إرهاصات 2016: هبوط تاريخي للأسواق وتراجعات جماعية للمعادن

الصين تهدد الاستقرار المالي.. والسعودية تؤجل «الركود» العالمي

إرهاصات 2016: هبوط تاريخي للأسواق وتراجعات جماعية للمعادن
TT

إرهاصات 2016: هبوط تاريخي للأسواق وتراجعات جماعية للمعادن

إرهاصات 2016: هبوط تاريخي للأسواق وتراجعات جماعية للمعادن

يبدو أن البيانات الصينية الأخيرة، التي ظهرت مؤشراتها الأولية في الساعات الأولى من عام 2016، والتي تصب في خانة «المتشائمين»، تأخذ الاقتصاد العالمي نحو منحى التراجع الذي قد يؤدي إلى ركود في نهاية المطاف، إذا ما لم تتدخل بكين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بإجراءات تسيطر من خلالها على التباطؤ الآخذ في الزيادة، وسط معطيات عالمية تدعم هذا الاتجاه، منها تراجع السيولة في الأسواق العالمية، ما يدل على انخفاض شهية المتعاملين للمخاطرة، رغم تراجع أسعار النفط الذي قلل من وتيرة التباطؤ الاقتصادي.
ويشعر المجتمع الدولي الاقتصادي بالقلق من تباطؤ اقتصاد الصين، الذي يتوقع أن يكون قد سجل أبطأ نمو له خلال ربع قرن في عام 2015، وتسببت المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في بداية مضطربة في أسواق الأسهم والعملات هذا العام.
وبدأت أسواق الصين تعاملاتها مطلع الاثنين الماضي بخسارة بنسبة 7 في المائة، فيما لم يستمر التداول سوى 30 دقيقة يوم الخميس، وأدت الخسائر الكبيرة يومي الاثنين والخميس إلى غلق تلقائي في بورصتي شنغهاي وشينزن الرئيسيتين، لتسحب معها أسواق العالم.
وعلقت الهيئة المنظمة للأوراق المالية في الصين العمل بآلية لوقف التداول تسببت في تعليق التداول مرتين الأسبوع الماضي؛ وألقي باللوم على وقف التداول في تفاقم عمليات البيع بينما كان الهدف من تلك الآلية الحد منها. وبموجب هذه الآلية، كان «المساهمون الكبار»، أي الذين يملكون أكثر من خمسة في المائة في أي شركة مدرجة في البورصة، ممنوعين من بيع أسهم. وكانت السلطات الصينية بدأت العمل بتلك الآلية في إطار برنامج لمنع اضطراب الأسواق الذي أدى إلى خسارة تريليونات الدولارات خلال الصيف الماضي.
وسمحت الصين بأكبر هبوط لليوان في خمسة أشهر يوم الخميس الماضي، بما فرض ضغوطًا على عملات دول المنطقة ودفع الأسواق العالمية للنزول مع تخوف المستثمرين من بداية «حرب عملات» تطلق بموجبها عمليات خفض لقيمة عملات أخرى بغرض الاحتفاظ بالقدرة على المنافسة.
ورفعت السلطات الصينية السعر المركزي لعملة اليوان مقابل الدولار، منهية ثمانية أيام من الانخفاض. وكان قرار تحديد سعر اليوان عند أدنى مستوى له خلال خمس سنوات من أسباب عمليات البيع الواسعة التي شهدها العالم الخميس.
ومع استمرار المخاوف من أن يضر التباطؤ الصيني بالاقتصاد العالمي، أغلقت الأسهم الأميركية على خسائر تاريخية، فسجل مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500»، و«داو جونز» الصناعي، أسوأ أداء لهما في الأسبوع الأول من العام، وخسر «ستاندرد آند بورز» 6 في المائة وداو 2.6 في المائة، وهي أكبر خسارة أسبوعية لكل منهما منذ سبتمبر (أيلول) 2011.
