مخاوف أميركية متزايدة من تتبع «غوغل» للطلاب

دعاة الخصوصية يحذرون من استغلال المعلومات لبيع المنتجات

مخاوف أميركية متزايدة من تتبع «غوغل» للطلاب
TT

مخاوف أميركية متزايدة من تتبع «غوغل» للطلاب

مخاوف أميركية متزايدة من تتبع «غوغل» للطلاب

في الفصول الدراسية العامة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، يصبح اسم شركة «غوغل» شائعا على نحو متزايد، مثله كمثل وجود أقلام الرصاص والمحايات بين الطلاب.
وكان أكثر من نصف أجهزة الكومبيوتر المحمول (لابتوب) والكومبيوتر اللوحي (تابلت)، التي اشترتها مدارس الولايات المتحدة لمراحل التعليم العام خلال الربع الثالث من العام المنصرم، من فئة «كروم بوك» – وهي أجهزة كومبيوتر محمولة رخيصة تعمل ببرمجيات «غوغل». وما وراء بحثها الشهير على شبكة الإنترنت، توفر الشركة معالجة النصوص وغيرها من البرمجيات الأساسية للمدارس مجانا. وفي المجموع، تقول الشركة إن أكثر من 50 مليون طالب ومعلم يستخدمون برامج غوغل في جميع أنحاء العالم.
ورغم ذلك، تتبع الشركة أيضا ما يفعله هؤلاء الطلاب على خدماتها، وتستخدم بعض تلك المعلومات لبيع الإعلانات المستهدفة، وفقا لشكوى تقدمت بها مجموعة مناصرة للخصوصية لمسؤولين فيدراليين.
ونظرا لذلك الترتيب القائم بين غوغل وكثير من المدارس العامة، لا يستطيع أولياء الأمور في كثير من الأحيان الحيلولة دون جمع الشركة بيانات أطفالهم، بحسب خبراء الخصوصية. وذكر نيت كاردوزو، محام في مؤسسة الجبهة الإلكترونية أنه «في بعض المدارس، تحدثنا مع أولياء الأمور عن عجزهم حقيقة عن قول: لا».
وتصدت غوغل - التي يطلق على الشركة القابضة لها اسم «ألفابيت» - تلك الانتقادات، قائلة إن تطبيقاتها التعليمية تمتثل بالقانون، إلا أنها أقرت بتجميعها بيانات عن أنشطة بعض الطلاب من أجل تحسين منتجاتها.
وكتب جوناثان روشيل، مدير تطبيقات غوغل للتعليم، في منشور على مدونة يدافع فيه عن ممارسات الشركة: «لقد كنا دائما ملتزمين تماما بالحفاظ على معلومات الطلاب خاصة وآمنة».
ومع ذلك، يحذر المدافعون عن الخصوصية من أن كثيرا من مديري المدارس قد لا يدركون مدى المعلومات التي تجمعها غوغل، أو كيفية استخدامها، إلى ما بعد توفير الخدمات التعليمية. وبالنسبة لبعض أولياء الأمور، يعد هذا الترتيب مثيرا للقلق.
ويعيش جيف، الذي تحدث شريطة عدم ذكر اسمه الأخير لحماية خصوصية عائلته، في منطقة المدارس بمدينة روزفيل في ولاية كاليفورنيا، التي تطالب الطلاب باستخدام منتجات «غوغل» التعليمية. وأشار إلى أنه يكافح من أجل إبقاء ابنته التي تدرس في الصف الرابع خارج نظام «غوغل».
وأوضح أن مصدر «غوغل» الرئيسي للدخل هو جمع البيانات عن المواطنين. ونحن لا نحبذ وجود هذه الفكرة في نظامنا المدرسي.
وفي غضون سنوات قليلة، أصبحت «غوغل» القوة المهيمنة في مجال تقديم التقنية للتعليم. في عام 2012، كانت أجهزة «كروم بوك» تشكل أقل من واحد في المائة من جميع الكومبيوترات المحمولة والكومبيوترات اللوحية المشحونة إلى المدارس التي تقدم مراحل التعليم العام الاثنتي عشرة من الحضانة وحتى المتوسط في الولايات المتحدة، في حين زودت شركة «آبل» أكثر من نصف المبيعات الإجمالية آنذاك، وفقا لمؤسسة الاستشارات «فيوتشر سورس كونسلتنغ». وتظهر أحدث بيانات المؤسسة أن أجهزة «كروم بوك» تمثل 51 في المائة من مبيعات الكومبيوتر خلال الربع الثالث من العام المنصرم، في حين استحوذت «آبل» على 24 في المائة من إجمالي المبيعات، وبلغت نسبة «مايكروسوفت» 23 في المائة.
ويرجع سبب ارتفاع نسبة «غوغل» سريعا بشكل جزئي إلى انخفاض التكاليف: يمكن شراء «غوغل كروم» غالبا في حدود من مائة إلى مائتي دولار، وهو عبارة عن جزء من ثمن شراء «ماك بوك»، علاوة على أن برمجيات «غوغل» للمدارس مجانية.
