لبنان: «14 آذار» ترفض عون للرئاسة وتترك جعجع وحيدًا

مصادر: لا عون ولا سواه سيكون رئيسًا على المدى المنظور

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى في بيروت أمس المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي يقوم بجولة في المنطقة للتباحث حول أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى في بيروت أمس المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي يقوم بجولة في المنطقة للتباحث حول أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
TT

لبنان: «14 آذار» ترفض عون للرئاسة وتترك جعجع وحيدًا

وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى في بيروت أمس المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي يقوم بجولة في المنطقة للتباحث حول أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل التقى في بيروت أمس المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي يقوم بجولة في المنطقة للتباحث حول أوضاع اللاجئين السوريين (إ.ب.أ)

تشير كل الوقائع والمعطيات إلى أن جلسة البرلمان اللبناني المقررة في 8 فبراير (شباط) المقبل، المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية، لن تختلف عن 34 جلسة من سابقاتها فشلت في ملء الشغور الرئاسي اللبناني المستمر منذ نحو عامين، على الرغم من إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع تأييده ترشيح خصمه رئيس تكتل التغيير والإصلاح ميشال عون للرئاسة.
لكن هذا التوافق الذي أدى إلى حصر معركة الرئاسة بين الحليفين، عون، ورئيس تيار المردة، النائب سليمان فرنجية، المدعوم من رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري، أدى إلى المزيد من الانقسام وتصدّع التحالفات التي ستسهم في إطالة أمد الفراغ في موقع الرئاسة. وقد أظهرت مواقف أحزاب فريق 14 آذار، بعد يومين من إعلان الترشيح، رفضها القبول بمبادرة «عون – جعجع» الرئاسية، تاركة حليفها وحيدا.
وبينما يتولى المسؤولون في «التيار الوطني الحر» مهمة الترويج للمبادرة في لقاءات يعقدونها مع الأحزاب اللبنانية، في ظل اتباع حليفه حزب الله وحركة أمل، برئاسة رئيس مجلس النواب نبيه بري، سياسة الصمت حتى الساعة، يبدو أن انفتاح «القوات اللبنانية» على خصمه التاريخي سيترك تداعياته بشكل كبير على علاقته مع حليفها السنّي تيار المستقبل، الذي قرّر المواجهة من خلال المضي قدما في دعم ترشيح فرنجية، وهو الأمر الذي لم يختلف كثيرا في موقف حليفها المسيحي أيضا في «14 آذار» حزب الكتائب، الذي قرّر الوقوف على الحياد، رافضا التصويت لأي من الخصمين.
وقد كشفت أوساط مواكبة لـ«وكالة الأنباء المركزية» أن «الكتائب» ليس في وارد انتخاب رئيس من فريق 8 آذار إلا في حال قدم ضمانات علنية تتصل بالتزام مشروع سياسي وطني من ضمن مبادئ وثوابت «ثورة الأرز»، أقلها التزام «تحييد لبنان» الذي يشكل «إعلان بعبدا» وسياسة النأي بالنفس الحكومية امتدادا له. وأشارت الأوساط إلى أن نواب «الكتائب» سيؤمنون النصاب للجلسة الانتخابية الرئاسية في المقبلة في 8 فبراير، لكنهم سيصوتون بورقة بيضاء، لافتة إلى أن الجميل أبلغ هذا الموقف إلى كل القوى السياسية.
