مرشح الأوسكار إيدي ردماين: المسرح يعلم الممثل كثيرًا مما سيمارسه في السينما

قال إنه يحب الأدوار المتناقضة.. ولعب دور الأنثى منذ أن كان صبيا

إيدي ردماين في فيلم {الفتاة الدنماركية}  -  إيدي ردماين
إيدي ردماين في فيلم {الفتاة الدنماركية} - إيدي ردماين
TT

مرشح الأوسكار إيدي ردماين: المسرح يعلم الممثل كثيرًا مما سيمارسه في السينما

إيدي ردماين في فيلم {الفتاة الدنماركية}  -  إيدي ردماين
إيدي ردماين في فيلم {الفتاة الدنماركية} - إيدي ردماين

كان فيلم «الفتاة الدنماركية» لا يزال وليد الحديث الآني بعد العرض العالمي الأول في مهرجان فنيسيا. جزء من قاعة فندق إكسلسيور في مدينة ليدو (حيث يُقام المهرجان) خصص لمقابلات بطلي الفيلم إيدي ردماين وإليسا فيكاندر والمخرج توم هوبر. الثلاثة كانوا متحمّسين للمقابلات لأنه الفرصة المتاحة للحديث عن الفيلم و«معانيه الكبيرة» كما قال المخرج هوبر لاحقًا.
كان الثلاثة يتناوبون الانتقال من طاولة إلى أخرى ليتفرغوا للفوج الأول من الصحافيين الذي كان هذا الناقد بينهم. رد ماين كان الأكثر ضحكًا. ما زال يبدو كما لو أنه تخرّج من الجامعة يوم الجمعة ووجد عملاً مدرًا يوم الاثنين.
هو من مواليد مدينة لندن قبل 34 سنة ودراسته السابقة كانت في كلية إيتون الشهيرة ثم في كلية ترينتي كوليدج في كامبردج وتخصصه هناك في تاريخ الفن. لم يسبق لأحد في عائلته أن سار في هذا الدرب، وعندما أبدى ميوله للتمثيل شجعه والده (اسمه رتشارد تشارلز ردماين) على دراسة الدراما. أمر راق لإيدي (أو إدوارد كما اسمه الأول كاملاً) ليجد نفسه بعد سنتين على خشبة المسرح يؤدي دورًا في رواية تشارلز ديكنز «أوليفر». لكن إيدي يعتبر أن ظهوره الأول على المسرح يبدأ مع احترافه وليس مع هوايته. في عام 2002 لعب دور ڤيولا في مسرحية ويليام شكسبير «الليلة الثانية عشرة».
هذا كله قبل أن ينتقل إلى السينما والأفلام بدءًا من عام 2006 عندما أخرج روبرت دينيرو «الراعي الصالح». كان الدور صغيرًا كذلك حال حفنة من الأدوار الأخرى إلى أن ظهر في شخصية مرقص في فيلم «البائسون» الذي حققه توم هوبر (أيضًا) قبل أربعة أعوام.
في العام التالي وجد نفسه أمام أصعب تحدياته: لعب شخصية العالم المقعد ستيفن هوكينغ في الفيلم الذي التقط، ما بين نهاية 2014 ومطلع 2015 ثلاثين جائزة، نصفها من نصيب إيدي ردماين عن دوره ذاك، وهو «نظرية كل شيء».
في «الفتاة الدنماركية» يؤدي دورًا آخر معقدًا، ولو على نحو آخر. إنه آينر ويغنر، أول من أجريت له، حسب رواية ديفيد إيبرشوف التي تم اقتباس الفيلم عنها، عملية تحويل جنسي من ذكر إلى أنثى. الفيلم يتابع الشخصية من قبل أن يصيبه المس الكهربائي عندما ارتدى الثياب النسائية ليكون «موديلا» لزوجته الرسامة. ارتداها ولم يشأ أن يخلعها بعد ذلك. بدأ تحوّله العاطفي والنفسي إلى أنثى قبل سنوات من قيامه بإجراء العملية الخطرة آنذاك، في مطلع القرن العشرين.
