قلق في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا بعد هجوم إسطنبول الانتحاري

{الشرق الأوسط} استطلعت آراءهم ورصدت مخاوفهم من موقف الحكومة التركية تجاههم

اللاجئون السوريون يخشون أن تتشدد السلطات التركية أكثر تجاههم بعد اتهام سوري بتفجير إسطنبول الانتحاري الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
اللاجئون السوريون يخشون أن تتشدد السلطات التركية أكثر تجاههم بعد اتهام سوري بتفجير إسطنبول الانتحاري الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

قلق في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا بعد هجوم إسطنبول الانتحاري

اللاجئون السوريون يخشون أن تتشدد السلطات التركية أكثر تجاههم بعد اتهام سوري بتفجير إسطنبول الانتحاري الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)
اللاجئون السوريون يخشون أن تتشدد السلطات التركية أكثر تجاههم بعد اتهام سوري بتفجير إسطنبول الانتحاري الأسبوع الماضي («الشرق الأوسط»)

لا يخفي الكثير منهم قلقه.. يتابعون آخر الأخبار والتطورات.. يحللون.. يتوقعون.. ويفكرون بصوت عالٍ، إنهم اللاجئون السوريون في تركيا، وتحديدا في مدينة إسطنبول، بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب المدينة.
في إسطنبول، المدينة الكبيرة، يعيش عشرات الآلاف من اللاجئين الهاربين، من براميل الأسد والميليشيات الداعمة له، وأيضًا بسبب الغارات الروسية العنيفة التي تتعرض لها المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، يعمل بعضهم في «الأسود»، وهو مصطلح للعمل بشكل غير قانوني بأجور متدنية، كل ما يحصلون عليه من أجر، لا يتعدى الحاجة اليومية وأحيانا أقل من ذلك. يعملون بصمت، ولا وجود لكلمة «كلا» في قاموسهم خارج الوطن، يضطرون للعمل بأجور أقل بكثير من أقرانهم أصحاب الأرض، وبساعات أطول بكثير، حتى إن بعضهم لا يحظى بوقت لتناول الغداء (وهو أحد شروط العمل في تركيا)، كل ذلك، فقط من أجل العودة إلى البيت مساء وبيد اللاجئ كيس من الطعام، وقطعة خبز.
إنهم مثقلون بالتعب الشديد، الذي سرعان ما يزول (ولو بشكل مؤقت)، بضحكة من أطفالهم المنتظرين، الذين لا يعرفون شيئا مما يقاسيه الأب.
بعد الهجوم الانتحاري الذي ضرب إسطنبول، يخشى ذلك الأب، من أن يجد نفسه قريبا على مقربة من حدود سوريا، في أحد مخيمات اللاجئين السوريين، المحاطة بالجند، فهناك، سيكون رقما ضمن قائمة العاطلين عن العمل و«الحياة»، ينتظر شهريا، ما تجود به الحكومة التركية، أو المنظمات الإنسانية.
إنها حياة لا يرتضيها (أبو أحمد 37 عاما) لنفسه وأسرته، التي خسرت كل شيء في سوريا، لتحافظ كما يقول على «الكرامة».
فكما أشعل تفجير إسطنبول منطقة السلطان الأحمد وأسقط عشرة قتلى وخمسة عشر جريحا الثلاثاء الماضي فإن تصريح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والذي أعقب التفجير وأعلن فيه عن أن منفذ الهجوم سوري ينتمي لتنظيم داعش أشعل جدلا سلط الضوء على الوجود السوري في تركيا، ما اعتبره مراقبون التفات تركيا لأكثر من مليونين ونصف المليون لاجئ سوري موجودين في البلاد منذ خمسة أعوام.
ورغم من خروج رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وتأكيده على الأخوة بين الشعبيين السوري والتركي وإعلانه موقف تركيا الثابت تجاه القضية السورية والتي تراه السلطات إنسانية بالدرجة الأولى على حد وصفه، فإن ردود فعل السوريين تنوعت بين التخوف والترقب وأحيانا عدم المبالاة.
