«المنتدى الاقتصادي الدولي».. 45 عامًا من الأحداث الحاسمة

بلدة سويسرية معزولة تحولت إلى «علامة تجارية» وأثرت في قرارات العالم

رجال شرطة سويسريون أثناء حراسة المنتجع الذي يقام فيه منتدى دافوس في سويسرا أمس (رويترز)
رجال شرطة سويسريون أثناء حراسة المنتجع الذي يقام فيه منتدى دافوس في سويسرا أمس (رويترز)
TT

«المنتدى الاقتصادي الدولي».. 45 عامًا من الأحداث الحاسمة

رجال شرطة سويسريون أثناء حراسة المنتجع الذي يقام فيه منتدى دافوس في سويسرا أمس (رويترز)
رجال شرطة سويسريون أثناء حراسة المنتجع الذي يقام فيه منتدى دافوس في سويسرا أمس (رويترز)

تحول المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» إلى علامة تجارية مشهورة، بعد أن أثر بقوة في كثير من الأحداث حول العالم، وذلك منذ أن انطلقت فكرة تأسيسه في عام 1971 على يد كلاوس شواب، أستاذ إدارة الأعمال في جامعة جنيف، حيث عمد إلى جمع كبار رجال الأعمال والأوروبيين في ذلك المنتجع الهادئ للتزلج. وكان المفهوم الأساسي من التجمع هو جمع كل اللاعبين الرئيسيين في عالم التجارة والأعمال، آنذاك، في بيئة معزولة نسبيا لمناقشة القضايا الرئيسية.
في البداية، ركزت الاجتماعات على كيفية لحاق الشركات الأوروبية بممارسات الإدارة الأميركية. وخلال عهد الحروب بالشرق الأوسط، بين العرب وإسرائيل في عام 1973، وانهيار نظام الصرف الأجنبي المعروف آنذاك باسم «بريتون وودز»، فقد شهد ذلك الاجتماع السنوي نشوء فكرة تأسيس صندوق النقد الدولي من أجل ضبط حركة الاقتصاد العالمي، إلى جانب تركيز المناقشات على القضايا الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، لتتم دعوة قادة سياسيين للمرة الأولى إلى «دافوس» في يناير (كانون الثاني) 1974.
وحين قدمت المنظمة نظام العضوية للمرة الأولى عام 1967 التي اشتملت على ألفين من الشركات الرائدة حول العالم، لتصبح إدارة المنتدى الأوروبي أول مؤسسة غير حكومية لبدء شراكة مع لجان التنمية الاقتصادية حول العالم ومنها الصين، مما دفع بسياسات الإصلاح الاقتصادي في الصين.
ثم تغير اسم «المنتدى الأوروبي» إلى «المنتدى الاقتصادي العالمي» في 1987. ووقعت كل من اليونان وتركيا على إعلان «دافوس» في 1988، ليحل أزمة بين دولتين كانت على وشك التحول إلى حرب مفتوحة في ذلك الحين.
وفي العام نفسه، عقدت كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية اجتماعات على مستوى وزاري، كانت الأولى من نوعها في «دافوس».
وفي عام 1989، التقى المستشار الألماني آنذاك هيلموت كول مع القادة والزعماء لمناقشة إعادة توحيد ألمانيا وهدم جدار برلين.
وفي عام 1992، تصافح كل من رئيس جنوب أفريقيا في ذلك الوقت فريديريك ويلي ديكليرك، مع نيلسون مانديلا، السياسي المناهض للفصل العنصري في جنوب أفريقيا، ليصبح المنتدى الاقتصادي العالمي نقطة تحول أخرى في تاريخ جنوب أفريقيا بنجاح الانتقال السياسي وانتهاء الفصل العنصري.. قبل أن يسلم ديكليرك نفسه السلطة ليتولاها مانديلا بوصفه أول رئيس محلي لدولته.
وفي عام 1994، توصل كل من الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، ووزير الخارجية الإسرائيلي شيمون بيريز إلى مشروع اتفاقية غزة وأريحا.

