وزير الإدارة المحلية اليمني: الأمم المتحدة فشلت في إدخال المساعدات الإنسانية إلى تعز

حذر من تكرار مأساة مضايا السورية في المدن اليمنية المحاصرة.. وكشف عن خطة للإغاثة هذا العام

عبد الرقيب فتح الأسودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر السفارة اليمنية في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
عبد الرقيب فتح الأسودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر السفارة اليمنية في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
TT

وزير الإدارة المحلية اليمني: الأمم المتحدة فشلت في إدخال المساعدات الإنسانية إلى تعز

عبد الرقيب فتح الأسودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر السفارة اليمنية في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)
عبد الرقيب فتح الأسودي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مقر السفارة اليمنية في الرياض أمس (تصوير: سعد الدوسري)

أكد عبد الرقيب فتح، وزير الإدارة المحلية في الحكومة الشرعية اليمنية، رئيس لجنة الإغاثة، فشل كل محاولات منظمات الأمم المتحدة لإدخال المساعدات الإغاثية إلى محافظة تعز، باستثناء عمليات الإنزال الجوي التي قام بها - أخيرًا - مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وتمكنه من كسر الحصار عن المدينة.
وأكد الوزير فتح، خلال مؤتمر صحافي عقده في مقر السفارة اليمنية في العاصمة السعودية الرياض أمس، أن العام الحالي سيشكل نقلة نوعية في العمل الإغاثي الإنساني، متطرقًا إلى بعض الإحصاءات التي أصدرتها المنسقية العامة للشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، ومنها أن نحو 21 مليون فرد يشكلون 82 في المائة من إجمالي عدد السكان، يحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة، لافتًا إلى وجود قرابة 14 مليون محتاجون إلى الرعاية الصحية الأساسية، إضافة إلى معاناة زهاء 19.3 مليون من إشكاليات الصرف الصحي وسوء النظافة.
وأشار إلى أن القوى الانقلابية لا تزال تحتجز 100 قاطرة سيّرها برنامج الغذاء العالمي إلى تعز، وهي محتجزة في منطقة الحوبان بمحافظة تعز، موضحًا أن تلك القوى بدأت تتصرف فيها خارج مدينة تعز.
وكشف عن إنشاء مركز تنسيقي للأعمال الإغاثية، مؤكدًا أن العمليات الإنسانية ستشهد نقلة نوعية حقيقة من خلال التنسيق والتنظيم لدول التحالف، كما سيجري بحث خطة مشتركة لإغاثة الشعب اليمني، في الـ26 من يناير (كانون الثاني) الحالي، يشارك فيها كل منظمات ومؤسسات الهلال الأحمر بدول مجلس التعاون، كما سيُعقد مؤتمر لتنسيق وتنظيم الإغاثة اليمنية في الدوحة، برعاية الحكومة القطرية.
وأشار عبد الرقيب فتح الأسودي إلى أن اللجنة العليا للإغاثة أعدت برنامجًا إغاثيًا متكاملاً لعام 2016، يشمل ستة محاور رئيسية هي «الغذاء، والدواء، والإيواء، والمشتقات النفطية، ومياه الشرب»، مؤكدًا أن اللجنة قدمتها لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.
وذكر أن القوى الانقلابية منعت أول من أمس إدخال الأدوية لمستشفى الثورة والجمهورية تابعة لمنظمة «أطباء بلا حدود»، لافتًا إلى أن المستشفيات بتعز لا تستقبل الحالات إلا تحت اسم «حالات الطوارئ»، كما أن العمليات بالثورة تعرضت للقصف، إضافة إلى تعرض ساحة المستشفى لنحو 15 قذيفة عسكرية.
وأكد الوزير أن الحكومة تنظر إلى المواطن اليمني كإنسان، وأنها مسؤولة عن إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق كافة، بما فيها مناطق صعدة وعمران، مشددًا على أن الحكومة تعتمد أسلوب الحيادية والشفافية ولا تنحاز إلا للقيم الإنسانية، لافتا إلى أن الحرب فُرضت فرضا على الحكومة الشرعية، وأنها من أجل السلام، مشددًا على أن الحكومة الشرعية اليمنية ليست داعية للحرب، وأن الحوار هو خيارها الرئيسي «وسنظل ننادي به».
وحول وجهة نظر الحكومة الشرعية اليمنية إزاء تكريم المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد له من الحوثيين، قال: «لا نزال نعول بحيادية على كل ممثلين الأمم المتحدة، وما قد يحدث هو محاولة لاستغلال الأخطاء من هنا أو هناك».
وحول عمل الخلايا النائمة الذي انتشر - أخيرًا - قال عبد الرقيب فتح: «إنها محاولة لإظهار أن الحكومة عاجزة عن حماية المحافظات المحررة»، موضحًا أن هناك خطة أمنية يقوم بها الجيش والمقاومة الشعبية وقوات التحالف لمعالجة بعض الاختلالات الأمنية، مشددًا على أنها في طريق الاستقرار.
وفي رد على سؤال حيال أسباب ممارسة القوى الانقلابية الحصار منذ تسعة أشهر على محافظة تعز، قال رئيس اللجنة العليا للإغاثة إن فرض الحصار على تعز ناتج عن انحياز أبناء المحافظة للشرعية ويمثل محورا استراتيجيا لبقية المحافظات الجنوبية، وأنها تمارس ما سماه أساليب نازية بقتل الأطفال والنساء في تعز، كاشفا عن رصد مستمر لبيع القوى الانقلابية المساعدات الغذائية في السوق السوداء، وأن القوى الانقلابية تدعي أن قوات التحالف الداعم للشرعية تقوم بحصار البلاد، مشددًا على أن ذلك الادعاء «غير صحيح»، لافتًا في ذات السياق إلى أن كل المواد الإغاثية والمرتبطة بالحياة تصل تباعًا إلى ميناء الحديدة وميناء عدن، وأن قوات التحالف تقوم بمراقبة السفن التي قد تحاول إدخال أسلحة للقوى الانقلابية.
وطالب الوزير اليمني بإدانة واضحة لاستغلال بعض القوى لمقرات البعثات الدبلوماسية، مؤكدًا أن ذلك مخالف لكل التشريعات والاتفاقيات، داعيًا منظمات الأمم المتحدة لممارسة هذا الحق، وهي ملزمة بأن توجد في مناطق الصراع كافة.
وبينما حذر عبد الرقيب فتح الأسودي من تكرار مأساة بلدة «مضايا» السورية في محافظة تعز اليمنية، أكد أن الحصار لا يزال مستمرًا، مضيفًا أن كل محاولات كسر الحصار باءت بالفشل ما عدا عملية الإنزال الجوي للمساعدات الذي قامت به قوات التحالف ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.