ويقر أحمد زكريا، الصحافي السوري الذي يعمل في إحدى الإذاعات السورية التي تبث من إسطنبول إلى الداخل السوري، بوجود تخوفات بعد تفجير السلطان أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك ترقبا لردود فعل من قبل مواطنين أتراك ضد الوجود السوري على شكل مظاهرات أو ردود فعل غاضبة تدعو لطرد السوريين من تركيا»، بحسب تعبيره.
ولا يستبعد زكريا ما وصفه «بالأيام السوداء» التي قد يواجهها السوريون في تركيا وقد تنسف كل مبادرات حسن النية التي قدمتها وتقدمها الحكومة التركية للسوريين.
ويتفق الكاتب الصحافي السوري أحمد كامل جزئيا مع ما قاله زكريا، لكنه واثق كما يقول من «موقف الحكومة التركية الثابت تجاه السوريين». ويقول كامل، الذي يعد ناشطا معارضا، إن «هناك قلة قد تستغل الحادث للإساءة للسوريين»، لكنه يؤكد أن «موقف تركيا لن يتأثر بالحادث واصفا (داعش) بالنبتة الخبيثة ومصدرها النظام السوري وإيران».
وشهدت بعض المدن التركية، خصوصا ولاية غازي عنتاب الجنوبية التي تضم عددا كبيرا من السوريين، أحداث عنف بين أتراك وسوريين فيما يقول مراقبون إن بعض وسائل الإعلام والسياسيين يهاجمون اللاجئين لإدانة حزب العدالة والتنمية وإردوغان خصوصا.
وينتقد الصحافي الأردني المقيم في إسطنبول فراس ماجد تصريح الرئيس إردوغان الذي وصفه بأنه غير محسوب وقد ينتج ردات فعل غاضبة تجاه الوجود السوري، ويقول ماجد إن «تصريح اتهام سوري بتنفيذ العملية صادر من رئيس الجمهورية في خطاب أعقب التفجير بساعات أمر له عواقب قد تكون وخيمة»، مشيرا إلى أن الحكومة وبعد قرارها حظر النشر في الموضوع يجب أن تتريث في إعطاء المعلومات لوسط متعطش لمعرفة ما حصل، مؤكدا إلى أن ردات الفعل قد تضر بالعرب المقيمين في إسطنبول بشكل عام.
ويتفق عبد الله الغضوي مع فراس ماجد ويقول إن هناك أبعادا سياسية لهذا التصريح لتبرير ما حدث من فرض تأشيرة دخول على السوريين. ويقول الغضوي إن الرئيس التركي وبدل استخدام عبارة «قد يكون سوريا»، في إشارة إلى منفذ التفجير، كان عليه أن ينتظر انتهاء التحقيقات الجنائية بخصوص الحادث.
ويضيف الغضوي أن الحادث قد يولد مزيدا من الاقتراب في المواقف بين الأوروبيين والأتراك.
ويصف محمد حمصي، الصحافي السوري المقيم في إسطنبول، اللاجئ السوري بالخاسر الوحيد سواء في وطنه أم في بلدان اللجوء. ويقول حمصي إن «أضرار تفجير السلطان أحمد ستتجاوز حدود تركيا إلى كل دولة تستضيف سوريين في العالم».
أما رقية، وهي لاجئة سورية تقيم في إسطنبول، فتقول إن معاناة السوري أصبحت عابرة للحدود بحسب تعبيرها فأين ما ذهب سيبقى محل اتهام بصفته الفئة الأضعف في مكان وجوده، حسب تعبيرها. وتشدد رقية على ألا مبرر لاتهام السوريين وحدهم بالانتماء لتنظيم ضم في صفوفه أوروبيين وروسا وأتراكا وعربا.
وقررت تركيا الشهر الحالي فرض تأشيرات دخول على السوريين القادمين إلى الموانئ والمطارات، لكنها ستبقي سياسة الباب المفتوح تجاه القادمين من الحدود البرية السورية مع تركيا بحسب تعبير تانجو بيلغيج الناطق باسم الخارجية التركية. وتعتبر تركيا أكبر بلد مستضيف للاجئين في العالم ومنها عادة ما يقرر السوريون الهجرة نحو أوروبا.
وبحسب أرقام رسمية فإن عدد اللاجئين السوريين وحدهم تخطى المليونين ونصف المليون، حيث تخطت نفقات الدولة التركية عليهم الثمانية مليارات تلقت منها أربعمائة ألف دولار مساعدات من دول غربية.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.