الألفية الجديدة
وفي عام 2002، بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة الأميركية، قرر المنتدى الاقتصادي لأول مرة الانتقال من شكل اجتماعه السنوي الثابت في دافوس إلى نيويورك، لإظهار التضامن مع المدينة والرأي العام الأميركي. الأمر الذي شجع لاحقا على تطوير مهم بالمنتدى، تمثل في عقد اجتماعات إقليمية سنوية على مدار العام في القارات المختلفة إلى جانب المؤتمر الرئيسي السنوي.
وفي 2007، أنشأت المؤسسة الاجتماع السنوي «الصيفي» بالصين، ليصبح نسخة أخرى مصغرة من الاجتماع الرئيسي الشتوي، وليضم اللاعبين الكبار في المنطقة خصوصًا الدول الناشئة (آنذاك) الصين والهند وروسيا والمكسيك والبرازيل، مع أهم الدول المتقدمة.
وفي عام 2010، خوسيه مانويل باروسو، كشف رئيس المفوضية الأوروبية، عن خطة إنقاذ منطقة اليورو في المنتدى الاقتصادي العالمي.. قائلا إننا «سوف نفعل أي شيء للدفاع عن اليورو».
وفي 2011، دشنت فعاليات المنتدى شبكة عالمية من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين عشرين إلى ثلاثين عامًا، تحت اسم «القادة اليافعين»، الذين أظهروا إمكانيات كبيرة للقيام بأدوار قيادية في المستقبل.. وهي شبكة لها مقر في كل مدينة من المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم، وتتعدد الفعاليات والأنشطة لتوليد تأثير إيجابي في مجتمعاتهم المحلية.
وفي عام 2012، حذرت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، من معدلات إنفاق صندوق النقد الدولي، وتأثيرها على معدلات العجز داخل الصندوق، وأن خطط التقشف التي تعرض على الحكومات يجب أن تفصل طبقا للحاجة الاقتصادية لكل دولة.
وفي عام 2013، حذر صندوق النقد الدولي، جورج أوزبورن، وزير مالية بريطانيا، من أن خططه المالية من شأنها أن تفاقم الأزمة المالية في المملكة المتحدة.
وكان عام 2014، عام التعافي الهش من التباطؤ الاقتصادي الذي أصاب العالم خصوصًا في أوروبا، فقد أشاد رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي بالتحسن الدراماتيكي في منطقة اليورو، وأثار خطة التيسير الكمي على الاقتصاد العالمي.
أما العام الماضي (2015) فكان عام التحديات على المدى الطويل، بما في ذلك قضايا تغير المناخ والإرهاب، والتباطؤ الاقتصادي في العالم.

مؤتمرات إقليمية
وتوسعت فعاليات المؤتمر لتضم فعاليات محلية ما بين خمسة وعشرة اجتماعات على مدار العام، كجزء من المؤتمر العالمي، وذلك في كل من أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط، وتهدف إلى تسريع عملية الانفتاح والاندماج الاقتصادي.
فقد بدأت الاجتماعات الإقليمية في الشرق الأوسط منذ عام 2002 حتى 2005 في الأردن، وكانت تستهدف بالأساس دمج المنطقة في الاقتصاد العالمي، ومناقشة مستقبل الشرق الأوسط السياسي والاقتصادي، وما يتطلبه ذلك من تنشيط وجذب الاستثمارات. وتمت استضافة المنتدى في المغرب عام 2010، وعاد إلى الأردن في 2011، ثم في إسطنبول 2012، وفي الأردن 2013 و2015، لتقرر المنظمة عقده في شرم الشيخ بمصر في مايو (أيار) من العام الحالي.
أما في أفريقيا فسيتم عقده هذا العام في مايو المقبل في رواندا، وسبق أن تم عقده بجنوب أفريقيا في 2011 و2013 و2015، وفي 2014 في نيجيريا، وفي 2012 تم عقده في إثيوبيا، وبتنزانيا عام 2010.
وفي شرق آسيا، أقيم في عام 2010 بفيتنام، وبإندونيسيا في 2011 و2015، وفي 2012 بالهند، و2013 في ميانمار، و2014 في الفلبين، وسيعقد العام الحالي في ماليزيا في يونيو (حزيران) المقبل.
أما في أميركا اللاتينية فسيعقد العام الحالي في يونيو المقبل في كولومبيا، التي سبق أن استقبلته في عام 2010. وفي 2011 عقد المنتدى في البرازيل، و2013 في بيرو، وفي 2014 في بنما، بينما استقبلت المكسيك نسختي عام 2012 و2015.



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».