إسرائيل تهدد بعملية اجتياح للضفة الغربية على نمط «السور الواقي»

العمليتان الفلسطينيتان في المستوطنات تحسمان توجه الجيش لإعادة انتشاره

قوات أمن تابعة لجيش الاحتلال تراقب عمالاً فلسطينيين جرى طردهم من مستوطنة تكواع جنوب القدس أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن تابعة لجيش الاحتلال تراقب عمالاً فلسطينيين جرى طردهم من مستوطنة تكواع جنوب القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهدد بعملية اجتياح للضفة الغربية على نمط «السور الواقي»

قوات أمن تابعة لجيش الاحتلال تراقب عمالاً فلسطينيين جرى طردهم من مستوطنة تكواع جنوب القدس أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن تابعة لجيش الاحتلال تراقب عمالاً فلسطينيين جرى طردهم من مستوطنة تكواع جنوب القدس أمس (أ.ف.ب)

هدد قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ عملية اجتياح شامل للضفة الغربية، شبيهة بعملية «السور الواقي» التي نفذها آرئيل شارون سنة 2002، وانتهت بمحاصرة الرئيس ياسر عرفات. وقال أحد الجنرالات إن «عمليات اقتحام المستوطنات هي التي دفعت القوات الإسرائيلية إلى عملية الاجتياح في حينه، والعمليتان اللتان نفذتا (أخيرا)، في مستوطنتي عتنئيل وتكواع، تساويان في الخطورة تلك العمليات التي تدحرجت وأدت إلى (السور الواقي)».
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي نفذت فجر أمس، عمليات اعتقال واسعة، شملت 27 مواطنا فلسطينيا، خلال حملات اقتحام ودهم لعدد من المدن في الضفة الغربية، وذلك في أعقاب تنفيذ عملية تسلل إلى داخل مستوطنة عتنئيل قرب الخليل، وقتل امرأة يهودية في الثامنة والثلاثين من العمر، وقد تمكن الفاعل من الهرب. وظهيرة يوم أمس، نفذ فلسطيني آخر عملية شبيهة في مستوطنة تكواع، شرق بيت لحم، فأصاب امرأة شابة بجراح خطيرة وأصيب هو نفسه بجراح صعبة.
وقام جيش الاحتلال بعمليات تفتيش واسعة طيلة ساعات الليل، وطلب من سكان مستوطنات الخليل البقاء في بيوتهم، إلى أن يجري العثور على منفذ العملية. وحسب تقديرات الجيش، فقد هرب المهاجم من عتنئيل باتجاه مدينة الخليل. وأقام الجيش حواجز في المنطقة، ودخلت قواته إلى القرية بحثا عن المهاجم، بمرافقة كلاب من وحدة «عوكتس». كما جرى تفعيل طائرات دون طيار ومروحيات لتمشيط المنطقة.
وفي ضوء هاتين العمليتين، كشفت مصادر عسكرية، أن جيش الاحتلال يقوم بإجراء تغيير في انتشار قواته في الضفة الغربية، وإعادة تفعيل مواقع وحواجز سبق أن تركها، وذلك في أعقاب استمرار العمليات منذ أربعة أشهر وتصاعدها. ومن بين المواقع العسكرية التي أعيد تفعيلها، موقع «شدما» بالقرب من بلدة بيت ساحور، في محافظة بيت لحم، التي جرى هجرها في 2006. وكانت بلدية بيت ساحور قد خططت لإنشاء مستشفى في المكان بعد انسحاب الجيش منه، لكن حركة «نساء بالأخضر» الاستيطانية، ضغطت من أجل تحويل الموقع إلى بؤرة استيطانية. وبعد أربع سنوات أعاد الجيش إنشاء نقطة حراسة هناك، لكنه سمح منذ ثلاث سنوات، للمستوطنين بترميم المكان وإحياء مناسبات فيه. ومنذ أسابيع، أرسل الجيش قوات سلاح الهندسة إلى المكان، وقام بتوسيعه وتسييجه، وتسليمه إلى إحدى كتائب الاحتياط التي تم تجنيدها لتدعيم قوات الجيش في الضفة منذ بداية الأحداث. كما تم إنشاء نقاط مراقبة عسكرية عدة في منطقة محافظة بيت لحم. ونصب الجيش حواجز ونقاط تفتيش على مداخل ومخارج كثير من المدن والقرى الفلسطينية، خصوصًا تلك التي خرج منها مهاجمون لتنفيذ عمليات.
كما جرى إغلاق شوارع عدة توصل إلى هذه البلدات، كما حصل في قرية سعير في قضاء الخليل. وقال الجيش إنه أعاد تفعيل مواقع عسكرية ونقاط مراقبة وتفتيش على خلفية موجة العمليات. وبناء على قرار رئيس الأركان غادي إيزنكوت، تمت إضافة أربع فصائل إلى القوات في الضفة هذا الشهر. وقامت جهات إسرائيلية بتبليغ الجانب الفلسطيني بقرار إنشاء أبراج للمراقبة في منطقة شمال الضفة، خصوصًا في محيط نابلس. وقال الجيش إنه سيقيم مواقع جديدة للحراسة في مختلف أنحاء الضفة. وقال الباحث في شؤون الاستيطان، درور أتاكس، إن قرار إعادة انتشار قوات الجيش في الضفة يترافق بتكثيف البناء في المستوطنات، والذي قد يضاعف من عدد المستوطنين، بل يزيد على ذلك، في عدد من المستوطنات، خلال السنوات القريبة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.