النسور يؤكد اعتذار إسرائيل عن مقتل قاضٍ أردني على معبر حدودي

استنكار شعبي ورسمي ودعوات لإلغاء اتفاقية وادي عربة

مسؤولو أمن فلسطينيون خلال تشييع جثمان القاضي الأردني رائد زعيتر في مدينة نابلس أمس (أ.ب)
مسؤولو أمن فلسطينيون خلال تشييع جثمان القاضي الأردني رائد زعيتر في مدينة نابلس أمس (أ.ب)
TT

النسور يؤكد اعتذار إسرائيل عن مقتل قاضٍ أردني على معبر حدودي

مسؤولو أمن فلسطينيون خلال تشييع جثمان القاضي الأردني رائد زعيتر في مدينة نابلس أمس (أ.ب)
مسؤولو أمن فلسطينيون خلال تشييع جثمان القاضي الأردني رائد زعيتر في مدينة نابلس أمس (أ.ب)

بينما تواصلت ردود الفعل المستنكرة في الأردن حيال جريمة مقتل القاضي الأردني رائد زعيتر على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلية أول من أمس عند معبر جسر الملك حسين بين الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة، حملت الحكومة الأردنية نظيرتها الإسرائيلية مسؤولية الحادث، وأعلن رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور في كلمة أمام مجلس النواب أن إسرائيل «قدمت اعتذارا رسميا»، كما عبرت الدولة العبرية عن أسفها ووعدت بإجراء تحقيق للكشف عن ملابسات الموضوع.
وقال النسور أمام أعضاء مجلس النواب، الذي عقد جلسة مناقشة عامة بحث فيها موضوع مقتل زعيتر، إن «إسرائيل قدمت فعلا، وبعد الضغوطات التي مارسناها وبكل الوسائل وعبر مختلف القنوات اعتذارا رسميا للأردن عن الحادث، وذلك أمام إصرارنا بتقديمها كدولة اعتذارا رسميا وهي التي درجت على التمنع عن الاعتذار في حوادث سابقة مع دول أخرى، وطلبنا وبإصرار أن يكون هناك تحقيق مشترك، وقد وافقت الحكومة الإسرائيلية على مطلبنا».
كما أعلن أن تعامل الحكومة الأردنية مع تطورات القضية «سيعتمد على أفعال الحكومة الإسرائيلية لا أقوالها، وذلك في ضوء نتائج التحقيق، الذي سيشارك فيه الخبراء من الجانب الأردني». وأضاف: «في الوقت الذي تكثف الحكومة اتصالاتها ومساعيها وضغوطها فإنها تحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة».
وأضاف أن الحكومة تلقت تقريرا أوليا من إسرائيل عن الحادث بعد إصرار أردني على إجراء تحقيق موسع تشارك فيه الأجهزة الأمنية الأردنية. واعتبر «كل المبررات التي تسوقها السلطات الإسرائيلية في تحقيقها الأولي من أن الجريمة وقعت بعد اشتباك بالأيدي بين القاضي زعيتر، الذي لم يكن يحمل أي سلاح وأحد أفراد جنود الاحتلال الإسرائيلي، لا تبرر هذا الفعل الغادر بإطلاق النار على مواطن أردني أعزل مسالم».
وكان رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، أكد في كلمة ألقاها في بداية الجلسة أن «المجلس لن يتأخر عن أي جهد نيابي في كشف كل الأكاذيب الإسرائيلية حيال ما تفتعله من أزمات، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقات والمواثيق».
وأضاف: «نطالب الحكومة بعدم الاكتفاء بنتائج التحقيق الأولي والمطالبة بما هو أبعد من ذلك، فإننا نضع الحكومة أمام مسؤولياتها الوطنية في رد الاعتبار للدم الأردني الذي نزف من جسم القاضي زعيتر، واستثمار المعاهدة الموقعة والاتصالات الدولية لوقف إسرائيل عند حدها».
يشار إلى أن القاضي زعيتر أردني من أصول فلسطينية، يحمل الرقم الوطني الأردني، ويتمتع بكل الحقوق المدنية الأردنية، ولديه بطاقة جسور صفراء تخول له التنقل ما بين الأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة شريطة أن يحمل الهوية التي تصدرها سلطات الاحتلال الإسرائيلية ولا يحمل جواز السفر الفلسطيني الصادر عن السلطة الفلسطينية. وشارك عشرات المشيعين في جنازة زعيتر التي جابت شوارع نابلس حاملين نعشه ملفوفا في العلمين الفلسطيني والأردني، ورددوا هتافات قبيل مواراته الثرى. وقال والده علاء زعيتر، الذي جاء من عمان ليشارك في الجنازة لوسائل الإعلام: «قتلوا ابني الوحيد بدم بارد. ابني لم يكن مسلحا ولا يعرف حتى كيف يستخدم السلاح».
وكان الجيش الإسرائيلي قال إن القاضي زعيتر (38 عاما) هو «إرهابي»، وإنه قتل بالرصاص عندما هاجم الجنود عند جسر الملك حسين وهو في طريقه إلى الضفة الغربية. وزعم أن التحقيقات الأولية تظهر أنه حاول انتزاع سلاح و«خنق» جندي إسرائيلي. وقال بيان الجيش إن زعيتر هاجم الجنود بقضيب حديدي، مما دفعهم إلى إطلاق النار على رجليه، وعندما بدأ بخنق جندي أطلقوا النار عليه.
لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تبنت موقفا تصالحيا، وأصدر مكتب الأخير بيانا قال فيه إن إسرائيل ملتزمة بمعاهدة السلام التي وقعتها مع الأردن وستشكل فريقا إسرائيليا أردنيا للنظر في ملابسات الحادث. وجاء في البيان: «تأسف إسرائيل لوفاة القاضي رائد زعيتر عند جسر الملك حسين، وتعرب عن تعازيها لشعب وحكومة الأردن»، حسب ما أوردته وكالة «رويترز».
وكان مجلس الأعيان الأردني أعلن في بيان أمس «ضرورة اتخاذ إجراءات تكفل وضع حد فاصل لهذا الاستهتار الإسرائيلي المدان والمستهجن، وإنزال العقاب بمرتكبيها، وإفهام المحتل الإسرائيلي أن منهجيته العدوانية المستخفة بأرواح العرب والمسلمين لا يمكن أن تستمر دونما عقاب رادع».
كما طالب محامون الحكومة الأردنية باتخاذ قرارات وأفعال تجاه إسرائيل. وعبروا خلال وقفة احتجاجية في قصر العدل بعمان أمس عن سخطهم على التصرف الإسرائيلي.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.