البرلمان المصري يعقد أولى جلساته وينتخب مرشح ائتلاف الأغلبية لرئاسته

فوضى ومشادات بسبب القسم.. وجدل حول ثورة 25 يناير

جانب من الجلسة الافتتاحية الدورية للبرلمان المصري الجديد في القاهرة أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية الدورية للبرلمان المصري الجديد في القاهرة أمس (رويترز)
TT

البرلمان المصري يعقد أولى جلساته وينتخب مرشح ائتلاف الأغلبية لرئاسته

جانب من الجلسة الافتتاحية الدورية للبرلمان المصري الجديد في القاهرة أمس (رويترز)
جانب من الجلسة الافتتاحية الدورية للبرلمان المصري الجديد في القاهرة أمس (رويترز)

في جلسة إجرائية سادتها الفوضى، وتخللتها مشادات، وجدل حول ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، انعقدت أولى جلسات البرلمان المصري أمس، بعد ثلاث سنوات عاشتها البلاد بلا مجلس تشريعي. وشهدت الجلسة انتخاب الدكتور علي عبد العال، رئيسا لمجلس النواب المدعوم من ائتلاف دعم الدولة، في خطوة عدها مراقبون أول اختبار جدي لقدرة ائتلاف الأغلبية الذي يقوده اللواء سامح سيف اليزل على إنفاذ خياراته.
وفي إجراء بروتوكولي، وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التهنئة للمجلس الجديد في دور انعقاده الأول، مؤكدا أهمية استئناف مصر لنشاطها البرلماني على كل الأصعدة الإقليمية والدولية، بما يثري البعد الشعبي في العلاقات الخارجية المصرية، وهو الأمر الذي تحرص مصر الجديدة على تعزيزه وتفعيله إيمانا بدور الشعب في عملية صنع واتخاذ القرار وصياغة مستقبل الوطن.
وقال السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إن الرئيس السيسي توجه بأصدق التهاني للشعب المصري ولأعضاء مجلس النواب بمناسبة انعقاد الجلسة الأولى للمجلس، الذي تم تشكيله عقب إنجاز الاستحقاق الثالث لخريطة المستقبل التي توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، ليكتمل بذلك البناء المؤسسي والتشريعي للدولة المصرية، تحقيقا لآمال وطموحات الشعب المصري في تأسيس دولته الحديثة التي تعلي قيم الديمقراطية والعدالة من أجل استكمال مسيرة التنمية التي بدأت بعقول وسواعد أبناء الشعب المصري.
وأعرب الرئيس عن تمنياته بالنجاح والتوفيق للمجلس في اضطلاعه بأعماله الرقابية والتشريعية واستئنافه لدوره الفاعل في المجتمع المصري، مؤكدا أن مجلس النواب سيجد كل الدعم والمساندة من السلطة التنفيذية فيما هو منوط بها من مهام وواجبات، وفي إطار تام من الاحترام الكامل لمبدأ الفصل بين السلطات الذي نص عليه الدستور، بما يكفل لنواب البرلمان ممارسة مهامهم في حرية تامة تمكنهم من أداء واجباتهم إزاء الوطن والمواطنين على الوجه الأكمل.
وقال الرئيس السيسي إن بدء أعمال البرلمان يعكس حجم الإنجاز الذي حققته مصر بإرادة شعبها الذي تكاتف صفا واحدا من أجل مصلحة الوطن. وشدد الرئيس على أهمية استمرار وتعزيز التلاحم الوطني حفاظا على كيان ومؤسسات الدولة المصرية، وصونا لمقدرات شعبها، ودعما لجهود التنمية الشاملة.
وانتخب نواب المجلس أمس الدكتور عبد العال المدعوم من ائتلاف دعم الدولة، في أول إشارة لقدرة الائتلاف الذي يواجه اتهامات بدعم أجهزة سيادية له، على إنفاذ إرادته الرئاسية. وحصل عبد العال، الرئيس الجديد لمجلس النواب المصري على 401 صوت من أصل 580 صوتا صحيحا، بفارق مريح عن أقرب منافسيه الوزير السابق علي مصلحي الذي حصل على 110 أصوات. ومن المقرر أن ينتخب المجلس وكيلين ويرجئ انتخاب هيئات المكاتب لحين تعديل لائحته.
