مهرجان «وودفورد» لموسيقى الشعوب يحتضن آلاف الفنانين والمتابعين

عراقي يمثل الموسيقى العربية في أكبر مهرجان بأستراليا

نورس الفريح في حفلته في مهرجان {وودفورد} عازفا على آلة الجوزة - من المشاركين في مهرجان {وودفورد} العالمي لموسيقى الشعوب
نورس الفريح في حفلته في مهرجان {وودفورد} عازفا على آلة الجوزة - من المشاركين في مهرجان {وودفورد} العالمي لموسيقى الشعوب
TT

مهرجان «وودفورد» لموسيقى الشعوب يحتضن آلاف الفنانين والمتابعين

نورس الفريح في حفلته في مهرجان {وودفورد} عازفا على آلة الجوزة - من المشاركين في مهرجان {وودفورد} العالمي لموسيقى الشعوب
نورس الفريح في حفلته في مهرجان {وودفورد} عازفا على آلة الجوزة - من المشاركين في مهرجان {وودفورد} العالمي لموسيقى الشعوب

ودعت بلدة «وودفورد»، شرق أستراليا، النسخة الثلاثين من مهرجانها العالمي لموسيقى الشعوب (Woodford Folk Festival) الذي يستضيف سنويا المئات من الموسيقيين والمسرحيين والحرفيين بصناعة الآلات الموسيقية التقليدية والراقصين ليقدموا على مدى ستة أيام وعلى أكثر من عشرين مسرحا كبيرا، إضافة إلى المسارح الصغيرة وأخرى في الهواء الطلق، معزوفات على آلات موسيقية تقليدية من جميع أنحاء العالم.
الدخول إلى أرض المهرجان التي تمتد على مساحة عدة أميال من الأراضي المنبسطة والتلال والغابات في بلدة «وودفورد» شبه الريفية على بعد 75 كيلومترا شمال مدينة برزبن شرق أستراليا، في ولاية كوينزلاند، يشبه إلى حد كبير الوصول إلى أرض العجائب دون أليس (في أرض العجائب)، فهناك الآلاف من الفنانين الذين يقومون بمهمات أليس، ولكن بأساليب إبداعية متفردة سواء في الغناء أو العزف أو الرقص الفلكلوري والتمثيل.
المهرجان الذي يفتتح أبوابه للمشاركين قبل نهاية كل عام، أي قبل الافتتاح الرسمي بما لا يقل عن عشرة أيام، وللجمهور الذي يفضل التخييم حول مراكز الفعاليات بما لا يقل عن خمسة أيام، استضاف هذا العام وفي دورته الثلاثين ما يقرب من 35 ألف من الضيوف المقيمين في خيام يجلبوها معهم، وعدد مقارب من الزائرين يوميا ممن يحضرون الفعاليات ويغادرون بعد منتصف الليل.
سيم سيمونس وزوجته بات سيمونس من أبرز منظمي وواضعي برامج والمشرفين على أهم وأكبر مسارح مهرجان «وودفورد» (الفلوكلوريكا) والمختص في تقديم موسيقى الشعوب حصرا، قال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ قيام المهرجان قبل 30 عاما حرصنا على اختيار فنانين متميزين من حول العالم ويمثلون ثقافات متنوعة تنتمي إلى فلكلورهم الموسيقي والغنائي والرقص التعبيري»، مشيرا إلى «أننا نبحث بدقة عن هؤلاء الفنانين سواء من المقيمين في أستراليا أو من الأستراليين أنفسهم أو من بقية أنحاء العالم، ونوجه لهم الدعوات ليقدموا إبداعاتهم على مسرح الفلوريكا الذي يعد مسرحا متميزا بتقديم إبداعات الشعوب، وليس من السهل على الفنان الوصول إلى خشبة هذا المسرح الذي قدم هذا العام عروضا لفنانين من الهند وإندونسيا والنيبال والصين وإسبانيا والعراق وأميركا اللاتينية، ومن دول أخرى».
زوجته بات سيمونس، كانت حريصة للغاية على ضبط مواعيد تقديم العروض وزمن تقديمها، 45 دقيقة لكل فنان أو فرقة، ما عدا استثناءات قليلة حسب إلحاح الجمهور ووفرة بعض الدقائق التي نتيحها لإطالة مدة هذا العرض أو ذاك، حسبما أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن «تنوع الفنانين والجمهور في مهرجان (وودفورد) يتيح لنا أن نختار عروضا مختلفة فوق هذا المسرح».
وردا عن سؤالنا حول حجم العروض أو الفنانين العرب المشاركين في هذا المهرجان أو الذين قدموا عروضهم على مسرح «الفلوكلوريكا»، قال سيم سيمونس: «للأسف لم نحظَ إلا بفنان واحد وهو نورس الفريح، أسترالي من أصول عراقية يعزف على آلة تراثية (الجوزة)، وقد شارك في سبع دورات بالعزف على مسرح (الفلوكلوريكا)، وفي هذا العام كان له امتياز بتقديم عرضين، الأول منفردا ومن ثم بمشاركة عازف عود أسترالي مايكل تايلور وعازفة الرق الأسترالية تمارا تايلور، وعرض آخر لفرقته الموسيقية (شناشيل) التي أسسها من عازفين أستراليين».