مواقف الحلفاء هذه يضعها «القوات» في خانة «الحق الديمقراطي»، حيث أكد عبر مصادره، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاختلاف بين الحلفاء لا يفسد في الودّ قضية، وسنستمرّ في جهودنا لإقناعهم بخيارنا». وأضافت المصادر: «الاستياء قد يكون على المستوى الشعبي، على غرار ما حصل عندما أيّد (المستقبل) ترشيح فرنجية، من دون أن ينسحب على القيادات، وهذا أمر يبقى علاجه سهلا».
مع العلم بأن وزير الاتصالات، بطرس حرب، إحدى أبرز شخصيات فريق 14 آذار، أعلن كذلك تأييده لفرنجية إذا كان عليه الاختيار بينه وبين عون، وقال بعد لقائه مع رئيس حزب الكتائب سامي الجميل: «أنا أتمسك بإجراء الانتخابات الرئاسية وبالخضوع لنتائجها». وأضاف: «لا نقبل بأن تتم رئاسة الجمهورية كعملية ابتزاز سياسي».
وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أنّ بري سيترك الحرية لكتلته النيابية إذا انعقدت جلسة انتخابات الرئيس في 8 فبراير (شباط) المقبل، أكّد النائب في كتلته، ميشال موسى، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار النهائي لم يتّخذ لغاية الآن، ولا يزال بري بانتظار مواقف الأفرقاء اللبنانيين كافة ليبني على الشيء مقتضاه»، مشيرا إلى أنّ كتلة «التنمية والتحرير» ستعلن موقفها الرسمي في اجتماعها المقبل. ويوم أمس نقل النواب عن بري ترحيبه باللقاء الذي جمع عون وجعجع «إلا أنه ليس كافيا لانتخاب رئيس»، موضحا أنّ «موقفه في هذا الإطار سيصدر في النهاية بعد سلسلة مشاورات».
وقالت مصادر في قوى «8 آذار»، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري يعني أنه لا انتخاب لعون، أو لأي رئيس في المستقبل المنظور. واعتبرت المصادر أن عون أجهض ترشيح فرنجية، و«المستقبل» أجهض ترشيح عون. وأشارت المصادر إلى أن ما حصل هو تسجيل نقاط من قبل عون و«القوات»، لكن هذا لا يبدو كافيا حتى اللحظة لانتخاب رئيس، مؤكدة أن حزب الله ملتزم بالتصويت لعون في الانتخابات ودعم وصوله إلى منصب الرئاسة كما تعهد سابقا، وهو لا يزال عند تعهده.
وعاد تيار المستقبل، وأكّد يوم أمس، على لسان النائب أحمد فتفت، أن «الحريري مستمر في دعم فرنجية حتى النهاية في موضوع رئاسة الجمهورية»، موضحا أنه «ما دام رئيس تيار المردة مستمرا فإن الحريري لن يغير موقفه بأي شكل من الأشكال، وهذا ما تم إبلاغه إلى فرنجية وإلى كل القيادات».
وقال فتفت في حديث تلفزيوني: «لم يأخذ حزب الله في أي مرة بالاعتبار التوازنات الداخلية لأنه يعتبر أنه يملك فائض قوة كافيا ليحاول فرض ما يريد»، مضيفا «نحن مع أي مصالحة في لبنان، إنما توصيل عون إلى رئاسة الجمهورية يعطي انطباعا بأنه توجد انعطافة إيرانية بكل السياسة اللبنانية».
وأكّد: «لسنا مع قطع الاتصال مع أي طرف سياسي، كل يتخذ خياراته السياسية في مراحل سياسية معينة، إلا أننا لسنا في حال عداء وقطيعة مع (القوات اللبنانية) بأي شكل من الأشكال».
وكان وزير الخارجية جبران باسيل قد زار يوم أمس، والنائب إبراهيم كنعان رئيس حزب الكتائب، النائب سامي الجميل. وقال باسيل بعد اللقاء: «من الطبيعي أن نقوم بهذه الزيارة لنحاول أن نستكمل معا مشهد الوحدة الذي شاهده اللبنانيون منذ يومين، وهذا المنطلق الأساسي لإعادة التوازن في البلد، ولإعادة الوحدة على المستوى المسيحي مما يؤسس للوحدة الوطنية ويسهلها». وأضاف: «لا أحد مستعجل لحرق أي مرحلة وصولا إلى تكوين الاقتناعات اللازمة على المستوى المسيحي والوطني لنصل إلى هذا الهدف».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.