أسواق النفط تؤثر على عملات الدول المصدرة.. والسعودية «قادرة على الصمود»

البنك الدولي يدعو الرياض إلى استخدام الاحتياطي.. وتوقعات بالعودة لارتفاع الأسعار في 2016

أسواق النفط تؤثر على عملات الدول المصدرة.. والسعودية «قادرة على الصمود»
TT

أسواق النفط تؤثر على عملات الدول المصدرة.. والسعودية «قادرة على الصمود»

أسواق النفط تؤثر على عملات الدول المصدرة.. والسعودية «قادرة على الصمود»

بعد إغلاق الأسواق في الأسبوع الأول من العام الجديد، لا تزال أسعار النفط تثير ضجة كبيرة حول تعدد الخسائر التي طالت أسواق المال والسلع والعملات، فما زالت أسعار النفط في انخفاض تحت 35 دولارا، إلا أن سوق العملات كانت الأسوأ أداء منذ بداية العام، لتسود توقعات بأنها ستكون بين الأصول المالية الأكثر تضررا في 2016.
وبينما يؤكد مسؤولون سعوديون أن المملكة هي الأكثر قدرة بين الدول المصدرة للنفط على تحمل ضغوط هبوط الأسعار، يبقى مطروحا التساؤلات الدولية المشغولة بالأسواق على وجه العموم، وخصوصا في ما يتعلق بأسعار العملات المحلية، حول متى تبلغ أسعار النفط مستواها الأدنى لتعاود الارتداد، أو السيناريو الثاني أن تشهد الأسعار ثباتا مستداما بمستوى معين على المدى المتوسط والطويل، يكون من شأنه أن يسفر عن استقرار نسبي في سوق العملات.
ويذكر السيناريو الثاني بـ«أزمة عام 1998»، حين جرى تداول سعر برنت حول 12 دولارا لفترة استمرت أكثر من 12 شهرا، لكن أسواق العملات شهدت استقرارا نسبيا آنذاك، نتيجة استدامة الأسعار.
وعلى صعيد الدول المصدرة للنفط، كانت الكوانزا، العملة المحلية لدولة أنغولا، هي الأكثر تضررا، حيث استقبلت العام الجديد، بانخفاض قدره 15 في المائة يوم الاثنين الماضي، ليغلق عند أدنى مستوى له على الإطلاق بسعر 158.7 مقابل الدولار.
وفي الوقت الذي تسمح فيه الحكومة الأنغولية بأكبر انخفاض في قيمة عملتها المحلية، خسرت العملة المحلية بنحو 24 في المائة خلال 2015، وتتداول الكوانزا مقابل الدولار حول 260 مقابل الدولار في السوق السوداء.
وعلى الرغم من المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه اقتصاد نيجيريا، فإن العملة المحلية النايرا تقلبت «ببراعة» منذ أغسطس (آب) 2014، لتنحسر الخسائر منذ بداية هبوط أسعار النفط.. إلا أن العملة المحلية لنيجيريا لم تستمر بذلك التقلب الماهر وامتصاص الصدمات، حيث جرى التداول رسميا أمام الدولار عند 199 للدولار في بداية فتح السوق هذا العام، وفي السوق السوداء بلغت 265 للدولار، مقارنة مع 210 نايرا للدولار في فبراير (شباط) 2015. وتسود توقعات أن يقر اجتماع السياسات النقدية للمركزي النيجيري خلال يومي 25 و26 يناير (كانون الثاني) الحالي خفض قيمة العملة المحلية، لتقترب من 240 نايرا مقابل الدولار، ويرى محللون أن القيمة العادلة للنايرا تبلغ 1.53 مرة من قيمتها الرسمية حاليا.
أما في الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط، فشهد الريال السعودي ضغوطا كبيرة خلال الأسبوع الأول من 2016، وعلى الرغم من أن النفط يمثل ثلاثة أرباع الإيرادات الحكومية في المملكة، فإن ميزانية الرياض لعام 2016 التي خفضت الإنفاق بنحو 14 في المائة، كانت بناء على توقع باستمرار انخفاض أسعار النفط لبعض الوقت.
وباستطلاع «الشرق الأوسط» لآراء عدد من المتعاملين في أسواق العملات، فهناك توقعات باستمرار انخفاض العملات للدول المصدرة للنفط، لكنّ كثيرًا من المحللين يرون أن ميزانية العام الجديد السعودية تتميز بنقطتين، الأولى هي «الواقعية»، حيث تتوقع استمرار أسعار النفط أدنى من مستوياتها القياسية قبل عامين، والثانية هي «التنوع»، بتقليص الاعتماد على المصادر النفطية بشكل كلي.
ويؤثر انخفاض أسعار النفط على ثقة المستثمرين الدوليين في قدرة أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم على مواصلة التنمية الاقتصادية على المدى الطويل، إلا أن الكثير من المصرفيين الخليجين يعتقدون أنه من غير المحتمل كسر ربط السعر الفوري للريال بالدولار، وأن الأصول الأجنبية لا تزال عند 628 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ بما يكفي لمواصلة دعم الريال السعودي عبر سنوات.
وفي السياق ذاته، يؤكد ما سبق، أوضح خالد الفالح رئيس مجلس إدارة «أرامكو» في تصريح صحافي أمس أن «الاقتصاد السعودي قادر على امتصاص تراجع أسعار النفط المستمر».. مضيفا أن السياسات الاقتصادية للمملكة سيكون لها درجة صبر قصوى حتى عودة أسعار النفط للتوازن.
وتشير تصريحات الفالح إلى طبيعة وقدرة السعودية على الصمود في وجه هبوط الأسعار، خاصة في ظل ما تعلنه المملكة من توجهات قوية نحو التنويع الاقتصادي، إلا أن الفالح لم يخفِ كذلك توقعاته بعودة ارتفاع الأسعار خلال العام الحالي خاصة في ظل المؤشرات التي تدل على تراجع المعروض الأميركي.
وعلى مستوى العملة، أنهى الريال السعودي الأسبوع الأول من التعاملات في سوق العقود الآجلة، بانخفاض قياسي أمام الدولار لما يقارب من 900 نقطة، ليتجاوز أقل مستوى وهو 850 نقطة عام 1999.
ونصح البنك الدولي أمس السعودية أن تستخدم جزءًا من الاحتياطي النقدي لدفع الريال، خاصة مع تزايد انحسار ثقة المستثمرين في ربط العملة. وهو ما يأتي في ظل تخوفات من خفض قيمة العملة السعودية أمام الدولار، وهو ما من شأنه أن يفجر موجة جديدة من الانكماش الاقتصادي، أو التأثير على الدول المحيطة، خاصة مع هشاشة الاقتصاد العالمي، ولكون المملكة أكبر الدول المنتجة للنفط وأكبر الدول المؤثرة على أسعار النفط عالميا.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».