وبينما كانت منتجاتها تنتشر في الفصول الدراسية، وقعت شركة «غوغل» في وقت سابق من العام الماضي على تعهد بالخصوصية للطلاب، وعدت فيه بالحد من جمعها واستخدامها المعلومات عن الطلاب.
ومع ذلك، وفي شكوى مقدمة للجنة التجارة الفيدرالية، قالت مؤسسة الجبهة الإلكترونية إن الشركة تتبع كل شيء تقريبا يفعله الطلاب بمجرد تسجيلهم الدخول على حساباتهم على «غوغل»، وفي بعض الحالات، تستخدم تلك المعلومات لبناء ملفات شخصية عن الطلاب، وتقديم إعلانات مستهدفة لهم في بعض برامج «غوغل».
ولا تعتبر «غوغل» سوى بعض خدماتها كجزء من «جناحها التعليمي» - مثل بريد جي ميل، والتقويم، ومحرر مستندات «غوغل» - دون غيرها - مثل البحث، والخرائط، ويوتيوب، وأخبار «غوغل». لذلك، إذا سجل الطلاب الدخول على حساباتهم التعليمية، واستخدموا خدمة أخبار «غوغل» لإيجاد قصص إخبارية للتقرير عنها، أو شاهدوا مقاطع فيديو عن التاريخ على يوتيوب، يمكن للشركة استخدام تلك الأنشطة لبناء ملفات شخصية عن هؤلاء الطلاب، ومن ثم تقديم الإعلانات إليهم خارج نطاق المنتجات التعليمية، بحسب مؤسسة الجبهة الإلكترونية.
وتشير مؤسسة الجبهة الإلكترونية أيضا إلى أن هناك ميزة تُشغَّل تلقائيا على أجهزة «كروم بوك» - بما فيها تلك المباعة إلى المدارس - تتعارض مع تعهد الخصوصية الذي وقعت عليه «غوغل». وتتيح هذه الميزة - التي تسمى «مزامنة كروم» - لمستخدمي «غوغل» بنقل تاريخ التصفح وكلمات السر والسمات الشخصية الأخرى إلى أي جهاز كروم بوك أو متصفح كروم يسجلون الدخول عليه. واحتجت المؤسسة على جهود «غوغل» المبذولة لتتبع تلك الأنشطة، التي تستخدمها لأغراض تجارية من دون موافقة أولياء الأمور.
وكتبت شركة «غوغل»، في منشور على منتدى، أن قرار السماح للطلاب باستخدام ميزة مزامنة كروم أو استخدام التطبيقات إلى ما هو أبعد من جناحها التعليمي الجوهري متروكا لإدارات المدارس. ويجرى استخدام البيانات المجمعة عبر مزامنة كروم فقط لتحسين منتجاتها، مع محو كل الهويات، بحسب منشور «غوغل».
وجاء رأي المؤسستين اللتين وضعتا تعهد خصوصية الطلاب - منتدى مستقبل الخصوصية، وجمعية صناعة البرمجيات والمعلومات - مدافعا عن «غوغل»، حيث قالتا إن مؤسسة الجبهة الإلكترونية تمادت في اتهاماتها.
وذكر غولز بولونيتسكي، المدير التنفيذي لمنتدى مستقبل الخصوصية، في بيان: «راجعنا شكوى مؤسسة الجبهة الإلكترونية، لكننا لا نعتقد أنها تعكس الحقيقة».
ورغم ذلك، يرى المدافعون عن الخصوصية أن الشكوى ينبغي أن تكون دعوة لليقظة ليس فقط لـ«غوغل»، ولكن أيضا للشركات الأخرى التي تتعامل مع بيانات الطلاب.
وقالت خاليه بارنز، المدير المساعد في مركز معلومات الخصوصية الإلكترونية: «يوجد أيضا كثير من التطبيقات ومقدمي التقنية المختلفة، ولا تحصل الأغلبية الساحقة من الطلاب على ذلك النوع من الأمن وحماية الخصوصية التي يستحقونها».
وبفضل قانون خصوصية الطلاب المصاغ في سبعينات القرن الماضي، لا تحتاج إدارات المدارس إلى موافقة خطية من أولياء الأمور بشأن تبادل معلومات الطلاب مع الشركات التي تتعاقد معها، وفقا لدعاة الخصوصية.
وأضافت بارنز أن كثيرا من المناطق التعليمية تترك أولياء الأمور ببساطة «على عماهم» حول من يتتبع أنشطة أطفالهم في المدارس.
ووجدت دراسة أجريت في عام 2013، تفحص عينة وطنية من المناطق التعليمية العامة، أن نسبة 95 في المائة من إدارات المدارس اعتمدت على نوع ما من الخدمات السحابية على الإنترنت. وأبلغت نسبة الرُبع فقط من تلك الإدارات أوليات الأمور عن استخدامها لمثل هذه النظم، فيما افتقرت نسبة واحد من كل 5 إلى السياسات التي تحكم استخدام الخدمات عبر الإنترنت.
