أمنيا في محيط الميدان الذي توافد عليه منذ صباح أمس مؤيدون للجيش.
وأقامت قوات الشرطة والجيش أبوابا إلكترونية لدخول ميدان التحرير من جهة ميدان عبد المنعم رياض وشارع طلعت حرب شمال الميدان، وشددت من إجراءات التفتيش. وقالت مصادر أمنية، إن عناصرها أوقفت متظاهرين ينتمون لجماعة الإخوان حاولوا التسلل إلى الميدان.
وقال شهود عيان، إن قوات الأمن ألقت القبض على عدد من أنصار مرسي خلال المواجهات التي شهدها محيط ميدان التحرير، لافتين إلى سقوط عشرات الإصابات معظمها حالات اختناق جراء استخدام سلطات الأمن القنابل المسيلة للدموع.
وقال مصدر أمني، إن قوات الأمن المكلفة بتأمين محيط ميدان التحرير أوقفت نحو 166 من عناصر جماعة الإخوان خلال الاشتباكات التي دارت بينهم وقوات الأمن في الشوارع الجانبية المؤدية إلى ميدان التحرير.
وأعلنت حالة الطوارئ في البلاد منذ منتصف أغسطس الماضي، وجددت لشهرين آخرين، كما فرض حظر التجوال من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا بالتوقيت المحلي، لكنه خفف عدة مرات، باستثناء أيام الجمعة التي تشهد بشكل دوري مظاهرات لجماعة الإخوان.
وتوقع مراقبون أن تمتد الاشتباكات التي لا تزال دائرة حتى كتابة هذا التقرير إلى موعد حظر التجوال الذي يبدأ مع انتصاف الليل، وحتى الخامسة صباحا. وعززت توقعات المراقبين إقامة أنصار الإخوان متاريس في شوارع بالقاهرة، كما أشعلوا إطارات السيارات، للحيلولة دون تقدم مدرعات الشرطة والتخفيف من أثر قنابل الغاز، بحسب ما يعتقد المتظاهرون.
وتوقفت حركة مترو أنفاق القاهرة، أحد أهم المرافق الحيوية في القاهرة، لنحو ساعتين بعد أن تظاهر المئات من أنصار الإخوان على شريط القطار، لإعاقة حركة القطارات. وقال المهندس عبد الله فوزي، رئيس الشركة المصرية لتشغيل مترو الأنفاق، إن مجموعة كبيرة من أنصار الإخوان تظاهرت على القضبان الخاصة بسير قطارات المترو، مما أدى إلى توقف حركة القطارات.
في المقابل، شهد ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة)، مظاهرات احتفالية مؤيدة للجيش، وقرار عزل مرسي. وحلقت الطائرات الحربية في سماء القاهرة وقدمت عروضا جوية في سماء ميدان التحرير. وبدا لافتا انتشار كثيف لصور الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة في الميدان.
ودقت أجراس الكنائس المصرية، ورفعت عدة مساجد تكبيرات في الثانية من بعد ظهر أمس، وهو توقيت عبور القوات المصرية لقناة السويس قبل 40 عاما، لتحرير شبه جزيرة سيناء.
وفي محافظة المنيا (صعيد مصر)، قال مصدر طبي ومصادر أمنية في قرية دلجا التي شهدت مواجهات عنيفة الشهر الماضي، إن مؤيدا لجماعة الإخوان قتل أمس في اشتباكات مع الشرطة بالقرية.
وقالت المصادر الأمنية إن القتيل الذي يدعى إبراهيم صبحي (25 عاما) قتل أثناء محاولة أنصار الإخوان اقتحام نقطة الشرطة، لكن مصادر إخوانية نفت ذلك، قائلة إن 4 من المتظاهرين قتلوا خلال الاشتباكات التي اندلعت في القرية أمس.
وفي محافظة أسيوط بصعيد البلاد أيضا، فرقت قوات الأمن مسيرة إخوانية في شارع الجمهورية بمدينة أسيوط. وقالت مصادر إخوانية في المحافظة أمس، إن قوات الأمن ألقت القبض على عدد كبير من المتظاهرين بينهم سيدات.
وتكررت مشاهد الاشتباكات بين قوات الأمن وأنصار الإخوان في مدن القناة (شرق القاهرة)، وشهدت مدينة السويس مواجهات عنيفة بين قوات من الجيش والشرطة وأنصار مرسي، سقط خلالها عشرات المصابين، بحسب شهود عيان.
وفي بورسعيد، فرق عدد من أهالي المدينة مسيرة لجماعة الإخوان في محيط ميدان المنشية، كما استخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لفض المسيرة.
وشهدت الإسكندرية، وعدة محافظات في دلتا مصر مواجهات مماثلة بين مؤيدي جماعة الإخوان ومعارضيهم، سقط خلالها جرحى، وتدخلت في معظمها قوات الأمن وسيطرت على الاشتباكات.