مشروع قانون جديد يفصّل الترشح للانتخابات على مقاس الأسد

يقصي المعارضين كون غالبيتهم «لا تتوافر فيهم الشروط»

مشروع قانون جديد يفصّل الترشح للانتخابات على مقاس الأسد
TT

مشروع قانون جديد يفصّل الترشح للانتخابات على مقاس الأسد

مشروع قانون جديد يفصّل الترشح للانتخابات على مقاس الأسد

في خطوة متوقعة، وافق مجلس الشعب السوري على عرض قانون جديد للانتخابات العامة للمداولة العامة ومناقشته من قبل لجنتي الداخلية والإدارة المحلية والشؤون الدستورية والتشريعية، استعدادا لإقراره قبل حلول موعد الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، مع قرب انتهاء الفترة الدستورية للرئيس بشار الأسد في 7 يوليو (تموز) المقبل.
وذكرت الوكالة السورية للأنباء، أن مشروع القانون وفقا لأسبابه الموجبة يأتي «نظرا لصدور قانون الانتخابات العامة النافذ بالمرسوم التشريعي رقم 101 لعام 2011 قبل نفاذ الدستور الجديد، جرت المصادقة عليه عام 2012 وعدم تضمنه أحكام انتخاب رئيس الجمهورية واقتصاره على انتخابات مجلس الشعب والمجالس المحلية».
كما بررت الوكالة مشروع القانون بـ«الحاجة إلى تعزيز الرقابة القضائية والعمل الديمقراطي، إضافة إلى إعادة النظر في قانون الانتخابات العامة النافذ وتضمينه أحكاما تفصيلية لانتخاب رئيس الجمهورية».
ويشترط مشروع القانون في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية أن يكون «متما الـ(40) من عمره في بداية العام الذي يجري فيه الانتخاب، ومتمتعا بالجنسية السورية بالولادة من أبوين متمتعين بتلك الجنسية بالولادة، وأن يكون متمتعا بحقوقه السياسية والمدنية وغير محكوم بجناية أو جنحة شائنة أو مخلة بالثقة العامة ولو رد إليه اعتباره». كما يشترط في المرشح «ألا يكون متزوجا بغير سورية، وأن يكون مقيما بسوريا مدة لا تقل عن 10 سنوات إقامة دائمة متصلة عند تقديم طلب الترشيح، وألا يحمل أي جنسية أخرى غير الجنسية السورية، وألا يكون محروما من ممارسة حق الانتخاب». كما يتضمن «عدم قبول طلب الترشيح إلا إذا كان طالبه حاصلا على تأييد خطي لترشيحه من 35 عضوا على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لأي من هؤلاء الأعضاء أن يؤيد أكثر من مرشح واحد لرئاسة الجمهورية».
يشار إلى أن أعضاء مجلس الشعب الحالي فازوا في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2012 من الموالين للنظام السوري، حيث قاطعت المعارضة الانتخابات، كما انكفأ السوريون من المناوئين للنظام عن المشاركة في التصويت.
ومن المتوقع أن يرشح الأسد نفسه رئيسا لولاية رئاسية ثالثة وسط تأكيدات من مسؤولين بالنظام لترشحه لولاية جديدة، وإطلاق حملات ترويج على المستوى الشعبي لحض الأسد على الترشح، كما فرض على أصحاب المحال التجارية في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام طلاء أبواب محالهم بألوان العلم السوري الذي يرفع النظام، للدلالة على تأييد بقاء نظام الأسد في السلطة، مع تنظيم مسيرات في عدة أحياء ومناطق، قالت وسائل الإعلام إنها خرجت لتأييد العلميات العسكرية لقوات النظام ولسياسته. وكان الأسد صرح في حوارات سابقة له مع وسائل إعلامية بأنه لن يتردد في الترشح في حال أراده الشعب السوري، أما إذا شعر بعكس ذلك فإنه لن يترشح.
ويرى مراقبون أنه حتى لو لم تجر الانتخابات الرئاسية فهناك إمكانية اللجوء لمادة في الدستور تسمح بتمديد ولاية الأسد لسنة أو سنتين، وذلك لتعذر إجراء الانتخابات الرئاسية في الظروف الاستثنائية الحالية التي تمر بها البلاد، مع تأكيد أن الانتخابات الرئاسية في حال جرت ضمن الشروط التي يفرضها النظام، فإن الأسد سيفوز بلا أدنى شك. وكانت صفحة «بشار الأسد» في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أطلقت منذ فترة حملة «تجديد العهد» لإعادة انتخاب الأسد في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وترفض أطياف من المعارضة، وتؤيدها دول في مقدمتها الولايات المتحدة، أن يترشح الأسد لانتخابات الرئاسة المقبلة، بينما يقول الأسد إنه لا يرى أي مانع من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة. ورأى ناشطون في دمشق أن مشروع القانون الجديد للانتخابات العامة «جرى تفصيله على مقاس بشار الأسد». وقال أبو أحمد الشامي الذي قرأ نص المشروع إنه لا يستغرب ذلك، بل هو متوقع «وكما نجح النظام في تمرير الانتخابات التشريعية وجاء بأزلامه من حظيرة المخابرات ليحتلوا مقاعد مجلس الشعب كاملة، وأقروا دستورا على مقاس بشار كما سبق لأسلافهم أن أقروا دستورا على مقاس والده، هم الآن سينجحون في تمرير هذا القانون من أجل بقاء الأسد».
بدورها، ترى مصادر في المعارضة أن مشروع قانون الانتخابات العامة، يقصي المعارضة كون غالبيتهم لا تنطبق عليهم تلك الشروط، خاصة فيما يتعلق بالإقامة داخل البلاد لمدة عشر سنوات متواصلة عند تقديم طلب الترشيح، وأغلبهم فروا من بطش النظام، وكذلك شرط (غير محكوم بجناية) وأغلبهم أصدر النظام أحكاما جائرة بحقهم وفق محاكمات صورية وأخرى عسكرية. وترفض المعارضة الانتخابات في ظل الأوضاع الجارية بالبلاد، حيث أكثر من نصف سكان البلاد (23 مليون نسمة) باتوا نازحين داخل وخارج البلاد، وهناك أكثر من مائتي ألف قتيل ومثل هذا العدد مفقودين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.