أعلنت أمس «الجزيرة أميركا» خبر إغلاقها في تغريدة على صفحتها في «تويتر»، وكتبت: «الآن، أعلنت نهاية قناة الجزيرة أميركا في مؤتمر مفاجئ لأعضاء التحرير». في وقت لاحق، نقلت مذيعة الخبر في نشرة الأخبار، وقالت إن الإغلاق سيكون في آخر يوم في أبريل (نيسان) القادم، ونقلت بيانا مقتضبا من آل آنستي، مدير القناة، بأن سبب الإغلاق هو «عدم قدرتنا على الاستمرار في استراتيجيتنا».
أمس، قالت وكالة «رويترز»: «تغلق الجزيرة أميركا، التي تملكها العائلة المالكة في قطر، قناتها بسبب ما قالت إنه تنافس مالي حاد في سوق التلفزيون الأميركي». ونقلت «رويترز» على لسان مسؤول في القناة طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته، أن الحزن وقع على أكثر من 800 شخص يعملون فيها، خاصة في مكتبها الرئيسي في نيويورك، وأن المسؤولين في القناة رفضوا الحديث عن مستقبل هؤلاء.
وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «أغرقت المنافسة الجزيرة أميركا». وسألت: «هل، منذ البداية، وقعت اللعنة على الجزيرة أميركا؟» وأجابت بأنه، منذ البداية، كان المسؤولون عنها يعرفون أنهم «يصعدون إلى أعلى الجبل وهم يأملون، أولا، في قبولهم، وثانيا: في نجاحهم». وأنه، بالإضافة إلى مشكلات التأسيس، والإدارة، والتوزيع، والدعاية، توجد مشكلة أهم، وهي «حسن النية».
وأضافت: «أرادت قناة تلفزيونية تحمل اسما أجنبيا منافسة «سي إن إن» و«فوكس».
حسب مركز «نيلسون» للانتشار التلفزيوني، في العام الماضي شاهد القناة متوسط 34.000 شخص خلال ساعات الإرسال المسائية. رغم أنها تصل إلى أكثر من ستين مليون منزل. لكنها تظل لا تقدر على منافسة «سي إن إن» و«فوكس» اللتين تصل كل واحدة منهما إلى قرابة مائة مليون منزل.
وقال راي سواريز، واحد من أشهر مذيعي «الجزيرة أميركا»، إن عدة عراقيل واجهت القناة منذ البداية منها العقود التي وقعتها مع شركات الكيبل، والتي منعتها من نشر أخبارها وتقاريرها على الإنترنت. وقال: «ظل الناس يسألوننا: لماذا لا نشاهدكم على شبكة الإنترنت؟ لماذا لا نقدر على نشر رابطكم في مواقع التواصل الاجتماعي؟ وظللنا نقول لهم: ممنوعون من ذلك».
وقال فرانك سيسنو، مذيع سابق في تلفزيون «سي إن إن»، والآن أستاذ صحافة في جامعة جورج واشنطن (في واشنطن العاصمة)، ومتعاون مع «الجزيرة أميركا»: «يذكر اسم القناة الأميركيين بالعرب». وأشار إلى أن استطلاعات أجرتها القناة نفسها، عندما تأسست، أوضحت أن نسبة غير قليلة من الأميركيين لن تشاهد قناة باسم عربي. هذا بالإضافة إلى أن تلفزيون «الجزيرة» واجه انتقادات منذ بداية الحرب ضد الإرهاب، قبل خمسة عشرة عاما تقريبا، وخصوصا لأنه قدم مقابلات صحافية مع أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم منظمة القاعدة. في عام 2013، عندما بدأت «الجزيرة أميركا» إرسالها في الولايات المتحدة، قال مديرها التنفيذي في ذلك الوقت، إيهاب الشهابي (ولد في الأردن عام 1970، ويحمل الجنسيتين الأردنية والأميركية): «سيدير (الجزيرة أميركا) أميركيون لمخاطبة أميركيين، ستقدم أخبارا صحيحة، وعميقة، ومحايدة».
وفعلا، نالت «الجزيرة أميركا» جوائز تلفزيونية أميركية، خاصة في مجال التحقيقات عن شعوب العالم الثالث، وعن المهاجرين من العالم الثالث، وعن الأقليات السوداء واللاتينية والآسيوية في الولايات المتحدة. مثل: «فيست أوف فيوري» (قبضة الغضب)، عن هندية فقيرة صارت ملاكمة مشهورة. و«هايتي كوليرا» (انتشار الكوليرا في هايتي بعد الزلزال الكبير هناك). و«ميد إن بنغلاديش» (عن مصانع شركات الملابس الأميركية التي تستخدم العمالة الرخيصة).
لكن، تواجه «الجزيرة أميركا» حملة معادية، ليس فقط من قنوات تلفزيونية تنافسها، ولكن، أيضا، من منظمات وجمعيات يمينية تتهمها بتهم منها: نشر ثقافة الإرهاب، ونشر الإسلام، ونشر الاشتراكية (إن لم يكن الشيوعية). وصاروا يسمونها أسماء مثل: «تلفزيون الأقليات» و«تلفزيون العالم الثالث.»
غير أن أكثر مشكلات «الجزيرة أميركا» يبدو أن سببها هو «الجزيرة أميركا» نفسها. وذلك بسبب سياسات وإجراءات إدارية داخلية، وصفت بأنها فاسدة، أو ظالمة، أو غير قانونية. خلال العام الماضي وحده، رفع ماثيو لوك، الذي كان مدير قسم الإعلام، قضية طلب فيها تعويضا بـ15 مليون دولار. وقال إنه فصل لأنه اتهم عثمان محمود، مدير قسم التكنولوجيا، بالإساءة إلى المذيعات، وإلى اليهود. واستقالت اثنتان من كبار الموظفات: دايانا لي، مساعدة المدير للمصادر الإنسانية، ودون بردج، مساعدة المدير للاتصالات. وانتقدتا طريقة إدارة القناة. ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبر شجار بين المدير التنفيذي، وعلي فلشي (كندي، من هنود شرق أفريقيا المهاجرين)، كبير المذيعين الاقتصاديين. واستقالت شانون باساليك، مساعدة المدير للبرامج، بسبب ما قالت إنه انحياز نحو أخبار العرب والمسلمين.
«الجزيرة أميركا» تعلن خبر إغلاقها ومصير 800 من موظفيها مجهول
واجهت حملات معادية من جماعات يمينية
«الجزيرة أميركا» تعلن خبر إغلاقها ومصير 800 من موظفيها مجهول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة