تحالف القوى العراقية يقاطع جلستي البرلمان والحكومة احتجاجًا على أعمال العنف الطائفي

ضغوط أميركية على العبادي لعزل ثلاثة من قيادات «الحشد الشعبي»

قوات أمن عراقية تتفقد سيارة عند نقطة تفتيش على المشارف الجنوبية للعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
قوات أمن عراقية تتفقد سيارة عند نقطة تفتيش على المشارف الجنوبية للعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
TT

تحالف القوى العراقية يقاطع جلستي البرلمان والحكومة احتجاجًا على أعمال العنف الطائفي

قوات أمن عراقية تتفقد سيارة عند نقطة تفتيش على المشارف الجنوبية للعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)
قوات أمن عراقية تتفقد سيارة عند نقطة تفتيش على المشارف الجنوبية للعاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

بينما اضطر البرلمان العراقي إلى تأجيل جلسته المقررة أمس الثلاثاء إلى الغد الخميس بسبب قرار تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) مقاطعة الجلسة احتجاجا على ما شهده قضاء المقدادية في محافظة ديالى، فإن رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي كان مقررا أن يترأس جلسة الحكومة الأسبوعية وصل إلى قضاء المقدادية للاطلاع على حجم الدمار والتخريب فيه.
وتزامنت زيارة العبادي إلى المقدادية الذي شهد ولا يزال يشهد أعمال عنف طائفي بدأت بحرق 9 مساجد لأهل السنّة في القضاء من قبل الميليشيات مع وصول وفد أممي إلى القضاء لبحث الأزمة الإنسانية فيه، وهو ما بات يشكل مخاوف من قبل الحكومة العراقية بشأن نجاح المساعي التي يبذلها تحالف القوى السنية من تدويل قضية ديالى.
وكان تحالف القوى العراقية أعلن أمس الثلاثاء مقاطعة جلسة البرلمان وجلسة مجلس الوزراء بسبب عدم قيام الحكومة بما يكفي من إجراءات لوضع حد لما تقوم به الميليشيات المتنفذة هناك من عمليات قتل وتهجير وتغيير ديموغرافي في عموم محافظة ديالى، ومن ضمنها عدم السماح للنازحين العودة إلى ديارهم رغم مرور سنة على تحرير المحافظة من تنظيم داعش.
وقال رئيس الكتلة النيابية لاتحاد القوى أحمد المساري في مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس الثلاثاء إن «تحالف القوى العراقية والوطنية وانطلاقًا من مسؤولياته الوطنية والدستورية والشرعية باعتباره ممثلاً لمكون رئيسي من مكونات الشعب العراقي نعلن مقاطعة أعضاء الكتلة النيابية لتحالف القوى العراقية ووزرائها لجلستي مجلسي النواب والوزراء المقبلتين استنكارا لما يجري في المقدادية».
وأضاف المساري أن «من ضمن مطالبنا حل الميليشيات ونزع أسلحتها وإلقاء القبض على المتورطين بجرائم القتل والتهجير والخطف والسطو المسلح في مناطق ديالى وغيرها من المحافظات وإحالتهم إلى القضاء وبسط سلطة القانون».
ودعا المساري القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي ووزيري الدفاع والداخلية إلى «استتباب الأمن في قضاء المقدادية والعمل على لجم الميليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، وكما جرى في محافظة البصرة». كما طالب المساري بـ«عودة النازحين والمهجرين فورًا إلى المناطق المحررة وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار وتوفير الخدمات الإنسانية الضرورية لهم»، مؤكدًا «استمرار أعضاء مجلس محافظة ديالى عن تحالف القوى بمقاطعة جلسات المجلس لحين استتباب الأمن والاستقرار في المقدادية». وأدان المساري «صمت ولامبالاة مفوضية حقوق الإنسان في العراق تجاه مجزرة المقدادية».
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري قال في كلمة افتتح بها جلسة البرلمان قبل رفعها إن «ما حدث في محافظة بابل والبصرة وآخرها المقدادية يؤشر خطورة الوضع حين يجوب السلاح المنفلت والجماعات الإجرامية الطرق». وأضاف الجبوري أن «هذه المجاميع تشكل تهديدا لأمن المجتمع ويتغلبون على إرادة الدولة ويباشرون التخريب والقتل وتهديم المساجد وتهديد السلم الأهلي». وأشار إلى أنهم «يرفعون السلاح جهارا نهارا بوجه رجال الأمن، فما حصل كان بعلم وصمت ومشاركة رجال الأمن حينا، ويصادرون إرادة الدولة وقرارها في مشهد لا يمكن تفسيره أو تبريره إلا في إطار الذهاب بالبلد إلى المجهول».