وكما حمل «نظرية كل شيء» بطله إلى الأوسكار، يحمله هذا الفيلم أيضًا كونه مرشّحا لأربع جوائز أوسكار، بينها أوسكار أفضل ممثل.
* يبدو لي أن هذا الدور آيل للأوسكار إن لم يكن الفيلم بأسره. هل من الصعب أن تنال الأوسكار مرّتين متواليتين؟
- (يضحك) ربما من الصعب أكثر أن أرفض الفكرة.
* إنه دور صعب آخر كما كان حال «نظرية كل شيء» لكن مع اختلاف الصعوبة. هل توافق؟
- نعم، على ذلك هما متقاربان إلى حد بعيد كما أظن. في «نظرية كل شيء» هناك تشخيصي لستيفن هوكينغ المقعد الذي تدربت عليه لعدة أشهر. هنا هي حالة أخرى أعتقد أن صعوبتها هي نفسية في صورتها العامّة، خصوصًا في ذلك الحين عندما كان السؤال حول الهوية الجنسية للفرد غير مطروق أو معتاد.
* لكن مركز الصعوبة كما أراه هو أن هناك مسيرة درامية عليك أن تجتازها من قبل ومن بعد اكتشافك أنك تريد أن تصبح أنثى في الفيلم.
- عندما طلبني (المخرج) توم (هوبر) للدور وفي اجتماعنا الأول قال لي إن السبب في اختياره لي ليس كيف أني لعبت شخصية ستيفن بقدر ما هو في اعتقاده أنني الشخصية المناسبة للدور. الباقي كان ملقى على عاتقي لأنه قصد أن يقول إنني أناسب فنيًا وكحجم بدني وكسن وليس فقط كموهبة. وكان علي أن أسعى لأكسب هذا الدور على أكثر من صعيد، لأنه إذا كان حجمي البدني وسني مناسبين لهذا الدور أو سواه فإن الحد الفاصل بين النجاح فيه أو الإخفاق فيه هو كيف سأمثل الدور.
تطلّب مني ذلك جهدًا كبيرًا. في «نظرية كل شيء» كان الجهد بدنيا إلى حد كبير. هنا دخول الشخص والتصرّف على نحو واقعي مع وضع ربما لم يكن في ذلك الحين واقعيًا. ربما كان سرياليًا.
** شيء مفزع
* هل كان من الصعب أن تجسد الأنثوية المطلوبة؟
- كان علي دراستها جيدًا. هناك أكثر من المظهر في مثل هذه الأمور، بل أكثر من الادعاء الناجح بأن التقليد ممكن. هناك الارتباط الوثيق بين الممثل والانتقال إلى الشخصية التي يؤديها، الذي هو الانتقال نفسه بين الممثل وأي شخصية. ثم الانتقال إلى ما يتفاعل داخل الشخصية، وهو هنا رفض آينر أن يبقى ذكرًا وسعيه لأن يتحوّل إلى الأنثى ليلي. هذه مرحلة ثالثة. هل كانت صعبة؟ لا أدري كيف أقيس الصعوبة، لكنها كانت عملية دقيقة.
* لعبت دورًا نسائيًا كاملاً في مسرحية «الليلة الثانية عشرة» والآن «الفتاة الدنماركية». هل من رابط؟
- أحب الأدوار المناقضة على ما أعتقد، لكني لعبت دور الأنثى منذ أن كنت صبيا. كنت أقلد والدتي كثيرًا (وكمن يتذكر) ولعبت شخصية ذكورية - أنثوية في مسرحية «كباريه». بالنسبة إلى مسرحية شكسبير كان كل الممثلين رجالاً تبعًا لتقاليد المسرح القديمة، أولئك الذين لعبوا أدوار الرجال وأولئك الذين لعبوا أدوار النساء.
* هل تتطلع إلى أوسكار آخر؟
- كيف لي أن أعلم؟ طبعًا لا أمانع.
* أقصد أن هذا الفيلم آيل إلى الجوائز المختلفة بلا شك.
