قصص وقصائد أسترالية لا يحدها مكان أو زمان

3 كتب مترجمة لرغيد النحاس

غلاف «قصيدة إسطنبول»  -  غلاف «أربع وثلاثون حكاية»
غلاف «قصيدة إسطنبول» - غلاف «أربع وثلاثون حكاية»
TT

قصص وقصائد أسترالية لا يحدها مكان أو زمان

غلاف «قصيدة إسطنبول»  -  غلاف «أربع وثلاثون حكاية»
غلاف «قصيدة إسطنبول» - غلاف «أربع وثلاثون حكاية»

مواصلة لمساعيه في تعريف القراء الأستراليين بنماذج ومختارات من الأدب العربي، والقراء العرب بأعمال من الأدب الأسترالي، صدرت للدكتور رغيد النحاس في سيدني مؤخرا ثلاثة كتب جديدة، واحد باللغة الإنجليزية، واثنان باللغة العربية.
كان الكتاب الأول الذي صدر باللغة الإنجليزية ترجمة لمجموعة شعرية بعنوان «قصيدة إسطنبول» للشاعر جهاد الزين، الذي لم يكن معروفا بصفته شاعرا قبل أن يصدر هذه المجموعة بعد أن تجاوز الخمسين من عمره، وقد قوبلت المجموعة عند صدورها بشكل جيد من قبل النقاد والقراء الذين كانوا يعرفون الزين صحافيا ذائع الصيت فقط.
وفي مقدمته للمجموعة المترجمة، يقول الدكتور النحاس: «إنّ شعر جهاد الزين، الحديث الطابع، يوّظف الوزن بدقّة، ويتمتع بقدرة فكريّة وثقافيّة عالية، ومركّب موسيقيًّا بحيث يعبر لنا برشاقة عن شغف الشاعر العميق وهمّه في اكتناه واقع جمال وبؤس الطبيعة والإنسان والمدنيّة. يجمع بين إعجابه بما يرى، مثل اللوحات الزيتيّة، وفهمه للوقائع التي تعبّر عنه، وعلاقة ذلك بالبيئة من حوله. وتكون نتيجة ذلك كلّه قطعة شعريّة ذكيّة عامرة بالخيال».
«قصيدة إسطنبول» تتألّف من عشر سفن محمّلة بأحاسيس مدينة تاريخيّة وحديثة بامتياز. والمدينة عينها هي قصيدة: أغنية أرض في مكان حيوي من العالم، تفرّقه وتجمعه مياه ما زالت شاهدة على استمرار مغامرات إنسانيّة طويلة الأمد.
أما الكتاب الثاني الذي حمل عنوان «أربع وثلاثون حكاية»، فقد جاء في 300 صفحة من القطع الوسط، وضم قصصا قصيرة معاصرة مترجمة إلى العربية لتسعة وعشرين قاصا وقاصة من أستراليا، شكلت في مجموعها بانوراما جميلة عن واقع القصة الأسترالية القصيرة. وفي مقدمته للكتاب، يؤكد الدكتور النحاس أنه ليس انتقائيا في ترجماته، أي إنه لا يركز على ما يستحسنه من أعمال فقط، ولا على أعمال المشاهير من الكتاب، وإنما على ما يرى أنه يجب أن يعمّم على الآخرين، بانتقاله إلى المجتمعات الأخرى لإغناء تجربتها الفكرية والثقافية.
وفي هذا المنحى نجده يوضح كيف أنه يعتمد في ترجماته نقل المعنى الذي أراده صاحب النص الأصلي بما تقتضيه الأمانة العلمية، وكيف يتعمد أيضا أن يحافظ، ما أمكن، على أسلوب الكاتب، ويقول إن ذلك قد يشكل صدمة لغوية في تركيب المقاطع ببعض الجمل، «لأنها غير مألوفة أو متداولة وفق الأسلوب العربي المعتاد، لكن اللغة كائن عضوي دائم التطور، وحتى يكون التطور صحيا فلا بد من استخدام الحكمة في أسلوب التعاطي مع اللغات الأخرى، كأن يتم الاقتباس بتطويع الأسلوب الأجنبي وإظهاره من روح الأسلوب العربي ما أمكن. أي إن الفرق شاسع بين العبث باللغة، وبين الحرص على تطويرها الرزين، دون أن تفقد أصولها. وللمترجمين دور هام في هذا الخصوص، لأن من شروط الترجمة الجيدة من اللغتين، الأصل والمستهدفة. المترجم يحمل في عنقه أمانة مزدوجة: الوفاء لكلا اللغتين».
كما نجده، انطلاقا من اعتقاده بأن الأمانة العلمية من أهم العناصر الذي أشار إليها، يرى أن الترجمة لا يمكن، ويجب ألا تبز الأصل إن كانت أمينة، وأن الترجمة الأمينة تنقل عمل الكاتب الأصلي بكل محاسنه وعيوبه.
