احتجاجات العاطلين تتواصل في تونس لليوم الخامس على التوالي

اقتحام مقرات حكومية.. ومخاوف من استغلال الاعتصامات لتنفيذ خطط المتطرفين

جانب من الاحتجاجات التي امتدت أمس إلى شوارع العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي امتدت أمس إلى شوارع العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
TT

احتجاجات العاطلين تتواصل في تونس لليوم الخامس على التوالي

جانب من الاحتجاجات التي امتدت أمس إلى شوارع العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)
جانب من الاحتجاجات التي امتدت أمس إلى شوارع العاصمة للمطالبة بالتشغيل والتنمية (إ.ب.أ)

شهدت عدة ولايات (محافظات) تونسية أمس موجة من الاحتجاجات المطالبة بنصيبها من التنمية، وتمتيع العاطلين بوظائف من مختلف الاختصاصات.
وتوسعت رقعة الاحتجاجات الاجتماعية لليوم الخامس على التوالي، لتجاوز حدود مدن القصرين، وتمتد إلى سيدي بوزيد وسليانة، وقفصة وباجة، والقيروان وجندوبة، وتوزر ومدنين، وقبلي والمهدية وصفاقس، بعد أن كانت انطلاقتها في البداية مقتصرة على مدينة القصرين (وسط غرب).
ويعد انتقال الاحتجاجات ووصولها إلى بعض الأحياء الشعبية المحيطة بالعاصمة، على غرار الكرم وبرج السدرية، وجبل الجلود (الضاحية الجنوبية)، دليلا سلبيا يؤكد عدم نجاعة التدخلات الأمنية لتهدئة المحتجين، فيما تخشى السلطات امتداد الاحتجاجات إلى حي التضامن، الذي يعد أحد أكثر الأحياء الشعبية فقرا داخل العاصمة.
وطالبت المسيرات الاحتجاجية بتمديد الإجراءات الاستثنائية في قطاع التنمية والتشغيل، التي أقرتها الحكومة، والتي طالت منطقة القصرين، لتشمل بقية الولايات (المحافظات) التونسية، حيث اقتحم الشبان العاطلون عن العمل أمس عدة مراكز حكومية، من بينها مقرات ولايات جندوبة وباجة والقيروان، إلى جانب المقر المركزي لوزارة التربية، وقدموا نفس المطالب المتمثلة في الحصول على عمل، وتوفير عناصر التنمية في جهاتهم المهمشة.
وفي ولاية باجة (100 كلم شمال غربي العاصمة) اقتحم عاطلون عن العمل مبنى المحافظة، وقطع محتجان شرايينهما احتجاجا على ظروفهما الاجتماعية الصعبة، كما اقتحم شبان ولاية جندوبة (شمال غرب) القريبة منها، وقدموا نفس مطالب المحتجين في القصرين وغيرها من المناطق التي احتج فيها المعطلون عن العمل. كما اقتحم شبان آخرين مقر ولاية القيروان (وسط) لنفس الأسباب، ومقر وزارة التربية في العاصمة، مما يؤشر على وجود تنسيق قوي بين مختلف التحركات الاحتجاجية.
وفي مدينة جبنيانة بولاية صفاقس (وسط شرق) أغلقت السلطات المحلية مقرات حكومية، خشية اقتحامها من قبل الشبان العاطل عن العمل. فيما أعلنت مصادر عسكرية بسط حمايتها على المنشآت الحيوية في المدن المنتفضة، بدل قوات الأمن التي انسحبت من معظم المناطق الحساسة بسبب صعوبة السيطرة على المجموعات المحتجة. وفي غضون ذلك اتهمت مصادر أمنية مجهولين بتوزيع الأموال في القصرين على المحتجين من أجل مزيد تأجيج الاحتجاجات، وأشارت إلى وجود تحركات مريبة للتنظيمات الإرهابية داخل منطقة القصرين، التي تتحصن بها كتيبة عقبة ابن نافع المتشددة.
وأسفرت المواجهات التي عرفتها منطقة القصرين عن وفاة رجل أمن (25 سنة) خلال تفريق الاحتجاجات، بعد انقلاب سيارة لرجال الأمن، واعتداء المحتجين عليها بالحجارة، وفق بلاغ لوزارة الداخلية. كما جرح نحو 43 من رجال الأمن واثنين من قوات الجيش.
وبادرت الحكومة في جلسة عمل استثنائية، ترأسها سليم شاكر وزير المالية (من حزب النداء) عوضا عن الحبيب الصيد المشارك في منتدى دافوس، إلى سن إجراءات عاجلة لفائدة منطقة القصرين بهدف إرضاء المحتجين، ونزع فتيل التوتر الذي قد تتوسع رقعته إلى كامل المدن التونسية، حسب بعض المتتبعين للشأن التونسي.
وتتمثل هذه الإجراءات، حسبما أفاد خالد شوكات المتحدث باسم الحكومة، في توظيف 5000 عاطل عن العمل ضمن الآليات المعتمدة في برامج التشغيل، بالإضافة إلى توظيف 1410 عاطلين عن العمل ضمن الآلية 16 المتعلقة بالعمل المؤقت، كما تبنى البنك التونسي للتضامن (هيكل حكومي) 500 مشروعا لتمويله، بكلفة إجمالية تصل إلى 6 ملايين دينار تونسي (نحو 3 ملايين دولار).
وأكد شوكات أن أغلب المتضررين من احتجاجات مدينة القصرين كانوا من الأمنيين، بقوله «لا نريد أن تكون هذه الاحتجاجات مطية للجماعات الإرهابية التي توظفها بعض القوى الإقليمية لضرب النموذج الديمقراطي التونسي»، مشيرا إلى أن «تونس ما زالت مهددة من قبل تنظيم داعش الإرهابي».
وفي السياق ذاته، أكد حزب نداء تونس (الحزب الحاكم) دعمه للحكومة في قراراتها، ومساعيها لإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية بالمناطق الأقل نموا، وانتظار مخطط التنمية الجديد لتغيير الأوضاع المعيشية للمواطنين، مع تفهمها لمطالب الشباب التونسي في القصرين، وغيرها من الجهات الداخلية في التنمية والشغل والكرامة.
ودعا نداء تونس المحتجين إلى التزام السلوك الحضاري في التحركات الاحتجاجية، وألا يقعوا «ضحية لاستغلال الأطراف الخبيثة الساعية إلى ضرب الوحدة الوطنية، وتمهيد الجو أمام الجماعات الإرهابية»، على حد تعبيره.
كما دعا الحزب الحاكم «النخب السياسية والثقافية إلى عدم الانجراف وراء خطاب الفتنة والتحريض، والتوظيف الحزبي الضيق للأحداث، وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل مصلحة أخرى».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».