من جهته أكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عن تحالف القوى العراقية محمد الكربولي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من بين مطالبنا هي أن تقوم الحكومة بصولة فرسان جديدة ضد هذه الميليشيات والمجاميع المسلحة على غرار ما حصل خلال عام 2008، حيث جرى إلى حد كبير فرض القانون قبل أن تعاود نشاطها في ما بعد وبدعم من قبل بعض الجهات التي قاتلتها أول الأمر، بالإضافة إلى الدعم الإقليمي الذي تتمتع به».
وردا على سؤال بشأن قرار الجبوري تأجيل جلسة البرلمان رغم احتجاجه على ما جرى في ديالى وبالذات قضاء المقدادية الذي ينتمي إليه الجبوري، قال الكربولي إن «القرار الذي اتخذناه كتحالف قوى عراقية على صعيد تعليق حضورنا جلستي البرلمان والحكومة كان جماعيا وبمشاركة الدكتور سليم الجبوري، لكن على صعيد إدارة جلسة البرلمان فإن الجبوري يتصرف دائما بوصفه رئيسا لبرلمان كل العراقيين وليس لكتلة أو مذهب، لذلك فإن القرار الذي اتخذه نابع من شعوره بأن المصلحة الوطنية ورغم قرارنا بالتعليق تقتضي منه تأجيل الجلسة حتى لا تحصل مشادات ومزايدات نحن في غنى عنها»، مبينا أن «هدف التعليق هو ليس لأغراض عرقلة مسار البرلمان والحكومة مثلما يفكر البعض وإنما هو من أجل تنبيه الجميع إلى مكمن الخطر المحدق بنا جميعا».
وأوضح الكربولي أن «تحالف القوى لن يشارك في جلسة الخميس لأن ما فعلته وتفعله في بغداد وبابل والبصرة وديالى أمر لا يمكننا التغاضي عنه بأي شكل من الأشكال، وهو ما يتطلب القيام بصولة فرسان جديدة لكي نقطع دابر هذه المجاميع المسلحة». وكشف الكربولي أن «تحالف القوى بدأ بجمع الوثائق والأدلة الدامغة بشأن ما قامت وتقوم به هذه المجاميع، وسوف نتقدم بها إلى المجتمع الدولي من أجل أن يتحرك في حال لم تتمكن الحكومة العراقية من اتخاذ إجراءات فعلية».
من جهة ثانية كشف سياسي عراقي بارز أن «صبر الولايات المتحدة الأميركية يكاد ينفد لجهة استمرارية دعمها لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بسبب عدم اتخاذه قرارات حازمة حيال قيادات كثير من الفصائل المسلحة الأكثر ارتباطا بإيران». وقال القيادي الذي يقيم في إحدى العواصم العربية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «في مقدمة الشروط التي وضعها الأميركان لإدخال فريق العمليات الخاصة الذي ينفذ عمليات نوعية بالاتفاق مع الحكومة العراقية، هو استبدال عدد من قيادات الحشد الشعبي، كونهم يعرقلون مهمات (الحشد الوطني السني)، وكذلك ما تم الاتفاق عليه بين العبادي والتحالف الذي يمثله، وتحالف القوى العراقية الذي يمثل العرب السنة، بخصوص تشريع قانون (الحرس الوطني) الذي لم يشرع وبدأت توضع العراقيل في وجهه بسبب اعتراض إيران عن طريق هذه القيادات المرتبطة بها».
وأضاف القيادي العراقي أن «في مقدمة من تطالب الولايات المتحدة الأميركية بعزلهم أو استبدالهم: أبو مهدي المهندس، الذي يحمل صفة نائب قائد ميليشيات الحشد الشعبي، ويترأسها شكليا مستشار الأمن الوطني فالح الفياض، لكنها تدار بالفعل من قبل المهندس الذي هو مستشار الجنرال قاسم سليماني. والشخص الثاني هو أبو زينب الطبري، وهو المسؤول المالي والإداري، وهو مدرج ضمن القائمة الأميركية المشتركة مع كل من الأردن وفرنسا وبريطانيا وروسيا لمكافحة الإرهاب، التي يجري تدقيقها الآن من قبل الروس. والثالث هو أبو مصطفى الشيباني، الذي يكاد يدير وزارة الداخلية العراقية بالفعل ويعمل بصفة مستشار لدى وزير الداخلية، وهو مرتبط بالحرس الثوري الإيراني».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».