يضيف سيمونس قائلا: «لقد شارك في الدورة الثلاثين لهذا المهرجان أكثر من 2500 فنان قدموا أكثر من ألفي أداء وفعالية فنية عبر 480 حفلة موسيقية وغنائية مثلت غالبية شعوب العالم ومن جميع القارات، حيث تسمع الموسيقى الهندية والعربية ومن أميركا اللاتينية والتركية والأسترالية وغيرها من موسيقى الشعوب التي يقدمها موسيقيون شباب وبرؤية حديثة، أو فلكلورية، هذا بالإضافة إلى ورش العمل التي يقيمها غالبية الفنانين حول آلاتهم الموسيقية التقليدية وموسيقاهم والتعريف بفلكلور شعوبهم وحضاراتهم وورش عمل لتعليم الموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية الفلكلورية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية»، مشيرا إلى أن «هدف المهرجان ليس موسيقيا فحسب، بل هو إتاحة فرصة واسعة جدا للقاء الفنانين الذين يقطعون المسافات من جميع المدن الأسترالية ومن جميع أنحاء الأرض ليقيموا خيامهم على أرض المهرجان ويتواصلوا في ما بينهم بالعزف وتبادل المعارف والآراء، ليشكلوا في ما بعد فرقا موسيقية مشتركة تقدم نتاجاتها خلال المهرجان على مسارح صغيرة أو في الخيام المعدة لذلك».
نورس الفريح (أسترالي من أصل عراقي)، هو الوحيد الذي مثل الحضور العربي أو الموسيقى العربية في مهرجان «وودفورد» العالمي لموسيقى الشعوب، قال لـ«الشرق الأوسط»: «لقد بدأت أولى مشاركاتي قبل سبع سنوات عندما وجهت إليّ دعوة للعزف على أهم مسارح (وودفورد - الفلوكلوريكا)، وكان وما زال العزف على هذا المسرح المهم يعد امتيازا لي وللموسيقى التي أقدمها، وما زلت أقدم حفلاتي على ذات المسرح، إضافة إلى عروض أخرى أقدمها خارج المنهاج الرسمي للمهرجان، بالاشتراك مع فنانين تعرفت عليهم في المهرجان وهم يمثلون الموسيقى على آلة الجوزة في الآلات الموسيقية ذاتها».
الفريح كان قد درس الموسيقى على آلة الجوزة في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد، وهو أهم مدرسة للموسيقى العراقية التقليدية والتي تخرج منها كبار الموسيقيين والمطربين العراقيين، عندما كان في سن الـ15 عاما، قبل أن يكمل دراسته الموسيقية الجامعية في معهد الملكة نور في عمان، إذ درس آلة الكمان ليجمع بين الموسيقى الشرقية والغربية الكلاسيكية، كما أنه عازف كمان في فرقة «برزبن فلهارمونك أوركسترا» الأسترالية.
وأوضح الفريح قائلا إن «آلة الجوزة يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهناك منحوتات سومرية يظهر فيها موسيقيون سومريون يعزفون عليها، فالمعروف أن السومريين في جنوب العراق هم أول من صنع وعزف على آلة القيثارة (الهارب) السومرية التي توجد خمسة نماذج منها في المتحف البريطاني بلندن»، مشيرا إلى أن «آلة الجوزة تصنع محليا من غلاف ثمرة جوز الهند وتغطى بجلد رقيق وتضم أربعة أوتار، ولقد قمت وبمساعدة صانع آلات موسيقية عالمي هنا في أستراليا بتطوير هذه الآلة، مستبدلا غلاف ثمرة الجوز بصندوق خشبي وبدلا عن الجلد الرقيق، غالبا ما يكون جلد قلب البقرة، بقطعة من الخشب الرقيق جدا مع الحفاظ على الصوت الأصلي للآلة التراثية، وهي ذات الآلة التي أعزف عليها في المهرجانات والحفلات الموسيقية سواء هنا بأستراليا أو خارجها».
ويضيف الفريح قائلا: «هنا بمدينة برزبن تعرفت على موسيقيين أستراليين عندهم شغف بالموسيقى العربية، فقمنا بتشكيل فرقة موسيقية عربية (تخت شرقي) أطلقنا عليها اسم (شناشيل)، وأنا العربي الوحيد بينهم وأشرف على تدريباتهم ومعزوفاتهم، وكان للفرقة شرف المشاركة لأول مرة في مهرجان (وودفورد) العالمي لموسيقى الشعوب»، موضحا أن «فرقة شناشيل تتكون من: مايكل تايلور عازف على آلة العود، تامارا تايلور على الرق، روب هارفي على الطبلة، ستيفن كورتس على القانون والأكورديون، وكلوي إن وليمسون على الكونترباس، إضافة إليّ حيث أعزف على الكمان والجوزة. كما أن كلا من مايكل وتمارا شاركا في حفلتي الأولى»، متمنيا أن «تتاح فرص أكبر لفرقته (شناشيل) وله بالمشاركة في مهرجانات موسيقية عربية».
عازف العود الأسترالي مايكل تايلور أوضح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «كان عندي شغف قديم بالموسيقى الشرقية، وخصوصا العربية والتركية، لكنني ركزت على الموسيقى العربية وتعلمت العزف على آلة العود لأنها تتمتع بإمكانيات موسيقية رائعة».
مهرجان «وودفورد» العالمي لموسيقى الشعوب هو أيضًا سوق للآلات الموسيقية التراثية وللأزياء التقليدية، وكان قد أنهى نسخته الثلاثين بعرض ختامي ساحر مزدحم بالأفكار والموسيقى والألوان والألعاب النارية، مجددا فكرة الصراع بين الخير الذي مثله نموذج من سكان أستراليا الأصليين وإصراره على الحفاظ على البيئة والأشجار ضد الشر المتمثل بالآلة الصناعية التي تدمر الغابات والبحار والفضاء».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».