«داعش» يُهدد أوروبا باستراتيجية «الذئاب المنفردة».. ويدعو أتباعه للقتل ولو بـ«سكين المطبخ»

مرصد الأزهر يؤكد أن بريطانيا مُهددة بعد عودة 60 % ممن انضموا للتنظيم

«داعش» يُهدد أوروبا باستراتيجية «الذئاب المنفردة».. ويدعو أتباعه للقتل ولو بـ«سكين المطبخ»
TT

«داعش» يُهدد أوروبا باستراتيجية «الذئاب المنفردة».. ويدعو أتباعه للقتل ولو بـ«سكين المطبخ»

«داعش» يُهدد أوروبا باستراتيجية «الذئاب المنفردة».. ويدعو أتباعه للقتل ولو بـ«سكين المطبخ»

كشف الأزهر عن تغيير تنظيم داعش الإرهابي للغة تهديده لأوروبا من مجرد عبارات رنانة تتوعدهم بالقتل غير قابلة للتصديق تمثلت في عبارات مثل «لن تهنأ أميركا»، و«سنفتح أوروبا»، إلى تهديدات حقيقية بتنفيذ عمليات فردية يقوم بها أفراد يعيشون في نفس هذه الدولة التي يقع عليها التهديد، لافتا إلى أن هذه الظاهرة أو الاستراتيجية الجديدة أطلق عليها التنظيم اسم «الذئاب المنفردة».
وقال تقرير حديث أعده مرصد الأزهر، إن «داعش» بدأ في دعوة أتباعه في هذه الدول إلى قتل من استطاعوا من السكان في هذه الدول، وذلك بما توفر لديهم من الأسلحة وبأي طريقة، حتى وإن كانت «سكين مطبخ»، موضحا أن هؤلاء الأتباع أغلبهم متطرفون ممن يعيشون في الغرب ويتبنون فكر «داعش» الإرهابي.
وحذر تقرير الأزهر من أن «داعش» توعد في تسجيلات رصدها المرصد 60 دولة من المنضمين للتحالف الدولي ضده، من بينهم أميركا وروسيا، وكذلك بعض الدول العربية، بتنفيذ هجمات قريبة خلال الأشهر المقبلة، إذا لم يتوقفوا عن دعم أميركا في هجومها على أراضي «دولته» المزعومة.
وقال الأزهر إن «داعش» بالفعل نفذ تهديداته في فرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وهناك تهديدات كثيرة لم تتحقق بعد، قد تكون قيد التنفيذ وقد تدخل فقط ضمن الحرب النفسية من التنظيم لتسهم في رسم الصورة التي يسعى من خلالها لإظهار قدرته على الوصول لجميع أنحاء العالم واكتساب صيت أو نفوذ عالمي، موضحا أن تهديدات «داعش» طالت بلادا عظمى كروسيا التي هددها بتنفيذ هجمات في القريب العاجل وتحويلها إلى «محيط من الدماء». كما أن بريطانيا باتت مهددة بشكل كبير الآن بعد عودة 60 في المائة إليها ممن انضموا لصفوف «داعش».
وتابع الأزهر: إن «(داعش) بات يهدد إسبانيا وألمانيا والنمسا وكندا وأستراليا وبلجيكا، وأرسل رسائل تهديد على هواتف بعض المواطنين في السويد يخيرهم بين اعتناق الإسلام أو دفع الجزية أو قطع الرأس، كذلك امتدت تهديداته إلى الهند وباكستان وبنغلاديش وأفغانستان وعدة بلدان أخرى، فضلا عن الصين». وأشار التقرير إلى أنه بالنظر إلى هذه التهديدات في مجملها، نجد أنها تعتمد على استخدام فيديوهات ذات طابع هوليوودي، حيث المؤثرات البصرية والأصوات الخلفية التي تبعث الرهبة والخوف والرعب في من يشاهدها، مع ترديد عبارات تهديدية ومشاهد ذبح ودماء متناثرة، حيث يخدع الشباب وصغار السن بها.