وأوضحت نسبة أقل من ربع اتفاقات الخدمات لماذا تكشف إدارات المدارس عن معلومات الطلاب لشركة بائعة، فيما تحظر نسبة 7 في المائة من الشركات البائعة عن بيع أو تسويق بيانات الطلاب، وفقا للدراسة.
وقال غويل ريدنبرغ، أستاذ القانون في جامعة هارفارد، وأحد معدي الدراسة: «أعتقد أن المسؤولين في معظم الإدارات التعليمية في الولايات المتحدة يجهلون تماما المعلومات التي يقدمونها للشركات عن طلابهم».
وفي ضواحي واشنطن، تستخدم مدارس «الإسكندرية سيتي» العامة بعض برامج «غوغل» التعليمية منذ عام 2013. وخلال العام الماضي، تحولت إدارة المدارس إلى أجهزة كروم بوك لطلاب المدارس الثانوية، وتجرب تلك الأجهزة لطلاب الصف الرابع والخامس.
ولا تتطلب الإدارة موافقة أولياء الأمور صراحة على برامج جهاز كروم بوك، فيما عدا عندما يأخذ طلاب المدارس الابتدائية الأجهزة معهم إلى المنزل، بحسب رئيسة قسم التقنية إليزابيث هوفر. ومنذ تقديم شكوى مؤسسة الجبهة الإلكترونية، استمعت هوفر لأحد أولياء الأمور الذي أثار المخاوف بشأن الخصوصية، وتؤكد أن الإدارة سوف تحاول العمل مع الأسر التي تشعر بعدم الارتياح مع برامج «كروم بوك».
ووفقا لهوفر، اتخذت إدارة المدارس عددا من الخطوات لحماية خصوصية الطلاب. وعلى سبيل المثال، عطلت الإدارة ميزة «مزامنة كروم» قبل تداول الأجهزة. وكذلك حددت الخدمات التي يمكن للطلاب الوصول من حساباتهم على «غوغل» الخاصة بالمدرسة إلى خدمات «غوغل درايف» و«جي ميل» والخرائط.
وأوضحت هوفر: «يحتوي العمل مع تطبيقات (غوغل) للتعليم على مجموعة من التحديات، لذلك فإننا نحاول المضي قدما بحذر في ذلك الأمر».
ونادرا ما تكتسب الجهود المبذولة لتعزيز حماية الخصوصية للطلاب على المستوى الفيدرالي زخما. لكن في عام 2014، جرى التوقيع على 28 قانون يتعلق بخصوصية بيانات الطلاب عبر 20 ولاية، وفقا لتحليل أجرته منظمة «داتا كواليتي كامبين» المعنية بجودة البيانات. وكان أحد أصعب تلك القوانين هو قانون ولاية كاليفورنيا الذي يحظر الشركات التي تبيع للمدارس من بيع بيانات الطلاب، أو استخدامها لاستهداف الإعلانات، أو بناء ملفات شخصية للطلاب لأغراض غير تعليمية.
وقالت لورا عاصم، الرئيس التنفيذي لقسم التقنية بإدارة مدارس «روزفيل سيتي» في كاليفورنيا، إن نظام المدارس يُقيّم مدى تأثير قانون الولاية على إدارتهم وعلى الشركات البائعة لها. وأضافت: «لسوء الحظ، تتقدم التقنية بشكل أسرع من التشريع نفسه، لكن لا يمكنك محو التقنية من التعليم، لأنها تسرع في أداء التعليم».
وخلال العام المنصرم، رفض الإداريون عرضا من أسرة جيف بتوفير جهاز شخصي لابنتها. ووفقا لرسالة بريد إلكتروني شاركها جيف مع صحيفة «واشنطن بوست»، قال مدير إدارة مدرسة روزفيل سيتي ديرك غارسيا إن نظام المدرسة كان «يدرس إزالة بند عدم المشاركة» لأولياء الأمور بدءا من العام الدراسي المقبل. وحدث ذلك فقط بعد أن سعى جيف لاستشارة مؤسسة الجبهة الإلكترونية حول عدم قدرة الأسرة على التوصل لحل.
ولم يستجب غارسيا لطلب التحقق من محتوى رسالة البريد الإلكتروني، غير أن عاصم قالت إن نظام المدرسة لا يزال يدرس خياراته، مضيفة: «تعمل الإدارة مع فريقنا القانوني، وكذلك تجتمع مع جيف، للتوصل إلى حل». وتابعت: «تعمل الإدارة من أجل تحسين بنيتها التحتية لتعزيز دعمها للطلاب الذين يريدون جلب أجهزتهم الخاصة معهم».
ورغم ذلك، لا يزال جيف يشعر بالإحباط، حيث قال: «هذا قرار اتخذته إدارة المدرسة بشأن خصوصية وأمن طفلتي، وأشعر أنها لا تفهم حقا انعكاسات هذا القرار».

* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ«الشرق الأوسط»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).