نرحل مع القصص التي ترجمها لنا الدكتور النحاس، فتأخذنا إلى أجواء وآفاق وأماكن مختلفة داخل أستراليا وخارجها، وإلى تجارب تثير في النفس رؤى ومشاعر ذات إيحاءات وألوان متباينة ومؤثرة. في قصته «وعد» ينقلنا كنيدي أسطفان إلى ذكرياته في قرية لبنانية، ويصور لنا في قصته «إطلاق السبيل» ملامح من تجربته مع الاغتراب والهجرة. وفي هذا المنحى نجد بين القصص ما ينقلنا إلى شارع في نيويورك، أو إلى حقل في أفغانستان، أو إلى بعض الضواحي الأسترالية، أو بعض الشواطئ البحرية لهذا البلد القارة.
ومع تنوع طبيعة أحداث وأماكن وخلفيات القصص، نجد قصة بعنوان «قصة نيليكان»، يستوحي فيها كاتبها جون غريفين، زواج شقيقة جدة والدته من أفغاني، ويتحدث عن الصمت الحزين المكتوم الذي خيم على العائلة بعد هذه الواقعة. ولكنه مع ما قدمه من انتباهات وإضاءات جميلة في قصته، يدعنا نكتشف في سياقها العام كيف أن الجالية الأفغانية كان لها دور مهم في استقرار الناس بالمستوطنات البعيدة بين أحراش أستراليا في القرن التاسع عشر.
وبالانتقال إلى الكتاب الثالث والأخير «أبيات عبْر تاسمان»، الذي صدر في 172 صفحة من القطع المتوسط، نجد أنه ضم 48 قصيدة معاصرة لاثنين وعشرين شاعرا وشاعرة من أستراليا، وستة شعراء وشاعرات من نيوزيلندا.
عن سبب جمعه بين شعراء من البلدين المذكورين، يقول الدكتور النحاس إنهما يتشابهان «في كثير من عناصر تكوينهما الحديث، بما في ذلك تطور الشعر المعاصر المكتوب بالإنجليزية، لكن أستراليا تزيد مساحتها زهاء ثمان وعشرين مرة، وسكانها خمسة أضعاف سكان نيوزيلندا. بيد أن النوعية الرائعة للشعر النيوزيلندي تظهر جلية فيما اخترناه هنا. وكم حز في نفسي أن الشاعر النيوزيلندي جون أوكنر رحل منذ أشهر قليلة عن عالمنا دون أن يعلم بأمر هذا الكتاب».
وبما أن الحصة الكبرى في الكتاب كانت للشعر الأسترالي، يذكرنا الدكتور النحاس بإمكانية العودة بهذا الشعر إلى أغاني السكان الأصليين «الأبوريجينيين» التي ترجع إلى آلاف السنين، وفيها كثير من البلاغة والحكمة والتأمل، وحتى الحفاظ على البيئة. ولكن مع كون الكتاب مكرسا للشعر المكتوب بالإنجليزية، نجده يقول: «تطور الأدب الأسترالي، كموضوع أدبي مميز عن الأدب الإنجليزي، أمر يلفت الانتباه نظرا لقصر المدة الزمنية. كما أن بعض الكتاب الأبوريجينيين كانت لغة أعمالهم اللغة الإنجليزية». ويضرب مثالا على ذلك الشاعرة كاث ووكر، التي غيّرت اسمها إلى اسم ينسجم مع كونها أبوريجينية فصار «أودجرو بني نونكال»، إشارة إلى القبيلة التي تنتمي إليها.
وكما نقلتنا قصص الكتاب السابق إلى تجارب ومناخات لا تعرف حدودا بين أماكن أو دول أو بشر، تمضي قصائد هذا الكتاب في الاتجاه نفسه. ويمكن أن نختار نموذجا هنا الشاعرة لويز ويكلينغ التي قدمت لقصيدتها «يقظة الصباح» بكلمات من «يقظة الماء» لتشين يو – يي، من أسرة سونغ الحاكمة، هي: «لا جدوى لعالم مسكين مثلي، أن يكون تواقًا لعالم أفضل، ولكن ماذا بإمكاننا فعله إزاء كل الحروب؟ لا أرى حلاً واضحًا رغم اشتعال رأسي بالشيب». تستوحي الشاعرة أجواءً من ضاحية أوبرن في سيدني التي يكثر فيها العراقيون والأفغان.. وغيرهم من الللاجئين، ونجدها تتنقل عبر التقاطات وومضات ذكية بين صور مؤثرة عن معاناة هؤلاء اللاجئين.
وفي تقديم الشاعرة لقصيدة أخرى لها حملت عنوان: «المكتبة الوطنية.. بغداد.. 2003»، اختارت كلمات نشرها روبرت فيسك في جريدة «الإندبندنت» البريطانية تقول: «أمس، ملأ الرماد الأسود الناتج عن آلاف الوثائق العتيقة سماء بغداد». تمتزج مخيلتها الشعرية ووعيها الحاد مع الحدث، وتربط بينه وبين هولاكو الذي أحرق بغداد وكتبها. تختتم هذه القصيدة بقولها عن احتراق المكتبة:
وحين نقرأ عن مخطوطات
طارت مع الرياح
وأبنية أتلفتها ألسنة النار
تتفتّح في القلب فجوة
ماذا عن الكلمات؟
أيها الخطباء البكم، هل ستكون شاهدة
كبطاقات الهويّة المستخرجة من القبور؟



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.