وكشف تقرير مرصد الأزهر عن تعمد «داعش» استخدام نفس لغة الدولة التي يهددها بالعنف - في أغلب الحالات - وبلسان من يتحدثون لغة هذه الدولة بطلاقة تدل على أنها لغتهم الأم، مستغلا وجود أتباع له من 86 دولة حول العالم، وهو ما يعكس رغبته في التأثير على الشباب في تلك الدول، إضافة إلى بث الرعب في نفوس الشعوب من خلال التأكيد أن لديه أتباعا من مختلف دول العالم، لافتا إلى أن «داعش» يتفنن في صناعة الرعب ولم يشهد التاريخ الإنساني وحشية مثل أفعال هذا التنظيم، ورسائله ليست سوى استنساخ لرسالة زعيم التتار «هولاكو» عند قدومه لاحتلال مصر، والتي منها «إنا نحن جند الله في أرضه.. فاتعظوا بغيركم وأسلموا لنا أمركم، قبل أن ينكشف الغطاء، فتندموا ويعود عليكم الخطأ.. فنحن لا نرحم من بكى، ولا نرق لمن شكر، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وقتلنا معظم العباد.. وقلوبنا كالجبال وعددنا كالرمال».
وحث تقرير الأزهر بضرورة تضافر الجهود الدولية لتخليص العالم من شر «داعش»، مضيفًا: «لا ينبغي أن نغفل أن القضاء على كيان وحشي كتنظيم داعش لا يعني أن ينعم العالم بالأمن والسلم، فلم يكد العالم يطمئن إلى انكسار تنظيم القاعدة حتى استيقظ على خطر جديد يُدعى (داعش)؛ بل ربما ظهر غيره من التنظيمات الأشد تطرفا»، مطالبا بإعداد جيل من شباب المستقبل على درجة من الوعي والحكمة يستطيع أن يتفهم معاني الخير والحق التي تتبناها كل الأديان ولو كانت غير سماوية، وأن يدرك الجميع جيدا أن كل قتل أو عنف باسم أي دين ما هو إلا ستار لتحقيق مصالح أخرى؛ فاستئصال الفكر المتطرف أبقى من الاكتفاء باستئصال جماعة متطرفة.
ودشن الأزهر مرصدا إلكترونيا بنحو 10 لغات أجنبية في يونيو (حزيران) الماضي، لمواجهة الأفكار المتشددة والرد على الآراء الشاذة بطريقة عملية منضبطة لمواجهة الإرهاب الذي يجتاح العالم. ويتيح المرصد للأزهر أن يتفاعل مع الأحداث معرفة وتحليلا وإجابة، من خلال المعلومات التي يقوم أعضاء المرصد برصدها وتحليلها، والرد على الشبهات التي تحاول تشويه الإسلام وتعاليمه، وترسخ مشاعر الكراهية والخوف من الإسلام، والخلط عن عمد بينه والإرهاب المتطرف.
في سياق آخر، وحول الحكم الشرعي لما يقوم به «داعش» من تمثيل بالجثث والقتل بالحرق، قال تقرير المرصد: «إن الله سبحانه وتعالى كرم الإنسان حيا وميتا، ومن تكريم الله تعالى للإنسانية أنه جعل إحياء النفس الواحدة البريئة كإحياء الناس جميعا، وقتلها كقتل الناس جميعا، كما قال تعالى: (من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)، أي ومن تسبب لبقاء حياتها بعفو أو منع عن القتل أو استنقاذ من بعض أسباب الهلكة فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا، والمقصود منه تعظيم قتل النفس الإنسانية وإحيائها في القلوب، ترهيبا عن التعرض لها، وترغيبا في المحاماة عليها، كما أمر بالإحسان إلى الإنسان في كل أحواله، حتى في عقابه إذا استحق القتل لسبب شرعي، فإنه يقتل بطريقة تحافظ على كرامته.. ولذلك نهى الإسلام عن التمثيل بالجثث؛ بمعنى التنكيل بها أو قطع شيء منها مثل ما يفعل (داعش) مع أسراه أو تحريقه بالنار حيا أو ميتا، فقد أخرج أحمد في مسنده: (أن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان ينهى عن المثلة)».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.