وهبطت مخزونات الجملة في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في نوفمبر (تشرين الثاني) مع سعي الشركات لخفض مخزونات البضائع غير المبيعة في أحدث إشارة على انخفاض حاد، في النمو الاقتصادي في الربع الأخير من العام.
وقالت وزارة التجارة يوم الجمعة الماضي إن مخزونات الجملة هبطت 3.0 في المائة مع انخفاض مخزونات السلع المعمرة وغير المعمرة. وجرى تعديل مخزونات أكتوبر (تشرين الأول) بالخفض لتسجل هبوطًا بنسبة 3.0 في المائة بدلاً من 1.0 في المائة في القراءة السابقة.
ويضاف التقرير إلى بيانات ضعيفة بشأن الإنفاق في قطاع البناء ونمو الصادرات وقطاع الصناعات التحويلية، التي أعطت إشارات على أن نمو الناتج المحلي الإجمالي سجل هبوطًا حادًا في الربع الأخير من 2015، ونما الاقتصاد بنسبة اثنين في المائة في الربع الثالث.
* النفط: كما تراجع عدد منصات النفط الأميركية العاملة، للأسبوع السابع في الأسابيع الثمانية الماضية لتزيد وتيرة الخفض مع هبوط أسعار الخام لتقترب من أدنى مستوياتها في 12 عامًا. وقالت شركة «بيكر هيوز» للخدمات النفطية إن شركات الحفر أوقفت 20 منصة عن العمل في الأسبوع المنتهي في الثامن من يناير (كانون الثاني)، لينخفض العدد الإجمالي للمنصات إلى 516، وهو الأقل منذ أبريل (نيسان) 2010 على أقل تقدير. وبلغ عدد المنصات في الأسبوع المقابل من العام الماضي 1421 منصة عاملة. وأوقفت شركات النفط 963 منصة إجمالاً عن العمل في 2015، وهو أول خفض سنوي في العدد منذ 2002 والأكبر في عام منذ 1988 على الأقل. وأنهت أسعار النفط الأسبوع الماضي على خسائر بلغت عشرة في المائة، متأثرة باستمرار تخمة المعروض العالمي.
كما تراجع سعر النحاس مع تزايد القلق بشأن النمو في الصين، أكبر مستهلك للمعدن في العالم، لتبقى الأسعار قرب أدنى مستوياتها في نحو سبع سنوات، والتي سجلتها الأسبوع الماضي.
وأغلقت العقود القياسية الآجلة للنحاس في بورصة لندن للمعادن منخفضة 0.9 في المائة إلى 4485 دولارًا للطن. كان النحاس قد هوى إلى 4430 دولارًا للطن يوم الخميس أدنى مستوى له منذ مايو (أيار) 2009، وخسر النحاس 25 في المائة في 2015، وهوى النيكل بأكثر من 40 في المائة.
وتراجعت الأسهم الأوروبية نهاية الأسبوع، يوم الجمعة، ليتكبد مؤشر إقليمي رئيسي أكبر خسائره الأسبوعية منذ أغسطس (آب) 2011، وأغلق المؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى منخفضًا 5.1 في المائة، لتبلغ خسائره خلال الأسبوع نحو سبعة في المائة؛ وهو أسوأ أداء أسبوعي للمؤشر منذ مطلع أغسطس 2011، عندما خسر نحو عشرة في المائة خلال أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو.
* العملات: كما هبط الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له في خمسة أعوام ونصف العام أمام الدولار، واتجه نحو تسجيل سابع خسارة أسبوعية على التوالي أمام اليورو، في الوقت الذي يراهن فيه المستثمرون على أن بنك إنجلترا المركزي لن يرفع أسعار الفائدة قبل 2017.
وهبط الإسترليني 6.0 في المائة إلى 4523.1 دولار، وهو مستوى لم يصل إليه منذ يونيو (حزيران) 2010؛ وبلغ الإسترليني أدنى مستوى في 11 شهرا أمام اليورو عند 75.085 بنس فقط، مسجلاً هبوطًا بنسبة 5.1 في المائة هذا الأسبوع، وهو الأمر الذي يضع العملة البريطانية على مسار تسجيل أسوأ سلسلة من الخسائر الأسبوعية في نحو خمسة أعوام أمام العملة الأوروبية المشتركة.
