رئيس البرلمان العراقي يدعو الكتل السياسية لتقديم مقترحاتها بشأن المصالحة

وسط شكوك في إمكانية تطبيقها لأسباب عدة من بينها «أجندات خارجية»

رئيس البرلمان العراقي يدعو الكتل السياسية لتقديم مقترحاتها بشأن المصالحة
TT

رئيس البرلمان العراقي يدعو الكتل السياسية لتقديم مقترحاتها بشأن المصالحة

رئيس البرلمان العراقي يدعو الكتل السياسية لتقديم مقترحاتها بشأن المصالحة

في وقت تشكك فيه قوى وقيادات سياسية في إمكانية تنفيذ الوعود الحكومية والبرلمانية الخاصة بالمصالحة الوطنية، فقد دعا رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، الكتل السياسية إلى تقديم مقترحاتها إلى لجنة المصالحة الوطنية في الرئاسات الثلاث، بغية الخروج بمشروع قانون المصالحة الوطنية الشاملة، لضمان إقراره في البرلمان خلال الفصل التشريعي المقبل.
وقال الجبوري في كلمة خلال افتتاحه الملتقى التشاوري الثاني لمحافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار في أربيل، أمس، إن الملتقى عُقد «للتباحث في مستجدات محافظاتنا المواجهة للإرهاب، وحين يجتمع أهل الرأي والمشورة من أهل الميدان معا فهذا يعني أن المشكلة قد أصبحت في إطار خطتنا العملية، فمنكم يبدأ الحل وباجتماعكم يضعف العدو، وهذا اللقاء هو نموذج لوحدة القرار والتوجه، ويؤكد أننا نملك رؤية، فما أنجزتموه في المرحلة السابقة يستحق الاعتزاز». وأضاف: «لقد أثبتم بالدليل العملي والواضح أنكم قادرون على تحرير أرضكم ومواجهة عدوكم جنبا إلى جنب مع قواتنا المسلحة البطلة، فضلا عن قوات البيشمركة والحشد والعشائر.. القوات المسلحة التي قاتلت قتال الأبطال وكسبت الرهان في إعادة هيبة المؤسسة العسكرية العراقية وجددت فينا الأمل من خلال إثبات قدرتها الاحترافية المتميزة في المواجهة والتخطيط والتكتيك، واستطاعت رغم كل التحديات المتعلقة بالزمن والتجهيزات والظروف الجوية تحقيق نصر تاريخي في الرمادي وقبلها في صلاح الدين، قد تعجز عنه أكبر الجيوش تسليحا وتدريبا وخبرة».
وأشاد الجبوري بالجهد الدولي في محاربة «داعش» الذي «ساعدنا كثيرا في إنجاز المعركة، وليس لدينا وقت إضافي لإنجاز ملف التحرير أكثر. في عام 2016 يتوجب علينا أن نضع هدفا واضحا لهذا وهو التحرير وإعادة النازحين». وعد الجبوري أن التقدم في عملية تحرير باقي الأراضي العراقية المحتلة من تنظيم داعش «مشروط بحجم إيماننا بالتماسك والتكاتف وترك الخلافات والمشاكل الجانبية، وإغفال المصالح الفئوية وتغليب مصلحة العراق، إذ رأينا كيف كلفتنا الخلافات أثمانا باهظة وخسرنا بسببها جهدا ووقتا وأثمانا، وصب ذلك في مصلحة أعداء الدولة»، مبينا أنه «آن الأوان لحسم كل الخلافات الإدارية والسياسية تحت قاعدة التراضي على مصلحة الشعب، والتوافق على الحلول التي تجمع ولا تفرق، وتجعل الكتل السياسية في مواجهة التحديات من خلال الاشتراك والتشارك في مسؤولية القرار». كما دعا إلى الابتعاد عن «سياسة المحاور، ولا نقبل بأي حال التدخل في شؤون العراق، كما لا نرضى أن نتدخل في شؤون أحد، ومن يساعدنا في القضاء على (داعش) لن نرد مساعدته ولكن في إطار احترام سيادة العراق».