- يبدو لي ذلك. أريد أن أقول لك إن الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها كثيرون. أنت كممثل لا تعرف ما الذي يحدث لك وكيف سينتهي الفيلم. إنه شيء مفزع قليلاً من حيث إنك تقبل القيام بتمثيل مشروع ما. تتدرب. تعيش هذا المشروع ثم فجأة هناك الكاميرا وبدء العمل. قبل ذلك لم يكن هناك سواك. فجأة هناك الجميع من حولك.
* … ولاحقًا هناك التجربة الكبيرة مع الجمهور والنقاد. صحيح؟
- نعم. ولا يمكن أن تدرك سلفًا ما سيكون وقع الفيلم. حتى أفضل الأفلام لا تسلم من الآراء التي تنتقده أو من الجمهور الذي يعجبه. كيف إذن فيلم من نوع «الفتاة الدنماركية»؟
* حتى «المواطن كاين» اختلفوا عليه…
- حتى «المواطن كاين».
** تجربة المسرح
* ما الذي خرجت به من عملك على المسرح مما ما زلت تستخدمه في السينما؟
- لا بد أن تعرف أن السينما هي تقنيات والجمهور يأتي لاحقًا. لا يصدمك وأنت على الخشبة. في المسرح هو أول من تلتقي به حال خروجك من وراء الستارة. تواجهه وعليك أن تتصرّف بعد ذلك كما لو لم يكن موجودًا. أول ما تتعلمه كممثل هو كيف تتجاهله. عليك أن تقتنع بأنه ليس موجودًا. في السينما هو ليس موجودًا أمامك أساسًا مما يعفيك حتى عن التفكير بالتجاهل. لكن المسرح يعلم الممثل الكثير مما سيمارسه في السينما.
* ماذا عن الكاميرا؟ هي أيضًا هناك أقرب إلى وجهك من جمهور الصف الأول.
- صحيح. لهذا يتعامل الممثل مع التقنيات أكثر. لكن في رأيي أنه إذا ما كان ممثلاً جيّدًا سيحافظ على وضعه من دون أن يخسر منها شيئًا. ما عليه القيام به هو معرفة الشخصية التي يمثلها من الداخل، وهذا يحدث في المسرح وفي السينما.
* في الأفلام وفي المسرحيات هناك سؤال الممثل لنفسه عما إذا كان ناجحًا وهو يؤدي الدور. أليس ذلك صحيحًا؟
- بلى، طبعًا. هناك هذا القدر من الريبة، لكن بقدر ما الدور صعب فالسؤال مهم. سأخبرك شيئًا بهذا الخصوص. خلال تصوير «الفتاة الدنماركية»، تذكر المشاهد الأولى لبداية تصرفي في الفيلم كامرأة، كان السؤال الذي في بالك حول مدى النجاح مؤرقًا. كنت أريد ضبط كل التفاصيل. هذا واجبي. وكان من الممكن أن أخطئ أو أن يبدو التصرّف مشينًا أو كوميديًا. لكن لاحقًا أدركت أنه إذا ما تقمصت ليلي كشخصية أساسًا فإن تقمّص حركاتها يصبح تلقائيًا. كان هذا هو المفتاح.
* هل تغيّر وضعك المهني بعد الأوسكار الأول الذي نلته؟
- أعطاني ثقة وتسبب في تسلمي عروضًا كثيرة، لكن حياتي لم تتغير تبعًا لذلك.
* ما معنى الجوائز بالنسبة إليك؟
- تعني أنني في أعين الآخرين حققت عملاً جيّدًا. إذا سألتني هل كان عملاً جيّدًا أم ناجحًا سأقول كان جيدًا، لأن النجاح هو صنع أكثر من عامل يخرج عن طاقة وقدرة الممثل الواحد. النجاح هو نتيجة الموضوع ونتيجة حسن تحقيقه بكامله، لكن جودتك أنت مسؤول عنها، لذلك تهمني الجوائز من حيث إنها انعكاس لكيف نظر الآخرون إلى الجهد الذي قمت به. كيف يقيّمون الإخراج والتمثيل والكتابة. هذا شيء مثير في عملنا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».