خدمة مساعدات للاجئين السوريين في الأردن ببصمة العين

دشنت بعد أن أبدى لاجئون حاجتهم إلى برنامج نقدي دون الاصطفاف في طابور

عين اللاجئ السوري بالأردن ستكون كلمة السر التي ستفتح آلة الصرف في البنوك بعمان ليحصل على المساعدة المالية الشهرية (أ.ف.ب)
عين اللاجئ السوري بالأردن ستكون كلمة السر التي ستفتح آلة الصرف في البنوك بعمان ليحصل على المساعدة المالية الشهرية (أ.ف.ب)
TT

خدمة مساعدات للاجئين السوريين في الأردن ببصمة العين

عين اللاجئ السوري بالأردن ستكون كلمة السر التي ستفتح آلة الصرف في البنوك بعمان ليحصل على المساعدة المالية الشهرية (أ.ف.ب)
عين اللاجئ السوري بالأردن ستكون كلمة السر التي ستفتح آلة الصرف في البنوك بعمان ليحصل على المساعدة المالية الشهرية (أ.ف.ب)

أصبح بإمكان اللاجئين السوريين في الأردن سحب أموال المساعدات من أجهزة الصرف الآلي دون الحاجة لبطاقات ائتمانية بفضل برنامج جديد أطلقته الأمم المتحدة، هو الأول من نوعه في العالم، يعتمد على بصمة العين.
وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بأن المشروع جاء بعد أن أبدى لاجئون حاجتهم إلى «برنامج نقدي واضح يعزز كرامتهم ويوفر وسيلة للحصول على المساعدة، دون حاجة لاتباع الأسلوب التقليدي كالاصطفاف في طابور خارج أبواب الوكالة للحصول على المساعدات».
والبرنامج الجديد الذي أطلق عليه بالإنجليزية اسم «آي كلاود» وبالعربية اسم «مساعدة برمشة عين» سيسمح للاجئين بتسلم مساعداتهم النقدية خلال ثوان معدودة عن طريق استخدام بصمة العين من خمسين جهاز صرف آلي في محافظات المملكة. ويرتبط البرنامج مباشرة ببيانات اللاجئين لدى المفوضية. ويحتاج اللاجئ إلى أقل من ثلاثين ثانية يقف خلالها أمام جهاز الصرف الآلي الجديد المزود بجهاز أسود صغير يلتقط بصمة العين كي يتسلم المساعدات المخصصة له.
وقال ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأردن آندرو هاربر لوكالة الصحافة الفرنسية «هذه التقنية الجديدة هي أكثر البرامج سرعة وفعالية وكفاءة في العالم».
وأضاف: «الذين سيتلقون المساعدات النقدية الشهرية في الأردن هم أولئك الذين يعيشون خارج المخيمات، هم الأشخاص الأكثر ضعفا، الأرامل اللواتي لديهن أطفال، والمسنون، والأشخاص الذين لا يملكون فرصة عمل، ولا يستطيعون إعالة أنفسهم». وأشار إلى أن «المفوضية صرفت منذ عام 2012 أكثر من 150 مليون دولار للاجئين الأكثر ضعفا»، مؤكدا أن نحو 43 ألف عائلة تفيد من البرنامج. وأكد هاربر أن «المساعدات ستقدم من خلال البرنامج الجديد إلى اللاجئين السوريين والعراقيين والسودانيين والصوماليين الأكثر ضعفا».
وأكد عماد ملحس، الرئيس التنفيذي لشركة «ايريس غارد» المصممة للمشروع والتي تتخذ من بريطانيا مقرا، أن «هذا النظام يمكن المفوضية من تقديم المساعدات للأشخاص الذين لا يملكون حسابات مصرفية، بشكل فعال وآمن بكل كرامة واحترام من دون الحاجة إلى استخدام بطاقة أو رقم سري». وتجمع عشرات اللاجئين في مصرف في وسط العاصمة الأردنية للحصول على المساعدات المالية المخصصة لهم للمرة الأولى عبر الوسيلة الجديدة. ومعظم الموجودين من النساء مع أطفالهن.
وقالت سعاد (40 عاما)، وهي أم لسبعة، وقد فقدت زوجها في غارة على الغوطة الشرقية في ريف دمشق قبل ثلاثة أعوام، لوكالة الصحافة الفرنسية بعد أن تسلمت 120 دينارا (170 دولارا): «أنا سعيدة لأن الأمر تم بسرعة. فنحن بأمس الحاجة لكل دينار من هذه المساعدات من أجل دفع إيجار المنزل البالغ 230 دينارا (330 دولارا)». وأضافت وقد تمسك بعباءتها السوداء اثنان من أطفالها بينما اثنان آخران وقفا إلى جانبها: «بالإضافة إلى هذا المال، نحن نتسلم 100 دينار (140 دولارا) من منظمة يونيسيف ليصبح المجموع 220 دينارا (310 دولارا)» شهريا.
وتابعت سعاد التي لجأت إلى الأردن مباشرة بعد مقتل زوجها «أحمد الله أن أبنائي الشبان الثلاثة يستطيعون العمل في سوق الخضار من أجل إعانتنا في حياتنا الصعبة وإلا لكانت الأمور لا تطاق». وأوضحت أن «هذه المساعدات رغم أنها قليلة وغير كافية لتلبية احتياجاتنا، لكنها مفيدة جدا (...). أهم شيء أن نكون تحت سقف يحمينا».
وقال محمد (35 عاما) الذي اكتفى بذكر اسمه الأول، وهو من دمشق، بأنه جاء إلى البنك فور تسلمه رسالة من المفوضية على هاتفه الجوال أبلغته بضرورة الحضور لتسلم خمسين دينارا (70 دولارا) مخصصة له ولزوجته.
وأضاف محمد الذي بدت عليه آثار التعب وقد بدا مستعجلا وينتظر دوره بفارغ الصبر «نحن بأمس الحاجة لهذا المال فزوجتي تعاني من السرطان ومرضها هذا يجعلنا بحاجة دائمة للمال». وأضاف: «إننا نعاني من ظروف إنسانية صعبة ومرضها يحتم علي أن أكون دائما بقربها دائما وهذا ما يمنعني من العمل».
وأشار إلى أن إيجار منزله وحده يبلغ 115 دينارا (165 دولارا)، مشيرا إلى أن «هناك أناسا خيرين يساعدوننا في محنتنا هذه».
وبحسب الأمم المتحدة هناك نحو 630 ألف لاجئ سوري مسجلين في الأردن، بينما تقول السلطات بأن المملكة تستضيف نحو 1.4 مليون يشكلون 20 في المائة من عدد سكانها البالغ نحو سبعة ملايين. ويعيش نحو 90 في المائة من اللاجئين السوريين خارج المخيمات. فيما يؤوي أكبر المخيمات، مخيم الزعتري في المفرق على بعد 85 كلم شمال شرقي عمان، نحو 80 ألف لاجئ. وبسبب المخاوف الأمنية، خفض الأردن عدد نقاط العبور للاجئين القادمين من سوريا من 45 نقطة في العام 2012 إلى نقطتين في شرق المملكة في العام 2015.
وقال إبراهيم (30 عاما) وهو أب لأربعة أطفال لجأ إلى الأردن قادما من حلب: «الكل يعرف أن هذه المساعدات قليلة وغير كافية، ولكن الكل يعرف أيضا أنه من دون هذه المساعدات كنا نعاني الأمرين، هي على قلتها نعمة من السماء».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.