وحول قضية المصالحة الوطنية قال الجبوري إنه «آن لنا الخروج من نفق الأزمة عبر بوابة المصالحة الوطنية الشاملة، التي دعونا لها وما زلنا، والتي أستطيع القول إنها استكملت أركانها ومبرراتها ولم يبقَ لنا إلا البدء في هذا المشروع الكبير». ودعا الكتل السياسية إلى «الإسراع بتقديم أوراقها ومقترحاتها إلى لجنة المصالحة الوطنية في الرئاسات الثلاث، للعمل على الخروج بصيغة نهائية ومتكاملة يمكن تقديمها كمشروع قانون إلى البرلمان تحت عنوان (قانون المصالحة الوطنية الشاملة)، للعمل على إقراره في الفصل التشريعي المقبل»، منوها بأن «الكثير من العراقيين بدأوا يتهمون الطبقة السياسية بتعويق المشروع تحت تبرير أن هناك من يستفيد من بقاء الأوضاع على حالها ولا أحد يرضى بأن يقع في طوق هذه التهمة».
لكن قوى سياسية عراقية شككت في إمكانية تحقيق مشروع المصالحة بسبب عدم وجود جدية من جهة لدى العديد من القوى السياسية الفاعلة وتنازع الصلاحيات بين الرئاسات الثلاث ذاتها من جهة أخرى. وفي هذا السياق، أكد القيادي في تحالف القوى العراقية عصام العبيدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن الأوان لم يفت بعد على قضية المصالحة الوطنية فإن المشكلة التي نواجهها باستمرار هي عدم وجود خطوات جدية يمكن أن تساعد على طمأنة الأطراف المعنية بالمصالحة، بأن هناك ما هو جدي أو شيئا ملموسا على أرض الواقع، بل إن ما نلاحظه هو العكس تماما، حيث إن هناك خطوات في الاتجاه المعاكس»، مشيرا إلى أن «هناك أطرافا سياسية وبرلمانية تعمل وبكل أسف على تعقيد قضية المصالحة، حيث كان بالإمكان تحقيق الكثير خلال السنوات الماضية في هذا المجال».
وأكد العبيدي أن «المشكلة على ما يبدو هي أن هناك أجندات خارجية هي التي تجعل الكثيرين لا يؤمنون بالمصالحة الوطنية ويضعون المزيد من العراقيل على صعيد تحقيق ولو الجزء اليسير منها وهو ما يتعلق بقوانين وإجراءات»، مؤكدا أن «هذا المؤتمر الذي يدعو له الجبوري إنما هو الفرصة الأخيرة في هذا المجال».
من جهته، أكد المستشار السابق في المصالحة الوطنية عبد الحليم الرهيمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك نوعا من تنازع الصلاحيات بين الأطراف المعنية بالمصالحة سواء على مستوى الرئاسات الثلاث أو على مستوى بعض الشخصيات والقيادات، وهو ما يجعل ذلك عائقا أمام إمكانية تحقيق تقدم في هذا المجال لا سيما أن لجنة المصالحة في مجلس الوزراء تعتبر نفسها هي الجهة المعنية بهذا الأمر أكثر من سواها». وأشار الرهيمي إلى أن «هناك أفقا أمام تحقيق مصالحة جدية في حال تم التطرق إلى مصالحة الجهات غير المتصالح معها والتي يمكن التفاهم معها»، كاشفا عن «وجود تحركات لمصالحة ضباط كبار كانوا ينتمون إلى حزب البعث لكنهم لم يرتكبوا جرائم بحق العراقيين على الرغم من وجود اعتراضات من هذه الجهة أو تلك»، عادا «الشرط الحقيقي لنجاح المصالحة هو الانفتاح على مثل هذه الجهات وليس الاقتصار على مصالحة من هو جزء من العملية السياسية ولكن ربما لديه خلافات بشأن هذه المسألة أو تلك».
في السياق نفسه، يرى رائد فهمي، المنسق العام للتيار المدني الديمقراطي، أنه «رغم تكرار الحديث عن المصالحة الوطنية بين آونة وأخرى دون أن نرى نتيجة ملموسة، فإن ذلك في كل الأحوال يحتل أهمية كبيرة لدى العراقيين، باعتبار أن المصالحة الحقيقية هي الشرط الأساسي لبناء دولة مدنية ديمقراطية تعددية». وأضاف فهمي أن «المصالحة تتطلب البدء بخطوات عملية من أبرزها الانتهاء من قوانين وإجراءات العدالة الانتقالية وإنجاز القوانين الخاصة بالمصالحة أصلا، مثل المساءلة والعدالة أو العفو العام وغير ذلك مما يتصل بها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.