الإدارة الذاتية الكردية تفرض تجنيدًا إجباريًا بمناطق سيطرتها في سوريا

اتهامات لـ«الاتحاد الديمقراطي» باعتقال المدنيين وتجنيد الأطفال

الإدارة الذاتية الكردية تفرض تجنيدًا إجباريًا بمناطق سيطرتها في سوريا
TT

الإدارة الذاتية الكردية تفرض تجنيدًا إجباريًا بمناطق سيطرتها في سوريا

الإدارة الذاتية الكردية تفرض تجنيدًا إجباريًا بمناطق سيطرتها في سوريا

وثقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» انتهاكات عدّة يرتكبها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وقوات الإدارة الذاتية الكردية في سوريا، وذلك بعدما كان الحزب قد أصدر قبل يومين تعديلات جديدة على «قانون واجب الدفاع الذاتي»، ألزم بموجبه كل أسرة بتقديم أحد أفرادها الذكور لأداء الخدمة العسكرية.
وكانت «الإدارة الذاتية الكردية»، المسيطرة على مناطق في أرياف الحسكة والرقة وحلب والتي شكلها حزب الاتحاد الديمقراطي بالتحالف مع جهات وقوى عربية ومسيحية بداية عام 2014، أصدرت في خطوة مفاجئة تعديلات جديدة على مشروع ما يسمى «قانون واجب الدفاع الذاتي».
ويلزم القانون كل أسرة بتقديم أحد أفرادها الذكور لأداء الخدمة، على أن يتراوح عمره بين الثامنة عشرة والثلاثين عاما، في حين طالبت المادة التاسعة من القانون نفسه الشباب المهاجرين حاملي الإقامات والجنسيات الغربية والأوروبية، الذين تعود أصولهم إلى مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية، بدفع مبلغ مالي قدره مائتا دولار، في كل زيارة لمسقط رأسهم.
وأوضح المسؤول الكردي إدريس نعسان أنّ الخدمة الإلزامية التي فرضت على الشباب بين عمر 18 و40 سنة «تهدف إلى الوقوف صفا واحدا وتشكيل قوى خاصة في المرحلة الحالية لحماية المناطق، وليس لتشكيل كيان كردي منفصل»، نافيا تجنيد الأطفال أو حصول اقتحامات لمنازل وإجبار الشباب على الالتحاق. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» نفى نعسان أن تكون وحدات الحماية الكردية و«الاتحاد الديمقراطي» يقومان بقتل المدنيين عمدا أو التخلص من الخصوم، مضيفا: «لكن وكما في كل معركة قد يكون المدنيون ضحايا النزاع ويسقط منهم قتلى أثناء الاشتباكات». وفي ما يتعلق باعتقال الحزب للمدنيين وبينهم أطفال، قال: «لدينا معتقلون تم إلقاء القبض عليهم لتعاونهم مع تنظيم داعش، وقد يكون بينهم أطفال جنّدهم التنظيم للقتال في صفوفه».
وفي تقريرها وثقت الشبكة السورية مقتل 407 مدنيين، بينهم 51 طفلاً و43 سيدة، على يد قوات الاتحاد الديمقراطي وقوات الإدارة الذاتية، كما سجل ارتكابها 3 مجازر تحمل صبغة تطهير عرقي في قرى الأغيبش والحاجية وتل خليل وبلدة تل براك، شمال شرقي سوريا.
وقدم التقرير إحصائية المعتقلين لدى قوات الحزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الإدارة الذاتية الكردية، مشيرا إلى وجود ما لا يقل عن 1651 معتقلا، بينهم 111 طفلاً و88 سيدة.
ووفق التقرير فقد جندت قوات الإدارة الذاتية الكردية ما لا يقل عن 1876 طفلاً في مناطق مختلفة من ريف حلب والحسكة، حيث يشارك الأطفال في العمليات القتالية المباشرة، وأيضًا في نقاط التفتيش، وما زالت عمليات تدريب الأطفال على حمل السلاح مستمرة منذ عام 2012 حتى الآن وبشكل كثيف. كما استعرض التقرير الانتهاكات بحق الإعلاميين، حيث ورد فيه أن ما لا يقل عن 24 إعلاميا تم اعتقالهم من قبل قوات الإدارة الذاتية الكردية، ثم تم الإفراج عنهم جميعًا.
والانتهاكات التي يرتكبها «الاتحاد الديمقراطي»، والتي ترافقت في بعض الأحيان مع صبغة عرقية، أدت وفق التقرير إلى فرار عشرات الآلاف من سكان تلك المناطق، أغلبيتهم من العرب وبعضهم من القومية التركمانية، وما زالت عشرات القرى حتى الآن خالية من سكانها، وقد تضمن التقرير عدة روايات لأهالي القرى التي تم تهجير سكانها كما في قرية الأغيبش وأم المسامير والريحانية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.