ويتشكل الائتلاف الذي يقوده اللواء اليزل من نحو 380 نائبا ما يمنحه أغلبية مريحة، لكن الصعوبات التي رافقت الإعلان عنه بسبب تذبذب مواقف الكتل البرلمانية من الانخراط فيه لا يزال يثير شكوكا حول صموده خلال السنوات الخمس المقبلة التي تمثل مدة مجلس النواب.
ويتألف مجلس النواب المصري الجديد من 596 نائبا، وهو الأكبر في تاريخ البرلمانات في مصر. وأدى وجود هذا العدد الكبير من النواب والذي يفوق الطاقة الاستيعابية لقاعة المجلس إلى كثير من الفوضى التي أثارت استياء وغضب نشطاء ومراقبين.
وأدار الجلسة الأولى النائب بهاء الدين أبوشقة، باعتباره أكبر الأعضاء سنا. وفي بداية مبكرة للمناوشات داخل مجلس النواب، شهدت الجلسة الأولى للبرلمان أمس خلافا بين رئيس الجلسة والنائب مرتضى منصور بسبب رفض الأخير أداء القسم الدستوري حسب الصياغة المقررة، في مشهد أعاد إلى الأذهان أزمة القسم في برلمان 2012 الذي هيمنت عليه تيارات الإسلامي السياسي، حينما رفض نواب حزب النور الالتزام بنص القسم وأضافوا إليه عبارة «بما لا يخالف شرع الله».
وأضاف منصور خلال أدائه القسم أمس كلمة «مواد» إلى نص القسم قائلا إنه لا يعترف بديباجة الدستور، وذلك لتضمنها إشادة بثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتي يعد منصور من أبرز معارضيها.
وقال منصور، الذي يعد واحدا من الشخصيات المثيرة للجدل في المشهد السياسي المصري إنه «لا توجد مقدمة للدساتير.. الدستور يبدأ بالمادة الأولى وينتهي بالمادة الأخيرة ثم الأحكام الانتقالية.. أديت اليمين كما أراه.. أحترم مواد الدستور.. ما الخطأ في الأمر»، مضيفا أنه «غير معترف بـ25 يناير.. أنا حر».
وردا على منصور جمع عدد من النواب توقيعات تطالب فيها بإعادة منصور وهو رئيس نادي الزمالك الرياضي، للقسم وحلف اليمين مجددا، إذ إنه لم يؤد حلف اليمين وفقًا للنص المكتوب وخصوصا في العبارة التي تتعلق بالدستور.
وقال رئيس الجلسة أبو شقة إنه «ورد (إليه) كثير من التوقيعات من النواب بخصوص أداء النائب مرتضى منصور لليمين الدستورية، وإضافته لكلمة مواد قبل (الدستور).. نص المادة 104 من الدستور وضعت قيدا لمباشرة مهام العضوية وهي أداء القسم الدستوري، وفي المادة ذاتها حددت على نحو واضح نص القسم».
وأضاف «إذا لم نلتزم بنص القسم فلا يكون قسما دستوريا.. ملتزمون بأداء نص القسم الدستوري المنصوص عليه حتى نقطع الشك باليقين». وقام منصور بأداء اليمين المنصوص عليه، على نحو ساخر، ما تسبب في مناوشات بين أعضاء البرلمان، رفعت الجلسة على إثرها.
وينص الدستور المصري على اعتبار ديباجة الدستور ومواده نسيجا واحدا وجزءا لا يتجزأ.
وفي تعليق له على موقف منصور قال الشاعر سيد حجاب عضو لجنة الخمسين لكتابة الدستور وصاحب صياغة الديباجة إن «ما حدث نوع من المهاترات»، ووصفه بالأمر «المؤسف»، وأضاف حجاب في تصريحات صحافية أمس أن «حديث مرتضى منصور يعكس النيات المبيتة للنظام القديم لتجاوز الدستور الذي توافقت عليه الأمة والشعب المصري بأغلبية غير مسبوقة»، على حد قوله.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.