* المعادن: ولم يفلت المعدن الأصفر النفيس من الهبوط هو الآخر، رغم أنه الاستثمار والملاذ الآمن وقت الاضطرابات، إلا أن أسعار الذهب انخفضت يوم الجمعة من أعلى مستوياتها في تسعة أسابيع لكنها لا تزال في طريقها لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي لها منذ أغسطس بدعم بيانات أقوى من التوقعات للوظائف في الولايات المتحدة دعمت الدولار وأسواق الأسهم.
وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية 9.0 في المائة إلى 84.1098 دولار للأوقية. وتراجع سعر الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم فبراير (شباط) 9.0 في المائة عند التسوية إلى 90.1097 دولار للأوقية.
ورغم نشر محاضر اجتماع البنك المركزي الأميركي، حافظ الذهب على بعض من مكاسبه، وأظهرت المحاضر بعض المخاوف من بقاء التضخم عند مستوياته المتدنية المحفوفة بالمخاطر، وذلك بدعم من استمرار المخاوف المتعلقة بالاقتصاد الصيني الذي أثر سلبًا على أسواق الأسهم وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط وشبه الجزيرة الكورية.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى هبطت الفضة 6.2 في المائة إلى 93.13 دولار للأوقية، بينما زاد البلاتين 04.0 في المائة إلى 874.15 دولار للأوقية، ونزل البلاديوم 2.0 في المائة إلى 50.491 دولار للأوقية.
* الشرق الأوسط: تحاول أسواق الشرق الأوسط النأي بنفسها عما يحدث في الاقتصاد العالمي الذي قد يؤدي إلى ركود قادم، إلا أن الارتباط المالي العالمي والمصالح التجارية المتشابكة ستؤثر بالتبعية في جميع الأسواق لا محالة، خاصة أن الصين تمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، واستهلاكها من النفط سيتأثر حال سجل اقتصادها ركودًا، وهو ما يؤثر بالتبعية على الأسواق العربية، فمع احتمالية حدوث ركود في الصين، تنشأ احتمالية أخرى في تراجع أسعار النفط، نظرًا لخفض الطلب المتوقع.
ودون النظر إلى المعطيات العالمية، أجلت السعودية ركود الاقتصاد العالمي من خلال إبقاء مستويات إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) دون تغيير، وهو ما ساهم في تراجع أسعار النفط، الذي أعطى دفعة قوية للاقتصاد العالمي المنهك أساسًا، فضلاً عن مساهمته المباشرة في تخفيض أسعار الغذاء العالمية.
ورغم تأثر اقتصادات الدول المنتجة للنفط بتراجع أسعار النفط، فإن فوائده ظهرت في الاقتصاد العالمي، وهو ما شجع السعودية على التمسك بتلك الاستراتيجية التي قد تستمر لفترة، منذ اتخاذ القرار في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014.
* أفريقيا: وعن الأسواق الأفريقية، أوضحت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد يوم الجمعة أن معدل النمو الاقتصادي في المجموعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا التي تضم ست دول انخفض إلى اثنين في المائة في 2015.
وكانت تقديرات سابقة لصندوق النقد تشير إلى أن النمو في المجموعة التي تضم الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد والكونغو برازافيل وغينيا الاستوائية والغابون سيتجاوز أربعة في المائة.



كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
TT

كبير مسؤولي «الفيدرالي» يواصل دعم خفض الفائدة رغم التضخم والتعريفات الجمركية

عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)
عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر (أ.ب)

قال أحد كبار صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، إنه لا يزال يدعم خفض أسعار الفائدة هذا العام، على الرغم من ارتفاع التضخم، واحتمال فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في ظل إدارة ترمب المقبلة.

وقال كريستوفر والر، العضو المؤثر في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، إنه يتوقع أن يقترب التضخم من هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في الماضي في الأشهر المقبلة. وفي بعض التعليقات الأولى التي أدلى بها مسؤول في بنك الاحتياطي الفيدرالي حول التعريفات الجمركية على وجه التحديد، قال إن الرسوم الجمركية الأكبر على الواردات من غير المرجح أن تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقال والر في باريس في منظمة «التعاون الاقتصادي والتنمية»: «رسالتي الأساسية هي أنني أعتقد أن مزيداً من التخفيضات ستكون مناسبة». وأضاف: «إذا لم يكن للتعريفات الجمركية، كما أتوقع، تأثير كبير أو مستمر على التضخم، فمن غير المرجح أن تؤثر على وجهة نظري».

وتُعد تعليقاته جديرة بالاهتمام؛ نظراً لأن تأثير الرسوم الجمركية يشكل بطاقة جامحة هذا العام بالنسبة للاقتصاد الأميركي. وقد هبطت الأسواق المالية في الأشهر الأخيرة جزئياً بسبب المخاوف من أن التضخم قد يستمر في كونه مشكلة، وأن التعريفات الجمركية قد تجعل الأمر أسوأ. ويميل المنتجون إلى رفع الأسعار للعملاء للتعويض عن التكاليف الزائدة للرسوم الجمركية على المواد والسلع المستوردة.

ومع ذلك، فإن والر أكثر تفاؤلاً بشأن التضخم من كثير من مستثمري «وول ستريت». وقال: «أعتقد أن التضخم سيستمر في إحراز تقدم نحو هدفنا البالغ 2 في المائة على المدى المتوسط، ​​وأن مزيداً من التخفيضات (للمعدلات) ستكون مناسبة». وفي حين ظل التضخم ثابتاً في الأشهر الأخيرة - حيث ارتفع إلى 2.4 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي - زعم والر أن الأسعار خارج قطاع الإسكان، وهو ما يصعب قياسه، تتباطأ.

وتتعارض تصريحات والر مع التوقعات الزائدة في «وول ستريت» بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض سعر الفائدة الرئيس كثيراً، إن فعل ذلك على الإطلاق، هذا العام مع استمرار ارتفاع الأسعار. ويبلغ المعدل حالياً حوالي 4.3 في المائة بعد عدة تخفيضات في العام الماضي من أعلى مستوى له منذ عقدين من الزمن عند 5.3 في المائة. وتتوقع الأسواق المالية خفض أسعار الفائدة مرة واحدة فقط في عام 2025، وفقاً لتسعير العقود الآجلة التي تتبعها أداة «فيد ووتش».

ولم يذكر والر عدد التخفيضات التي يدعمها على وجه التحديد. وقال إن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي توقعوا خفضين هذا العام في ديسمبر (كانون الأول). لكنه أشار أيضاً إلى أن صناع السياسات دعموا مجموعة واسعة من النتائج، من عدم التخفيضات إلى ما يصل إلى خمسة تخفيضات. وأضاف أن عدد التخفيضات سيعتمد على التقدم نحو خفض التضخم.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن تأثير التعريفات الجمركية على سياسة الفيدرالي والتضخم يصعب قياسه مسبقاً، حتى يتضح أي الواردات ستتأثر بالتعريفات، وما إذا كانت الدول الأخرى سترد بتعريفات خاصة بها. ولكن في المؤتمر الصحافي الأخير لـ«الفيدرالي» في ديسمبر، أقر باول بأن بعض صناع السياسات التسعة عشر في البنك المركزي بدأوا في دمج التأثير المحتمل لسياسات الرئيس المنتخب دونالد ترمب على الاقتصاد.

وقال باول: «لقد اتخذ بعض الناس خطوة أولية للغاية وبدأوا في دمج تقديرات مشروطة للغاية للتأثيرات الاقتصادية للسياسات في توقعاتهم في هذا الاجتماع». وقال إن مسؤولين آخرين لم يتخذوا مثل هذه الخطوة، في حين لم يحدد البعض ما إذا كانوا قد فعلوا ذلك.

وقد اقترح مسؤولون آخرون في «الفيدرالي» مؤخراً أن يتحرك البنك ببطء أكبر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، بعد الخفض في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في عام 2024. وقالت ليزا كوك، عضو مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الاثنين، إن البنك المركزي يمكنه «المضي قدماً بحذر أكبر» في خفض أسعار الفائدة.

وقال والر، في جلسة أسئلة وأجوبة، إن أحد أسباب ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل يرجع إلى القلق من أن عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، الضخم بالفعل، قد يظل كذلك أو حتى يزيد. وقد أدت أسعار الفائدة طويلة الأجل المرتفعة إلى ارتفاع تكلفة الرهن العقاري والاقتراض الآخر، مما زاد من الضغوط على كل من الشركات والمستهلكين.

وقال: «في مرحلة ما، ستطالب الأسواق بقسط لقبول مخاطر التمويل»، مثل هذا الاقتراض الزائد.