الميليشيات الانقلابية «تفشل في استعادة» مواقع للمقاومة في تعز

بدء توزيع 4000 سلة غذائية في مديرية «المواسط» من مركز الملك سلمان

الميليشيات الانقلابية «تفشل في استعادة» مواقع للمقاومة في تعز
TT

الميليشيات الانقلابية «تفشل في استعادة» مواقع للمقاومة في تعز

الميليشيات الانقلابية «تفشل في استعادة» مواقع للمقاومة في تعز

أفشلت عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني بمحافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية من حيث عدد السكان وسط اليمن، محاولات الميليشيات الانقلابية في التسلل إلى مواقع المقاومة الشعبية واستعادة عدد من المواقع التي تم السيطرة عليها.
وقال الناطق الرسمي للمجلس العسكري بمحافظة تعز، العقيد الركن منصور الحساني إن «ميلشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح مستمرة بمحاولاتها في التسلل إلى كثير من جبهات القتال ومواقع المقاومة الشعبية والجيش الوطن، لكنها فشلت في ذلك، وإن من بين المواقع جبهات ثعبات والمسراخ حي الزهراء والبعرراة ووادي عيسى.. وتصدت لها في منطقة كريف القدسي ودار القبة بمديرية المسراخ، جنوب المدينة».
وقصفت الميليشيات الأحياء السكنية خاصة ميلات والكرساح، غرب تعز، وشنت حملة ملاحقات واعتقالات تعسفية بصفوف المواطنين، في الوقت الذي تستمر في حصارها المطبق على جميع مداخل المدينة.
وأكد الناطق العسكري أن «المقاومة الشعبية نفذت هجمات ناجحة على مواقع الميليشيات الانقلابية في مناطق متفرقة من مدينة تعز السكينة وسيطرت على ثلاث منازل كانت الميليشيات تتمركز فيها، وهجمات أخرى على مواقعهم في كلية الطب، الجبهة الشرقية، وكبدت الميليشيات الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد».
وعقدت قيادة المقاومة الشعبية اجتماعا مع علي المعمري المحافظ الجديد، وخلال اللقاء تم مناقشة العملية التكاملية بين السلطة المحلية والمقاومة وكذلك أطر التعاون في حلحلة مشكلات المحافظة.
في المقابل، شارك العشرات من نشطاء منظمات المجتمع المدني بمدينة عدن، أمس، في وقفة احتجاجية أمام مكتب الأمم المتحدة نظمتها حملة «أنقذوا تعز». وطالب المشاركون في الحملة بضرورة التحرك السريع والحقيقي لمجلس الأمن الدولي وللمجتمع الدولي والمنظمات الدولية والرأي العالمي، لكي يُجبروا ميليشيات الحوثي وصالح على فك الحصار عن مدينة تعز ووقف نزيف القتل والإبادة.
والقي المحامي أحمد فيصل الابي، منسق الحملة ورئيس بيت العدالة الإنسانية، ان «تعتقل وتخطف وتقتل معارضيك وتفسد في الأرض وتأكل الحرام وتسرق الشعب وتحرمه من أبسط حقوقه، وكلها جرائم بحق الناس وتجسد صور لانتهاكات حقوق الإنسان وتندرج في المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان في خانة الجرائم ضد الإنسانية».
وتواصل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح حصارها المطبق على جميع منافذ المدينة، وآخرها إغلاق منفذ «الدحي» غرب المدينة، بشكل نهائي ومنعت المواطنين المشاة عبور المنفذ، وذلك في استمرار حصارها الشديد، بالإضافة إلى منع دخول المواد الدوائية والغذائية والإغاثية والنفطية.
ومن جهتها، قالت مؤسسة تمدين شباب بتعز، في بيان إنها ومنظمات دولية ومحلية ستسير خلال الأيام القليلة القادمة قافلة تحتوي على معونات غذائية ومعونات وأجهزة طبية مختلفة، وذلك لإغاثة القاطنين في مدينة تعز في مختلف المجالات الإنسانية.
وتُعد المؤسسة أول جهة محلية تمكنت من إدخال إغاثات إنسانية وطبية إلى مدينة تعز، حيث تمكنت، أمس، من إدخال 750 غُسلة لمرض الفشل الكلوي والممولة من حملة الوفاء لتعز (همة شباب) وتسليمها إلى المستشفى الجمهوري التعليمي عبر مسؤول التنسيق بالمؤسسة بسام الحكيمي، وكانت قد نجحت في وقت سابق من إدخال كميات من أسطوانات الأكسجين وتسليمها إلى مستشفى الثورة العام والمستشفى الجمهوري بالمدينة.
وبدوره، قال بليغ التميمي، رئيس مؤسسة فجر الأمل الخيرية وشبكة إنقاذ للإغاثة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مدينة تعز ما زالت جريحة ومنكوبة بسبب الحرب والحصار».
وتابع التميمي القول إن «المرض والتلوث البيئي يغزو كثيرا من الأحياء السكنية ومنازل مدينة تعز، وأصبحت المجاعة تدق ناقوس الخطر، وسوء التغذية يعاني منه معظم سكان تعز وسكان الأرياف، وخاصة بعد توقف أعمال أرباب الأسر ولم يعد لهم دخل مادي، مما جعل معظمهم عاجزا عن توفير الاحتياجات الضرورية لأسرته».
في المقابل، دشن ائتلاف الإغاثة الإنسانية وشركاؤه من الجمعيات والمؤسسات بمديرية «المواسط»، جنوب محافظة تعز وسط اليمن، توزيع المساعدات الغذائية المقدمة من مركز الملك سلمان، وشملت 4000 سلة غذائية ضمن مشروع توزيع مائة ألف سلة غذائية لمحافظة تعز.
وبدأت مؤسسة مروج للتنمية الإنسانية توزيع 1200 سلة غذائية لمنطقة قدس، جنوب مديرية المواسط، وبإشراف من جمعية الحكمة، فيما ستقوم بقية الجمعيات المرشحة من قبل الائتلاف باستكمال عملية التوزيع على بقية عزل وقرى المديرية التي تبلغ الحصة الإجمالية المخصصة لها 4000 سلة غذائية، وسيتم توزيع بقية السلل الغذائية المخصصة لبقية مديريات محافظة تعز في الأيام القادمة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.