برلمان مصر على أعتاب مواجهة حاسمة لرسم خريطة قوة جديدة أو تكريس صورته النمطية

في بداية مبكرة للعبة عض الأصابع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية

برلمان مصر على أعتاب مواجهة حاسمة لرسم خريطة قوة جديدة أو تكريس صورته النمطية
TT

برلمان مصر على أعتاب مواجهة حاسمة لرسم خريطة قوة جديدة أو تكريس صورته النمطية

برلمان مصر على أعتاب مواجهة حاسمة لرسم خريطة قوة جديدة أو تكريس صورته النمطية

يقف البرلمان المصري على أعتاب مواجهة حاسمة لرسم خريطة قوة جديدة في البلاد أو تكريس صورته النمطية، مع بدء الجلسات العامة التي تُطرح خلالها القوانين التي صدرت في غيبة المجلس التشريعي لاتخاذ قرار بشأنها.
وخلال الجلسات الماضية عكست اتجاهات التصويت هشاشة الائتلاف الموالي لرأس السلطة التنفيذية، ما شجع تكتلات برلمانية ونوابا مستقلين على بناء تحالفات في مواجهته. ومن المرجح أن تظهر جلسات التصويت على القوانين مواقع القوة على الخريطة السياسية خلال الفترة المقبلة، على وقع لعبة عض الأصابع التي بدأت مبكرا بين البرلمان والسلطة التنفيذية في البلاد. ومنيت الحكومة بأول هزيمة لها أمام مجلس النواب، بعد أن رفضت لجنة به تمرير قانون الخدمة المدنية الذي يمس مصالح ملايين الموظفين بالدولة. وخلال جلسات لجنة القوى العاملة بالبرلمان حذر وزير التخطيط أشرف العربي المنوط به ملف الإصلاح الإداري، من مخاطر رفض القانون المثير للجدل.
وتكشف الساعات المقبلة قدرة السلطة التنفيذية على إنفاذ كلمتها عبر ائتلاف الأغلبية، خاصة مع تصريحات من قادة تحالف الأغلبية أكدوا فيها أن القانون سيمر خلال الجلسات العامة. وينهمك نواب البرلمان حاليا في مناقشة قوانين صدرت على مدار العامين الماضيين في غيبة المجلس التشريعي الذي بدأ أعماله قبل نحو أسبوع. ويلزم الدستور مجلس النواب البت في هذه القوانين خلال 15 يوما من انعقاده، بموجب المادة 156 منه.
وكانت الحكومة المصرية تأمل على ما يبدو في أن يستجيب نواب البرلمان لمطالب قادة في الائتلاف بتمرير القوانين في الجلسات الأولى، على أن يستعمل النواب حقهم في إعادة النظر في تلك القوانين لاحقا، خاصة أن رئيس البرلمان الحالي الدكتور علي عبد العال المحسوب على ائتلاف الأغلبية كان من بين القانونيين الذين طرحوا رأيا مفاده أن المجلس الحالي غير مخاطب بنص المادة 156. ما يعني سريان تلك القوانين دون الحاجة لمراجعة البرلمان.
وقال ياسر حسان عضو الهيئة العليا في حزب الوفد الذي يملك ثالث أكبر كتلة برلمانية في المجلس إن «قانون الخدمة المدنية لن يمر عبر البرلمان، يصعب جدا على النائب أن يصوت لصالح القانون.. لأنه إن فعل فلن يستطيع أن يواجه أهالي دائرته، فالقانون به أوجه قصور متعددة وهو في الواقع يكرس للفساد.. والأمر لن يقتصر فقط على هذا القانون، فالجلسات المقبلة ستشهد إثارة لقانون التظاهر أيضا وربما قوانين أخرى».
ويعيد قانون الخدمة المدنية رسم العلاقة بين موظفي الدولة والحكومة. وأثار إصدار القانون موجة من الغضب تظاهر على إثرها مئات الموظفين في مشهد احتجاجي نادر خارج سياق الصراع بين جماعة الإخوان والسلطات المصرية الحالية.
وأضاف حسان قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك حسابات سياسية خاطئة أدت لانتخاب البرلمان على صورته الحالية.. فالبعض تصور أن وجود نسبة كبيرة من المستقلين في البرلمان يساعد السلطة التنفيذية على حشدهم في صفها لتمرير ما تراه مناسبا عبر بناء تحالف واسع يضمهم».
وتعكس أزمة قانون الخدمة المدنية الذي تعول عليه الحكومة لتقليص بند الأجور في الموازنة العامة للدولة، طبيعة لعبة عض الأصابع بين البرلمان والسلطة التنفيذية، في محاولة لرسم خريطة جديدة للقوة على الساحة السياسية في مصر.
وأبدى برلمانيون تمسكا بحقهم الدستوري بعد أن أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي مد حالة الطوارئ في مناطق بشمال سيناء، وتمديد مهمة القوات المسلحة في مناطق خارج الحدود، في إشارة على ما يبدو لرغبة النواب في إثبات الوجود.
ويرى مراقبون أنه على الرغم من عدة مآخذ على طبيعة تكوين المجلس وطريقة انتخابه وبعض المشاهد في الجلسات الافتتاحية، أظهر النواب الجدد حيوية خلال مناقشاتهم، لكنهم أشاروا إلى أن الفترة المقبلة ستكون مفصلية لتحديد ما إذا كان البرلمان قادر على فرض وجوده أم لا، خاصة في ظل إعادة بناء التحالفات داخله في مواجهة تحالف الأغلبية.
ورصد نواب ومراقبون مساعي تكتلات حزبية ونواب مستقلين لبناء تحالفات جديدة يقودها حزب المصريين الأحرار صاحب أكبر كتلة برلمانية بالمجلس.
لكن شهاب وجيه المتحدث الرسمي باسم الحزب قال لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة البرلمانية في الحزب تسعى للتنسيق حول مواقف وليس بناء تحالف.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».